(7) فضل لا إله إلا الله - توحيد الألوهية - محمود العشري
مدة
قراءة المادة :
16 دقائق
.
فضل "لا إله إلا الله":تكلَّمت فيما سبَق عن معنى "لا إله إلا الله"، وكيفيَّة تحقيقها، واسْتَفَضتُ بعض الشيء في ذلك؛ لأهميَّة هذه المعرفة القصوى؛ حيث إنَّ إثبات التوحيد بهذه الكلمة باعتبار النفي والإثبات المُقتضي للحصر؛ فإن الإثبات المجرَّد قد يتطرَّق إليه الاحتمال؛ ولهذا - والله أعلم - لَمَّا قال تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [البقرة: 163]، قال بعده: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163].
فإنه قد يَخطر ببال أحدٍ خاطرٌ شيطاني: هَبْ أن إلَهنا واحدٌ، فلِغَيرنا إله غيره، فقال تعالى: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾.
فمعنى هذه الكلمة العظيمة ثانيًا:
لا معبودَ بحقٍّ إلاَّ الله، فتقدير خبر "لا" المحذوف بـ"حق"، هو الذي جاءت به نصوص الكتاب والسُّنة، وأمَّا تقديره بموجود، فيُفهَم منه الاتحاد؛ فإن الإله هو المعبود، فإذا قيل: لا معبودَ موجود إلاَّ الله، لَزِم منه أنَّ كلَّ معبودٍ عُبِد بحقٍّ أو بباطلٍ، هو الله، فيكون ما عبَده المشركون - من الشمس، والقمر، والنجوم، وغير ذلك - هو الله، ويكون ذلك كله توحيدًا، فما عُبِد على هذه التقديرات إلاَّ الله؛ إذ هي هو، وهذا - والعياذ بالله - أعظمُ الكفر وأقبْحه على الإطلاق، وفيه إبطالٌ لرسالات جميع الرُّسل، وكفرٌ بجميع الكُتب، وجُحود لجميع الشرائع، وتكذيب بكلِّ ذلك، وتَزْكِية لكلِّ كافرٍ من أن يكون كافرًا؛ إذ كلُّ ما عبَده من المخلوقات هو الله، فلم يكن عندهم مُشركًا، بل مُوحِّدًا - تعالى الله عمَّا يقولون عُلوًّا كبيرًا.
فإذا فَهِمنا هذا، فلا يجوز تقدير الخبر بـ"موجود"، إلاَّ أن يُنعت اسم لا بـ"حق"، فلا بأس حينئذٍ، ويكون التقدير: لا إله حقًّا موجود إلاَّ الله، فبقيْد الاستحقاق يَنتفي المحذور الذي ذكَرته.
قال البقاعي - رحمه الله -:
"لا إله إلا الله؛ أي: انتفى انتفاءً عظيمًا أن يكون معبود بحقٍّ غير الملك الأعظم، فإنَّ هذا أعظم الذكرى المُنجية من أهوال الساعة، وإنما يكون علمًا إذا كان نافعًا، وإنما يكون نافعًا، إذا كان مع الإذعان والعمل بما تَقتضيه، وإلاَّ فهو جهلٌ صِرْفٌ".
فكلمة "لا إله إلا الله" إذًا لا تَنفع إلاَّ مَن عرَف مدلولها نفيًا وإثباتًا - كما سيأتي في شروطها بعد قليل - إن شاء الله - واعتقَد ذلك وقَبِلَه وعَمِل به، وأمَّا مَن قالها من غير علمٍ واعتقادٍ وعملٍ، فقد تقدَّم أنَّ هذا جهلٌ صِرْفٌ، وهي حينئذٍ حُجَّة على قائلها بلا ريب.
إذا عُلِم هذا، فما أجهلَ عُبَّادَ القبور بحالهم! وما أعظم ما وقَعوا فيه من الشِّرك المنافي لكلمة الإخلاص "لا إله إلا الله"! فإن مشركي العرب ونحوهم جحَدوا "لا إله إلا الله" لفظًا ومعنًى، وهؤلاء المشركون جحَدوها معنًى، وأقرُّوا بها لفظًا، فتجد أحدهم يقولها وهو يُؤَلِّهُ غير الله تعالى بأنواع العبادة، بل زادَ شِركهم على شرْك العرب بمراتبَ؛ فإن أحدهم إذا وقَع في شدة، أخلَص الدعاء لغير الله - سبحانه - ويَعتقد أنه أسرعُ فرَجًا من الله تعالى، بخلاف حال المشركين الأوَّلين، فإنهم كانوا يُشركون في الرَّخاء، وأمَّا في الشدائد، فإنما يُخلصون لله وحْده؛ كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾ [العنكبوت: 65].
فبهذا يتبيَّن أن مشركي هذه الأزمان، أجهلُ بالله وبتوحيده من مشركي العرب ومَن قبْلهم.
وبعدُ:
فإذا كان العلم بمعنى "لا إله إلا الله" على هذه الدرجة من الأهميَّة، فإنَّ العلم بفضْل هذه الكلمة مهمٌّ أيضًا، فكلمة الشهادة هي سبيل الفوز والسعادة، الفوز بدخول الجنة والنجاة من النار ؛ كما قال تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185].
ولا سعادة في الدارين إلاَّ عن طريقها؛ فهي الكلمة التي أرسَل الله بها رُسلَه، وأنزَل بها كُتبه، ولأجْلها خُلِقت الدنيا والآخرة، والجنة والنار، وفي شأنها تكون الشَّقاوة والسعادة، وبها تُؤخذ الكتب باليمين والشمال، ويَثقُل الميزان أو يَخف، وبها النجاة من النار بعد الورود، وبعدم الْتِزامها البقاءُ في النار، وبها أخَذ الله الميثاق، وعليها الجزاءُ والمُحاسبة، وعنها السؤالُ يوم التَّلاق؛ إذ يقول تعالى: ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الحجر: 92 - 93].
وهي أعظم نعمة أنعَم الله بها على عباده، أن هداهم إليها؛ ولهذا ذكَرها في سورة النحل التي هي سورة النِّعم، فقدَّمها أولاً قبل كلِّ نعمة، فقال تعالى: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].
وهي كلمة الشهادة، ومِفتاح دار السعادة ، وهي أصل الدين وأساسه، ورأسُ أمره، وساق شجرته، وعمود فُسطاطه، وبقيَّةُ أركان الدين وفرائضه مُتفرِّعةٌ عنها، مُتشعِّبة منها، مُكملات لها، مُقيَّدة بالْتِزام معناها، والعمل بمقتضاها، فهي العُروة الوثقى التي قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة: 256].
وهي العهد الذي ذكَر الله - عزَّ وجلَّ - إذ يقول: ﴿ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [ مريم : 87].
وهي الحُسنى التي قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7].
وهي كلمة الحق التي قال الله: ﴿ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86].
وهي كلمة التقوى التي قال الله تعالى: ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ﴾ [الفتح: 26].
وهي القول الثابت الذي ذكَر الله - عزَّ وجلَّ - إذ يقول: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ [إبراهيم: 27]؛ كما في صحيح البخاري عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهي الكلمة الطيِّبة المضروبة مثلاً؛ إذ يقول تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24].
وهي الحسَنة التي قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ﴾ [النمل: 89]، وهي المثَل الأعلى الذي ضرَبه الله تعالى: ﴿ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الروم: 27].
وهي سبب النجاة؛ كما في صحيح مسلم أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سَمِع مُؤَذِّنًا يقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((خرَجت من النار)).
وهي سبب دخول الجنة؛ كما في الصحيحين عن عُبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن قال: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وحْده لا شَريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله وابن أَمَتِه، وكلمته ألقاها إلى مريمَ وروح منه، وأن الجنة حقٌّ، وأنَّ النار حق - أدخله الله من أيِّ أبواب الجنة الثمانية شاء))، وفي رواية: ((على ما كان من عَمَلٍ)).
وهي أفضل ما ذُكِر الله تعالى به، وأثقل شيء في الميزان، ويَكفي في فضْل "لا إله إلا الله" إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها أعلى جميع شُعب الإيمان ؛ كما في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الإيمان بضعٌ وستون شُعبة، فأفضلُها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياءُ شُعبة من الإيمان)).
تتمة مهمَّة:
كلمة التوحيد التي يَنطقها الناس، يَغفلون عن كلمة فيها، هم يقولونها، ولو حقَّقوها، لحقَّقوا الكلمة، يقول القائل منَّا: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله.
ما معنى قول القائل: أشهد؟! لو حقَّق معنى هذه الكلمة، لاستقام له الفَهْم، واستقامَت له الكلمة كلُّها، فالشهادة من المُشاهدة؛ أي: الرؤية، فأشهد أنْ لا إله إلا الله يعني: أراه، وهي ضد الغيب؛ قال تعالى: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ﴾ [الأنعام: 73].
فالغيب ضد الشهادة، فإذا اعتَقد القائل في كلمة "أشهد" الاعتقادَ الحقيقي، وحقَّقها فعلاً، وقصَدها لِما نطَق بها؛ يعني: أرى الله! تُرى: لو كان يَعتقد فعلاً أنه يرى الله - تبارك وتعالى - أيقوم قلبُه على معصية الله؟! واللهِ لا يقوى أبدًا، وفي الحديث الذي قوَّاه بعضُ العلماء أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل لَمَّا قال له: أوْصِني، قال: ((أُوصيك أن تستحيي من الله كما تستحيي من رجلٍ من صالحي قومك)).
لا يستطيع الإنسان أن يقومَ على معصية ويراه رجلٌ صالح أو طالح، بل إذا أرادَ المعصية، أغلَق الباب، وأغلَق النافذة، واطمأنَّ على المداخل والمخارج، وظنَّ أنْ لا أحدَ يراه، فلا يستطيع أن يُظهر سخيمته أمام أحدٍ أبدًا.
إن نقْلَ المعاني المجردة إلى باب الحِسِّ، قد تكرَّر في القرآن والسُّنة، فالضلال والهدى - مثلاً - مَعانٍ؛ قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ [البقرة: 16].
والبيع والشراء حِسٌّ، فنقْل المعاني إلى باب الحسِّ مقصود؛ حتى يتمَّ التصوُّر؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ذاقَ طعمَ الإيمان مَن رَضِي بالله ربًّا...)).
فنقَل الرضا الذي هو من المعاني إلى باب الحسِّ.
فأنت عندما تقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله، يعني: أراه، ولَمَّا كان مُتعذِّرًا عليك أن تراه، أُنزِل درجة، فهو يراك، وهذه الدرجة التي نزَلتها هي قمة الإسلام كله، هي الإحسان، فبرغم نزولك درجة، فأنت على قمة الدين.
الإحسان: هو أن تعبدَ الله كأنَّك تراه، فإن لَم تكن تراه، فإنه يراك، هذا إذا نزَلت، فكيف إذا بَقِيت على أصل الكلمة؟!
مع أنَّ نزولك جعَلك على قمة الإسلام بتحقيق باب الإحسان، أنَّ الله تعالى يراك؛ ولذلك لَمَّا قال تعالى في الحديث القدسي: ((كلُّ عمل ابن آدمَ له، إلاَّ الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به))، لماذا الصوم بالذات له، مع أن الصوم لابن آدمَ أيضًا، بدليل أنه إذا لَم يَصُم، عُوقِب؟ فلماذا الصوم بالذات له؟! قال العلماء: لأنَّ فيه تحقيقَ مَرتبة الإحسان؛ فإن المرءَ قد يُرائي في صلاته، يدخل المسجد؛ ليَراه الناس، ويَخشع في صلاته؛ ليراه الناس، لكنَّ الصائم في رمضان ، والباب مغلق عليه، ويَكاد يموت من العطش، وأمامه الثلاَّجة والماء باردٌ، فيُمسك الزجاجة، لكنه لا يَستطيع أن يشربَ رغم أنه وحْده، فلا يستطيع أحد أن يرائي في الصوم أبدًا، فلمَّا كان الصوم تحقيقًا لمرتبة الإحسان، قال الله تعالى: "هو لي وأنا أَجزي به".
وإبهام الجزاء دَلالة على التعظيم، فالصيام تحقيق لمرتبة الإحسان: أنَّ الله تعالى يَراك، فكيف إذا حقَّقت معنى الكلمة: أشهد أنْ لا إله إلا الله، يعني: أراه بعيني، فإذا كنتَ تَعتقد فعلاً أنَّك تراه، لا تُقيم على معصيته طرْفةَ عينٍ.
وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله، معناها: إذا وصَلك حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تَعتبر نفسك واقفًا أمامه وهو يُشافهك، هو الذي يأمرك، ليس الناقل، فأنا إذا نقَلت لك حديثًا صحيحًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فبادَرت بالامتثال، فأنت لا تُطيعني، إنما أنت تُطيع كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهل إذا وصَلك حديث، اعتقَدت واستحضَرت بقلبك أنَّك واقفٌ أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لك: افعَل كذا، أو لا تَفعل كذا.
وما أجمل ما قاله السبكي الكبير: علي بن عبدالكافي، في جزءٍ له لطيف، اسمه: "بيان قول الإمام المُطلبي - يعني الإمام الشافعي - إذا صحَّ الحديث، فهو مذهبي"، سُئِل: إذا وقَف الإنسان على حديثٍ يُخالف مذهبه، مثلاً هو مذهبه شافعي، والمشهور في المذهب لا تَفعل، وجاءه حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- افعَل، فإذا كانت الصورة هكذا، ماذا يفعل؟ أيُطيع الحديث أم المذهب؟! فقال: "ليَفرض أحدكم نفسه بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لا تَفعل كذا، أو افعَل كذا، أيحلُّ له خلافه؟!
هذا هو معنى أشهد أنَّ محمدًا رسول الله، كيف يقوى قلبُك على مخالفة أمره إذا وصَلك الأمر؟!
هَبْ أنَّك أمامه -صلى الله عليه وسلم- الآن، وقال لك: اذهَب فطلِّق امرأتك، وانْتَفِ من ولدك، واخْرُج من مالك، ماذا تَفعل؟! تقول له: لا؟! أنا أُريدك أن تُحقِّق هذا المشهد الآن، أنت الآن واقفٌ أمام النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال لك: طلِّق امرأتك، وأنت تحبُّها، ولك منها أولاد.
كم من الناس الذين يأكلون الربا ، ويأخذون الرشاوى، ويقول: عندي أولاد، مع وضوح الآيات والأحاديث، قال لك: طلِّق امرأتك، وانْتَفِ مِن ولدك، واخرُج من مالك، وهذا من أعظم المصائب، فماذا تَفعل؟! أتقول له: لا؟! ما أظنُّك تَقوى على ذلك أبدًا إذا كنتَ واقفًا أمامه، فما بالُك وقد وصَلك ما هو أدنى من ذلك بألف درجة!
هذا هو معنى أشهد أنَّ محمدًا رسول الله؛ أي: إنني إذا وصَلني حديث عن النبي - صلى لله عليه وسلم - أستحضر أنني واقفٌ أمامه، فكيف يكون وقْع كلامه عليّ؟!