أرشيف المقالات

سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها (3)

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها (3)   التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل القرآن: يمكن بيان نماذج لأشهر المؤلفات المفردة في مشكل القرآن من خلال إعطاء نبذة عن كل كتاب باختصار، أما الكلام عن آحاد مسائل الآيات المتوهم إشكالها فلا يكاد يخلو منها كتاب من الكتب التي تُعنى بالاستدلال القرآني، وجملة كتب التفاسير والعقائد طافحة بمثل ذلك.   أولاً: كتاب الرد على الجهمية والزنادقة، للإمام أحمد ابن حنبل، المتوفى سنة: 241 هـ، وقد تكلم في كتابه عن جملة من الآيات التي توهم الإشكال، وقد قال فيه: (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم.   ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين) [1].   ثانياً: كتاب تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة الدينوري، المتوفى سنة: 276 هـ، وقد جمع فيه جملة وافرة من الآيات المتوهم إشكالها، واجتهد في الجواب عليها، وقد قال فيه: (قد اعترض كتاب الله بالطعن ملحدون ولغوا فيه وهجروا، واتبعوا ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله بأفهام كليلة، وأبصار عليلة، ونظرٍ مدخول، فحرفوا الكلام عن مواضعه، وعدلوه عن سبله، ثم قضوا عليه بالتناقض، والاستحالة، واللحن، وفساد النظم، والاختلاف.   وأدلوا في ذلك بعلل ربما أمالت الضعيف الغَمِر، والحَدَث الغِر، واعترضت بالشبه في القلوب، وقدحت بالشكوك في الصدور.   ولو كان ما نحلوا إليه على تقريرهم وتأولهم لسبق إلى الطعن به من لم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحتج عليه بالقرآن، ويجعله العَلَم لنبوته، والدليل على صدقه، ويتحداه في موطن بعد موطن، على أن يأتي بسورة من مثله، وهم الفصحاء والبلغاء، والخطباء والشعراء، والمخصوصون من بين جميع الأنام بالألسنة الحداد، واللَّدد في الخصام، مع اللُّب والنهى، وأصالة الرأي.
وقد وصفهم الله بذلك في غير موضع من الكتاب، وكانوا مرة يقولون: هو سحر، ومرة يقولون: هو قول الكهنة، ومرة: أساطير الأولين.   ولم يحك الله تعالى عنهم، ولا بلغنا في شيء من الروايات - أنهم جَدَبوه من الجهة التي جَدَبه منها الطاعنون. فأحببت أن أنضح عن كتاب الله، وأرمي من ورائه بالحجج النيرة، والبراهين البينة، وأكشف للناس ما يُلَبِّسون.   فألفت هذا الكتاب، جامعا لتأويل مشكل القرآن، مستنبطا ذلك من التفسير بزيادة في الشرح والإيضاح، وحاملا - ما لم أعلم فيه مقالا لإمام مطلع - على لغات العرب لأُري به المعاند موضع المجاز، وطريق الإمكان، من غير أن أحكم فيه برأي، أو أقضي عليه بتأويل.   ولم يجز لي أن أنص بالإسناد إلى من له أصل التفسير إذ كنت لم أقتصر على وحي القوم حتى كشفته، وعلى إيمائهم حتى أوضحته، وزدت في الألفاظ ونقصت، وقدمت وأخرت، وضربت لبعض ذلك الأمثال والأشكال، حتى يستوي في فهمه السامعون. وأسأل الله التجاوز عن الزَّلَة بحسن النية، فيما دللت عليه، وأجريت إليه، والتوفيق للصواب، وحسن الثواب)
[2].   ثالثاً: كتاب تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء، لشيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، المتوفى سنة: 728 هـ، وعنوان كتابه يفصح عن محتواه، والعنوان الكامل هو (تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير فيها القول الصواب بل لا يوجد فيها إلا ما هو خطأ) [3].   رابعاً: كتاب دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، المتوفى سنة: 1393 هـ، وقد قال فيه: (الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.   الحمد لله الذي ختم الرسل بهذا النبي الكريم عليه من الله الصلاة والتسليم، كما ختم الكتب السماوية بهذا القرآن العظيم، وهدى الناس بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم، فأخباره كلها صدق، وأحكامه كلها عدل، وبعضه يشهد بصدق بعض ولا ينافيه، لأن آياته فصلت من لدن حكيم خبير، ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].   أما بعد: فإن مقيد هذه الحروف، عفا الله عنه، أراد أن يبين في هذه الرسالة ما تيسر من أوجه الجمع بين الآيات التي يُتَوَهَّم فيها التعارض في القرآن العظيم، مُرَتِباً لها بحسب ترتيب السور، يُذكر الجمع بين الآيتين غالبا في محل الأولى منهما، وربما يُذكر الجمع عند محل الأخيرة، وربما يُكتفي بذكر الجمع عند الأولى، وربما يحيل عليه عند محل الأخيرة، ولا سيما اذا كانت السورة ليس فيها مما يتوهم تعارضه إلا تلك الآية، فإنه لا يترك ذكرها والإحالة على الجمع المتقدم، وسميته: "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب") [4].


[1] الرد على الجهمية والزنادقة ص 55. [2] تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 22-23. [3] ينظر: مجموع الفتاوى 14 /48 ,68 ,455 ,495 ,15 /30 ,61 ,440 ,16 /72. [4] دفع إيهام الاضطراب للشنقيطي ص 5.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١