خلق الجنة
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
خلق الجنةقال ابن أبي العز الحنفي في شرح العقيدة الطحاوية:
(إن الجنة والنار مخلوقتانِ، لا تفنيانِ أبدًا ولا تَبِيدان، فإن الله تعالى خلق الجنة قبل الخلق، وخلق لهما أهلاً، فمَن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه...
وكلٌّ يعمل لِمَا قد فُرِغ له، وصائرٌ إلى ما خُلِق له)[1].
(والدليل على أنهما مخلوقتانِ بعدُ إخبارُ النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى الجنة ليلة الإسراء، وأخبر عليه السلام أنه رأى سدرة المنتهى في السماء السادسة، وقال تعالى: ﴿ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ﴾ [النجم: 14، 15]، فصحَّ أن جنة المأوى هي السماء السادسة، وقد أخبر الله عز وجل أنها الجنة التي يدخلُها المؤمنون يوم القيامة، قال تعالى: ﴿ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 19]4[2].
ومن أوضحِ الأدلة وأصرحِها على خلق الجنة قصةُ آدم عليه السلام:
قال تعالى: ﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 19].
وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ﴾ [الأعراف: 27].
وقوله تعالى عن الجنة: ﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].
وكذلك في قوله تعالى: ﴿ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [الحديد: 21].
وفي هذه الآيات دلالاتٌ واضحة على أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الجنة، وأنها موجودة، وأنه أعدَّها للذين يتَّقونه ويخشَوْنه.
(وعن عائشة أم المؤمنين، قالت: تُوفِّي صبي، فقلتُ: طُوبَى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَوَلا تدرينَ أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلاً ولهذه أهلاً))[3].
[1] شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: أحمد شاكر، (وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد)، ط1، - 1418 هـ، (ج1/ص420).
[2] أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (ت: 456 هـ)، الفِصَل في الملل والأهواء والنِّحَل، (مكتبة الخانجي - القاهرة)، (ج4/ص68).
[3] صحيح مسلم، (مصدر سابق)، (ج4/ص2050)، باب: معنى كل مولود يُولَد على الفطرة، رقم الحديث: 2662.