أرشيف المقالات

الرجاء والخوف عند أهل السنة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2الرجاء والخوف عند أهل السنَّة
الرجاء والخوف عند أهل السنَّة مِن أركان العبادة، وهما متلازمان، دلت النصوصُ الشرعية على ذلك، والرجاء والخوف عند العبد كجَناحي طائر، قد يميل بأحد جَناحيه لمصلحة؛ شريطةَ ألا يفقد التوازن، وعلماء أهل السنَّة والجماعة يقولون: ينبغي للإنسان وهو في أيام صحته أن يغلِّبَ الخوف دائمًا على الرجاء، وأن يكون خوفه أغلبَ من رجائه، فإذا حضره الموت غلَّب الرجاء في ذلك؛ ليطغى على الخوف، فلا ينبغي للمؤمن أن يموت إلا وهو يحسن الظن بالله جل وعلا؛ (المفيد في مهمات التوحيد - الدكتور عبدالقادر عطا - ص 36: 41).   أهل السنَّة وسط في باب أسماء الدِّين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية: المراد بأسماء الدِّين هنا: مثل مؤمن، مسلم، كافر، فاسق، والمراد بالأحكام: أحكام أصحابها في الدنيا والآخرة: (1) عند الخوارج لا يسمى العبد مؤمنًا إلا مَن أدى جميع الواجبات، واجتنب الكبائر، ويقولون: إن الإيمانَ: قول، وعمل، واعتقاد، ولكنه لا يزيد ولا ينقص؛ فمَن أتى كبيرة كفَر في الدنيا، وهو في الآخرة خالد مخلد في النار، إن لم يتُبْ قبل الموت. (2) المعتزلة قالوا بقول الخوارج، إلا أنه وقع الاتفاق بينهم في موضعين: • نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار مع الكافرين.   ووقع الخلافُ بينهم في موضعين: • الخوارج سمَّوْا مرتكب الكبيرة في الدنيا كافرًا، والمعتزلة قالوا: إنه في منزلة بين المنزلتين: فهو قد خرج من الإيمان، ولم يدخل في الكفر. والخوارج استحلوا دمَه ومالَه، والمعتزلة لم يستحلوا ذلك.   (3) المرجئة قالوا: لا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ، كما لا ينفع مع الكفر طاعةٌ، فهم يقولون: إن الإيمان مجردُ التصديق بالقلب؛ فمرتكبُ الكبيرة عندهم كامل الإيمان، ولا يستحق دخول النار، وهذا يبين أن إيمانَ أفسقِ الناس عندهم كإيمان أكمل الناس.   تعريف المرجئة: المرجئة في اللغة: المرجئة: مأخوذة من الإرجاء؛ أي: التأخير؛ قال تعالى: ﴿ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾ [الشعراء: 36]؛ أي: أمهِلْه. وسُمِّيت المرجئة بذلك؛ لتقديمهم القولَ، وتأخيرهم العملَ؛ (القاموس المحيط - ج 1 ص 1287).   المرجئة اصطلاحًا: المرجئة: هم الذين يقولون: الإيمان قول بلا عملٍ؛ أي يكفي النطقُ بالشَّهادتين دون العمل لصحة الإيمان؛ (الموسوعة الميسرة في الأديان - ج 1 ص 88).   (4) الجهمية وافقوا المرجئة في ذلك تمامًا؛ فالجهمُ قد ابتدع التعطيل، والجبر، والإرجاء. أما أهل السنَّة فوفَّقهم الله للوسَطيَّة بين هذين المذهبين الباطلين، فقالوا: (الإيمان قول وعمل، يَزيد وينقص). قال الربيعُ بن سليمان: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: الإيمان قول وعمل، يَزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ثم تلا هذه الآية: ﴿ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾ [المدثر: 31]؛ (حلية الأولياء - أبو نعيم الأصبهاني - ج 9 - ص 114).   ومرتكب الكبيرة عند أهل السنَّة مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، فلا ينفُون عنه الإيمان أصلًا كالخوارج والمعتزلة، ولا يقولون: بأنه كامل الإيمان كالمرجئة والجهمية، أما حكمُه في الآخرة فهو تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء أدخله الجنة ابتداءً؛ رحمةً منه وفضلًا، وإن شاء عذبه بقدر معصيته؛ عدلًا منه سبحانه، ثم يُخرجه بعد التطهير ويدخله الجنة، هذا إن لم يأتِ بناقض من نواقض الإسلام؛ (بيان عقيدة أهل السنَّة والجماعة - سعيد بن علي القحطاني - ص 31: 33).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢