أرشيف المقالات

كلمة عن الثقة

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2كلمة عن الثقة الثقة أغلى جوهرة
أيها الطلاب النجباء: أهديكم تحية عاطرة، وأُكرِّر شكري لسعادة الناظر ولحضرات المدرسين، ولكم جميعًا، وأضرع إلى الله جل ثناؤه أن يجعلكم من أنصار الفضيلة، وبُناة المكارم، وبعد: فلعلكم تذكرون أني بيَّنتُ لكم في المحاضرة السابقة أن أسس النجاح وأركان الفلاح ثلاثة: العزيمة القوية، والثقة الغالية، والحكمة الهادية.   وتذكرون أنه لم يُسعِفْني الوقت المحدد، إلا بالكلام على العنصر الأول، فموضوع اليوم إنما هو بقية للمحاضرة السابقة.   أيها الطلاب الكرام: لا أظن أن أحدًا منكم يشكُّ في صحة هذه القضية: (الثقة أغلى جوهرة)، ولا أظن أن أحدًا منكم يطلب الدليل عليها، اللهم إلا إذا احتاج النهار إلى إيضاح، أو احتاجت الشمس إلى شهادة: وليسَ يصِحُّ فِي الأذهانِ شيءٌ ** إذا احتَاج النَّهارُ إلى دَليلِ   تصوَّروا صانعًا وثِق الناس به، واطمأنوا إليه، وعهدوا إليه بأعمالهم ومصنوعاتهم، ففرَّط أو قصَّر، ولم يَقُمْ بما كلَّفوه، ولم يحقق ظنَّ الناس فيه، إنه لا شك خاسرٌ في حياته.   تصوَّروا صانعًا، أو مدرسًا، أو طبيبًا، أو تاجرًا، أو أي شخص تشاؤون، لم يَنَلْ ثقةَ الناس، ولم يَفُزْ بطمأنينتهم، كيف تكون حاله في هذه الحياة؟   لا شك أنها تَعِسة خاسرة، مهما كان ذا عزيمة قوية، وإرادة حديدية. ثم تصوَّروا شخصًا آخر - وافرضوه كما تشاؤون - نال ثقة الناس ورضاهم، وفاز بطمأنينتهم وحبِّهم، ثم خسِر هذه الثقة بسوء صنيعه، وبما كسبتْ يداه، خسِر هذه الثقة بغشِّه، أو بخداعه، أو بخلف الوعد، أو بالنفاق والكذب، أو بغير ذلك من سيئ الصفات وذميم الخصال، وقد يُبالغ في سترها وكتمانها، ويظن أن ذلك يخفى على الناس، وهيهات هيهات: ومهما تكُنْ عند امرئٍ مِن خَليقةٍ ** وإِنْ خالَها تَخْفى على الناسِ تُعلَمِ   وما لي أدعوكم إلى أن تتخيَّلوا هؤلاء، وهم لا يحصَون كثرةً في كل طبقة وفي كل مكان، حتى أضحوا معرَّة الأمة وسُبَّة الوطن.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١