أرشيف المقالات

من أحكام الشهادات في الفقه الإسلامي

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
2من أحكام الشهادات في الفقه الإسلامي   الحكم بالشاهدين: وقد ثبت في السنة المتواترة وإجماع الأمة أن الحاكم يحكم بشاهدين، وإن لم يكن شهود حلف الخصم.[1]   اشتراط العدالة في الشهود: وقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أنه لا يستشهد إلا ذو العدل.[2]   وجوب اجتناب الكبائر والصغائر: ومع هذا فلم يكن اجتناب الكبائر والصغائر سفها، بل هذا الاجتناب واجب بالاتفاق.[3]   مشروعية فعل النوافل: فعل النوافل ليس سفهاً بالاتفاق.[4]   شهادة المرتد السابقة: والدليل على ذلك: اتفاق الأئمة على أن من كان مؤمنا ثم ارتد فإنه لا يحكم بأن إيمانه الأول كان فاسدا بمنزلة من أفسد الصلاة والصيام والحج قبل الإكمال؛ وإنما يقال كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ [المائدة: 5] وقال ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65] وقال: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88] ولو كان فاسدا في نفسه لوجب الحكم بفساد أنكحته المتقدمة وتحريم ذبائحه وبطلان إرثه المتقدم وبطلان عباداته جميعها حتى لو كان قد حج عن غيره كان حجه باطلا ولو صلى مدة بقوم ثم ارتد كان عليهم أن يعيدوا صلاتهم خلفه ولو شهد أو حكم ارتد [لوجب] أن تفسد شهادته وحكمه ونحو ذلك.
وكذلك أيضا الكافر إذا تاب من كفره لو كان محبوبا لله وليا له في حال كفره لوجب أن يقضى بعدم إحكام ذلك الكفر وهذا كله خلاف ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع.[5]   غيبة الفاسق: وسئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا غيبة لفاسق)) وما حد الفسق؟ ورجل شاجر رجلين: أحدهما شارب خمر أو جليس في الشرب أو آكل حرام أو حاضر الرقص أو السماع للدف أو الشبابة: فهل على من لم يسلم عليه إثم؟.
فأجاب: أما الحديث فليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال: أترغبون عن ذكر الفاجر؟ اذكروا بما فيه يحذره الناس.
وفي حديث آخر: ((من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له)).
وهذان النوعان يجوز فيهما الغيبة بلا نزاع بين العلماء.[6]   شهادة المرأة على النصف من الرجل: منهاج السنة النبوية ج4/ ص235 الوجه الثالث أن يقال إن كان النبي صلى الله عليه وسلم يورث فالخصم في ذلك أزواجه وعمه ولا تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة، ولا رجل واحد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق المسلمين، وإن كان لا يورث فالخصم في ذلك المسلمون، فكذلك لا يقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد باتفاق المسلمين...ثم يقال كون الرجل من أهل الجنة لا يوجب قبول شهادته لجواز أن يغلط في الشهادة ولهذا لو شهدت خديجة وفاطمة وعائشة ونحوهن ممن يعلم أنهن من أهل الجنة لكانت شهادة إحداهن نصف ميراث رجل وديتها نصف دية رجل وهذا كله باتفاق المسلمين فكون المرأة من أهل الجنة لا يوجب قبول شهادتها لجواز الغلط عليها.[7]   شهادة الكافر على المسلمين: فلا تقبل شهادة الكفار على المسلمين وهذا لا نزاع.[8]   ثبوت الجرح بالاستفاضة: فأجاب: ما يجرح به الشاهد وغيره مما يقدح في عدالته ودينه فإنه يشهد به إذا علمه الشاهد به بالاستفاضة ويكون ذلك قدحا شرعيا كما صرح بذلك طوائف الفقهاء من المالكية والشافعية والحنبلية وغيرهم في كتبهم الكبار والصغار صرحوا فيما إذا جرح الرجل جرحا مفسدا أنه يجرحه الجارح بما سمعه منه أو رآه واستفاض.
وما أعلم في هذا نزاعا بين الناس فإن المسلمين كلهم يشهدون في وقتنا في مثل عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وأمثالهما من أهل العدل والدين بما لم يعلموه إلا بالاستفاضة.[9]   شهادة الشاهدين: فأجاب: الشاهد يشهد بما سمعه من كلام المقر والإقرار يصح بالمعلوم والمجهول والمتميز وغير المتميز.
وإذا قامت بينة أخرى بتعيين ما دخل في اللفظ جاز ذلك وعمل بموجب شهادتهم؛ كما لو أقر المقر لفلان بن فلان عندي كذا وأن داري الفلانية أو المحدودة بكذا لفلان ثم شهد شاهدان بأن هذا المعين هو المسمى والموصوف أو المحدود فإن هذا يجوز باتفاق الأئمة[10].   شهادات المرتد ومعاملاته السابقة: والدليل على ذلك: اتفاق الأئمة على أن من كان مؤمنا ثم ارتد فإنه لا يحكم بأن إيمانه الأول كان فاسدا بمنزلة من أفسد الصلاة والصيام والحج قبل الإكمال؛ وإنما يقال كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ [المائدة: 5] وقال ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65] وقال: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88] ولو كان فاسدا في نفسه لوجب الحكم بفساد أنكحته المتقدمة وتحريم ذبائحه وبطلان إرثه المتقدم وبطلان عباداته جميعها حتى لو كان قد حج عن غيره كان حجه باطلا ولو صلى مدة بقوم ثم ارتد كان عليهم أن يعيدوا صلاتهم خلفه ولو شهد أو حكم ارتد [لوجب] أن تفسد شهادته وحكمه ونحو ذلك.
وكذلك أيضا الكافر إذا تاب من كفره لو كان محبوبا لله وليا له في حال كفره لوجب أن يقضى بعدم إحكام ذلك الكفر وهذا كله خلاف ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع[11].   شهادة المجنون: أما المجنون الذي رفع عنه القلم فلا يصح شيء من عباداته باتفاق العلماء.
ولا يصح منه إيمان ولا كفر ولا صلاة ولا غير ذلك من العبادات؛ بل لا يصلح هو عند عامة العقلاء لأمور الدنيا كالتجارة والصناعة.
فلا يصلح أن يكون بزازا ولا عطارا ولا حدادا ولا نجارا ولا تصح عقوده باتفاق العلماء.
فلا يصح بيعه ولا شراؤه ولا نكاحه ولا طلاقه ولا إقراره ولا شهادته.
ولا غير ذلك من أقواله بل أقواله كلها لغو لا يتعلق بها حكم شرعي ولا ثواب ولا عقاب.
بخلاف الصبي المميز فإن له أقوالا معتبرة في مواضع بالنص والإجماع وفي مواضع فيها نزاع[12].   ولهذا جاءت الشريعة بأن القلم مرفوع عن النائم والمجنون والمغمى عليه، ولم يختلفوا إلا فيمن زال عقله بسبب محرم[13].   الشهادة بغير علم: وهؤلاء " بنو عبيد القداح " ما زالت علماء الأمة المأمونون علما ودينا يقدحون في نسبهم ودينهم؛ لا يذمونهم بالرفض والتشيع؛ فإن لهم في هذا شركاء كثيرين؛ بل يجعلونهم " من القرامطة الباطنية "..وإذا كان كذلك فمن شهد لهم بصحة نسب أو إيمان فأقل ما في شهادته أنه شاهد بلا علم قاف ما ليس له به علم؛ وذلك حرام باتفاق الأمة[14].   شهادة الفاسق والجرح بالاستفاضة: فإن الفقهاء متفقون على أنه لو شهد شاهد عند الحاكم وكان قد استفاض عنه نوع من أنواع الفسوق القادحة في الشهادة فإنه لا يجوز قبول شهادته ويجوز للرجل أن يجرحه بذلك وإن لم يره[15].   إقرار المرء على نفسه لا يشترط فيه لفظ الشهادة: وشهادة المرء على نفسه هي إقراره، وهذا لا يشترط فيه لفظ الشهادة باتفاق العلماء[16].   البينة المقبولة في الشهادة بالحاجة واستحقاق الزكاة: وإذا ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى وطلب الأخذ من الصدقات فإنه يجوز للإمام أن يعطيه بلا بينة بعد أن يعلمه أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب؛ (( فإن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجلان من الصدقة فلما رآهما جلدين صعد فيها النظر وصوبه.
فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب )
)
.
وأما إن ذكر أن له عيالا.
فهل يفتقر إلى بينة؟ فيه قولان للعلماء مشهوران: هما قولان في مذهب الشافعي وأحمد.
وإذا رأى الإمام قول من يقول فيه: يفتقر إلى بينة.
فلا نزاع بين العلماء أنه لا يجب أن تكون البينة من الشهود المعدلين؛ بل يجب أنهم لم يرتزقوا على أداء الشهادة فترد شهادتهم إذا أخذوا عليها رزقا لا سيما مع العلم بكثرة من يشهد بالزور[17].   رواية العبد وشهادته: باب الشهادات سئل شيخ الإسلام رضي الله عنه عن الرواية: هل كل من قبلت روايته قبلت شهادته؟.
فأجاب: أما قوله: هل كل من قبلت روايته قبلت شهادته.
فذا فيه نزاع فإن العبد تقبل روايته باتفاق العلماء وفي قبول شهادته نزاع بين العلماء[18].


[1] التفسير الكبير: 1/ 216. [2] منهاج السنة: 3/ 398. [3] منهاج السنة: 3/ 90. [4] منهاج السنة: 3/ 90. [5] مجموع الفتاوى: 11/ 64، وانظر: مجموعة الرسائل والمسائل: 1-3/ 52. [6] مجموع الفتاوى: 28/ 219. [7] منهاج السنة: 4/ 235. [8] مجموع الفتاوى: 15/ 297، وانظر: التفسير الكبير: 5/ 253.. [9] مجموع الفتاوى: 35/ 413. [10] مجموع الفتاوى: 35/ 421. [11] مجموع الفتاوى: 11/ 64. [12] مجموع الفتاوى: 11/ 191،192.. [13] مجموع الفتاوى: 5/ 254. [14] مجموع الفتاوى35/ 131. [15] مجموع الفتاوى: 28/ 371. [16] مجموع الفتاوى: 14/ 170. [17] مجموع الفتاوى: 28/ 574. [18] مجموع الفتاوى: 35/ 409.



شارك الخبر

المرئيات-١