أرشيف المقالات

آفات اللسان : المقال الثاني - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
عبد الله بن راضي المعيدي الشمري
الآفة الرابعة الكذب : 
في خبر البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم يما حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار فكان مما قال عليه الصلاة والسلام :" « أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة » "..
من لطخ لسانه برجس الكذب وخبيث الكلم ..
لابد أن تبدو سريرته ..
وينكشف أمره ..
فلا يلقى من الناس إلا الازدراء والمنقصة ..
أما أهل الحق والإيمان فيهديهم ربهم إلى الطيب من القول ..
ويهديهم إلى صراط الحميد ..
يقول علي رضي الله عنه : من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث : من إذا حدثهم صدقهم وإذا ائتمنوه لم يخنهم وإذا وعدهم وفي لهم ..
وجبة عليهم أن تحبه قلوبهم وتنطلق بالثناء عليه ألسنتهم وتظهر له معونتهم ..
ياعبدالله ..
إنّ الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة وان الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وان الكذب يهدي إلى الفجور وان الفجور يهدي إلى النار وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا "هكذا اخبر نبيك صلى الله عليه وسلم 
* النكت : لقد انتشر بين الناس اليوم نوع من أنواع الكذب وهو ما يسمى " بالنكت" حيث يقوم بعض الناس باصطناع حكايات لا اصل لها عن جنسيات أو انساب أو بلاد لاقوام ..
وما ذاك ألا من اجل إضحاك الناس ..
وهذا أمر محرم جمع بين الغيبة لهؤلاء والكذب ..
وقد ورد الوعيد الشديد عليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" «ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له»
ما يباح من الكذب : في الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" « ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا »
وفيه عن الزهري قال : " ولم اسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها " 

الآفة الخامسة الكلام بالباطل أو السكوت عن الحق :
يقول ابن القيم رحمه الله : " وفي اللسان آفتان عظيمتان أن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى : آفة الكلام وآفة السكوت وقد يكون كل منهما اعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله واكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين .. 
وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعة في الآخرة "

الآفة السادسة شهادة الزور : 
قال سبحانه مثنياً على صنف من عباده " {والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما}
وقال سبحانه وتعالى " {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه ءاثم قلبه والله بما تعلمون عليم}
وقد ترجم البخاري " رحمه الله " في صحيحه بابا قال فيه :" باب لا يشهد على شهادة جور إذا اشهد " 
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : «جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الكبائر ؟ قال :" الإشراك بالله" قال ثم ماذا ؟ " ثم عقوق الوالدين " قال ثم ماذا؟ قال : " اليمين الغموس " قلت وما اليمين الغموس ؟ قال :" الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب»
واليمين الغموس سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها .

الآفة السابعة القذف :
قال الله تعالى :" {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون} " وهذه آفة لا يكاد يسلم منها اليوم إلا موفق من كثرة من يقع فيها ..
إن قذف المؤمنين والمؤمنات في أعراضهم أو دينهم أو اتهامهم بما هم منه براء ..
كل ذلك باب من الذنب عظيم ..
وهو من الكبائر كما صح في ذلك الخبر عن المصطفى عليه الصلاة والسلام ..
وقد بلينا اليوم بألسنه صارت ترى تجريح المسلمين خاصة العلماء ومنهم الدعاة دين تدين الله به ..
ومن هذا المنطلق الواهي اتهامهم في عقائدهم وسلوكهم ودوا خل أعمالهم وخلجات قلوبهم وتفسير مقاصدهم ونيا تهم .. 
فترى وتسمع رمي ذاك أو هذا بأنه : خارجي ، معتزلي ، اشعري ، طُرقي ، إخواني ، تبليغي ، مقلد متعصب ، متطرف ، متزمت ، رجعي ، أصولي ، مداهن ،مراء ، من علماء السلطان ، من علماء الوضوء والغسل ، ماسوني ، علماني ، شيوعي ، اشتراكي ، بعثي ، قومي ، عميل ..كل هذا يقال من غير بينة ولا برهان ..
إنما بالهوى والظن ..
اخرج عبد الرزاق في تفسيره عن قتادة في تفسير قوله تعالى {وممن حولك من الأعراب منافقون} ...
الآية " قال قتادة : ما بال أقوام يتكلفون علم الناس ؟1 فلان في الجنة وفلان في النار فإذا سالت أحدهم عن نفسه قال لا ادري !! لعمري أنت بنفسك اعلم منك بأحوال الناس ولقد تكلفت شيء ما تكلفه الأنبياء قبلك قال نبيه الله نوح :" قال وما علمي بما كانوا يعملون " وقال نبي الله شعيب : " بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ " وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم :" لاتعلمهم نحن نعلمهم " [ انظر تفسير عبد الرزاق 1/ 253 وعنه ابن كثير 4/204 ] 

الآفة الثامنة الحلف بغير الله تعالى : 
كالحلف بالأمانة والذمة والوالد والولد والشرف والقبيلة وبحياتك وحياة النبي وعند أحمد " «من حلف بالأمانة فليس منا » " وفي الصحيح " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " 

الآفة التاسعة السب والشتم والسخرية بالمؤمنين : 
قال الله تعالى :" {يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} " فإياك ثم إياك أن تشتم مسلما أو تغمزه أو تلمزه ..
مهما كانت مكانته أو جنسيته ..
فأن عقد الإسلام يحرم عليك ذلك ..

الآفة العاشرة اللعن : 
عن أبي الدر داء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" « لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة »
وجاء عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : ( « إنَّ العبدَ إذا لعَنَ شيئاً ، صعدت اللَّعنةُ إلى السماء ، فتُغلَقُ أبوابُ السماءِ دونَها ، ثم تَهبِطُ إلى الأرض ، فتُغلَقُ أبوابُها دونها ، ثم تأخذُ يميناً وشمالاً ، فإذا لم تجد مَساغاً رجعت إلى الذي لُعِنَ ، فإن كان لذلك أهلاً ، وإلا رجعتْ إلى قائلها» ).
[رواه أبو داود في السنن ( 4905) ، وجوَّد إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح (10/467) ، وحسنه الألباني ]

لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ..
في " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " «من قال حين يصبح وحين يمسي : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر » " وعند مسلم انه صلى الله عليه وسلم قال " أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال : يسبح مائة تسبيحه فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة " وعند احمد واصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة " فانظر يا رعاك الله ألي هذه الحسنات الهائلة والى ما يقابلها من العمل اليسير حسنات يعب منها الإنسان عبا لا غلاء ولا كلفة غير توفيق الله لمن بادر آلا فليت شعري أترون نخيل الجنة كنخيل الدنيا لله بكم يشتري أطيب النخيل في دنيانا ؟! ألا فالله اكبر ولا اله إلا الله نخلة في الجنة ثمنها سبحان الله وبحمده !! أوه تالله لقد فرطنا في نخيل كثيرة فالله المستعان 

وأمر آ خر أيها المحب لابد من التنبه أليه في هذا المقام ذلك انه ينبغي للمؤمنين إذا ضمهم مجلس إلا يخلو من ذكر الله فان نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم يقول :" مامن قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا أقاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة " أخرجه الإمام احمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
ولفظ الترمذي :" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم تره".
ولهذه المجالس كفارة ارشد أليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : «من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه :" سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ألا اله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ماكان في مجلسه ذلك» " [رواه أبو داود والد ارمي وقال الحافظ في الفتح : سنده قوي ] 
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين 

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن