أرشيف المقالات

فتح مكة (عرض إجمالي)

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2فتح مكة (عرض إجمالي)
قامت قريش بنقْض عهدِها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ارتكبتْ خطأ فادحًا بإعانتها بالخيل والسلاح والرجال حلفاءها قبيلة بني بكر، على قبيلة خزاعة التي دخلت في عهد المسلمين وحِلْفهم، وقد اشترك في هذه الخيانة بعضُ زعماء قريش؛ كصفوان بن أمية، وشيبة بن عثمان، وسهيل بن عمرو.   وقدَم عمرو بن سالم الخزاعي إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنشد أبياتًا من الشعر أمام الرسول صلى الله عليه وسلم يَستنصِره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نُصرتَ يا عمرو بن سالم)).   وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قريش يُخيِّرهم بين دفع دية قتلى خزاعة، أو البراءة من حلف بني بكر، أو القتال، فاختارت قريش القتالَ.   وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف مقاتل في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة، قاصدًا مكة وإن لم يُعلِن وجهته؛ حرصًا على السِّرِّية.   وعسكر الجيش في مر الظهران، وخرج بعض كبار قريش يتحسَّسون الأخبار، وكان من بينهم أبو سفيان، الذي التقاه العباس واصطحبه إلى رسول الله، وبعد حوارٍ قصير أسلم أبو سفيان، ثم انطلق إلى مكة فأخبَرهم بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأوضح لهم قوةَ المسلمين وصعوبة مقاومتهم، وأن من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومنَ دخل داره فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن.   ففرَّ أغلب الناس إلى بيوتهم وإلى المسجد، وبقي بعض زعماء قريش؛ مِثْل عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، مع بعض الأوباش والسفهاء من قبائل شتى لقتال المسلمين، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتالهم.   وسرعان ما دخلت جيوش المسلمين إلى مكة بعد مقاومة يسيرة، وما تعرَّض المسلمون لأحد إلا مَن قاتَلهم؛ حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم قادة الجيش ألا يُقاتلوا إلا مَن يُقاتل، وأعلن الأمان للجميع إلا نفرًا قليلاً أباح دماءهم؛ لشدة إيذائهم للمسلمين؛ بحيث يُمكِن تصنيفهم كمجرمي حرب.   أما عامة أهل مكة، فقد نالهم عفو عام رغم إلحاقهم أنواعًا من الأذى بالمسلمين وأهل الدعوة من قبل.   وأمَر الرسول صلى الله عليه وسلم بتحطيم الأصنام وتطهير البيت الحرام منها؛ لتتخلَّص مكة من مظاهر الوثنية وأوضار الجاهلية، وتستأنف عهدًا جديدًا عُنوانه: التوحيد الخالص لله عز وجل.   وكان عظيمًا أن يصعد بلال الكعبة فيؤذِّن فوقها، ويعلو صوت التكبير في مكة، ثم يُصلي الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون خاشعين شاكرين لله تعالى[1].   وبذلك تمَّت الحلقة الأخيرة في هذا الصراع بين المسلمين وكفار قريش بهذا النصر المؤزر والفتح المبين، ولله الأمر من قبل ومن بعد، والله غالب على أمره، ومَن يُغالِب الله يُغلَب.


[1] سيرة ابن هشام (4 / 1058 - 1098)، البداية والنهاية (3 / 470 - 512)، السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة (2 / 435 - 466)، السيرة النبوية الصحيحة (2 / 473 - 488)، الرحيق المختوم (ص: 401 - 417)، زاد المعاد (3 / 394 - 464).



شارك الخبر

المرئيات-١