أرشيف المقالات

الأدلة النقلية على ما جاء بالمنظومة الحائية من عقائد سلفية (4)

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
2الأدلة النقلية على ما جاء بالمنظومة الحائية من عقائد سلفية (4)
الحمد لله رب العالمين، وأُصلي وأُسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: في هذا الدرس: 1- بعض الأدلة النقلية الدالة على إثبات صفة اليد لله جل وعلا. 2- بعض الأدلة النقلية الدالة على إثبات صفة النزول لله جل وعلا. (بالإضافة إلى توضيح بعض الكلمات والمعاني الواردة بالنَّظْم).   قال الناظم رحمه الله: 10- وَقَـدْ يُنكِـرُ الجَهْمِيُّ أَيضًا يَمِيْنَـهُ ♦♦♦ وَكِلْتا يَدَيْـهِ بالفواضِـلِ تَنْفَـحُ   قوله: ((وَقَـدْ)): للتأكيد والتحقيق. قوله: ((يُنكِـرُ))؛ أي: يجحد وينفي. قوله: ((الجَهْمِيُّ))؛ أي: السائر على منهج جهم بن صفوان. قوله: ((يَمِيْنَـهُ))؛ أي: يمين الله جل وعلا. قوله: ((وَكِلْتَا يَدَيْـهِ))؛ أي: يد الرب سبحانه. قوله: ((بالفواضِـلِ)): بالنعم. قوله: ((تَنْفَـحُ)): من النفح وهو الإعطاء، وفي نسخة: "تنضح" من النضح؛ وهو الرش والصب.   وإجمالًا: يعتقد أهل السنة والجماعة أن لله جل وعلا يدًا لا تُشبه أيدي المخلوقين، وأن كلتا يديه يمين؛ كما صحَّت بذلك الأحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فأهل السنة يُثبتون ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له نبيُّه صلى الله عليه وسلم؛ من غير تحريفٍ، ولا تكييف، ولا تعطيلٍ، ولا تشبيهٍ؛ بل نُثبت صفات ربنا على الوجه الذي يليق بجلاله، وعظيم سلطانه سبحانه وتعالى.   (1) بعض الأدلة النقلية الدالة على إثبات صفة اليد لله جل وعلا: 1- قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 64].
2- وقال الله تعالى: ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾ [ص: 75].   3- وقال الله تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

4- وقال الله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1].
5- وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون: 88].   6- وقال الله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

7- وقال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ﴾ [يس: 71].   8- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يمينُ الرحمنِ ملأى سحَّاءُ، لا يغيضُها اللَّيل والنَّهار، قال: ((أرأيتُم ما أنفقَ منذُ خلقَ السَّماواتِ، فإنَّهُ لم يغِضْ ما في يمينِهِ، وعرشُهُ على الماءِ، وبيدِهِ الأخرى الميزانُ يخفِضُ ويرفعُ))[1].   9- وحديث أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيامةِ خُبْزةً واحِدةً يَتَكَفَّؤُها الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ في السَّفَرِ نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ))[2].   10- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إلَّا أَخَذَها الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ تَمْرةً))[3].   11- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((احتجَّ آدمُ وموسى، فقال موسى: يا آدمُ، أنتَ أبونا، خيَّبْتَنا وأخرجْتَنا منَ الجنَّةِ، فقال لَهُ آدمُ: أنتَ موسَى، اصطفاكَ اللهُ بِكَلامِهِ، وخطَّ لَكَ بيدِه))[4].   12- وحديث أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِن اللهَ عَز وَجَل يَبْسُطُ يَدَهُ بِالليْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النهارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنهارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ الليْلِ حَتى تَطْلُعَ الشمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا))[5].   13- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، قال: ((...فيأتونَ آدمَ فيقولونَ أنتَ أبو البشرِ، خلقَكَ اللَّهُ بيدِهِ، ونفخَ فيكَ من رُوحِهِ، وأمرَ الملائِكةَ فسجدوا لَكَ، اشفع لنا إلى ربِّكَ))[6].   14- وحديث عبدالله رضي الله عنه، قال: جاء حَبْرٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا محمدُ، إنَّ اللهَ يَضَعُ السماءَ على إِصْبَعٍ، والأرضَ على إِصْبَعٍ، والجبالَ على إِصْبَعٍ، والشجرَ والأنهارَ على إِصْبَعٍ، وسائرَ الخَلْقِ على إِصْبَعٍ، ثم يقولُ بيدِه: أنا الملِكُ، فضحِك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: ((﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ [الزمر: 67]))[7].   15- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال)): يقبِضُ اللهُ الأرضَ، ويَطوي السَّماواتِ بيَمينِه، ثمَّ يقولُ: أنا الملِكُ، أين مُلوكُ الأرضِ؟))[8].   16- وحديث عمر رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قال)): إنَّ اللهَ عز وجل خلق آدمَ، ثم مسح ظهرَه بيمينِه، فاستخرج منه ذريةً))[9].   17- وحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلم: ((إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا))[10].   18- وحديث ابن عباس رضي الله عنه، عن رسول اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: ((إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَلَمُ، وَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ وَكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ))[11].   قال الناظم رحمه الله: 11- وَقُلْ يَنْزِلُ الجَبَّارُ في كُلِّ لَيْلَةٍ بِلا كَيْف جَلَّ الواحدُ المتَمَدِّحُ 12- إلى طَبَقِ الدُّنيا يَمُنُّ بِفَضْلِهِ فَتُفْرَجُ أَبْوابُ السَّماءِ وتُفْتحُ 13- يَقولُ ألا مُسْتغفِرٌ يَلْقَ غَافِرًا ومُسْتَمنِحٌ خَيْرًا ورِزْقًا فأمْنَحُ 14- رَوَى ذَاكَ قَومٌ لا يُرَدُّ حَدِيثُهم ألا خَابَ قَوْمٌ كذَّبوهُم وقُبِّحُوا
11- قوله: ((وَقُـلْ يَنْـزِلُ))؛ أي: يهبط، والنزول من صفات الله الفعلية المتعلقة بمشيئته سبحانه. قوله: ((الجَبَّارُ)): اسم من أسماء الله تعالى. قوله: ((بِلا كَيْف))؛ أي: بلا اعتقاد تكييف؛ فالكيف مجهول. قوله: ((جَلَّ))؛ أي: عظُم قدرُه. قوله: ((الواحدُ المتَمَـدِّحُ))؛ أي: الذي يستحق المدح.   12- قوله: ((إلى طَبَـقِ الدُّنيا))؛ أي: إلى السماء الدنيا. قوله: ((يَمُـنُّ بِفَضْلِــهِ)): من المنِّ؛ وهو العطاء والإحسان، والمانُّ: هو الذي يُعطي قبل السؤال. قوله: ((فَتُفْـرَجُ))؛ أي: تنشق وتنصدع.   13- قوله: ((يَقولُ ألا)): أداة عرض وتحضيض، يحض السامع أن يستمع لما بعده. قوله: ((مُسْـتغفِـرٌ))؛ أي: طالب المغفرة. قوله: ((يَلْـقَ غَافِـرًا)): الغافر من أسماء الله تعالى. قوله: ((ومُسْـتَمنِحٌ))؛ أي: طالب المنح. قوله: ((خَـيْرًا ورِزقًا)): الخير: اسم جامع لكل ما ينتفع به، والخير عامٌّ، والرزق خاصٌّ؛ فهو من الخير.   14- قوله: ((رَوَى ذَاكَ))؛ أي: روى نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا. قوله: ((قَـومٌ)): كثيرٌ من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن تبِعَهم بإحسان. قوله: ((لا يُـرَدُّ حَــدِيثُهم)): لعدالتهم وحفظهم وكثرتهم؛ فحديث النزول حديث متواتر. قوله: ((ألا خَابَ قَــوْمٌ كذَّبـوهُم))؛ أي: خاب وخسِر من كذب هؤلاء الثقات الأثبات. قوله: ((وقُبِّحُوا))؛ أي: نسَبوهم للقبح، وهو ضدُّ الحَسَن.   وإجمالًا: يعتقد أهل السنة والجماعة أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، وذلك في كل ليلة، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ وجاء في إثبات صفة النزول الأحاديث المتواترة التي دلَّتْ بما يقطع الشك أن الله تعالى ينزل للسماء الدنيا في كل ليلة بكيفية لا يعلمها إلا هو سبحان؛ فنزول الرب جل وعلا صفة من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيئته وحكمته، وهو نزول حقيقي يليق بجلاله وكماله سبحانه، فهو سبحانه ينزل كيف شاء، متى شاء، سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأهل السنة يؤمنون بما دلَّتْ عليه النصوص من إثبات صفات الله عز وجل من غير تحريف، ولا تكييف، ومن غير تعطيل، ولا تشبيه.   (2) دليل إثبات صفة النزول لله جل وعلا: 1- حديث أبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتعالى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُوني فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُني فأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ‏))[12].   2- وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نَحْوٌ من ثمانية عشر صحابيًّا ذكرهم الإمام الدارقطني رحمه الله في مصنفه. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


[1] رواه البخاري (4684)، ومسلم (993)، والترمذي (3045)، واللفظ له. [2] رواه البخاري (6520)، ومسلم (2792). [3] رواه البخاري (1410)، ومسلم (1014)، واللفظ له.
[4] رواه مسلم (2652). [5] رواه مسلم (2759). [6] رواه البخاري (4712)، ومسلم (194). [7] رواه البخاري (7451) واللفظ له، ومسلم (2786).
[8] رواه البخاري (4812) واللفظ له، ومسلم (2787). [9] رواه أبو داود (4703)، و(الترمذي (3075)، وصححه الألباني في ((صحيح الترمذي)) (3076). [10] رواه مسلم (1827). [11] رواه الآجري في ((الشريعة)) (542) (947/ 2) بهذا السياق، قال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (3136): "إسناده صحيح ...
وله شواهد متفرقة". [12] رواه البخاري (7494)، ومسلم (758).



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن