أرشيف المقالات

شبهة فقدان أصل صحيح البخاري

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2كشف شبه المحرفين شبهة فقدان أصل صحيح البخاري
الحمد لله وليِّ المؤمنين، وداحض شُبَه المحرِّفين، بكتابه المبين، وسُنَّة نبيه الأمين، وجهاد علماء الدين الراسخين المتَّقين، والصلاة والسلام على نبيِّه الكريم، وعلى آله وصحبه وأتباعه أهل العلم والذكر والشأن العظيم، إلى يوم البعث والحق المبين، وبعد: فبعد وفاة سيدنا سليمان عليه السلام بدأت ظاهرةُ تحريفِ الكتب السماوية على يد الأحبار والسلاطين، الذين لا يوافقُ الحقُّ هواهم ومصلحتَهم الدنيوية، فنجَحوا في ذلك بإخفاء بعض الصُّحف واختلاق أخرى، وتأويل الباقي على غيرِ مراد الله تعالى؛ إذ قال سبحانه: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [المائدة: 15]، وقال أيضًا: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾ [النساء: 46].   وقد علم سبحانه وتعالى أنهم سيُحاوِلون تحريف القرآن، ويُنفِقون الغالي والنفيس لذلك؛ لكونهم مَرْضَى بمحاربةِ الله ورسله، فأبطَلَ سبحانه وتعالى تحريفَهم، وردَّ كيدَهم بقوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، فلما تيقَّن هؤلاءِ مِن استحالة تحريف القرآن، لم ييئَسوا مِن رَوح الشيطان، استقرَّ أمرُهم على الكيد لسُنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك بتمويل المستشرِقين ودعمِ المُحرِّفين الجُدُد، أدعياءِ العلم المنافقين، فبدؤوا ببدعة القرآنيِّين الذين يردُّون السُّنة جملةً وتفصيلًا، بدعوى أنَّ منها الصحيح والحسن والضعيف، والقرآن كلُّه متواترٌ، فيُستغنَى به عن السُّنة، وقد ردَّ سبحانه وتعالى هذه الشبهةَ وكشَفها على يد علماء السُّنة الكرام بالحجَّة والبرهان، فلما ماتَتْ هذه البدعة، جدَّدوا محاولةَ تحريف الإسلام بتشكيك المسلمين في صِدق عائشة وأبي هريرة الإمام، وصحيح البخاري وفي علماء الإسلام الأعلام.   لذلك استقر أمرُنا - بتوفيق الله تعالى وفضله - على كشف شُبَهِهم شبهةً شبهةً، بمنهج علميٍّ يُراعِي المنقول والمعقول، ويجيب الباحثَ عن الحق المسؤول، بالحجة والبرهان الذي يشفي القلب العَقول.   شبهة فقدان أصل صحيح البخاري: من الأكاذيب الكبرى المضحكة التي افتراها هؤلاء: ادِّعاؤهم أن صحيح البخاري مفقودُ الأصل، يريدون إقناعَ الناس أن الصحيحَ ليس من تصنيف البخاري، فمِن فتن آخر الزمان التي تجعل العاقلَ حيرانَ: أن يُفترَى مثلُ هذا البهتان، فيصيح به الصبيان، ضعفاءُ العلم والعقل والإيمان.   فصحيح البخاري رُوي بالتواترِ؛ رواه جمعٌ كثير عن جمعٍ كثير، يستحيل تواطؤهم على الكذب، يُعَدون بالألوف في جميع طبقات الإسناد إلى الإمام البخاري.   ومِن أشهر الرواة المباشرين عن الإمام البخاريِّ: الإمامُ الفَرَبْرِي، والإمام النَّسَفي، والإمام المَرْوَزي، والتواترُ يفيدُ القطع بالصحة، وعلماءُ الأمة مِن أبناء القرن الرابع والخامس والسادس والسابع...، يَرْوُون أحاديث البخاري في مصنفاتِهم بإسنادِهم إليه؛ كأبي محمد بن حزم، وأبي عمر الحافظ ابن عبدالبر، والحافظ ابن حجر، وأبي العباس بن تيمية، والحافظ ابن كثير.   وقد تناثَرتِ الأسانيد المتصلة إلى الإمام البخاريِّ في كل حدب وصوب؛ بحيث نجد حاليًّا مئات الألوف المُجازِينَ في صحيح البخاري مِن قارَّات الدنيا الخمس، فأين فقدان الأصل؟   فيتبين من هذا الردِّ كذبُ المُحرِّفين الجُدُد، وجهلُهم بصحيح البخاري، وأنهم أجبَنُ مِن أن يُواجِهوا العلماء الربَّانيِّين، وطلبةِ العلم الصادقين؛ إنما يستعرضون عضلاتهم على عامة المسلمين وعلى غير المتخصصين.   وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢