أرشيف المقالات

دوام الاتصال بالله وتجديد العلاقة معه

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2دوام الاتصال بالله وتجديد العلاقة معه   وهذه من أهم القواعد لبناء الذات، وتغيير النفس، والسمو بالروح، والرقي بها إلى درجات عالية من الرفعة والعلو.   فلا بد للمسلم أن يحرص على الاتصال بربه سبحانه حتى يصل إلى نفس مطمئنة، وذات راضية، ومن ثمَّ يفوز بجنة الرحمن؛ يقول سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، فإذا أصلحت ما بينك وبين ربك، أصلح الله لك أمور حياتك كلها، وعشتَ حياة طيبة، وأوقات سعيدة؛ لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم موصيًا ابن عباس رضي الله عنهما: ((يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك...))[1] فمن ضيَّع حقوق الله، وقطع صلته بالله، فقد ضيَّع نفسه، وخسر كيانه وذاته.     والاتصال بالله أنواع كثيرة، أذكر بعضًا منها:   1- الصلاة: وهي عمود الدين، ولا بد لمن أراد تغيير نفسه إلى الأحسن، والرقي بها إلى معالي الأمور أن يُحافظ عليها؛ لأنها الفارق بين الكفر والإيمان، فانظر إليها كيف رفعت كعب بن ربيعة الأسلمي؛ بل أوصلته إلى ما يصبو إليه بإذن الله؛ يقول كعب: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: سل، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غير ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: ((فأعِنِّي على نفسك بكثرة السُّجود))[2].     2- الصيام: ولا شك أن الصيام يُغيِّر النفس، ويسمو بها إلى درجات عالية من الإيمان، والصفاء الرُّوحي، يقول صلى الله عليه وسلم: ((من صام يومًا في سبيل الله باعَدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفًا))[3].     3- الذكر: وما أجمل أن يكون لسان المسلم رطبًا ومُعطَّرًا بذكر الله عز وجل، وهي عبادة سهلة، لا تكلِّف شيئًا، وفضلها عظيم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق[4]، وخير لكم من أن تلقوا عدوَّكم، فيضربوا رقابكم، وتضربوا رقابهم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله))[5].     4- الصدقة: وهي تدل على طهارة قلب منفقها، وصدقه، وقوة إيمانه؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((صَدَقةُ السرِّ تُطفئ غضب الرب))[6].     5- الاستغفار: وهو باب واسع من الخير، فأنت حينما تستغفر فأنت تطلب ستر الذنوب ومحوها من الله سبحانه، فتنتقل من حال التلبُّس بالذنوب والمعاصي إلى حال الطهر والنقاء؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئة، نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه، وهو الران الذي ذكر الله تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14]))[7].     6- قيام الليل: وهو دأب الصالحين، ومن صفات المؤمنين؛ قال سبحانه: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 17]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطهرة للداء عن الجسد))[8].     7- التوبة إلى الله: وهي محبوبة إلى الرب، وواجبة على المؤمنين؛ يقول سبحانه: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].     8- زيارة المقابر: ورؤية القبور تُرقِّق القلب وتُليِّنه، وتزهد الإنسان في الدنيا، وتُنشِّطه، وتُحفِّزه في العمل للآخرة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((زوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت))[9].     الدعاء: وهو سلاح عظيم، وعبادة لها شأن كبير في حياة المسلم؛ قال سبحانه: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((الدُّعاء هو العبادة))[10]، وكل عمل خير وبر تعمله تبتغي به وجه الله، فهو يوصلك إليه، ويُقرِّبُك منه سبحانه، إضافة إلى أنه يُقوِّي إيمانك، ويكون سببًا في تغيير نفسك وتجديد حياتك.


[1] الترمذي (2516)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7834). [2] مسلم (489). [3] البخاري (284)، ومسلم (1152). [4] أي: الفضة. [5] الترمذي (3374)، والحاكم في المستدرك (1 / 496) وصححه، ووافقه الذهبي. [6] الحاكم في المستدرك (3/ 568)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1908). [7] الترمذي (3334)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1/ 343) رقم (1670). [8] الترمذي (3549)، والحاكم في المستدرك (1/ 308)، وصححه. [9] مسلم (976). [10] الترمذي (3247)، ابن ماجه (3828)، أحمد في مسنده (الموسوعة الحديثية) (18352)، وصحَّح إسناده شعيب الأرناؤوط.



شارك الخبر

المرئيات-١