أرشيف المقالات

قراءة الفاتحة من الرقية

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2قراءة الفاتحة من الرقية فوائد وأحكام من سورة الفاتحة (3)
من صفات فاتحة الكتاب أنها شافية وراقية - بإذن الله تعالى - لحديث أبي سعيد الخدري، قال: "إن ناسًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا في سفر، فمرُّوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيِّفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راقٍ؛ فإن سيد الحي لديغ، أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرَقَاه بفاتحة الكتاب؛ فبرأ الرجل، فأعطي قطيعًا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسَّم، وقال: ((وما أدراك أنها رقية))، ثم قال: ((خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم))[1].   قال النووي في شرح مسلم: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أدراك أنها رقية؟))؛ فيه التصريح بأنها رقية، فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض، وسائر أصحاب الأسقام والعاهات.   قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم))؛ هذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر، وأنها حلال لا كراهة فيها"؛([2]) اهـ.   قال ابن القيم: "فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغنى والفلاح، وحافظة القوة، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عَرَف مقدارها وأعطاها حقها، وأحسن تنزيلها على دائه، وعَرَف وجه الاستشفاء والتداوي بها، والسر الذي لأجله كانت كذلك، ولما وقع بعض الصحابة على ذلك، رقى بها اللديغ، فبرأ لوقته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وما أدراك أنها رقية))"[3].   4- حكم قراءتها للتبرك بها وعلى الأموات: أما التبرك بها وقراءتها عند الزواج، أو افتتاح أي شيء، أو على الأموات ترحمًا، فهو أمر مبتدع، وليس له أي تأثير,ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصِّصها بها الشرع؛ لأن ذلك عبادة، والعبادات توقيفية.
قال ابن العثيمين: "وليست يفتتح بها كل شيء؛ كما يصنعه بعض الناس اليوم، إذا أرادوا أن يشرعوا في شيء قرؤوا الفاتحة، أو أرادوا أن يترحموا على شخص قالوا: (الفاتحة) يعني: اقرؤوا له الفاتحة، فإن هذا لم يَرِدْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة - رضي الله عنهم"[4].   وزاد - رحمه الله - بيانًا في قوله: "قراءة الفاتحة على الموتى لا أعلم فيها نصًّا من السنة، وعلى هذا فلا تقرأ؛ لأن الأصل في العبادات الحظر والمنع، حتى يقوم دليل على ثبوتها، وأنها من شرع الله - عز وجل - ودليل ذلك أن الله أنكر على مَن شَرَعُوا في دين الله ما لم يأذنْ به الله، فقال - تعالى -: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ))، وإذا كان مردودًا كان باطلاً وعبثًا، وينزه الله - عز وجل - أن يتقرَّب به إليه"؛[5] اهـ.   والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الآمين، وآله وصحبه أجمعين


[1] أخرجه مسلم برقم/4080. [2] انظر: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي - المصدر المكتبة الشاملة. [3] انظر: الطب النبوي لابن قيم الجوزية، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان (ص/ 259). [4] انظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع - نشر دار ابن الجوزي (3 /61) [5] فتاوى نور على الدرب.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣