أرشيف المقالات

حد الزنا

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
2حد الزنا
عدم قتل الزاني غير المحصن: ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يقتل، بل يقام عليه الحد، فدل على أنه ليس بمرتد[1].   عن العبد المؤمن هل يكفر بالمعصية أم لا؟.
فأجاب: لا يكفر بمجرد الذنب، فإنه ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف أن الزاني غير المحصن يجلد ولا يقتل، والشارب يجلد، والقاذف يجلد، والسارق يقطع، ولو كانوا كفارا لكانوا مرتدين ووجب قتلهم، وهذا خلاف الكتاب والسنة وإجماع السلف.
[2]   رجم الزاني المحصن: كما تواتر عند الخاصة - من أهل العلم عنه - الحكم بالشفعة وتحليف المدعى عليه ورجم الزاني المحصن واعتبار النصاب في السرقة وأمثال ذلك من الأحكام التى ينازعهم فيها بعض أهل البدع، ولهذا كان أئمة الإسلام متفقين على تبديع من خالف في مثل هذه الأصول.
[3]   حد الزنا: كما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اقتلوا الفاعل والمفعول به.
رواه أبو داود وغيره.
وهذا مذهب أحمد في الرواية المنصوصة عنه وهو أحد قولي الشافعي، فمن يكون مذهبه أن هذا أشد من الزنا كيف يحكى عنه أنه أباح ذلك، وكذلك لم يبحه غيره من العلماء، بل هم متفقون على تحريم ذلك.
[4]   الزاني المحصن يرجم ولو كان شريفاً: فلو زنى الهاشمي وهو محصن رجم حتى يموت باتفاق علماء المسلمين، ولو قتل نفسا عمدا عدوانا محضا لجاز قتله به وإن كان المقتول من الحبشة أو الروم أو الترك أو الديلم.
[5]   لا يثبت حد الزنا إلا بأربعة شهداء: بخلاف الفاحشة، فإنها لا تثبت إلا بأربعة شهداء بالاتفاق.
[6]   قتل اللوطي: ومن ذلك أهل المدينة يرون قتل اللوطي الفاعل والمفعول به، محصنين كانا، أو غير محصنين، وهذا هو الذي دلت عليه السنة واتفاق الصحابة.
[7]   وأما اللواط فمن العلماء من يقول: حده كحد الزنا.
وقد قيل: دون ذلك.
والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة: أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل، سواء كانا محصنين أو غير محصنين.
[8]   عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وروى أبو داود عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: في البكر يوجد على اللوطية قال: يرجم.
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه نحو ذلك، ولم تختلف الصحابة في قتله ولكن تنوعوا فيه.
[9]   لما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) ولأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اتفقوا على قتلهما.
[10]   المكره على المعصية: ثم يقال: الأمور مع هذا نوعان: أحدهما: أن يُفعل به بغير اختياره،كما يحمل الإنسان ولا يمكنه الامتناع، وكما تُضجع المرأة قهرا وتوطأ، فهذا لا إثم فيه باتفاق العلماء.
[11]   كما أن المرأة إذا أضجعت وقيدت حتى فعل بها الفاحشة لم تأثم بالاتفاق.
[12]   حكم من استحل المحرمات كاللواط أو استحل وطء المحرمة برضاع أو صهر: ولا يختلف مذهب مالك في أن من استحل إتيان المماليك أنه يكفر كما أن هذا قول جميع أئمة المسلمين، فإنهم متفقون على أن استحلال هذا بمنزلة استحلال وطء أمته التي هي بنته من الرضاعة أو أخته من الرضاعة أو هي موطوءة ابنه أو أبيه فكما أن مملوكته إذا كانت محرمة برضاع أو صهر لا تباح له باتفاق المسلمين فمملوكه أولى بالتحريم.[13]   وسئل رحمه الله ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين في رجل قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ولم يصل ولم يقم بشيء من الفرائض وأنه لم يضره ويدخل الجنة وأنه قد حرم جسمه على النار ؟ وفي رجل يقول: أطلب حاجتي من الله ومنك: فهل هذا باطل أم لا ؟ وهل يجوز هذا القول أم لا؟.   فأجاب: الحمد لله.
إن من لم يعتقد وجوب الصلوات الخمس والزكاة المفروضة وصيام شهر رمضان وحج البيت العتيق ولا يحرم ما حرم الله ورسوله من الفواحش والظلم والشرك والإفك: فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل باتفاق أئمة المسلمين ولا يغني عنه التكلم بالشهادتين.
وإن قال: أنا أقر بوجوب ذلك علي وأعلم أنه فرض وأن من تركه كان مستحقا لذم الله وعقابه؛ لكني لا أفعل ذلك: فهذا أيضا مستحق للعقوبة في الدنيا والآخرة باتفاق المسلمين.
[14]   النظر للأمرد بشهوة: وكذلك مقدمات الفاحشة عند التلذذ بقبلة الأمرد ولمسه والنظر إليه هو حرام باتفاق المسلمين.
[15]   الصبي الأمرد المليح بمنزلة المرأة الأجنبية في كثير من الأمور، ولا يجوز تقبيله على وجه اللذة، بل لا يقبله إلا من يؤمن عليه: كالأب والإخوة، ولا يجوز النظر إليه على هذا الوجه باتفاق الناس.
[16]   حكم الوطء في الدبر: وسئل رحمه الله تعالى عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها؟ وهل أباحه أحد من العلماء ؟.
وقد جاء في غير أثر: أن الوطء في الدبر هو اللوطية الصغرى وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن"  و "الحش" هو الدبر وهو موضع القذر والله سبحانه حرم إتيان الحائض مع أن النجاسة عارضة في فرجها فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلظة: و"أيضا" فهذا من جنس اللواط ومذهب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأحمد وأصحابه أن ذلك حرام لا نزاع بينهم وهذا هو الظاهر من مذهب مالك وأصحابه؛ لكن حكى بعض الناس عنهم رواية أخرى بخلاف ذلك.
ومنهم من أنكر هذه الرواية وطعن فيها.[17]   الزنا ذنبه أعظم من أن يكفر بكفارة: كما اتفقوا كلهم على أن الزنا أعظم من أن يكفر.[18]   حكم الاستمناء: وسئل رحمه الله تعالى عن " الاستمناء " هل هو حرام ؟ أم لا ؟. فأجاب: أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد وكذلك يعزر من فعله.
وفي القول الآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره ونقل عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة: مثل أن يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به، ومثل أن يخاف إن لم يفعله أن يمرض وهذا قول أحمد وغيره.
وأما بدون الضرورة فما علمت أحداً رخص فيه.
والله أعلم.
[19]


[1] منهاج السنة: 3/ 396. [2] مجموع الفتاوى: 4/ 307. [3] مجموع الفتاوى: 4/ 425. [4] منهاج السنة: 3/ 437. [5] منهاج السنة: 4/ 587. [6] منهاج السنة: 4/ 347. [7] مجموع الفتاوى: 20/ 390. [8] مجموع الفتاوى: 28/ 334. [9] مجموع الفتاوى: 28/ 335. [10] مجموع الفتاوى: 34/ 182. [11] جامع الرسائل: 2/ 174. [12] مجموع الفتاوى: 15/ 116. [13] منهاج السنة: 3/ 436. [14] مجموع الفتاوى: 35/ 105. [15] مجموع الفتاوى: 11/ 543. [16] مجموع الفتاوى: 32/ 247. [17] مجموع الفتاوى: 28/ 250. [18] مجموع الفتاوى: 34/ 139. [19] مجموع الفتاوى: 34/ 230.



شارك الخبر

المرئيات-١