أرشيف المقالات

تعريف الآية القرآنية وفوائد معرفة الآيات

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
2تعريف الآية القرآنية وفوائد معرفة الآيات
الآيةُ تُطلَق في اللغة على عدَّة معانٍ: أولها: المعجزة. ثانيها: العَلَامة. ثالثها: العِبْرة. رابعها: الأمر العجيب. خامسها: الجماعة. سادسها: البرهان والدليل.   والآية اصطلاحًا: طائفةٌ من القرآن مركَّبة من جُمَل، ولو تقديرًا، ذات مَطْلع ومَقْطع، مندرِجة في سورةٍ من القرآن. والمناسبة بين المعنى الاصطلاحي والمعاني اللُّغوية واضحةٌ؛ لأن الآية القرآنية معجزة، ولو باعتبار انضمامِ غيرها إليها، ثم هي علامة على صدق مَن جاء بها صلى الله عليه وسلم، وعلامةٌ على انقطاع ما قبلها من الكلام وانقطاعه مما بعدها، وفيها عبرةٌ وذِكْرى لمن أراد أن يتذكَّر، وهي من الأمور العجيبة؛ لمكانها من السمو والإعجاز، وفيها معنى الجماعة؛ لأنها مؤلَّفة من جملة كلمات وحروف، وفيها معنى البرهان والدليل على ما تضمَّنته من هداية وعلم، وعلى قدرة الله وعلمه وحكمته، وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم في رسالته.   ولا سبيلَ إلى معرفة آيات القرآن إلا بتوقيفٍ من الشارع؛ لأنه ليس للقياس والرأي مجالٌ فيها، إنما هو محضُ تعليم وإرشاد؛ بدليل أن العلماء عدُّوا ﴿ المص ﴾ آيةً، ولم يعدوا نظيرها وهو ﴿ المر ﴾ آية، وعدّوا ﴿ يس ﴾ آية، ولم يعدوا نظيرها وهو ﴿ طس ﴾ آية، وعدُّوا ﴿ حم عسق ﴾ آيتين، ولم يعدوا نظيرها وهو ﴿ كهيعص ﴾ آيتينِ، بل آية واحدة، فلو كان الأمر مبنيًّا على القياس لكان حكم المثلين واحدًا فيما ذكر، ولم يجئ هكذا مختلفًا.   وبعض العلماء يذهب إلى أن معرفة الآيات منها ما هو سماعي توقيفي، ومنها ما هو قياسي، ومرجعُ ذلك إلى الفاصلة، وهي الكلمة التي تكون آخر الآية، نظيرها قرينة السجع في النثر، وقافية البيت في الشعر، وأما عدد آي القرآن، فقد اتفق العادُّون على أنه ست آلاف ومائتا آية وكسر، إلا أن هذا الكسر يختلف مبلغُه باختلاف أعدادهم؛ ففي عدد المدني الأول سبع عشرة، وبه قال نافع، وفي عدد المدني الأخير أربع عشرة عند شيبة، وعشر عند أبي جعفر، وفي عدد المكي عشرون، وفي عدد الكوفي ست وثلاثون، وهو مروي عن حمزة الزيَّات، وفي عدد البصري خمس، وهو مروي عن عاصم الجحدري، وفي رواية عنه أربع، وبه قال أيوب بن المتوكل البصري، وفي رواية عن البصريين أنهم قالوا: تسع عشرة، ورُوي ذلك عن قتادة، وفي عدد الشامي ست وعشرون، وهو مروي عن يحيى بن الحارث الذماري، وسبب اختلاف السلف في عدد الآي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رؤوس الآي للتوقيف، فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع حينئذٍ أنها ليست فاصلةً.   فوائد معرفة الآيات: الفائدة الأولى: العلم بأن كل ثلاث آيات قصار معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وفي حكمها الآية الطويلة التي تعدل بطولها تلك الثلاث القصار.   الفائدة الثانية: حسن الوقف على رؤوس الآيِ عند مَن يرى أن الوقف على الفواصل سُنَّة.   الفائدة الثالثة: قال السيوطي: يترتب على معرفة الآي وعدِّها وفواصلِها أحكامٌ فقهيةٌ؛ منها: اعتبارها فيمَن جهل الفاتحة، فإنه يجب عليه بدلها سبع آياتٍ. ومنها: اعتبارها في الخطبة؛ فإنه يجب فيها قراءة آيةٍ كاملةٍ، ولا يكفي شطرها إن لم تكن طويلةً، وكذا الطويلة على ما أطلقه الجمهور.   ومنها: اعتبارها في السورة التي تقرأ في الصلاة أو ما يقوم مقامها؛ ففي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة.   ومنها: اعتبارها في قراءة قيام الليل؛ ففي أحاديث: ((مَن قرأ بعشر آياتٍ لم يُكتَب من الغافلين))، و((مَن قرأ بخمسين آيةً في ليلةٍ كتب من الحافظين))، و((من قرأ بمائة آيةٍ كتب من القانتين))، و((من قرأ بمائتي آيةٍ كتب من الفائزين))، ((ومن قرأ بثلاثمائة آيةٍ كتب له قنطارٌ من الأجر))، و((مَن قرأ بخمسمائة وسبعمائة وألف آيةٍ...))؛ أخرجها الدارمي في مسنده مفرَّقةً.
وهي أحاديث حسنة.   مراجع: • "البرهان" (1/ 249، 266 - 268). • "الإتقان" (1/ 230 - 240). • "مناهل العرفان" (1/ 338 - 346).



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير