أرشيف المقالات

آثار علمية وأدبية

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
(حكم الفلاسفة ونوادرهم) (2) قال أرسطوطاليس: من عُدم العقل لم يزده السلطان عزًّا ومن عُدم القناعة لم يزده المال غنًى , ومن عدم الإيمان لم تزده الرواية فقهًا.
أقول: نسب هذا الكلام لهذا الفيلسوف صاحب كتاب (الكلم الروحانية في الحكم اليونانية) وهو ليس له وإنما هو لأحد حكماء الإسلام لأن أخذ الفقه من الرواية من وضع المسلمين واصطلاحهم وظاهر أن المراد بالرواية رواية الحديث , ولم يكن عند فلاسفة اليونان فقه يستمد من رواية , وكثيرًا ما راجت الأكاذيب والموضوعات على أهل النقل لعدم المعرفة التامة بتاريخ اللغة، فكم من خبر وأثر فيه ألفاظ لم تكن تستعمل في عصر من نسبت إليهم بالمعنى الذي تروى به. وقال: الحُسْنُ رديء لصاحبه جيدٌ لغيره , وقيل له: لم تناقض صديقك أفلاطون فقال: أفلاطون صديقي والحق أولى بالصداقة منه.
وقال له رجل: أخْبَرني ثقة عنك بما يوحش، فقال: الثقة لا ينمُّ , وسئل: أي شيء ينبغي للفاضل أن يقتنيه؟ فقال: الأشياء التي إذا غرقت به سفينة تنجو معه إذا نجا، يعني العلوم والمعارف الحقة.
وقال: ظاهر العتاب خير من مكتوم الحقد , وقال: ضربة الناصح خير من تحية الشانئ (العائب) وقال: العقل عقلان: مطبوع ومسموع.
أقول: إن هذه الحكمة تؤثَر عن الإمام علي كرم الله وجهه ولم يكن وصل إلى العرب شىء من علم اليونان.
وقال: قوت الأجساد المطعم، وقوت العقول الحكم فإذا فقدت العقول الحكمة ماتت موت الأجساد عند فقد الطعام.
وقال: المعلم الرفيق يربي المتعلم بصغار الحكمة قبل كبارها كما تربي الوالدة ولدها بالرضاع قبل الطعام.
وقال: العاقل لا يجزع من جفاء الولاة إيّاه وتقريبهم للجهال دونه لعلمه بأن الأقسام لم توضع على قدر الأخطار (أي ليست الحظوظ عندهم بحسب مراتب الشرف الحقيقية فيرى أن خطره وشرفه لم يقدر قدره) وقال: الحكيم الصالح لا يخدع أحدًا والعاقل الكامل لا يخدعه أحد.
يريد أنه لا ينجح في خداعه ليقظته وانتباهه.
ويتوهم بعض من يقرأ كتب الأدب أن المخدوع ممدوح لما في ذلك من الآثار والأشعار المسطورة فيها كأثر (من خادعنا في الله انخدعنا له) وكقول الشاعر: خادع خليفتنا عنها بمسألة ...
إن الخليفة للسؤَّال ينخدع وكقول عبد الباقي في أمير المؤمنين رضي الله عنه: قد خادعوا منك في صفين ذا كرم ...
إن الكريم إذا خادعته انخدعا وهذا الانخداع هو الإغضاء عن الذنب في موضعه والتغافل عنه من باب (تجاهل العارف) ولقد نزه الله نفسه والمؤمنين عن أثر خديعة المنافقين فقال: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (البقرة: 9) . وقال أرسطوطاليس: نصيحة العاقل مبذولة للعامة، وسرُّه مكتوم إلا عن الخاصة.
وقال: أيّ ملك جاوز سرُّه وزيره فهو في حد ضعفاء السوقة.
وقال للإسكندر: كن رحيمًا من غير أن تكون رحمتك فسادًا , وقال له: اعتبر بمن مضى قبلك ولا تكن عبرة لمن يأتي بعدك , وقال له أيضًا: يا إسكندر اعلم أن عيوب عمالك عيوبك , وقال له: إذا فرضت لجندك فلا تفرض لمن لا تعرف والده ومن وُلد على العبودية؛ فإن الناس يقاتلون بالأنفة والحمية.
أقول: لا مندوحة عن مراعاة عزة النفس ومعرفة البيوت في الضباط والقوَّاد حتى في هذا العصر , وقال له: لا يكن لجائزتك حد فإن هذا أبسط للأمل فيك , وقال له: اعمر ما خرب مما أنشأه مَن قبلك يُعِّمر ما تبنيه من يتبعك , وقال له: تفقد أمر عدوك قبل أن يطول باعه , وارتق الفتق قبل أن يتجاوز اتساعه , وقال له: امنع أن يظهر في عسكرك الفجور والسكر فإنهما مفتاح الوهن , وقال: أيُّ ملك نازع السوقة هتك شرفه , وأيّ ملك تصدّى للمحقرات فالموت أكرم له.
وكلمه رجل بكلام طويل جدًّا فقال له: أما أول كلامك فقد أنسيته لطول عهده وأما آخره فلم أفهمه لتفلّت أوله , وقال: قد استحسنت قول (لا أدري) حتى أقوله فيما أدري. *** (القسم الثاني من عينية الكاظمي) وهو ما يتعلق بمصر ولما نقلنا للبواخر رحلنا ...
وعفنا المطايا وهي حسرى وضلع هجمنا على جيش من الموج ضارب ...
بزخاره نحو السما يترفع يطالعنا من كل فج كأنه ...
جبال شرورى أصبحت تتقلع ولما تبينت (السويس) وسار بي ...
إلى (النيل) سيار من البرق أسرع هرعت إليه عاطفًا من حشاشتي ...
وقلت لصحبي هذه مصر فاهرعوا سقى الله دارًا تيم الصب نشرها ...
وأخرى بها داريَّة تتضوع لقد صرت في هذي وقلبي معلق ...
بتلك إذن ماذا أنا اليوم أصنع وأصبحت أسوانًا فلا أنا ميت فأسلو ولا حي يرجى فأطمع أنادي فلا (شمعون) يسمع دعوتي فيدنو ولا ينأى بوجدي (يوشع) وما لي منه يعلم الله لو دنا سوى نظرة تدنو إلي فأقنع ذر الدمع يدمي ناظريّ فإنني رأيت بعيني طرف (شمعون) يدمع ويا أهل هذا الحي خلوا لنا الجوى نقضي به ليل الصبابة واهجعوا على داركم شق الجيوب ودارنا يشق وريد في ثراها وأخدع فلو أن مثلي في سراة قبيلكم من الحب مضنى أو من البين موجع لأعلنت بالشكوى وصرحت بالجوى وقلت: اسعدوني أيها الصحب أو دعوا تمكنت الأوجاع من كل مفصل وليس لهذا الصب من يتوجع وآيسني طول النوى من طماعتي ولا يأس إلا حين لم يبق مطمع تكلفني عيناي في الحي هجعة فأغمض علمًا أنني لست أهجع وآمل من نومي المشرّد رجعة وأكبر ظني أنه ليس يرجع أقول لجيران لهم بين أضلعي مراح وفي الأحشاء مرعى ومرتع أيا جيرتي جف الرقاد فعاذر إذا رحت في كأس من السهد أكرع ملكتم فؤادي بالتودد خدعة وكل كريم بالتودد يخدع تعسفتموا ما كان مني شيمة وأين من المطبوع من يتطبع وكيف أرجى منكمو ذا حفيظة وأكثر شيء في الأنام التصنع إلا أن دهري موجعات فعاله وأفعال أهليه أمض وأوجع أمثل (فلان) يحفظ الناس وده ومثلي في هذي البلاد يضيع؟ فوالله ما أدري وقد خامر الحشا هوى أوشكت منه الحشا تتصدع أأترك مصرًا أم أقيم بجوها وما جوها إلا جوى يتدفع تساومني خفض الجناح ظباؤها وما شيمتي إلا العلا والترفع أصد فتثنيني إلى الحي لفتة ويقتادني داعي الغرام فأتبع وأغضي فتلويني إلى الغيد نظرة ترد غرامي كلما بان برقع فينزعن في قلبي سهامًا مريشة وأطرب إما قيل في القوس منزع تعدت صروف الدهر مصر وأهلها ولا زال في أرجائها البِشر يسطع نعم أهل مصر أنتمو خير أمة وما الخير إلا منكمو يتفرع لقد شاع عنكم كل فضل وسودد وسوف نرى للفخر ما هو أشيع فما سرني منكم تجمل أنفس كما ساءني قصد العدا المتشنع خذوا حذركم فالكاشحون بمرصد وأنتم كما شاء الكواشح هجّع أرى اليوم موسومًا بكل شنيعة وأخشى غدًا يأتي بما هو أشنع ولكنني أرجو انتباهة حازم تصرف عنا هول ما نتوقع دعوا عنكم مرّ الهوان وعرجوا إلى جنبات العز من حيث تنصع وعودوا بها شم الأنوف تواركًا أنوف الأعادي دونكم وهي جُدَّعُ ولا تشبعوهم غير يأس فإنهم إلى أكلكم - أخزاهم الله - جوَّع وشدوا عُرى أوطانكم بمثقف من الرأي تخشاه الظبى وهي قطع وكونوا لها أطواد عز منيعة يكن لكمو فيها الفخار الممنع *** (الخزانة) مجلة شهرية في السياسة والأدب أصدرها في أول يوليو حضرة الوجيه الفاضل يوسف أفندي الخازن، استعاض بها عن جريدته (الأخبار) اليومية , وذكر في فاتحتها أنه ليس القصد منها بث العلوم وعضد الصناعة وترقية الزراعة، وإنما غرضها الأساسي تفكهة القراء وتسلية الخواطر بمباحث جديدة ذات طلاوة وفكاهة تلذ مطالعتها , ومن ذلك أنه ينشر في كل عدد حكاية (رواية) وجيزة , وفي العدد الأول منها مقالة سياسية في الشؤون الحاضرة , ومقالة أخرى في ترجمة الوزير الكبير صاحب الدولة رياض باشا مأخوذة عن كُتاب أوربا المشهورين , ومقالة في زيارة سمو الخديوي لملكة الإنكليز واستحسان سياسة الوفاق والمسالمة بين مصر والمحتلين، وتقريظ كتاب المحاماة، وشذرات بعض مشاهير الرجال. وقيمة الاشتراك في المجلة 100 غرش مصري فنرجو لها الرواج والنجاح.

شارك الخبر


Warning: Undefined array key "codAds" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/24203bf677d3c29484b08d86c97a829db7a16886_0.file.footer.tpl.php on line 33

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/24203bf677d3c29484b08d86c97a829db7a16886_0.file.footer.tpl.php on line 33
روائع الشيخ عبدالكريم خضير