أوربا والإسلام كتاب جديد
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
صدر مؤخراً عن دار شرقيات بالقاهرة كتاب "أوروبا والإسلام.. تاريخ من سوء التفاهم" للمؤرخ الإيطالي فرانكو كارديني الذي ترجمه عن الإيطالية الدكتور عماد البغدادي رئيس قسم اللغة الإيطالية بكلية الألسن جامعة عين شمس. يرصد الكتاب أهم العوامل التي أدت من وجهة نظر المؤلف إلى نوع من العداء بين الأوروبيين والإسلام وأهمها سوء التفاهم أو المعلومات المغلوطة التي ترسبت في الثقافة الأوروبية العامة عن هذا الدين. يأتي الكتاب، بحسب ما ورد في تمهيد الطبعة الأولى لجاك لو جوف، ضمن سلسلة "اصنع أوروبا" التي نشأت بمبادرة من خمسة ناشرين من لغات ومناطق مختلفة، وهي سلسلة تحاول الإجابة عن أسئلة جوهرية لدى الأوروبيين "من نحن؟ ومن أين جئنا؟ وإلى أين نذهب؟". ويوضح لو جوف في تمهيده كما نقلت عنه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية: "أن أوروبا تبني نفسها، وهو أمل كبير سوف يتحقق فقط إذا أخذنا التاريخ في الحسبان، فأوروبا بلا تاريخ ستكون يتيمة وبائسة". في الفصل الأول من الكتاب وعنوانه "نبي وثلاث قارات" يشير المؤلف إلى أن المقارنة بين أوروبا والإسلام ما زال ينظر إليها على أنها مواصلة للصدام بين المسيحية والإسلام رغم أن الحداثة الغربية كان أبرز نتائجها العلمنة والفصل بين أوروبا والمسيحية، إلا أن معظم الأوروبيين ينظرون بقلق للحركات الإسلامية التي تنتشر بشكل متزايد ويتم تسميتها بالأصولية، وهو ما يترك ميلاً شائعاً لدى الأوروبيين لاعتبار الإسلام عدواً محتملاً. ويلفت المؤلف الانتباه إلى عدم تناسق العنوان "أوروبا والإسلام"، موضحاً أن "المقارنة هنا ليس لها معنى، لأنها قائمة بين مكان أو حيز جغرافي هو أوروبا وبين ديانة هي الإسلام، والخلط الشائع بين أوروبا والمسيحية وبين الدين الإسلامي والأراضي التي تضم معتنقيه هو الذي أوجد هذه الثنائية غير الواقعية أو العلمية". في حين أن التناقض بين أوروبا وآسيا في إطار الصراع بين الغرب والشرق ـ بحسب تعبيره ـ كان موجوداً منذ زمن بعيد يتجاوز التوتر بين أوروبا والإسلام. إلا أن هذا التوتر الحديث نسبياً يرجعه البعض إلى حقبة الحملات الصليبية أو حقبة الهيمنة التركية العثمانية على شرق حوض البحر المتوسط ومنطقة البلقان، ومن قبل فتح المسلمين لشمال إفريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية التي عرفت فيما بعد بالأندلس، وانطلاقاً من ذلك وطبقاً للمؤلف فإنه "إذا تم البحث عن مشكلة "كيف ومتى" ولد الضمير الحديث لأوروبا والهوية الأوروبية سندرك إلى أي مدى كان الإسلام ـ وربما بالسلب ـ من بين العوامل التي ساعدت أوروبا على أن تحدد نفسها". أشار الكتاب إلى أن أوروبا كانت تمثل المسيحية ـ على الأقل من وجهة نظر مؤرخي العصور الوسطى ـ وأي شخص مقيم في أوروبا في تلك الفترة كان ينظر إليه كأجنبي أو غاز، بينما الإسلام في الوقت نفسه لم يكن مجرد ديانة بل يحمل بين طياته نظاماً اجتماعياً عاماً زاخراً بالقواعد والأحكام والقوانين التي يقترب بعضها في وقتنا الحالي مما يسمى بالقانون الدستوري. وانتقل هذا النظام إلى أوروبا عبر التجارة والغزو الجزئي، كما انتقلت أيضاً العلوم والاختراعات والفنون الشرقية والكتب المترجمة عن حكماء أوروبا القدامى أو المؤلفة بواسطة علماء المسلمين أو الشرقيين، بكل ما فيها من فنون وعلوم جذب اهتمام التنويريين الأوروبيين ، إلا أن الحروب التي دارت بين الممالك الأوروبية والمسلمين خاصة الحروب الصليبية والأندلس والغزو التركي لشرق أوروبا جعل الانطباع العام الراسخ في الثقافة الأوروبية عن العرب والمسلمين أنهم "غزاة متوحشون". لفترة طويلة ظلت مفردة "مسلم" مرتبطة في الضمير الجمعي الأوروبي بمفردة "تركي" ومن هذا المنطلق تعامل كبار فلاسفة ومفكري عصر التنوير في أوروبا ومنهم "فولتير" و"جان جاك روسو" و"ديدرو" مع الإسلام، وإن كان البعض منهم تراجع عن مواقفه الأولى واستعان بالقيم الرفيعة التي أعلى الإسلام من شأنها مثل قيمة التسامح لينتصروا له بنظرة موضوعية غير متأثرة بالاجتياح التركي أو تلك التي خلفتها الحروب الصليبية. يستعرض الكتاب كذلك كل الفترات الصعبة التي مرت على علاقة أوروبا بالإسلام، وصولاً إلى الفترة الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين وحتى وعد بلفور وقيام الدولة العبرية في فلسطين ، وكيف أن أوربا ساعدت على اتساع الهوة مع الإسلام بمواقفها المساندة للصهيونية التي تنكل بالمسلمين في فلسطين. _________________ شبكة الإعلام العربية "محيط" بـ" تصرف"