أرشيف المقالات

اجتماعية..

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
اجتماعية..
 

قال لي ذات ليلة ونحن نهمُّ بركوب القطار:
• أعلم حاجة البشَر للتعارف والاجتماع، ولا إخال مَن لا يرغب في الاجتماع مع أحد من البشر أنَّه من البشر العاديِّين...
وعلى ذلك وددتُ لو أنِّي أحمل بطاقة تَعريف تفصح عن كثير من أسئلتهم التي تحملها أعينُهم تجاهي.
فلحظات اللقاء في الأماكن العامَّة سريعة غالبًا...
ففي بطاقة التعريف إشباع لرغباتهم في المعرفة...
 
فجال في خاطري وهو يتحدَّث جزءٌ من افتراضية التعريف الذي يرغب فيه...
واسترسلت أقول:
• يا سائلًا عن ذاك الإنسان.
• إنَّه مجرد إنسان، له بالليل أوزار وبالنهار أوزار، وربه ستير رحمن، يرزقه بكثير من النِّعم، ويدرأ عنه كثيرًا من الأسقام.
• هو مجرَّد إنسان، يعجبه جمالُ الفكر والأحلام، ويستمتع بجمال الخِلقة والأخلاق...
 
• هو مجرد إنسان يعشق النَّفائس من الأشياء، ويتنازل عنها في أحيانٍ؛ تَضحية من أجل بعض الأنام، ليتلمَّظ نشوةَ البذل والعطاء.
ويجد ثمرتها عند العثرات.
 
• هو مجرَّد إنسان يريد أن يكون أفضل ممَّا كان، وليس له إلَّا نهوض بعد كبوات، ومستمر في ذلك - بإذن ربِّه - حتى النهايات.
• هو مجرَّد إنسان يُعجبه الفأل، ولكنه في أحيان يصارع اليأسَ والأحزان..
 
• هو مجرد إنسان لا يَستفيق من الأحلام، ويراها أجمل واقع يتحقَّق مع الأيام؛ فلذا تجده دائمًا السهوان، ومشغولًا بِعَدِّ الأعوام..
 
• هو مجرَّد إنسان، كان يحلُمُ بزمان تتوق له الفتيان، فصارعَته دونه الأيام - بقدرة وحكمة العزيز الرحمن - فتجلَّد لذلك وأقام - بمنَّة الكريم المنَّان - ليأخذ منها العِبر والآلام...
 
• هو مجرَّد إنسان، كان له زمان أصبح مع الأيام تراثًا يراه كالأطلال، غير أنَّه ماضٍ في درب الأزمان حتى نهاية الأحلام.
 
ذاك مجرَّد إنسان، استفاق على البكاء، فنهرته الأنام، وأنَّبَته على البوح بالآلام، فتلك عادة النسوان - بزعمهم - وليس لها عند الرجال مكان..
فتجلَّد لذلك وأطاع ليكبر عبر الأزمان، كارهًا للبكاء، تاركًا للشكوى من الأنام، فعادَته الدُّموع على ما كان، فصارت تَسقط منه على الأحشاء (وما أصعب البكاء بلا أدمع!)، واستعصَت عليه مع الأزمان، فورَّثته الأحزان، غير أنَّها ليست عنده محطَّ اهتمام...
وما زالت به تَسقط عند المواقف والأحزان، وقد تُهرمه قبل الأقران..
 
هو مجرَّد إنسان تولَّع بالنحل؛ لِما له من جدٍّ ونظام، ونفعٍ للأنام.
وتمنَّى فعلها ليترك أثرًا عبر الأزمان؛ فتارة يَجنح عن المقصود، وتارة يعود.
ذاك مجرد إنسان مضى يَطلب بعضَ مكارم الأخلاق؛ لتُجلي عنه كثيرًا من مساوئ الأخلاق.
 
ذاك مجرَّد إنسان، ينام على الأحلام، ويستيقظ على السهو.
دالهٌ والهٌ يريد محبة العزيز الرحمن، ويبحث عن إنسان، له شيء من فضائل وإحسان.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن