أرشيف المقالات

كيف تكون أوابا؟

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
2كيف تكون أوابًا؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ))، هكذا قال لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)).   والخطَّاء: هو كثيرُ الخطأ والزَّلَل، وكثير الوقوع في الذنوب والمعاصي، فإن العبد لا بد أن يجري عليه ما سبق به القَدَر من وقوعه في فعل الذنوب والخطايا؛ لأن ذلك مكتوب على العبد لا محالة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ((إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ))، ولكن كما ذكر أهل العلم أن العبد لا يُؤتى من فِعْل المعصية وإنْ عظمت؛ وإنما يُؤتى من ترك التوبة وتأخيرها، فالله عز وجل غفور رحيم يحبُّ التوَّابين، ويحبُّ الذين يعترفون بخطئهم، ويعودون إليه تائبين، ألم تقرؤوا قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].   اعلم يا عبدالله أنك في صراعٍ دائمٍ مع الشيطان، وهذا العدوُّ الخفيُّ حريصٌ أن يقذف في قلبك اليأسَ من رحمة الله تعالى، ويُحاول أن يَثْنيك عن التوبة، ويضَع لك العراقيل، ويقول لك: إن توبتك غير صادقة، وأنت تضحك على نفسك فلا تَتُبْ، أو يقولُ لك: لا تُتْعِبْ نفسَكَ بكثرة توبتك واستغفارك؛ لأنك سرعان ما ستعودُ إلى المعصية، فتوبتُكَ ليست نصوحًا، فلا تُتْعِبْ نفسَكَ، وابْقَ على ما أنت عليه، وقد يقول له أيضًا: إن الله لن يتوب عليك ما دام هذا حالك؛ لأنك ستعود، ونحو ذلك من كلمات ووساوس مُفادها منعك وصدُّكَ عن دخول باب التوبة، ولا شَكَّ أن هذا كله خطأ، فخيرُ الخطائين التوَّابُون.   لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف على شيء، ويرى شيئًا خيرًا منها، فيُكفِّر عن يمينه، فكيف بمن يعرف أنه مُذْنِب؟ فالواجب عليه أن يعترفَ بذنبه عند ربِّه، ويعودَ إلى الله تعالى، حتى لو تكرَّر منه الذنبُ؛ لأنه في هذه الحالة يحتاج إلى توبة صادقة أخرى، وهكذا نكون في صراعٍ دائمٍ مع الشيطان، فالمهم ألَّا تتمادى في الخطأ والذنب؛ وإنما بادِرْ إلى التوبة.   لقد مدح الله عز وجل بعض أنبيائه عليهم السلام بأنهم أوَّابون رجَّاعون إليه؛ حيث قال عز وجل في حق داود عليه السلام: ﴿ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17]؛ بل كرَّر الله عز وجل هذا المدح له في آية أخرى، وفي نفس السورة؛ حيث قال تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44].   كما مدح الربُّ عزَّ وجل نبيَّه سليمان؛ لأنه اتَّصف بسرعة أوبته ورجوعه إلى الله عز وجل، فقال تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 30]؛ أي: رجَّاع إلى الله بالاستغفار والتوبة.   قال ابن حجر: عن مُجَاهِد قَالَ: الأَوَّاب: الرَّجَّاع عَنْ الذُّنُوب، وَمِنْ طَرِيق قَتَادَةَ، قَالَ: الْمُطِيع، وَمِنْ طَرِيق السُّدِّيِّ قَالَ: هُوَ الْمُسَبِّح.   وحين يذكر الله عز وجل هذه الصفة في بعض أنبيائه، ويُسجِّلها في كتابه، فإنما هي دعوة للجميع للتحلِّي بهذه الصفة الجليلة.   فالرجوع إلى الحق فضيلة وأيما فضيلة، أما الإصرار على الذنب فأمره خطير، ومآله إلى عذاب أليم. فالله عز وجل لا يحب المصرِّين على الذَّنْب، فإن الإِصْرَار عَلَى الصَّغِيرَة يَجْعَلهَا كَبِيرَة، فَكَيْف بالإصرار عَلَى الْكَبِيرَة؟   والأوَّابون لهم بعض الصفات التي ينبغي التحلِّي بها إن كنا صادقين بالاتِّصاف بها، أذكر منها سبع صفات: أولًا: أنه كلما أذنب المرء ذنبًا صغيرًا كان أو كبيرًا، لم ييئَس؛ وإنما تاب منه واستغفر، ولم يستسلم لوساوس الشيطان، ولنا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أسوة؛ حيث روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: ((أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ))، قَالَ: عَبْدُالأَعْلَى: لا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ مَا شِئْتَ[1].   ثانيًا: إذا أذنبتَ ذنبًا في خلوتك، فبادر إلى التوبة منه، ولا تُعلِنْه لغيرك، فقد قال مُجَاهِد رحمه الله تعالى: «الأَوَّابُ: الْحَفِيظُ الَّذِي يُذْنِبُ الذَّنْبَ سِرًّا، ثُمَّ يَتُوبُ مِنْهُ سِرًّا».   ثالثًا: كلما تذكرت ذنْبَكَ، فاستغفر منه؛ تكن من الأوَّابين أيضًا؛ فقد روى يونس بن خباب رحمه الله تعالى قال: قال لي مجاهد وكان لي أخًا: ألَّا أُنبِّئكم بالأوَّاب الحفيظ؟ قلت: بلى، قال: هو الرجل يذكر ذنبه إذا خلا يستغفر لذنبه[2].   رابعًا: قبل أن تقوم من مجلسك، بادر إلى قول كفَّارة المجلس تكن أوَّابًا، فقد قال سفيان رحمه الله تعالى: الأوَّاب: الحفيظ الذي لا يقوم من مجلسه حتى يستغفر الله عز وجل ويتوب[3].   وكفَّارة المجلس رواها عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كفَّارة المجلس أن يقول العبد: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدَكَ، لا شريكَ لكَ، أستغفرُكَ، وأتوبُ إليكَ))[4].   وأما ثوابها فقد رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ))[5].   فحافظ - يا عبد الله - على كفَّارة المجلس، وارفع بها صوتك؛ كي يقتدي بك جلساؤك، ففيها هذا الدعاء الجميل الذي فيه توحيد وتعظيم لله عز وجل واستغفار وتوبة، ليُكفر عنك ما بَدَر منك في مجلسك وتكون أوَّابًا.   خامسًا: إذا رجعت من سفر، فأعلن أوبتك لله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث روى الْبَرَاء بْنُ عَازِبٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ قَالَ: ((آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ))[6]، بل جاء في صحيح البخاري أنه كان صلى الله عليه وسلم يُكرِّر ذلك حتى يدخل المدينة[7].   سادسًا: حافظ على صلاة الضحى، لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين)[8]، وروى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: ((أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِصَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَبِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَبِصَلاةِ الضُّحَى، فَإِنَّهَا صَلاةُ الأَوَّابِينَ))[9]. وجاءت نفس الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء رضي الله عنه [10].   سابعًا: ادع الله تعالى أن تكون أوَّابًا، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بذلك؛ حيث روى عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: ((رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، لَكَ مُخْبِتًا، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي))[11].   فالعبدُ الأوَّاب هو الشخص الذي يُخطئ فيستغفر، ثم يعود فيُخطئ فيستغفر، ثم يعود فيخطئ فيستغفر، وهكذا هو في صراع دائم مع نفسه الضعيفة ومع الشيطان.   فهو إنسان عرف الطريق وسلَكَه، فكلما أذنب لم يصُرَّ على معصيته؛ وإنما يندم ويستغفر، وهكذا هو دَيْدَنُه حتى يُفارق هذه الحياة.   فقد روى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما أصَرَّ من استغفر، وإنْ عاد في اليوم سبعين مرة))[12].   فالمهم - يا عبد الله - ألا تتمادى في الخطأ، فإذا علمت أنك أذنبْتَ فتُبْ مباشرةً ولا تتمادَ، ألا تعلم أن الله عز وجل جعل ملك الشمال الذي يكتب السيئات يتريَّث سِتَّ ساعاتٍ قبل أن يكتب تلك السيئة، لعلَّ صاحبها يتوب ويستغفر؟ هل رأيت رحمةً أعظم من ذلك؟   فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن صاحب الشمال ليرفع القلم سِتَّ ساعات عن العبد المسلم المخطئ، فإن ندم واستغفر الله منها، ألقاها، وإلا كتبت واحدة))[13].   فكن يا عبد الله أوَّابًا يحبَّكَ الله، واعلم أنه من العجلة المحمودة: المبادرة إلى التوبة والاستغفار، فمن صفات المؤمن التوَّاب أنه كلما وقع في الذنب وتكرَّر منه، عاد إلى التوبة وكرَّرَها.   فاندَم - رحمك الله - على تقصيرك ووقوعك في المعصية - وكلنا ذاك الرجل - فإن الندمَ توبة، وقد روى أبو سعيد الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له))[14].   لقد بشر المولى عز وجل الأوابين بالجنة؛ لأنهم رجاعين دائمًا إلى طاعته حافظين لحدوده، فقال تعالى: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ﴾ [ق: 31 - 34].   ولذلك روى عَبْدُاللَّهِ بْنُ بُسْر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا)[15].   فهذا دليل على كثرة توبة هذا العبد واستغفاره، وأوْبَته إلى الله عز وجل؛ ولذلك استحقَّ طوبى وهي شجرة في الجنة عظيمة، فكن أوَّابًا يا عبد الله يحبَّكَ الله، ولكي نصل إلى هذه المرتبة العالية: (1) فكلما أذنبت ذنبًا فتُبْ منه ولا تتمادَ، متذكِّرًا الحديث القدسي؛ حيث قال الرب عز وجل: ((أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ)).   (2) وكلما أذنبت ذنبًا في السرِّ، فتُبْ منه سِرًّا ولا تجهر به كما قال مجاهد رحمه الله.   (3) وكلما تذكرت ذنبك فتُبْ واستغفِر منه، ولا تغفل عنه كما قال سفيان الثوري رحمه الله.   (4) وكلما هممتَ بالقيام من مجلسك، فقل كفَّارة المجلس قبل أن تقوم.   (5) حافظ على صلاة الضُّحَى فهي صلاة الأوَّابين.   (6) واسأل الله تعالى أن تكون له أوَّابًا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل بذلك، ورطِّب لسانك بكثرة الاستغفار والتوبة والندم، خصوصًا عند وقوعك في أي زلَّة، تكن بذلك عبدًا أوَّابًا، هكذا مدح الله تعالى نبيَّه أيوب عليه السلام، فقال عنه: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 30].   ألا تريدُ أن تُمدَحَ بهذا المدح؟ ألا تريد أن تنالَ هذا الوسام؟ ليُقال لك: ((أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ)).   لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأنه استجاب للكفار وهم في لُجَّة البحر حينما استغاثوا به، مع علمه أنهم سيعودون إلى كفرهم، لماذا فعل ذلك؟ ألا يعلم سبحانه الغيب؟ بلى، ولكن لأنه لا يرد دعوة المضطر، فكيف بمن يعود إليه تائبًا، فهل تظنُّ أنه سيردُّه؟ كلَّا، فإنه لن يردَّه البتةَ.   جعَلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


[1] رواه مسلم (2112). [2] (كتاب الزهد؛ لابن حنبل، ص 378). [3] حلية الأولياء (7/ 279). [4] رواه الطبراني (10333). [5] رواه الترمذي (25418). [6] رواه البخاري (5968)، ومسلم (1342)، والترمذي (3440) واللفظ له. [7] البخاري (3086). [8] أخرجه الحاكم (1/ 459 رقم 1182)، وقال: صحيح على شرط مسلم، والطبراني فى الأوسط (4/ 159 رقم 3865). [9] رواه الإمام أحمد (7596). [10] رواه مسلم (722). [11] رواه الترمذي (3551). [12] حسنه ابن حجر وابن مفلح، وضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (5004). [13] رواه الطبراني في المعجم الكبير (7765)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2097). [14] حسَّنه الألباني في صحيح الجامع (11749). [15] رواه ابن ماجه (3818)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (7377).



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣