أرشيف المقالات

لماذا التوحيد أولا؟ (2)

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
لماذا التوحيد أولًا؟
الحلقة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين.
أما بعد:
فهذه هي الحلقة الثانية من حلقات (لماذا التوحيد).
1- هنا أمر مهم جدًّا، بل في أقصى درجات الأهمية، ولا يَنتبه إليه كثيرٌ من الناس، وبعض طلبة العلم، فما هو؟!
هو الترابط الوثيق بين التوحيد والعبادة والأخلاق.
 
2- كيف ذلك؟!
أليس التوحيد هو الإيمان بالله سبحانه، وتحقيق أنواع التوحيد الثلاثة: الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وبقية أركان الإيمان، ونبذ الشِّرك بجميع صوره؟!
بلى.
 
3- أوليس الإيمان بأن الله سبحانه مستحقٌّ للعبادة وحدَه، يؤدي إلى الإخلاص التام ونبذ الشِّرك؛ قال سبحانه: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [الزمر: 2].
 
4- أوليس الإيمان بأسمائه وصفاته الحسنى، يؤدي إلى تعظيمه سبحانه، والخوف مِن مَعصيته ومراقبته؛ قال سبحانه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].
 
5- أوليس الإيمان بأنه سبحانه سميعٌ بصير؛ كما قال سبحانه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]، يؤدي إلى الكف عن ظلم الناس، وعن كل معصية، وعن كل خُلق سيئ، ويؤدي إلى الإخلاص.
 
6- أوليس قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، دليلٌ على أثر الصلاة الصحيحة في الكف عن المعاصي عمومًا، ومنها الظلم وسُوء الخلق؟!
 
7- إذًا مِن أسباب ضَعف إيمان بعضنا وقَسوةِ قلوبهم، ونقص أخلاقهم، الأسباب التالية:
ضَعف التوحيد، وضعف العبادة، ونقص العلم؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]؛ أي: هم أكثر الناس خشيةً لله لِما يَعلمونه مِن عظَمته سبحانه، وما يجب له.
 
8- ولذا فمن أراد قوةً في إيمانه ورِقةً في قلبه، ودمعًا في عينه، وخشوعًا في عبادته، وسعادةً دنيوية وأخروية، ونصرًا على الأعداء - فعليه بالعناية بالتوحيد تعلمًا وعملًا، ودعوةً إليه؛ قال سبحانه: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
 
9- وأختم هذه الحلقة بالآية التالية، فاقرأها جيدًا بتدبُّر، ستجد عجبًا وتحريكًا قويًّا للقلب والمراقبة، وتَقويةً للإيمان بالقدر والصبر؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [يونس: 61].
 
أسأل الله سبحانه لكم توحيدًا خالصًا من كل شائبة، وقوةَ الإيمان وحلاوته، وصلِّ اللهم على نبينا محمد بن عبدالله ومَن والاه.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣