أرشيف المقالات

شره التسوق الإلكتروني والإسراف في شراء الأجهزة باهظة الثمن - منال محمد أبو العزائم

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
 من مساويء التقدم في أنظمة المعلومات هو شراء مستخدميها أجهزة باهظة الثمن بما يصل إلى حد الإسراف.
ولا شك أن في هذا بزخ لا سائغ له، وإهدار للمال.
والإسراف منهي عنه بالكتاب والسنة.
قال تعالى: ( {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} )[1].
كما وصف الله تعالى المُبذِّرِّين بأنهم إخوان الشياطين، فقال: {(وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)} [2].
وكرَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا إضاعة المال، لما فيه من الضرر، فقال: «(إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)» [3].
وقد بين صلى الله عليه وسلم أن الانسان سيُسأل يوم القيامة عن ماله من أين أكتسبه وفيمَ أنفقه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «(لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ؟)» [4].
كما أنه هناك فقراء يُمكن التصدق عليهم بدلاً من الإسراف في شراء الأجهزة الجديدة التي تنخفض قيمتها بمجرد شرائها وإستعمالها.
فمثلاً لو اشترى أحدهم هاتف بسعر ستمائة دولار تصبح قيمته اربعمائة دولار بمجرد إستعماله في أول يوم
أضرار الإسراف:في الإسراف مضيعة للمال وعدم حكمة، ولا يأمن الانسان الفقر والفاقة مهما بلغ غناه.
وكم من غني افتقر بعد فقد ماله أو عمله.
قال تعالى: {(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[} 5].
الإسراف لا يورث صاحبه إلا زيادة في الولع بالدنيا وحباً لها والطمع في المزيد منها بحثا عن الرضى، ولكن ذلك محال.
فالرضى في الدنيا لا يحصل للإنسان إلا بالقرب من الله والازدياد في طاعته ومحبته.
قـال ابن القيِّم: "عشاق الدنيا بين مقتولٍ ومأسورٍ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر"[6].
فياله من وصف بليغ يصف حال أولئك الذين لا يكتفون ولا يرضيهم جبل أحد ذهب.
وليتذكر المسلم أن هناك أخوة له في الإسلام والإنسانية جمعاء يتضورون جوعاً ولا يجدون قوت يومهم ويسكتون به بكاء أطفالهم من الجوع.
وإن القلب ليحزن والعين لتدمع عن روية المشاهد التي وصل لها الحال في اليمن والصومال وغيرها من أماكن المجاعات.
وإن ما يجري في اليمن لا يرضي أي مسلم غيور على دينه.
ولنستحضر قوله تعالى: {(وَلَا تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍۢ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلْأَبْصَٰرُ)} [7].
ومن الغريب في الأمر هو تحدث الاعلام عن مشكلات المسلمين عامة، ولكن يتجاهل تماما ما يجري في اليمن وكأن شيء لا يحدث هناك.
فلم نسمع شيخ ولا قناة إسلامية ولا عربية تتحدث عند ظلم أهل اليمن وتعذيبهم بالجوع والعزلة.
فهل الامر مدبر من الخارج، أو هو من الخوف من ظلم المنافقين من قادة المسلمين.
وكأن المسلمين نسوا أن أفضل الجهاد هو كلمة حق عند سلطان جائر.
وقد رُوِى «(أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز، أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر)» [8].
ولكن في زمن الفتن هذا واختلاط الحق بالباطل وإنتشر قتل المسلم أخاه لأجل عرض من الدنيا وخرس العلماء والصالحين بالسجون وتعذيبهم، ولم يعد للمتحدث سامع ولا للشكوى نفع.أمثلة لدوافع معقولة تغيير الأجهزة: شراء أجهزة أسرع ذاكرة وأكبر سعة للتمكن من تشغيل برامج المحادثة وتخزين رسائل الواتساب والتليقرام ونحوها من البرامج لأهداف التعليم والتواصل وغيرها من لا منكر فيه.
بيع الأجهزة القديمة واستبدالها بأجهزة أحدث لتشغيل البرامج النافعة الجديدة التي تعمل على الأنظمة الجديدة فقط.
وزيادة أسعار الأجهزة مع زيادة التقدم في التكنولوجيا وتكلفة الأجزاء المكونة لها قد تضطر الإنسان لدفع مبالغ عالية.أمثلة لدوافع غير مُستساغة في شراء الأجهزة: شراء الهواتف ذات السعات الكبيرة جدا والتي لا يحتاجها الإنسان عادة.
تغيير الهاتف كل سنة لمجرد ظهور طراز أحدث من الذي يمتلكه.تغييره بموديل أشهر لمراءاة الناس أو مجاراة الأصدقاء.بذل مبالغ كبيرة لشراء أجهزة ذات ماركات عالمية أكثر شهرة.
شراء أجهزة سريعة جدا وباهظة الثمن لتتحمل ألعاب الحاسوب الكبيرة.شره التسوق الإلكتروني والإسراف في شراء الأجهزة من منظور مقاصد القرآن:الإسراف صفة مذمومة ويتناقض مع مقصد تهذيب الاخلاق.الإسراف مضيعة للمال ويتناقض مع مقصد صلاح الأحوال الفردية والجماعية.الإسراف مخالف لما شرعه القرآن وهو يتناقض مع مقصد التشريع.النصائح والضوابط المقترحة:ينبغي ألا يجرى المسلمين وراء المظاهر ويتنافسون بينهم فيمن عنده أغلى جهاز.
فلو اكتفى الفرد بالجهاز ذو السعر المعقول والذي تتوفر فيه الخصائص التي يحتاجها ثم يتصدق ببقية المال لنفعه ذلك أكثر في الآخرة وقضى حاجته.وليحذر من يبالغون في شراء الأجهزة باهظة الثمن أن هناك من يتمنى فعل ذلك وليس لديه المال الكافي.
فربما جلب له ذلك العين بقصد أو بغير قصد من المحروم كما أنه قد يجر عليه الحسد من ذوي القلوب المريضة.
والحسد صفة لا يخلو منها مجتمع؛ ولذا تعوذ منه النبي صلى الله عليه وسلم وأمرنا بالتعوذ منه كل يوم في قراءة سورة الفلق يوميا مع أذكار الصباح والمساء كما في قوله تعالى: {(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)} [9]
 
 
  [1] سورة الأعراف، آية ٣١.[2] سورة الأسراء، آية ٢٦-٢٧.[3] أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة والنهي عن منع وهات وهو الامتناع من أداء حق لزمه أو طلب ما لا يستحقه، جزء ٥، صفحة ١٣٠، حديث رقم ١٧١٥.[4] أخرجه الترمذي (٢٤١٧) واللفظ له، والدارمي (٥٣٧)، وأبو يعلى (٧٤٣٤) باختلاف يسير، وأخرجه الألباني في صحيح الترغيب (٣٥٩٢) عن أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد وقال حسن صحيح.[5] سورة آل عمران ، آية ١٤٠.[6] ابن القيم ، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (٦٩١ - ٧٥١ هـ)، بدائع الفوائد، دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)، حققه علي بن محمّد العمران، الطبعة الخامسة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م، باب حكم ومواعظ، جزء ٣، صفحة ١٢٢٤.
[7] سورة إبراهيم، آية ٤٢.
[8] أخرجه طارق بن شهاب في الصحيح المسند (١٥٠٥) وصححه.[9] سورة الفلق، آية ٤-٥.

شارك الخبر

المرئيات-١