أرشيف المقالات

حكم من كذب بالبعث يوم القيامة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
حكم من كذب بالبعث يوم القيامة
 
قال المصنف – رحمه الله -: وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾[1].
 
الشرح الإجمالي:
(ومن كذَّب بالبعث كفَرَ)؛ لتكذيبه الله ورسوله وإجماع المسلمين، (والدليل) على كفر من أنكر البعث: (قوله تعالى: ﴿زَعَم﴾، أي: ادَّعى وظن ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾؛ ضلالاً منهم، ﴿ أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ﴾ للحساب والجزاء، وقد حكم الله بكفرهم، لإنكارهم البعث، فدل على أن إنكار البعث كفر، لهذا قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: يا أيها الرسول:﴿ قُلْ ﴾ لمنكري البعث: ﴿ بَلَى ﴾ ستبعثون، واحلف لهم يميناً بالله، قائلاً فيها: ﴿ بَلَى وَرَبِّي ﴾، وخالقي،﴿ لَتُبْعَثُنَّ ﴾ يوم القيامة للحساب، ﴿ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾، وتجازون عليها؛ ﴿ وَذَلِكَ ﴾، أي: البعث بعد الموت ﴿ وَذَلِكَ ﴾ سهل لا يعجزه، فهو سبحانه على كل شيء قدير، فالذي قَدِرَ على النشأة الأولى، قادر على الإنشاء مرة أخرى[2].
 
الشرح التفصيلي:
لما قرَّر المصنف -رحمه الله تعالى- البعث، ذكَرَ حكم من أنكر البعث، فقال: (ومن كذَّب بالبعث كفر)؛ لأنه مكذب لله جل وعلا، حيث إن القرآن دلَّ في آيات كثيرة على ثبوت البعث، فالذي يُكَذِّبُ بالبعث مُكَذبٌ للقرآن، ومن كذَّب القرآن فهو مكذب لله تعالى، فيُحْكَمُ بكفره[3].
 
قال المصنف: (والدليل قوله تعالى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾، فإنكار البعث من دعاوى الكفار التي صيرتهم كفاراً، فمن انتحلها فهو كافر مثلهم[4]، والشاهد من الآية قوله سبحانه وتعالى: ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾، فوصف الذين يزعمون أنهم لن يبعثوا بأنهم من الذين كفروا[5]، وأحد أسباب الإنكار بالبعث: هو ضعف الإيمان بقدرة الله عز وجل، والله عز وجل يقرر البعث ببيان كمال قدرته، وكمال علمه، وكمال حكمته، فمن آمن بكمال قدرة الله، وكمال علمه جل وعلا، وكمال حكمته، فلا يمكن أن يقع في قلبه إنكار البعث؛ ولذلك قال هنا في تقرير البعث: ﴿ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾، فهو جلّ وعلا على كل شيء قدير[6].
 
وقد جاء في القرآن براهين تدل على وقوع البعث، وخلاصة تلك الأدلة الدالة على وقوع البعث كما يلي:
الدليل الأول: إخبار العليم الخبير بوقوع يوم القيامة، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وجاء هذا الإخبار في القرآن الكريم بأساليب متنوعة ليكون أوقع في النفوس وأقرب إلى القبول.
 
الدليل الثاني: أن القادر على الخلق الأول قادر على الخلق الثاني، وقد استقر في أفهام الناس وتصورهم أن الإعادة أهون من البدء، والبدء والإعادة عند الله تعالى سواء.
 
الدليل الثالث: أن القادر على خلق الأعظم قادر على خلق ما دونه؛ فالذي خلق السموات والأرض قادرٌ على خلق مادونها.
 
الدليل الرابع: قدرة الله جل وعلا على تحويل الخلق من حال إلى حال، فهو يميت ويحيى، ويخلق ويفني، وهذه الأرض تكون هامدة لا نبات فيها فينـزل الله المطر فإذا هي خضراء تهتز، وقد أشار القرآن إلى هذا المعنى في كثير من الآيات، وهو أن القادر على تحويل الشيء من حال إلى حال قادر على بعث الناس [7].
 



[1] سورة التغابن، الآية [7].


[2] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (92)؛ وتيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د.
عبدالمحسن القاسم (197).


[3] حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبدالله الفوزان (192).


[4]تعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (55).


[5] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (229).


[6]شرح ثلاثة الأصول، د.
خالد بن عبدالله المصلح (81).


[7]ينظر: حصول المأمول شرح ثلاثة الأصول، عبدالله الفوزان (193).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣