أرشيف المقالات

فرنسا والأزهر

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
نشرت جريدة الإجيبت الفرنسية التي تصدر في القاهرة مقالة عنوانها (فرنسا والأزهر) في العدد الصادر في 24 نوفمبر الماضي، فأحببنا نشر ترجمتها في المنار ليعرف أهل الأزهر ما يقول فيهم كتاب الإفرنج ويعتبر بما فيها سائر المسلمين، وهي: حدث في الأزهر أخيرًا أن رجلاً معتوهًا أطلق الرصاص على شيخ رواق المغاربة، فتنبهت لهذا الحادث صحف فرنسا واهتمت بالبحث في شؤون ذلك الفريق المخصوص الذي يعيش وراء الجدران الصامتة في تلك الكلية الإسلامية الجامعة.
ونحن نغار على كل ما يمس جاه فرنسا ونفوذها في تصديها لإدخال الحضارة في ربوع المشرق، ونهتم بكل ما له علاقة بالوظيفة التي أخذت على عاتقها القيام بها في تلك الأقطار، فلذلك لم يكن يسوغ لنا أن نترك هذا الحادث المحزن من غير أن نخوض في موضوعه ونتكلم في عواقبه فإنه مرتبط بعلائق فرنسا بالمشرق أشد الارتباط. لا يصح لمن يعيشون بقرب هذه المدرسة أن لا يعبأوا بأي أمر يتعلق بها فإن في وسعهم أن يعرفوا مقدار تأثيرها في العالم الإسلامي.
هذه المدرسة في نظر الباحث المدقق كسياج للأفكار الإسلامية؛ لكونها في القاهرة أعظم عواصم الإسلام مدنية وحضارة، وبالقرب من ضريح الإمام محمد بن إدريس الشافعي أحد أصحاب المذاهب الأربعة.
بل نقول تقريبًا للحقيقة من أفهام الغربيين أن للأزهر في بلاد المشرق تلك المكانة التي أحرزتها في الزمن الغابر مدرسة بولونيا الكلية حينما ورث عواهل ألمانيا صولجان قياصرة الرومان، وسيف الإمبراطور شارلمان، بل هي كمدرسة السوربون في فرنسا أيام رفع أفاضل العلماء فيها نبراس الأفكار، فأضاء تلك الأقطار، بما جددوا من معارف اللاتينيين ومحوا من تلك الظلمات المتراكمة التي أحدثتها غارات البرابرة.
إذا كان جميع المسلمين يولون وجوههم شطر المسجد الحرام فكذلك الغيورون على مصلحة المسلمين في الاستقبال قد جعلوا الأزهر قبلة للأماني وكعبة للآمال، نعم إن الذي يمر بالأزهر اليوم ولم يكن قد أوتي شيئًا من العلم والفطانة، أو البصيرة والرزانة، لا يرى في هذا البناء الذي علته الشرفات العربية، وازدان بالحجرات المغربية.
إلا آثار مدنية قديمة غادرها الزمان في سبات عميق، فليست في الأموات ولا في الأحياء، كما كانت بزنطية عاصمة الدولة الرومانية الشرقية حين ضرب عليها التصوف رداءه وأحاط بها التقشف من كل مكان.
فإن ما يدور فيها من المجادلات العتيقة العقيمة في العلوم التي يسمونها الوسائل، والعلوم التي يسمونها المقاصد، لا تسفر عن وجه يشعر يتجدد الحياة.
ولكن من يسبر الأشياء بمسبار الرويَّة، وينظر إلى الأمور بعين البصيرة، يرى في هذا الجمع المتكاثف وبين أولئك الطلبة الذين يدرسون ويشتغلون كأمثالهم في كليات أمريكا اهتزازات تدل على حياة جديدة، ويجد في نفسه انتعاشًا يشعر بنشأة أخرى ولكن هذه الاهتزازات الحيوية مستورة بالسكينة والوقار، مغشاة بما امتاز به الشرق من التجرد وعدم المبالاة.
ذلك أن بعض سروات المسلمين الذين لابسوا أهل أوربا وعلموا أن مدنيتهم قائمة على أساس العلم والتربية تبرعوا بأموال طائلة ونصبوا لأولئك الطلاب المنقطعين للرياضات وأنوار التجلي أساتذة من الذين نبغوا في مدارس أوربا ليبثوا بينهم علومنا العصرية ومعارفنا الحديثة بحيث قد جنحت المدينة الإسلامية جنوحًا ظاهرًا للاستقاء من معارفنا، والامتزاج بنا بدلاً من أخذ الأهبة وحمل السلاح لمكافحة المدنية النصرانية، فهي لنا بمثابة الأخت الصغرى، ونهضتها هذه تشابه نهضة تجدد المعارف اللاتينية في أوربا مشابهة تامة تدعو إلى العجب والدهشة، ولكنها متأخرة عنا بستة قرون هي المدة بين نهضة المسلمين (الأولى) ونهضتنا وليس يخشى عليها غير خطر واحد: هو أن تتبلور عقول أهلها تبلورًا صوفيًّا تجريديًّا، والدافع لهذا الخطر والواقي منه هو الأزهر، فإن حركته الذاتية تسير ببطء في طريق كافل نيل المرام ولن يتخلف الأزهر عن الوفاء بما نيط به ما دام المهيمن عليه من أولئك الذين انفتقت أذهانهم بالأفكار العصرية. أسهبنا في شرح مقدمة الموضوع الذي نتوخى الخوض فيه، وما ذلك إلا لأنه كان من الضروري بيان درجة الأزهر ومكانته العليا في عالم الإسلام وما له من الشأن الكبير في مزج المدنيتين، وهو أمر واقع بلا شك في يوم من الأيام على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
ومن المعلوم أن فرنسا وإنكلترا هما الدولتان العظيمتان اللتان لهما السيطرة على كثير من بلاد الإسلام، ولذلك أوجبت هذه المكانة على تينك الأمتين الكريمتين فرضًا لا يمكن سقوطه بكرور الزمان ألا وهو السعي المتواصل في دوام تحسين العلاقات الفكرية والعلمية التي وصلت بنفسها عالم الشرق بعالم الغرب، وأخص فرنسا التي قد اكتسبت من عهد قريب مكانة راجحة في مراكش فإنها لا يتسنى لها بإزاء الأمم الإسلامية ترك ما هو محتم عليها بمقتضى الروح الساري في جثمانها، وما هو مدون في تاريخها أعني وظيفتها التي هي حماية الأمم المستضعفة ونشر ألوية الحرية والإخاء في ربوعها.
فإذا نظرنا إلى فرنسا وجدناها على رأس مملكة إسلامية فسيحة لها شأن عظيم وقيمة غالية، وهذه المملكة تمتد من تونس إلى سنغامبيا على سواحل البحر الأبيض والمحيط الأطلنطي، وقد ازدادت هذه المملكة بدخول مراكش في دائرتها، فليس لفرنسا إذن أن تحتقر أية وسيلة لرفع شأن الحضارة الإسلامية في مملكتها الشاسعة الأكتاف، البعيدة الأطراف، بل عليها أن تبذل كل ما في وسعها لتجعل لها على العالم الإسلامي نفوذًا عقليًّا يكون لها من ورائه فوائد يا لها من فوائد لا تذكر بجانبها مزايا ما تراه من التودد لها في بطانة صاحبي تونس وفاس فيعود ذلك عليها بالنفع أمام ذلك المجتمع العظيم الممتد على سواحل أفريقية المتألف من قبائل متغيرة وشعوب متنافرة، وليس الأزهر بأقل ضمانة أو أقل فعلاً من غيره من الوسائل التي يجب على فرنسا استخدامها لزيادة نشر نفوذها الأدبي التمديني في العالم الإسلامي المستقر في مملكتها الأفريقية. فحينئذ نرى أن فرنسا قد نيطت بها بطبيعة الحال وظيفة يجب عليها أن لا تتخلى عنها وذلك أنها بصفتها وارثة لملوك تونس فليس لحكومتها الجمهورية أن تنسى أن الباي محمد صاحب تونس هو الذي أسس في حدود سنة 800 للهجرة رواق المغاربة الذين يرحلون من بلادهم لطلب العلم بالأزهر مجذوبين إلى هذه المدرسة التي هي كنبراس للعلوم الإسلامية قد أرسل أشعته وأنواره على الأقطار والأصقاع كافة. ثم جاء عبد الرحمن باي تونس (يقول المترجم هذا خلط مع المرحوم عبد الرحمن بك كتخدا إذ ليس في بايات تونس عبد الرحمن المذكور) وجم غفير من أبناء المغرب مثله زادوا على توالي الزمان في الأوقاف المخصصة لرواق المغاربة بالأزهر فلما انحلت عرى الجامعة، وتضعضعت أركان الدولة الإسلامية وانمحت الآثار، وضاعت الرسوم وانسدل على أمور الأزهر حجاب من النسيان فأغار أبناء طرابلس على رواق المغاربة وجعلوا أنفسهم أصحاب الاستحقاق حتى ارتفع بعد أن لم يكن شيئاً مذكورًا عدد الطلبة منهم في أيامنا هذه إلى 50 مجاورًا من 118 مغربيًّا، وربما كان السبب في زيادة نسبتهم كون بلادهم ملاصقة لديار مصر أو زيادة لعناية من المشايخ الطرابلسيين فإذا كان هذا الأمر مضرًّا بمصالح الرعايا المستظلين باللواء الفرنسي من المراكشيين والجزائريين والتونسيين الذين يجاورون بالأزهر أو يترشحون لذلك، فلا ريب في أنه مضر أيضًا ضررًا بليغًا بمصالح فرنسا إذ يحرمها من وسيل فعالة في نشر نفوذها الأدبي والتهذيبي بين الأمم الأسلامية العائشة في مملكتها الأفريقية، ولا يصح لنا أن نغفل عن كون السلطان عبد العزيز سلطان مراكش بصفته مالكي المذهب يعتبر في قسم عظيم من أفريقية الشمالية أنه هو النائب الشرعي الأكبر للجماعة أي جماعة أهل السنة من المسلمين، وليس لنا أن ننسى أيضًا من جهة أخرى أننا إذا صرفنا النظر عن الشافعية وهم السواد الأعظم من المجاورين ولكنهم كلهم من أهل هذه الديار نجد أن الحنفية المتبعين للمذهب السائد في المشرق والمالكية - أي المنتميين لمذهب إمام دار الهجرة - وهو الشائع في المغرب يبلغ عددهم 77.72 (في المائة) وفي ذلك دليل على أن أواصر القرابة الروحية بين الأزهر والأمة الإسلامية بأفريقية الفرنسية هي كثيرة الالتئام متينة الإحكام بحيث لا يجوز التغاضي عنها لمن أراد أن يقوم بسياسة الدخول والامتزاج في أفريقية الشمالية الغربية، وجعل المهارة قائده والاحتراس رائده ليفوز من عمله بالقسط الأوفر، ويتكلل مسعاه بالنجاح الأوفى. ليس من نيتنا أن نتداخل بأي وجه كان في أمور الأزهر الداخلية، فإننا نعلم مقدار تعلقه بما له من الاستقلال ومحافظته على كيانه مع خراب سائر النظامات الأهلية الأخرى، ولذلك نعلم أنه ينظر شزرًا وغضبًا إلى كل تداخل أجنبي في شؤونه الخصوصية، نحن نظن أن الأستاذ الأكبر في الأزهر لا يخطئنا في زعمنا الذي نراه، وفي دعوانا التي ندعيها، وذلك أنه طالما جاهر الناس ونادوا على رؤوس الأشهاد أن فرنسا لها وظيفة مقدسة في المشرق وهى حماية طائفة الكاثوليك وهم لا يتجاوزون بضعة الآلاف عدًّا، فمن باب أولى يجوز لنا أن نقول: إن على الجمهورية في البلاد الإسلامية واجبًا أقدس، وفرضًا ألزم، ألا وهو حماية المسلمين أيضًا، وعددهم يتجاوز الملايين. إن حكومة الجمهورية الفرنسية تنفق الأموال الطائلة لاستمرار المدارس النصرانية في بلاد المشرق، فهل تكون مخطئة إذا طلبت من الأستاذ الأكبر ومفتي الديار المصرية الإذن في الجري على سنة الملوك والأغنياء المغاربة الذين آلت إليها ممالكهم وأملاكهم وذلك بأن تجعل في ميزانيتها إعانة سنوية لتكون بمثابة وقف على رواق المغاربة في الأزهر؟ لا ريب أن مشايخ الأزهر لا يرفضون الوسائل التي يكون من ورائها إقبال الطلاب على دروسهم وزيادة من يتلقى العلم عنهم فتنتشر تعاليمهم بفضل عناية الجمهورية الحرة الكريمة الشيم فتزيد نفوذ فرنسا الأدبي في شمال أفريقية الغربي وبذلك ينتهي أيضا الخلاف القائم الآن بين طلبة الرواق وشيخهم الحالي الذي يتهمونه بتوزيع النصيب الأعظم من الإيراد على أبناء وطنه ومن أخص المزايا التي تنتج عن هذا العمل تسهيل الامتزاج بين مسلمي سواحل بحر الروم الجنوبية وبين المدنية الغربية، وبذلك الامتزاج يمكن تحقيق تلك الأماني الجسام وتجديد ما رآه التاريخ في سالف الأيام من مآثر المفاخر وآثار الفخار التي تولدت في العالم بأسره، وأضاءت الكون كله حينما انقادت أزمة الأحكام بأيدي العرب الأمجاد في أسبانيا وصقلية فأدهشوا الدنيا بما ابتكرته قرائحهم الصافية من عجائب الغرائب وروائع البدائع) .
اهـ (المنار) لقد بالغ الكاتب في بعض ما كتب، وكان دقيق النظر في بعضه، والروح الذي كان مستحوذًا عليه هو روح الغيرة على دولته ودلالتها على طريق لما تحاوله من استقرار السلطان في الممالك الإسلامية المغربية.
وقد تجاوز كتاب الفرنسيس في هذا الصدد حدّ الكثرة في الآراء والأفكار، ولا نكاد نرى فيهم من يحز في المفصل ولو اهتدوا إلى استشارة أهل الرأي الصحيح من المسلمين المخلصين للإسلام دون تحيز إلى أمرائه وسلاطينه واطمأنوا لهم - لكان لهم من رأيهم نبراس يهتدون به إلى الجادة. يتوهم هؤلاء الكتاب البلغاء والساسة الأذكياء أن خلابة القول وزخرف الدعاوي يؤثران في نفوس المسلمين حتى يبلغ القائل منها ما يريد من التأثير العقلي والأدبي.
ولعلي لو نصحت لهم أستفيد الظنة، وتكون مجلتي في مستعمراتهم تحت المراقبة على الأقل، ولكنني أستأذنهم في كلمة مبنية على الاختبار الصحيح بعيدة من نزغات السياسة ومفاسدها وخداعها وخلابتها، وهي أنه لا سبيل فرنسا إلى الوفاق الصحيح مع المسلمين إلا بمساعدتهم في مستعمراتها على التعليم الإسلامي ثم العصري وإطلاق الحرية لهم في الدين والفكر، دون الفحش والنكر، وليعتبروا بسيرة إنكلترا في مستعمراتها، ويعلموا أنه يتسنى لهم أن يزيدوا عليها نفوذًا معنويًّا في العالم الإسلامي إذا هم زادوا عليها في حرية التربية والتعليم، ومن لوازمها حرية المطبوعات والجرائد. نقول هذا حبًّا بأبناء ملتنا أولاً، وحبًّا بالأحرار النافعين للبشر ثانيًا واعتقادًا منا بأن وفاق الحكومة الفرنسية مع أهل الجزائر وتونس ظاهرًا وباطًا خير للفريقين من الخضوع لجبروت القوة والسلطان الذي ينفع القوي الحاكم ابتداء والضعيف المحكوم أخيرًا؛ إذ الشدة هي أعظم مربٍّ للأمم والشعوب.
وإنما كان خيرًا لهما معًا لأنه يجمع بين منفعة الفريقين في الحال والاستقبال.
وقد لاح لنا أن فرنسا أنشأت تشعر بأن هذا هو الرأي الصواب، وإنما نحن نذكرها بأن الإقناع به يجب أن يكون بالعمل دون القول، ومدح الحكومة الجمهورية بالانتصار للضعفاء والتحرير للمستعبدين.
ويجب أن يكون العمل في الجزائر ثم في تونس لا في مصر، فإنفاق ألف دينار على التعليم في الجزائر مع الحرية الدينية التامة هو أقوى تأثيرًا من إعطاء مليون دينار للأزهر، وأشد إقناعًا حتى لأهل الأزهر بحسن نية فرنسا وانتفاء الخطر على الإسلام نفسه في تسلطها على المسلمين، أما النظر في المقالة من الجهة السياسية فقد كتبت مقالة في المؤيد الصادر في 30 رمضان جاء فيها بعدد ذكر أمهات مسائل المقالة ملخصة ما نصه: وفي هذه المقال وجوه من العبر أهمها المقابلة بين فرنسا وإنكلترا التي اعترف الكاتب بأنها ضريبة فرنسا في نشر الحضارة في المشرق والنفوذ في العالم الإسلامي، أما إنكلترا فقد احتلت مصر من نحو ربع قرن، وعظم نفوذها فيها مع عدم اعتراف أوروبا لها بذلك حتى كان الوفاق الفرنسي الإنكليزي، وأذعنت أوربا للاحتلال تبعًا لفرنسا ووعدت بعدم التعرض له، ومع ذلك لم نر من إنكلترا تعرضًا للأزهر، ولا ميلاً لنشر نفوذها فيه، كما نشرته في جميع مصالح الحكومة المصرية، ولم يقم من ساسة الإنكليز وكتابهم من يطالب حكومته باستعمال الأزهر للتأثير في العالم الإسلامي، وأما فرنسا التي كانت تعارض الاحتلال خوفًا منه على ضياع مصالحها ونفوذها في مصر فإنها ما أمنت على هذه المصالح بالوفاق الأخير مع إنكلترا حتى قدح ساستها زناد الفكر في استنباط الوسائل لبث نفوذها في أعظم معهد للتعليم الإسلامي وجعله آلة لنشر نفوذها العقلي والأدبي في المسلمين والشرق، ولعلها تريد أن تؤيد العلم والحضارة فيه كما أيدتهما في الجزائر، ولو كانت هي المحتلة في مصر فماذا كانت فاعلة بالأزهر؟ إذا كان كاتب تلك المقالة لا يشك في قبول مساعدة مشايخ الأزهر لفرنسا فإننا نحن نقطع ونجزم بعدم قبولها بالقصد الذي اقترحه.
وأما إذا قدمت الإعانة المالية للأزهر على أن تتصرف فيها إدارة الأزهر كما تشاء من غير أن يكون لفرنسا حق في كيفية صرفها ولا في السؤال عن حالة مجاوري المغاربة وملاحظة أحوالهم أو تعليمهم فيحتمل أن يقبلها فضيلة شيخ الجامع كما يقبل سائر الإعانات والمساعدات من المتبرعين. وإذا كانت فرنسا تحب أن يكون لها نفوذ عقلي أدبي في مسلمي مملكتها الأفريقية المتحققة والمأمولة فلتطلق للمسلمين في الجزائر حرية العلم والتعلم من غير مراقبة، ولتساعدهم على ذلك بالفعل ليظهر له أثر في الوجود يوثق به لبعده عن نزعات السياسة، وإلا كانت هذه الأقوال والاقتراحات مثارًا لسوء ظن المسلمين بفرنسا، وجزمهم بأنه لا توجد دولة أوروبية ناصرة للحرية الدينية والعلمية غير إنكلترا فالأقوال والدعاوى لا تقنع أحدًا، وإنما العبرة بالأعمال. ...
...
...
...
...
...
...
...
...
م.
ر

شارك الخبر

المرئيات-١