أرشيف المقالات

غزوة الأحزاب (الخندق)

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2غزوة الأحزاب (الخندق)
العرض الإجمالي: طاف وفد من اليهود في قبائل العرب يحرضهم على غزو المسلمين في المدينة واستئصال شأفتهم، وبدأ هذا الوفد بقريش ثم غطفان، واستمر يطوف بالقبائل حتى أقنع عددًا منهم بهذا الغزو.   فخرجت قريش وكنانة وحلفاؤهم في أربعة آلاف مقاتل، وخرجت قبائل غطفان وبنو سليم وبنو أسد وغيرها، واتجهت هذه الأحزاب إلى المدينة على موعد بينهم، حتى تجمَّع حول المدينة جيش من عشرة آلاف مقاتل.   علِم المسلمون بهذا الزحف قبل أن يَصِل الكفار إلى المدينة، وبعد مناقشات اتفقوا على حفر خندق حول المدينة بِناءً على اقتراح من سلمان الفارسي رضي الله عنه.   وفي جِدٍّ ونشاط ونظام قام المسلمون بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق في وقت قياسي، وانتهَوا من عملهم قبل وصول جيش الأحزاب إلى المدينة.   وكانت المدينة تُحيط بها الجبال والحرات وبساتين النخيل من كل جِهة ما عدا الشمال؛ ولذلك حفر المسلمون الخندقَ في هذه الجِهة، وخرجوا في ثلاثة آلاف مُقاتل، وجعلوا ظهورهم إلى جبل سَلْع، والخندق بينهم وبين الأحزاب، وجمعوا النساءَ والأطفال في حصون المدينة.   فوجئ الأحزاب بالخندق وأُسقط في أيديهم، وحاوَلوا عبثًا عبور الخندق واقتحام المدينة، لكنهم لم يتمكَّنوا من الاقتراب منه؛ لأن المسلمين كانوا يَرشُقونهم بالنَّبل، وإن نجحت بعض المحاولات الفردية لاقتحام الخندق من بعض فوارس الأحزاب، لكنها تحطَّمت تحت وطأة بأس وشجاعة الأبطال المسلمين.   وعندما فشِلوا في المواجهة العسكرية، لجؤوا إلى التآمر والخيانة، وحضوا يهود بني قُريظة على نقْض العهد الذي بينهم وبين المسلمين، ومناصرة الأحزاب في حَرْبهم، وما زالوا بهم حتى نقضوا العهد وشرَعوا في حرب المسلمين، وصار الموقف شديد الحَرَج، وفكَّر الرسول صلى الله عليه وسلم في مصالحة قبائل غطفان على ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا إلى ديارهم ويُخَلوا بينهم وبين قريش، ولكن بعد مشاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم للسَّعْدَيْنِ استقرَّ الرأي على مواصلة المواجهة.   وبموقف بطولي من عمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ استطاعت قتل جاسوس أرسله اليهود لمعرفة إن كانت هنالك حراسة على الحصون أم لا، وكان لهذا الموقف أثر مباشر في حِفْظ ذَرَارِيِّ المسلمين ونسائهم.   ثم هيَّأ الله أمرًا كان فيه تمزيق لجموع الأعداء، وتَمثَّل في نُعيم بن مسعود، وكان رجلاً قد أسلم من غطفان ولم يعلَم قومُه بإسلامه، واستطاع بذكاء أن يخدَع اليهود والأحزاب ويُوقِع بينهم بحيلة موفَّقة.   ثم أرسل الله ريحًا قوَّضت خيام الأحزاب، وأَكْفأت قُدُورَهم، وزعزعت قرارهم، وقذف الرعب في قلوبهم، فتحطَّمت معنوياتهم ولملموا متاعهم ورجعوا إلى ديارهم خزايا، وما نالهم من الغزوة سوى التعب والنفقات[1].   وكانت غزوة الأحزاب في شوال سنة خمس من الهجرة.  

[1] سيرة ابن هشام (3 / 895 - 911)، البداية والنهاية (3 / 239 - 267)، زاد المعاد (3 / 269 - 275)، سير أعلام النبلاء (26 / 486 - 504)، السيرة النبوية الصحيحة (2 / 418 - 432)، الرحيق المختوم (ص: 314 - 325).



شارك الخبر

المرئيات-١