أرشيف المقالات

كان النبي يذكر الله على كل أحيانه

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2حديث: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه"
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه)؛ رواه مسلم[1].   يتعلق بهذا الحديث فوائد: الفائدة الأولى: ذكر الله تعالى من أعظم القربات، وأجلِّ الطاعات، العمل به يسير، وأجره كثير، وهو عند الله تعالى محبوب وعظيم، وهو الحصن الحصين الذي يُحرز به العبد نفسه من الشيطان الرجيم؛ فعن الحارث الأشعري رضي الله عنه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات، أن تعمل بهن، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن))...وفيه: قال: ((وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرًا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعًا في أثره، فأتى حصنًا حصينًا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل))؛ رواه أحمد والترمذي[2].   الفائدة الثانية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، ولنا فيه أسوة حسنة؛ فإن الله تعالى يحب من عباده لا أن يذكروه فحسب، بل أن يكثروا من ذكره، وبذلك أمرهم، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42]، وقال في وصف عباده المؤمنين: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191]، وقال تعالى في فضل هؤلاء وثوابهم: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ إلى أن قال: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل ذلك؛ فقد كان - كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها -: (يذكر الله على كل أحيانه).   الفائدة الثالثة: ذكر الله تعالى له فضائل كثيرة يصعب حصرها، فمنها: سعادة القلب وطمأنينته؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الذكر للقلب مثل الماء للسمك؛ فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟ اهـ[3]، ومن فضل ذكر الله: أن الله العظيم جل في علاه يذكُر مَن ذكره؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152]، ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى به فضلًا وشرفًا، ومن فضائله: كثرة الثواب؛ حتى إن ثوابه ليربو على إنفاق الأموال؛ كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة[4]، قال أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: لو أن رجلًا في حجره دنانير يعطيها، وآخر يذكر الله عز وجل، لكان الذاكر أفضل[5]، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: لأن أُكبِّرَ مائةَ مرة أحبُّ إليَّ مِن أن أتصدق بمائة دينار[6].


[1] رواه مسلم في كتاب الحيض، باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها 1/ 282 (373). [2] رواه أحمد 4/ 130، 202، والترمذي في كتاب الأمثال، باب ما جاء في مثَل الصلاة والصيام والصدقة 5/ 148 (2863)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وصححه ابن خزيمة 3/ 195 (1895)، وابن حبان 14/ 124 (6233)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/ 582، وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين 1/ 231، والألباني في صحيح الجامع (1724) وصحيح الترغيب والترهيب (552). [3] نقله عنه تلميذه ابن القيم في الوابل الصيب ص63. [4] منها حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورِق، وخير لكم من أن تلقَوْا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم))، قالوا: وذلك ما هو يا رسول الله؟ قال: ((ذكر الله عز وجل))؛ رواه أحمد 5/ 195، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/ 663، وقال: صحيح الإسناد، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2629).
[5] حلية الأولياء 2/ 33.
[6]حلية الأولياء 6/ 178.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢