زينة العبادة
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
2زينة العبادة
في النفس حاجةٌ وأي حاجة إلى تغذية الخوف من الله سبحانه وتعالى، وقد سمّاه الصالحون: زينة العبادة، وهذه كلمات في ذلك. ما الخوف: سُئِلَ الجنيدُ البغدادي ما الخوفُ؟ فقال: "إخراجُ الحرام من الجَوف، وتركُ العمل بـ: عسى وسوف". وسُئِلَ مرة أخرى فقال: "تعلُّق القلب بتوقُّع العقوبة مع مجاري الأنفاس". والخوف: استشعارُ رقابته –سبحانه- وخوفُ عقوبته، ورجاءُ ما عنده، قال تعالى: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50]. فضله: في قصة مَنْ أراد الفاحشة، وكفَّ عنها خوفًا من الله -كما في حديث الغار- بيانٌ عظيمٌ لفضل الخوف من الله. وفي الحديث القدسي: (وعزتي لا أجمعُ على عبدي خوفين وأمنين: إذا خافني في الدنيا أمنتُه يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفتُه في الآخرة) رواه ابنُ حبان في "الصحيح" برقم(640) وإسناده حسن. وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لا يلج النارَ مَنْ بكى من خشية الله حتى يعود اللبنُ في الضرع) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" برقم(800). الخوف يبعث على العمل: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خاف أدلج، ومَنْ أدلج بلغ المنزل، ألا إنَّ سلعة الله غالية، ألا إنَّ سلعة الله الجنة) رواه الترمذي برقم (2450) وهو حديث صحيح.
أدلج: سار مِنْ أول الليل، والمعنى بادرَ إلى العمل الصالح. الجمع بين الخوف والرجاء: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلمُ المؤمنُ ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحدٌ، ولو يعلم الكافرُ ما عند الله من الرحمة ما قنط مِنْ جنته أحدٌ) رواه مسلم (2755). مَنْ هو الخائف: قال إسحاقُ بن خلف الزاهدُ: "ليس الخائف مَنْ بكى وعصرَ عينيه، إنما الخائفُ مَنْ ترك الأمرَ الذي يَخافُ أنْ يُعَذَّبَ عليه". الخوف والقلب: قال أبو عمر الدمشقي: "الخوف سراجُ القلب، به يُبصَرُ ما في القلب من الخير والشر". وقال بشر الحافي: "الخوف مَلَكٌ لا يسكنُ إلا في قلبٍ نقيٍ". وقال أبو سليمان الداراني: "ما فارق الخوفُ قلباً إلا خرب". علامة الخوف: قال شاه بن شجاع الكرماني: "علامة الخوف: الحزنُ الدائم". وقال يحيى بن معاذ: "لكل شيء زينة، وزينة العبادة الخوف، وعلامة الخوف قِصَرُ الأمل". الطريق إلى الخوف: قال سهلُ بن عبد الله التستري: "لا تجدُ الخوفَ حتى تأكلَ الحلال". عاقبة الخوف: قرأ حاتمُ الأصمُّ هذه الآية: ﴿ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ فقال: "إنما يُقال: لا تخفْ ولا تحزنْ للخائف الحزين". وأخيراً فقد قيل: طوبى لمـن قلبُهُ بالله مشتغـلُ *** يبكي النهارَ وطولَ الليل يبتهلُ خوفُ الوعيدِ وذكرُ النارِ أحزنهُ *** فالدمعُ منه على الخدينِ مُنْهملُ