أرشيف المقالات

من أحكام خطبة المتزوجة

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2من أحكام خطبة المتزوجة
إذا كان المسلمون متفقين على أنه لا يجوز في هذه وقت نكاحها بالثاني أن يخطبها الأول - لا تصريحًا ولا تعريضًا - فكيف إذا خطبها قبل أن تتزوج بالثاني؟ أو إذا كان بعد أن يطلقها الثاني لا يحل للأول أن يواعدها سرًا ولا يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله: فكيف إذا فعل ذلك من قبل أن يطلق بل قبل أن يتزوج بل قبل أن تنقضي عدتها منه فهذا كله يحرم باتفاق المسلمين.
وكثير من أهل التحليل يفعله وليس في التحليل صورة اتفق المسلمون على حلها ولا صورة أباحها النص؛ بل من صور التحليل ما أجمع المسلمون على تحريمه ومنها ما تنازع فيه العلماء.
وأما الصحابة فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المحلل والمحلل له منهم؛ وهذا وغيره يبين أن من التحليل ما هو شر من نكاح المتعة وغيره من الأنكحة التي تنازع فيها السلف؛ وبكل حال فالصحابة أفضل هذه الأمة وبعدهم التابعون كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" فنكاح تنازع السلف في جوازه أقرب من نكاح أجمع السلف كل تحريمه.
وإذا تنازع فيه الخلف فإن أولئك أعظم علمًا ودينًا؛ وما أجمعوا على تعظيم تحريمه كان أمره أحق مما اتفقوا على تحريمه وإن اشتبه تحريمه على من بعدهم.
والله تعالى أعلم [1].   خطبة الرجل لمطلقته ثلاثًا قبل أن تتزوج بعده: وإذا تزوجت بزوج ثان وطلقها ثلاثًا لم يحل للأول أن يواعدها سرًا، ولا يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله باتفاق المسلمين [2].   فإذا كانت لم تتزوج بعد لم يحل للمطلق ثلاثًا أن يخطبها، لا تصريحًا، ولا تعريضًا باتفاق المسلمين [3].   التصريح بخطبة المعتدة: لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة، ولو كانت في عدة وفاة باتفاق المسلمين [4].   وأما (التعريض) فإنه يجوز في عدة المتوفى عنها، ولا يجوز في عدة الرجعية وفيما سواهما [5].   وسئل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن رجل طلق زوجته ثلاثًا ولهما ولدان وهي مقيمة عند الزوج في بيته مدة سنين ويبصرها وتبصره: فهل يحل لها الأكل الذي تأكل من عنده؟ أم لا؟ وهل له عليها حكم؟ أم لا؟ فأجاب: المطلقة ثلاثًا هي أجنبية من الرجل؛ بمنزلة سائر الأجنبيات؛ فليس للرجل أن يخلو بها؛ كما ليس له أن يخلو بالأجنبية.
وليس له أن ينظر إليها إلى ما لا ينظر إليه من الأجنبية؛ وليس له عليها حكم أصلاً.
ولا يجوز له أن يواطئها على أن تزوج غيره ثم تطلقه وترجع إليه ولا يجوز أن يعطيها ما تنفقه في ذلك؛ فإنها لو تزوجت رجلا غيره بالنكاح المعروف الذي جرت به عادة المسلمين ثم مات زوجها أو طلقها ثلاثًا لم يجز لهذا الأول أن يخطبها في العدة صريحًا باتفاق المسلمين كما قال تعالى: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا ﴾ [البقرة: 235] ونهاه أن يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله.
أي حتى تنقضي العدة.
فإذا كان قد نهاه عن هذه المواعدة والعزم في العدة فكيف إذا كانت في عصمة زوجها فكيف إذا كان الرجل لم يتزوجها بعد: تواعد على أن تتزوجه ثم تطلقه وتزوج بها المواعد.
فهذا حرام باتفاق المسلمين سواء قيل: إنه يصح نكاح المحلل أو قيل: لا.
فلم يتنازعوا في أن التصريح بخطبة معتدة من غيره أو متزوجة بغيره أو بخطبة مطلقة ثلاثًا أنه لا يجوز.
ومن فعل ذلك يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة باتفاق الأئمة [6].   فهذه المطلقة ثلاثًا لا يحل لأحد أن يواعدها سرًا، ولا يعزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله باتفاق المسلمين [7].   التصريح بخطبة المعتدة لغير الزوج: وكثير من أهل التحليل يفعلون أشياء محرمة باتفاق المسلمين؛ فإن المرأة المعتدة لا يحل لغير زوجها أن يصرح بخطبتها سواء كانت معتدة من عدة طلاق أو عدة وفاة قال تعالى ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ﴾ [البقرة: 235] فنهى الله تعالى عن المواعدة سرًا وعن عزم عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله.
وإذا كان هذا في عدة الموت فهو في عدة الطلاق أشد باتفاق المسلمين؛ فإن المطلقة قد ترجع إلى زوجها؛ بخلاف من مات عنها [8].


[1] مجموع الفتاوى: 32/96. [2] مجموع الفتاوى: 32/95. [3] مجموع الفتاوى: 32/96. [4] مجموع الفتاوى: 32/8. [5] مجموع الفتاوى: 32 / 95. [6] مجموع الفتاوى: 32/12،11. [7] مجموع الفتاوى: 32/95. [8] مجموع الفتاوى: 32 / 95.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢