أرشيف المقالات

التقليد في الأفعال

مدة قراءة المادة : 46 دقائق .
2التقليد في الأفعال
الأفعال: جمع فعل، وهو أصل يدل على إحداث شيءٍ مِن عمل وغيره، يقال: فعلت كذا، إذا أحدثت عملًا[1]. والمراد بالأفعال هنا: أعمال المجتهد، عدا الأقوال.   وصورة المسألة: إذا أحدث المجتهد عملًا معينًا؛ كأن يبيع أو يشتري بعد النداء الأول يوم الجمعة، أو نحو ذلك، ولم يتوافق مع فعله هذا قولٌ له، فهل يُعَدُّ فعله المجرد رأيًا له يمكن أن يقلد فيه؟!   وقبل أن نبين رأي الشَّاطبي في المسألة ينبغي أن نقول: إن الأقوال غير مندرجة في ذلك، سواء كانت مجردة عن الفعل، أو موافقة له، وقد درج الأصوليون القائلون بالتقليد على أن التقليد يحصل بالأقوال[2]. وفيما يلي نذكر رأي الشَّاطبي في المسألة، وموقف الأصوليين منه.   رأي الشَّاطبي: العالم والمفتي والحاكم كل منتصب للاقتداء؛ فأفعالهم هل هي كأقوالهم؟ هذا موضع محتمل، كما ذكر الشَّاطبي[3]، وتوضيح ذلك لا بد فيه من بيان أن الفتوى والعلم الحاصل من المجتهد يحصل من إحدى ثلاث جهات: الجهة الأولى: القول، وتقليد العالم في أقواله أمرٌ معروف مشهور. الجهة الثانية: الفعل. الجهة الثالثة: التقرير.   وقد قسم الشَّاطبي ما يصدُرُ عن المجتهد من طريق الفعل إلى قسمين: القسم الأول: ما يقصد به الإفهام في معهود الاستعمال؛ أي: في العُرف العام. والقسم الثاني: ما يقتضيه كونه أسوة يقتدى به، وعالمًا يهتدى به.   أما القسم الأول: وهو ما يُقصَد به الإفهام في معهود الاستعمال؛ أي: في العُرف العام، ففِعله حينئذ قائم مقام القول الصريح، وذلك مثل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الشهرُ هكذا وهكذا))، وبيَّن ذلك بفِعل يده[4]. وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم في حجته: (ذبحت قبل أن أرمي؟)، فأومأ بيده، وقال: ((لا حرجَ))[5].   وقال: ((يُقبَض العلم، ويظهَر الجهلُ والفتن، ويكثُرُ الهَرْجُ))، قيل: (يا رسول الله، وما الهَرْجُ؟)، فقال هكذا بيده فحرفها، كأنه يريد القتلَ[6].   وأتَتْ أسماءُ بنت أبي بكر أختها عائشة، والناس قيام يصلون الكسوف، فقالت: (ما للناس؟)، فأشارت عائشة بيدها إلى السماء، وقالت: (سبحان الله!)، فقالت أسماء: (آية؟)، فأشارت عائشة؛ أي: نعم[7]، وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أوقات الصلوات؟ فقال للسائل: ((صَلِّ معنا هذينِ اليومين))، ثم صلى، ثم قال له: ((الوقتُ ما بين هذينِ))[8]. إلى غيرِ ذلك من الأحاديث التي فيها بيانُ أن الفعلَ الموضح للقول قائمٌ مقامَ القول[9].   وما مثَّل به الشَّاطبي على هذا القسم كله فعلٌ عَرِيَ من القول المصرح به، فكان الفعل في محل القول الصريح؛ لأنه جاء بيانًا له، إلا أن مثاله الأخير محل نظر، وقد ناقشه دراز، فقال: "لو اكتفى صلى الله عليه وسلم بصلاته معهم هذين اليومين، وفهم الصحابي منها الغرض، لكان مما نحن فيه، أما وقد قال له: (الوقت ...
إلخ)
، والإفتاء حصل بهذا القول، لا بمجرد الفعل الذي إنما حصل مساعدًا على إيجاز الإفتاء القولي، نعم، له دَخْلٌ في قوة البيان، ولكن الفتوى قولية، انبنى على الفعل وضوحُها وإيجازها، وقد يقال: إنها مركَّبة من الفعل والقول"[10]. وهذه المناقشة مناقشة وجيهة، غير أن بقية الأمثلة منطبقة على ما ذكر الشَّاطبي.   والشَّاطبي إنما ساق هذه الأمثلة، وهي من السنَّة؛ لأنه قد قرر قبل ذلك قاعدة مهمة، وهي أن العالم والمفتي قائمٌ مقامَ النبي صلى الله عليه وسلم في البيان، وعلى هذا فأقواله مبيِّنة لأفعاله، فما يصدر عن المجتهد من طريق الفعل، وقصد به الإفهام في عرف السامع والمتكلم، ففعله حينئذ بيان كالقول[11].   والقسم الثاني: ما يقتضيه كونه أسوة يقتدى به، وعالمًا يهتدى به.   والشَّاطبي في هذه الحالة يرى أن العالم أهلٌ للاقتداء، ومحل للتقليد؛ ولذا يقول: "لأن العالم المنتصب مفتيًا للناس بعمله كما هو مفتٍ بقوله"[12]، ويبين الشَّاطبي أن أصلَ ذلك الكتابُ والسنَّة؛ كقوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ ﴾ [الأحزاب: 37]، وقد قال قبل ذلك: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].   وقال في إبراهيم: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الممتحنة: 4]، والتأسِّي كما عرَّف الشَّاطبي: إيقاع الفعل على الوجه الذي فعله[13]، فالشارع طلَب منا أن نتأسى بنبيِّ الله إبراهيم، وشرعُ مَن قبلنا شرعٌ لنا، لا سيما وقد أقرَّه شرعنا.   وقال صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: ((ألا أخبرتيه أني أقبِّلُ وأنا صائم))[14]، وفي الحديث: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلي))[15]، وفيه: ((خذوا عني مناسككم))[16]، واقتداء ابن عمر بأفعاله شهيرٌ[17].
قال الشَّاطبي: "ولذلك جعل الأصوليون أفعاله في بيان الأحكام كأقواله"[18]، ثم قال: "وإذا كان كذلك، وثبت للمفتي أنه قائم مقام النبي، ونائب منابه - لزم مِن ذلك أن أفعالَه محل للاقتداء أيضًا، فما قصد بها البيان والإعلام فظاهر، وما لم يقصد به ذلك، فالحكمُ فيه كذلك ..."[19].   ويبين الشَّاطبي متى يكون فعل العالم محلًّا للاقتداء، فيقول: "فحق على المفتي أن ينتصب للفتوى بفعله وقوله، بمعنى أنه لا بد له من المحافظة على أفعاله؛ حتى تجريَ على قانون الشرع؛ ليتخذ فيها أسوة"[20].   فإذًا أفعال المجتهد ليست دائمًا محل اقتداء، وإنما تكون محل اقتداء؛ شرط أن تكون على وفق الشرع؛ ولذلك قال الشَّاطبي: "بل نقول: إذا وقف المقتدى به وقفة، أو تناول ثوبه على وجه، أو قبض على لحيته في وقت ما، أو ما أشبه ذلك، فأخذ هذا المقتدي يفعل مثل فعله، بناءً على أنه قصد به العبادة، مع احتمال أن يفعل ذلك لمعنى دنيوي، أو غافلًا - كان هذا المقتدي معدودًا من الحمقى والمغفَّلين"[21].   وعلى هذا، فالذي يبدو لي أن هذا القسم راجع إلى القسم الأول في الجملة؛ لكونه بيانًا لأحكام الشرع؛ فأفعال المجتهد تكون بيانًا للشرع بأي وجه كان، وعليه فأفعال المجتهد المجردة ليست محلًّا للاقتداء، إنما تكون محلًّا إذا جرت مجرى البيان لأحكام الشرع في الجملة، وحينئذ فما الفرق بين القسمين؟!   الذي يظهر لي أن الفرق هو أن الأول فِعلٌ جاء بعد القول المجمل بيانًا له، أما الثاني فهو فعلٌ منقطع عن القول، جاء بيانًا مبتدأ، لا لنص سابق خاص.   ويشير إلى هذا قول الشَّاطبي: "ولا خلاف في وجوب البيان على العلماء، والبيان يشمل البيان الابتدائي، والبيان للنصوص الواردة والتكاليف المتوجهة؛ فثبت أن العالم يلزمه البيان من حيث هو عالم"[22]، وقال: "إذا كان البيان يتأتى بالقول والفعل، فلا بد أن يحصل ذلك بالنسبة إلى العالم، كما حصل بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان السلف الصالح ممن صار قدوة في الناس"[23].   أما الإقرار: فهو راجع في أصله إلى الفعل؛ لأنه في حقيقته كفٌّ، والكف فعل، وكف العالم عن الإنكار إذا رأى فعلًا من الأفعال كالتصريح بجواز الفعل[24]، والأصوليُّون قد أثبتوا ذلك دليلًا شرعيًا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم[25].   قال الشَّاطبي: "فكذلك يكون بالنسبة إلى المنتصب للفتوى"[26]، وقال: "ومِن هنا ثابر السلف على القيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يبالوا في ذلك بما ينشأ عنه مِن عَوْدِ المضرَّات عليهم بالقتل فما دونه، ومَن أخذ بالرخصة في ترك الإنكار فرَّ بدِينه واستخفى بنفسه، ما لم يكن ذلك سببًا للإخلال بما هو أعظم من ترك الإنكار؛ فإن ارتكابَ خيرِ الشَّرينِ أَوْلى مِن ارتكاب شرِّهما"[27].   وعلى كل حال، فالكلام في الإقرار كالكلام في الأفعال، وبهذا يتبين أن الشَّاطبي يرى أن أفعال المجتهد وتقريراته محل اقتداء بشرطه المبين سابقًا.   وقد نقَل الشَّاطبي ذلك عن مالكٍ؛ لأنه قال في إفراد يوم الجمعة بالصوم[28]: "إنه جائز"، واستدل بأنه رأى بعض أهل العلم يصومه، بل ويتحراه[29].   فمالك قد استند إلى فعلِ عالمٍ أهلٍ للاقتداء، واعتقد بأنه لم يسمع أحدًا من أهل العلم ممن يقتدى به ينهى عن صيامه.   قال الشَّاطبي: "فقد يلوح من هنا أن مالكًا يعتمد هذا العمل الذي يفهم من صاحبه القصد إليه إذا كان من أهل العلم والدين، وغلب على الظن أنه لا يفعله مهملًا، ولا سهوًا، ولا غفلة؛ فإن كونَه من أهل العلم المقتدى بهم يقتضي عَمَلَه به، وتحرِّيه إياه دليلٌ على عدم السهو والغفلة"، ثم قال: "وعلى هذا يجري ما اعتمد عليه من أفعال السلف إذا تأملتها وجدتها قد انضمت إليها قرائنُ عيَّنَتْ قصدَ المقتدَى به وجِهةَ فعله؛ فصحَّ الاقتداء"[30].   والشَّاطبي هنا يضيف لنا شرطًا آخر للاقتداء بالعالم، وهو أن يتيقن أو يترجح في ذهن المقلد بَعد النظر في القرائن قصدُ العالم لعمله، فلا يكون في عمله ساهيًا أو غافلًا، وإنما إذا نظرنا في القرائن مع كونه أهلًا للاقتداء تبيَّنَ لنا أن فعله هذا بيان لحكم شرعي، أما إن لم يتعين فعل المقتدى به لقصد دنيوي ولا أخروي، ولا دلت عليه قرينة فهو محتمل، ولكن الذي صححه الشَّاطبي عدمُ الاقتداء به فيه.   قال الشَّاطبي: "أما ها هنا، فلما فُقدت - يعني القرائنَ - قَوِيَ احتمال الخطأ والغفلةِ وغيرهما، هذا مع اقتران الاحتياط على الدِّين؛ فالصوابُ - والحالة هذه - منعُ الاقتداء إلا بعد الاستبراء بالسؤال عن حُكم النازلة المقلَّد فيها، ويتمكن قول من قال: "لا تنظر إلى عملِ الفقيه، ولكن سَلْهُ يصدُقْكَ"[31]، ونحوه"[32].   وبما سبق يتبين أن الشَّاطبي قد قيَّد التقليد في الأفعال بشروط لا بد من حصولها، ولم يطلق الأمر؛ لأنه لم يُغفِلْ أن العالم - وإن كان يقوم مقامَ النبي صلى الله عليه وسلم في وظيفة البلاغ - فإنه عُرضةٌ للخطأ والنسيان، بل عُرضة للوقوع في المعصية ونحو ذلك؛ ولهذا كان لا بد من تقييد الأمر بشروط معينة، إذا تحققت كان الفعل أهلًا للاقتداء، وهي: أولًا: أن يكون الفعل من عالم يقتدى به، وقدوة يهتدى به، قال الشَّاطبي: "ما يقتضيه كونه أسوة يقتدى به"[33]، وقال عنه: "إنه وارث"[34]، وقال: "وهكذا كان السلف الصالح ممن صار قدوةً في الناس"[35]، وهذانِ الوصفانِ ليسا فارغينِ من المعنى، بل هما يحملان كل المعنى؛ فالعالم الأهل للاقتداء الوارث ميراث النبوة، هو الذي يكون فعلُه تبعًا لقوله وعلمه، فهو إذًا المتبع لأحكام الشرع، وهو المؤتمر بأمر الله، المنتهي عن مناهي الله.   ولم يقِفِ الأمر عند هذا الحد فحسب، بل إن الشَّاطبي احتاط للأمر احتياطًا بالغًا، ويظهر ذلك من كونه ألزم هذا العالم المنتصب بأن يجري الأحكام في تصرفاته على موضوعاتها؛ في أنفسها، وفي لواحقها، وسوابقها، وقرائنها، وسائر ما يتعلق بها شرعًا؛ حتى يكون مبينًا للدِّين بحق، ولا يندرج ضمن مَن قال الله عنه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ﴾ [البقرة: 159][36] الآيةَ.   ويعني الشَّاطبي بذلك أن على المنتصب للناس أن يكون متحرزًا بفعله، محتاطًا في تصرفاته، متفقدًا لجميع أعماله[37]؛ ذلك أن أعماله - كما يرى الشَّاطبي - ليست كأعمال بقية المكلفين تنقسم إلى الأحكام التكليفية الخمسة، بل الأفعال والأقوال في حقه تنقسم إلى قسمين لا ثالث لهما، وهما الوجوب والحرمة؛ قال الشَّاطبي: "من حيث صار فعلُه وقوله وأحواله بيانًا وتقريرًا لِمَا شرَع الله - عز وجل - إذا انتصب في هذا المقام؛ فالأقوال كلها والأفعال في حقه إما واجب وإما محرَّم، لا ثالث لهما؛ لأنه مِن هذه الجهة مُبين، والبيان واجب لا غير، فإذا كان مما يفعل أو يقال، كان واجبَ الفعل على الجملة، وإن كان مما لا يفعل، فواجبُ الترك"[38]. ويلحظ مما سبق أن من يقلد في أفعاله ينبغي عليه ما لا ينبغي على غيره ممن ليس أهلًا لذلك، ولو كان ممن حصَّل الاجتهاد.   ثانيًا: أن يكون في فعله موافقًا للشرع؛ لأن العالم حاكم بمقتضى الشرع، فمتى ما كانت أفعاله جارية على قانون الشرع، كان مقبولَ القول[39]، قال الشَّاطبي: "إنما الحجة في المقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم"[40]، وهذا يشمَلُ القولَ والفعل.   ثالثًا: أن يتضح قصدُ العالم، أو يتبين من خلال القرائن المصاحبة لعمله، أو يغلِب على الظن قصدُه لذلك الفعل، وأنه لم يفعل هذا الفعل مجردًا، وإنما فعله اتباعًا؛ ولذلك استثنى الشَّاطبي أفعاله المجردة عن وضع الاقتداء، كما سبق نقله عنه، كما أنه استثنى أفعاله التي لا يظهر فيها قصده، أو لا يغلِبُ على الظن فيها اتباعُه؛ فهذه الأفعال أيضًا ليست محلًّا للاقتداء.   وعلى هذا، فليس لائقًا أن يُنقَل هذا الرأي عن الشَّاطبي مجردًا عن فهم شروطه التي قيَّد بها الفعل حتى يكون موضعًا للاقتداء، وبذلك يكون الشَّاطبي قد وضع العالم في موضعه اللائق به، ولم يساوِه بالنبي صلى الله عليه وسلم من كل وجه، وليس أيضًا كبقية الناس من كل وجه، وهذا - في نظره - ما تقتضيه رتبة الوراثة؛ فالعالم وارثُ النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يرِثْ عنه كل شيء، إنما ورِث عنه ما تقتضيه مرتبته من الشرع.   أما الأصوليون: فلم يُفرِدْ كثيرٌ منهم هذا المبحث بالبحث، ومن تعرَّض منهم لذكر التقليد في الأفعال، فإنه لم يفصِّلْ كهذا التفصيل الذي به فصَّل الشَّاطبي.   وما قرَّر الشَّاطبي من أن الفعل المقصود به الإفهام ملحق بالقول الصريح: يفيده قول الأصوليين: إن مذهب الشخص هو قوله الصريح، وما قام مقامه من تنبيه وغيره مما لم يقله[41]، فإنه يُفهَم من هذا أن هذا النوع من الفعل الذي قصد به الإفهام ملحَقٌ بالقول؛ لأنه قائم مقامه.   وما قرره الشَّاطبي مِن أن فعل المجتهد - ما لم يكن المقصودُ به الإفهامَ - يُعَدُّ مذهبًا له يمكن تقليده فيه: يندرج في أحد تعريفَيِ الجُرجاني[42] من الحنفية، واختاره الشنقيطي العلوي[43]، وتبعه الشنقيطي الأمين[44]، وهو وجه عند الشافعية[45] اختاره بعضهم؛ كالجويني[46]، وابن السبكي[47]، والزركشي[48]، والأنصاري[49]، وهو وجه عند الحنابلة[50]، اختاره أكثرهم[51]، وقال ابن حامد: "هذا قول عامة أصحابنا"[52]، ومال إلى هذا القول ابن تيمية فيمن يغلِب عليه التقوى والورع من العلماء[53].   وقال الجويني في تعليقه على تعريف التقليد: "فيندرج تحت هذا الحد الأفعال والأقوال، وقد خصص معظم المحققين كلامَهم بالقول، ولا معنى للاختصاص به؛ فإن الاتباعَ في الأفعال المبيَّنة كالاتباع في الأقوال[54].   وقال ابن السبكي: "فقولنا نحن: أخذ المذهب من غير معرفة دليله كلام صحيح"، ثم قال: "والمذهب يعم التركَ والفعل؛ فليس من شرط المذهب أن يكون قولًا"[55].   وقال الزركشي في تعقيبه على قول الجويني السابق: "لأن القول يطلق على الرأي والاعتقاد إطلاقًا وتعارفًا، وساغ ذلك حتى صار كأنه حقيقة عُرفية، وحينئذ فلا فرق بين القول والمذهب"، وقال أيضًا: "والمذهب يعُمُّ القول والفعل"[56].   وخالَفه في ذلك مَن لا يرى أن الفعل يعد مذهبًا له، وعليه فلا يقلد فيه: اختاره الحطاب[57] من المالكية، وهو وجه عند الشافعية[58]، واختاره المحلي[59]، والمارديني[60]، والشربيني[61]، وغيرهم[62]، وهو وجه عند الحنابلة[63]. قال المحلي: "فخرج أخذُ غير القول من الفعل والتقرير عليه، فليس بتقليد"[64].   وقال الحطاب عن المجتهد: "إنما يقلده في الفتوى، ولا يقلده في الأفعال، فلو رأى الجاهلُ العالمَ يفعل فعلًا، لم يجُزْ له تقليده فيه"[65].   أما عامة الأصوليين، فإنهم اكتفوا بإطلاق القول دون إشارة إلى الفعل، ولو أخذنا بقول الزركشي لكان عامة الأصوليين يوافقون الشَّاطبي في حكم التقليد في الأفعال، ولكن لما احتمل مخالفة هذه الحقيقة العرفية - حسب تسمية الزركشي - لا سيما إذا ضُمَّ إلى مخالفة المحلي ومَن وافقه نقلُ الجويني عن المحققين، فإنه لا يمكن القطع لهم برأي حينئذ.   أما الإقرار، فهو مندرج في الفعل؛ فالخلاف في الفعل ينسحب عليه أيضًا، وقال ابن حامد: "باب البيان عن مذهبه لما سكت عند المعارضة، ولم ينكره عند المباحثة"[66]، وقوله هذا يشير إلى موافقته للشاطبي، وإن كان التبويب أخصَّ من التقرير.   وصرَّح الشربيني بمخالفة ذلك، فقال: "أما الفعل والتقرير، فلا يظهر جواز العمل بمجردهما من المجتهد؛ لجواز سهوِه وغفلته"، وقال: "فإن قلت: قد يقترن التقرير بما يدل على عدم الغفلة والرضا بالفعل، قلت: يحتمل أنه رضيه لكونه مذهبَ غيره، وشرط الإنكار أن يكون منكرًا عند الفاعل، ولعله قلد الغير"[67].   أدلة الشَّاطبي ومن وافقه: استدل الشَّاطبي على صحة الاقتداء والتقليد في الأفعال بثلاثة أدلة: الدليل الأول: أنه إذا تقرر أن النبي صلى الله عليه وسلم محل للاقتداء بفعله وقوله وتقريره، فكذلك العالم؛ لأنه وارث له، ولولا ذلك لم يكن وارثًا على الحقيقة؛ ولذا فلا بد من كون العالم منتصبًا للاقتداء بأفعاله وأقواله وتقريراته[68].   مناقشته: وقد ذكر الشَّاطبي مناقشة على ما قرر، وصورتها: أن قياس العالم على النبي وإلحاقه به قياس وإلحاق مع الفارق؛ إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم مِن صفته العصمة، فكان فعله محلًّا للاقتداء بلا ريب، بخلاف العالم؛ فإنه عُرضةٌ للخطأ والنسيان، بل والمعصية والكفر، فضلًا عن غيرهما، فكيف يوثق بأفعاله حينئذ؟!   جوابه: وقد أجاب الشَّاطبي عن ذلك: بأنه إن صح هذا الاحتمال قادحًا في الاقتداء بأفعاله، فهو متوجه أيضًا على أقواله؛ إذ يمكن فيها الخطأ والنسيان، بل والكذب عمدًا أو سهوًا؛ فهو ليس بمعصوم، فإذا اعتبر ذلك في الأفعال، فليعتبر في الأقوال، وإذا لم يعتبر في الأقوال، فلا يعتبر في الأفعال[69].   مناقشة الجواب: نوقش: بأن الفرق واضح بين الأقوال والأفعال بالوجدان والمشاهدة؛ فكثير من المنتصبين يَزِنُون الفتوى القولية وزنًا تامًّا، مع أن أفعالهم يكون فيها الكثير من مخالفة ما يفتون به ترخيصًا لأنفسهم، لا سيما في باب المكارم والمطلوبات على غير الوجوب، والمنهيات على غير الحرمة[70]، ثم إن احتمال الخطأ في الفعل أكثر منه في القول؛ لأنه قد ينساق إليه بطبعه وعادته دون فكر، أو يتنبه إلى جوازه وعدمه[71].   جواب المناقشة: يمكن الجواب عن هذا بأن ما ذكر الشَّاطبي محله تقرير الأصل، والمناقشة واردة على التطبيق، وضعف التطبيق لا يكون قادحًا في صحة الأصل؛ ففرق ما بين الأمرين، ثم إن الاقتداء الذي أراده الشَّاطبي إنما هو في الفعل الذي انتصب به المفتي ليقتدي به الناس فيه؛ ولذلك حرَص الشَّاطبي على تذكير المفتي بأن يخفي ما لعله أن يقتدى به فيه، وليس مناسبًا أن يقتدى به فيه[72].   الدليل الثاني: أن التأسي بالأفعال بالنسبة إلى مَن يعظَّم مِن الناس سر مبثوث في طباع الناس وعاداتهم، لا يمكن الانفكاك عنه مطلقًا، لا سيما عند الاعتياد والتكرار، وإذا صادف محبة وميلًا إلى المتأسى به، ولو فقد هذا عند بعض الناس، فإنما هو لتأسيه بآخر، وليس لترك ذات التأسي[73].   الدليل الثالث: أن غلبة الظن معمول بها في الأحكام، وإذا تعين بالقرائن قصدُ العالم إلى الفعل أو الترك، وهو ممن يقتدى بقوله، فإنه يغلِب على الظن صدقُ فعله، فيكون فعله محلًّا للاقتداء كقولِه[74].   أدلة مَن لا يرى التقليد في الأفعال من منظور الشَّاطبي: ذكَر الشَّاطبي أنه يمكن لمن يمنع التقليد بالأفعال أن يستدل بما يلي: الدليل الأول: أن المجتهد إذا لم يكن معصومًا - وهو كذلك - تطرق إلى أفعاله الخطأ والنسيان والمعصية قصدًا، وإذا لم يتعين ويتضح وجهُ ما فعل، لم يصحَّ الاقتداء به فيما فعل، لا في العبادات ولا في العادات[75].   جوابه: وأجيب عنه بجوابين: الجواب الأول: أن ما ذكر من توجُّه الخطأ والغفلة والنسيان متوجِّه على قوله أيضًا، فلا فرق، فإذا اعتبر في الأفعال، فليعتبر في الأقوال أيضًا[76].   الجواب الثاني: أننا اشترطنا اتضاح القصد، أو القرائن الموضحة للقصد في غالب الظن، وغلبة الظن معمول بها في الأحكام الشرعية[77].   الدليل الثاني: أن الله تعالى قد ذمَّ مَن قال: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ﴾ [الزخرف: 22]، وهم إنما اقتَدَوْا بهم في أفعالهم، والاقتداء بالعالم في فِعله مثلُه؛ إذ لا فرق[78].   الدليل الثالث: أنه قد جاء في السنَّة أن المرتاب إذا سُئِل في القبر قال: ((سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلتُه))[79]. وهذا فيه ذمُّ عمله، وهو إنما اتبع الناس في أفعالهم، ولما أن كانت أفعال المجتهد كأفعالهم عُرضةً للخطأ والنسيان، بل والمعصية قصدًا، لم يكن ثَمَّ فرق بينهما[80].   جوابهما: ويمكن الجواب عن الدليلين السابقين بأن اتباع الآباء والناس فيما يفعلونه اتباع لِمَن ليس أهلًا للاقتداء، ألا ترى أن العامي لو اجتهد فأخطأ أَثِمَ، والعالم إذا اجتهد فأخطأ لا يأثم، فكيف يقال بعدم الفرق بينهما حينئذ؟!   الدليل الرابع: أنه قد ورد عن السلف ذمُّ متبعِ الأفعال، ومن ذلك قول بعض السلف: "أضعفُ العلم الرؤية، يعني أن يقول: رأيت فلانًا يعمل كذا، ولعله فعله ساهيًا"[81]، وقال إياس بن معاوية: "لا تنظُرْ إلى عمل الفقيه، ولكن سَلْهُ يصدُقْكَ"[82]، إلى غير ذلك من الأقوال[83].   جوابه: أن ما ذُكِر عن السلف محمولٌ على ما إذا لم يتضح القصد، أو لم توجد قرائن توضحه، ويشير إلى هذا قول الشَّاطبي فيما إذا فقدت القرائن ولم يتضح القصد: "فالصواب - والحالة هذه - منعُ الاقتداء، إلا بعد الاستبراء بالسؤال عن حكم النازلة المقتدى فيها، ويتمكَّن قول مَن قال: "لا تنظر إلى عمل الفقيه، ولكن سَلْه يصدُقْك"، ونحوه"[84].


[1] انظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 511) مادة: "فعل". [2] انظر: المراجع السابقة (ص 695) في تعريف التقليد عند الأصوليين. [3] انظر: الموافقات (5/ 314). [4] رواه البخاري في صحيحه كتاب الطلاق باب اللعان (6/ 217/ 5302) ومسلم في صحيحه كتاب الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يومًا (7/ 168/ 1080/ رقم خاص 15) عن ابن عمر رضي الله عنهما. [5] رواه البخاري في صحيحه كتاب العلم باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (1/ 34/ 84) ومسلم في صحيحه - دون الشاهد وهو الإيماء - كتاب الحج باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي (9/ 49/ 1307) عن ابن عباس رضي الله عنهما. [6] رواه البخاري في صحيحه كتاب العلم باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (1/ 34/ 85) عن أبي هريرة رضي الله عنه. [7] رواه البخاري في صحيحه كتاب العلم باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (1/ 34/ 86) ومسلم في صحيحه كتاب الكسوف باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف مِن أمر الجنة والنار (6/ 186/ 905) عن أسماء رضي الله عنها. [8] سبق تخريجه (ص 408). [9] انظر: الموافقات (5/ 258 - 260). [10] حاشية دراز على الموافقات (5/ 259 - 260). [11] انظر: الموافقات (4/ 76 - 77، 5/ 235، 262) الاعتصام (2/ 345). [12] الاعتصام (2/ 344). [13] انظر لتعريفه: بذل النظر (501) مختصر المنتهى مع بيان المختصر (1/ 490) نهاية الوصول لابن الساعاتي (1/ 258) أصول ابن مفلح (ط: العبيكان 1/ 335) رفع الحاجب (2/ 114). [14] رواه مالك في الموطأ كتاب الصيام باب ما جاء في الرخصة في القُبلة للصائم (1/ 291) وعنه الشافعي في الرسالة (404/ 1109) عن عطاء بن يسار مرسلًا بلفظ: ((ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك))، ووصله عبدالرزاق، وأحمد بدون الشاهد عن رجل من الأنصار، وهو الذي وقعت له القصة، وسيأتي تخريجه (ص 785) بلفظ الأثر: (الله يحل لرسوله ما يشاء)، وجاء في صحيح مسلم كتاب الصيام باب بيان أن القُبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته (7/ 190/ 1108) عن عمر بن أبي سلمة: أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيقبِّل الصائم؟)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سَلْ هذه)) لأم سلَمةَ، فأخبرته ...
الحديث. [15] رواه البخاري في صحيحه كتاب الأذان باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع (1/ 175/ 631) عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه. [16] بهذا اللفظ المشهور رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الحج باب الإيضاح في وادي محسر (5/ 125) عن جابر رضي الله عنه، وأصله عند مسلم في صحيحه كتاب الحج باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، وبيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتأخذوا مناسكَكم)) (9/ 38/ 1297) بلفظ: ((لتأخذوا مناسكَكم ...)). [17] انظر: الموافقات (5/ 260 - 261). [18] انظر: الموافقات (5/ 261 - 262). [19] الموافقات (5/ 262). [20] الموافقات (5/ 265). [21] الموافقات (5/ 309). [22] الموافقات (4/ 78). [23] الموافقات (4/ 79). [24] انظر: الموافقات (5/ 265). [25] انظر: الواضح (ت: التركي 2/ 24) بذل النظر (513) الإحكام (1/ 188) مختصر المنتهى مع بيان المختصر (1/ 502) نهاية الوصول لابن الساعاتي (1/ 263) أصول ابن مفلح (ط: العبيكان 1/ 354) رفع الحاجب (4/ 124) تقريب الوصول (281) البحر المحيط (4/ 201). [26] الموافقات (5/ 265 - 266). [27] الموافقات (5/ 266). [28] وقد ورد النهي عن ذلك في أحاديث، منهما حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((لا يصُمْ أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده))؛ رواه البخاري في صحيحه كتاب الصوم باب صوم يوم الجمعة (2/ 303/ 1985) ومسلم في صحيحه كتاب الصيام باب كراهة صيام يوم الجمعة منفردًا (8/ 16/ 1144). [29] قال مالك كما في الموطأ (1/ 311): "لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه، ومن يقتدى به، ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه"، وذكر الداودي - وأقره المازري - أن مالكًا لم يبلغه حديث النهي، وذكر الباجي احتمالًا أن يكون الإمام قد فهم من الحديث النهي عن تحري يوم الجمعة؛ وذلك لأن ابن القاسم نقل عنه كراهة تحري يوم من الأيام بصيام، وبمثل هذا أجاب القاضي عياض، وأن قول مالك هذا يرجع إلى ما يعلم من مذهبه من كراهة تخصيص يوم بصوم، وذكر الأُبِّي أن أكثر الشيوخ ينقلون عن مالك الجواز؛ انظر: المعلم بفوائد مسلم (2/ 40) المنتقى (2/ 76) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 201) إكمال إكمال المعلم للأبي (3/ 257). [30] الموافقات (5/ 317). [31] رواه وكيع في أخبار القضاة (1/ 350) عن إياس بن معاوية. [32] الموافقات (5/ 318). [33] الموافقات (5/ 260). [34] الموافقات (5/ 262). [35] الموافقات (4/ 79). [36] انظر: الموافقات (4/ 125). [37] انظر: الموافقات (4/ 102 وما بعدها). [38] الموافقات (4/ 91 - 92). [39] انظر: الموافقات (5/ 265). [40] الاعتصام (1/ 253). [41] انظر: التبصرة (517) التمهيد (4/ 368) المسودة (524) أصول ابن مفلح (ط: العبيكان 4/ 1509) شرح الكوكب المنير (4/ 496). [42] انظر: التعريفات (90). [43] انظر: نشر البنود (2/ 330). [44] انظر: نثر الورود (2/ 642). [45] انظر: مجموع الفتاوى (19/ 153). [46] انظر: التلخيص (3/ 425). [47] انظر: جمع الجوامع مع تشنيف المسامع (4/ 600) الآيات البينات (4/ 359). [48] انظر: تشنيف المسامع (4/ 600 - 601). [49] انظر: غاية الوصول (150). [50] انظر: صفة الفتوى (103) مجموع الفتاوى (19/ 152) المسودة (532) أصول ابن مفلح (ط: العبيكان 4/ 1509) الإنصاف (12/ 254) شرح الكوكب المنير (4/ 496 - 497، 530). [51] انظر: تهذيب الأجوبة (45) صفة الفتوى (103). [52] تهذيب الأجوبة (45). [53] انظر: مجموع الفتاوى (19/ 152 - 153). [54] التلخيص (3/ 425). [55] نقله في الآيات البينات (4/ 359) وعزاه لمنع الموانع، ولم أرَه فيه. [56] تشنيف المسامع (4/ 600 - 601). [57] انظر: قرة العين (82). [58] انظر: مجموع الفتاوى (19/ 153). [59] انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني (2/ 605). [60] انظر: الأنجم الزاهرات (247). [61] انظر: تقريرات الشربيني على شرح المحلي وحاشية البناني (2/ 605). [62] انظر: حاشية النفحات على شرح الورقات (170). [63] انظر: تهذيب الأجوبة (45) صفة الفتوى (103) مجموع الفتاوى (19/ 152) المسودة (532) أصول ابن مفلح (ط: العبيكان 4/ 1509) الإنصاف (12/ 452) شرح الكوكب المنير (4/ 497). [64] شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني (2/ 605). [65] قرة العين (82). [66] تهذيب الأجوبة (51). [67] تقريرات الشربيني على شرح المحلي وحاشية البناني (2/ 605). [68] انظر: الموافقات (4/ 87، 5/ 262) الاعتصام (2/ 345) وانظر: تهذيب الأجوبة (45 - 46) صفة الفتوى (103). [69] انظر: الموافقات (4/ 88، 5/ 265). [70] انظر: حاشية دراز على الموافقات (5/ 265). [71] انظر: تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهد من الأقوال (36). [72] انظر: الموافقات (5/ 279). [73] انظر: الموافقات (4/ 85، 5/ 262)، وقد أطال الشاطبي في بيان أن ترك التأسي لا يكون إلا لتأسٍّ آخرَ، وأن ذلك ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في موضعين؛ الأول: حين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم للإيمان وتركِ الكفر وعبادة الأصنام، فتمسكوا بالتأسي بالآباء وتقليدهم، و﴿ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ [لقمان: 21]، ولأجل ذلك تركوا التأسي الحق، والثاني: حينما دخل الناس في الإسلام، وتبين لهم الحق، وسارعوا إلى التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكان ربما أمرهم بالأمر إلى ما فيه صلاحهم، فيتوجَّهون إلى فعله ترجيحًا له على قوله، فكان الصحابة يبحثون عن أفعاله - عليه الصلاة والسلام - كما يبحثون عن أقواله. [74] انظر: الموافقات (5/ 315 - 316) وانظر: مجموع الفتاوى (19/ 152). [75] انظر: الموافقات (5/ 265، 314 - 315) وانظر: مجموع الفتاوى (19/ 152) صفة الفتوى (104). [76] انظر: الموافقات (5/ 265). [77] انظر: الموافقات (5/ 315 - 316). [78] انظر: الموافقات (5/ 315). [79] هو جزء من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها في وصف صلاة الكسوف، وقد سبق تخريجه (ص741). [80] انظر: الموافقات (5/ 315). [81] ورد نحوه عن عطاء؛ رواه عنه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 33). [82] سبق تخريجه (ص 446). [83] انظر: الموافقات (5/ 315). [84] الموافقات (5/ 318).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١