أرشيف المقالات

(الربا) من بلوغ المرام

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
2مختصر الكلام على بلوغ المرام باب الرِّبا
الربا في اللغة: الزيادة، وفي الشرع الزيادة في أشياء مخصوصة وهو حرام بالكتاب والسُنَّةِ والإجماع.   794- عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ اَلرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: "هُمْ سَوَاءٌ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ.   الحديث دليل على إثم جميع المذكورين، وتحريم ما تعاطوه لتعاونهم على الإثم، فاستحقوا بذلك اللعن، وهو الإبعاد عن رحمة الله.   795- وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "اَلرِّبَا ثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ اَلرَّجُلُ أُمَّهُ، وَإِنَّ أَرْبَى اَلرِّبَا عِرْضُ اَلرَّجُلِ اَلْمُسْلِمِ" رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَراً، وَالْحَاكِمُ بِتَمَامِهِ وَصَحَّحَهُ.   الحديث دليل على قبح الربا، وتحريم سب المسلم.   796- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَلله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَبِيعُوا اَلذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا اَلْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلا مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.   الحديث دليل على تحريم بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة متفاضلاً، (قوله: ولا تبيعوا منها غائباً بناجز) فيه دليل على تحريم بيع الجنس بجنس آخر نسيئة، قال الحافظ: البيع كله إما بالنقد أو بالعرض حالاً أو مؤجلاً، فهي أربعة أقسام: بيع النقد إما بمثله وهو المراطلة أو بنقد غيره وهو الصرف، وبيع العرض بنقد يسمى النقد ثمناً والعرض عوضاً، وبيع العرض بالعرض يسمى مقابضة، والحلول في جميع ذلك جائز، وأما التأجيل فإن كان النقد بالنقد مؤخراً فلا يجوز، وإن كان العرض جاز، وإن كان العرض مؤخراً فهو السلم، وإن كانا مؤخرين فهو بيع الدين بالدين.   797- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ اَلصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "اَلذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اِخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.   فيه دليل على تحريم التفاضل فيما اتفقا جنساً من الستة المذكورة، واختلفوا فيما عداها، فذهب الجمهور: إلى ثبوته فيما عداها مما شاركها في العلة، واتفقوا على جواز بيع ربويّ بربويّ لا يشاركه في الجنس مؤجلاً ومتفاضلاً، كبيع الذهب بالحنطة والفضة بالشعير وغيره من المكيل، واتفقوا على أنه لا يجوز بيع الشيء بجنسه وأحدهما مؤجل.   798- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "اَلذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْناً بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَزْناً بِوَزْنٍ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اِسْتَزَادَ فَهُوَ رِبًا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.   فيه دليل على تعين التقدير بالوزن لا بالخرص والتخمين.   799- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنهما - "أَنَّ رَسُولَ اَلله - صلى الله عليه وسلم - اِسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرٍ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟" فَقَالَ: لا، وَاَلله  يَا رَسُولَ اَلله، إِنَّا لَنَأْخُذُ اَلصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ والصَّاعين بالثَّلاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَفْعَلْ، بِعِ اَلْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اِبْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا" وَقَالَ فِي اَلْمِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: "وَكَذَلِكَ اَلْمِيزَانِ".
الجنيب هو: الطيب، والجمع: الرديء، والحديث دليل على أن بيع الجنس بجنسه يجب فيه التساوي سواء اتفقا في الجودة والرداءة أو اختلفا، (وقوله: وقال في الميزان مثل ذلك) أي قال فيما كان يوزن إذا باع بجنسه مثل ما قال في المكيل إنه لا يباع متفاضلاً، قال ابن عبد البر: أجمعوا أن ما كان أصله الوزن لا يصح أن يباع بالكيل بخلاف ما كان أصله الكيل، فإن بعضهم يجيز فيه الوزن، ويقول: إن المماثلة تدرك بالوزن في كل شيء انتهى، وفي الحديث جواز الترفيه على النفس باختيار الأفضل.   800- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَلله - رضي الله عنهما - قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ اَلصُّبْرَةِ مِنَ اَلتَّمْرِ التي لا يُعْلَمُ مَكِيلُهَا بِالْكَيْلِ اَلْمُسَمَّى مِنَ اَلتَّمْرِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.   الصبرة: الطعام المجتمع.
والحديث دليل على أنه لا بد من التساوي في الجنس، وذلك ليس بموجود في المجهول.   801- وَعَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اَلله - رضي الله عنه - قَالَ: "إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اَلله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "اَلطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ" وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ اَلشَّعِيرَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.   اختلف العلماء في البر والشعير هل هما جنس واحد أو جنسان؟ فقال مالك: هما جنس واحد لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً، وقال الجمهور: هما صنفان كما في حديث عبادة عند أبي داود والنسائي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثر وهما يداً بيد).   802- وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "اِشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلادَةً بِاِثْنَيْ عَشَرَ دِينَاراً، فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ اِثْنَيْ عَشَرَ دِينَاراً، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "لا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَّلَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.   الحديث دليل على أنه لا يجوز بيع ذهب مع غيره بذهب حتى يفصل، ويباع الذهب بوزنه ذهباً، ويباع الآخر بما زاد، ومثله غيره من الربويات، وعن مالك يجوز بيع السيف المحلى بالذهب إذا كان الذهب في البيع تابعاً لغيره.   803- وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - "أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ وصحَّحَهُ الترمذيُّ وابنُ الجارود.   قال الشافعي: المراد أن يكون نسيئة من الطرفين معاً فيكون من بيع الكالئ بالكالئ، وعن ابن عمر: أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة، رواه البخاري.   804- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اَلله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ اَلْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ اَلْجِهَادَ، سَلَّطَ اَللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاً لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْهُ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، وَلأحْمَدَ: نَحْوُهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وصحَّحَهُ ابنُ القَطَّان.   بيع العينة هو أن يبيع سلعة بثمن معلوم إلى أجل، ثم يشتريها البائع من المشتري بأقل نقداً، وفي الحديث دليل على تحريم هذا البيع، وقيل يجوز إذا كان غير حيلة.   805- وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - عَنِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ شَفَعَ لأخِيهِ شَفَاعَةً، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً، فَقَبِلَهَا، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيماً مِنْ أَبْوَابِ اَلرِّبَا" رَوَاهُ أحمد وأَبُو دَاوُدَ، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ.   الحديث دليل على تحريم قبول الهدية في مقابلة الشفاعة، ولعل المراد إذا كانت الشفاعة في واجب.   806- وَعَنْ عَبْدِ اَلله بْنِ عَمْرِوٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - اَلرَّاشِي وَالْمُرْتَشِيَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والترمذيُّ وصحَّحَهُ.   الراشي هو الذي يبذل المال ليتوصل به إلى الباطل، والمرتشي آخذ الرشوة، وفي حديث ثوبان زيادة: "والرائش، وهو الذي يمشي بينهما".   807- وعَنْهُ - رضي الله عنه -: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ أَنْ يُجِهِّزَ جَيْشاً فَنَفِدتِ الإِبِلُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلائَصِ الصَّدَقَةِ، قالَ: فَكُنْتُ آَخُذُ البَعِير بِالبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ" رَوَاهُ الحَاكِمُ والبَيْهِقيُّ، ورَجَالُهُ ثِقَاتٌ.   الحديث دليل على جواز اقتراض الحيوانات، وأنه لا ربا فيها وهو قول الجمهور، وفيه جواز الأجل إلى خروج العامل ونحوه كالحصاد والجذاذ وهو قول مالك ورواية عن أحمد، وفيه جواز الربح الكثير.   808- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اَلله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلاً بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْماً أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ زَرْعاً أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ، نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.   قال ابن عبد البر: لا مخالف أن مثل هذا مزابنة، وإنما اختلفوا هل يلحق بذلك كل ما لا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل؟ فالجمهور على الإلحاق في الحكم للمشاركة في العلة في ذلك، وهو عدم العلم بالتساوي مع الاتفاق في الجنس.   809- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اَلله - صلى الله عليه وسلم - يُسأَلُ عَنِ اِشْتِرَاءِ اَلرُّطَبِ بِالتَّمْرِ.
فَقَالَ: "أَيَنْقُصُ اَلرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟" قَالُوا: نَعَمَ.
فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ" رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وصحَّحَهُ ابنُ المَدِينيِّ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ حِبَّانَ والحَاكِمُ.   الحديث دليل على عدم جواز بيع الرطب بالتمر لعدم التساوي.   810- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -؛ "أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، يَعْنِي: اَلدَّيْنَ بِالدَّيْنِ" رَوَاهُ إِسْحَاقُ، وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.   قال أحمد: ليس في هذا حديث يصح لكن إجماع الناس أنه لا يجوز بيع دين بدين، قال في النهاية: هو أن يشتري الرجل شيئاً إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به فيقول: بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء فيبيعه ولا يجري بينهما تقابض.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣