أرشيف المقالات

مقدمة كتاب الفقرات المذهبة وزينة المسائل الملقبة للشيخ عثمان بن سند البصري النجدي

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2مقدمة كتاب الفقرات المذهبة وزينة المسائل الملقبة للشيخ عثمان بن سند البصري النجدي، المتوفى 1242هـ
  المقدمة: الحمد لله المالك المتفرد في ملكه، الباقي بعد فناء خلقه، نحمده على ما بسط وقسم، ونشكره على ما وهب وعلَّم، الوارث الحق لِمَا في السماوات والأرض، القائل في محكم التنزيل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [مريم: 40]، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى آله وأصحابه المهتدين، وكل من تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.   أما بعد: فإن الشريعة الإسلامية نظام متكامل، شامل لجميع نواحي الحياة، تضمَّنت نصوصُها وتعاليمها أحكامًا عقدية، وخُلقية، وعملية، ومن جملة الأحكام العملية أحكام الميراث التي تُنظِّم علاقة الورثة فيما بينهم سدًّا لذريعة التباغُض والتحاسُد والتقاطُع.   وتتميَّز أحكام الميراث بكونها أحكامًا مركبة، تجمع بين الفقه النظري الذي يتضمَّن الأحكام الشرعية، وبين الفقه العملي الحسابي الذي يتضمَّن القواعد الحسابية، ولكثرة أبوابه وتفاصيله اعتبر علمًا مستقلًّا بحدِّ ذاته، فيُسمَّى: (علم الفرائض أو علم المواريث)، ويعدُّ هذا العلم من أجلِّ العلوم وأرفعها قدرًا.   ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم يُكثرون من المذاكرة والمناظرة في علم المواريث فيما بينهم، واتفقوا في معظم أحكامه لورودها بنصوص صريحة وأدلَّة قطعية، واجتهدوا في قسمة بعض المسائل التي استجدت في عهدهم كل فريق منهم حسب نظره واجتهاده، ممَّا أدَّى إلى اختلافهم فيها، وأطلقوا على بعضها مسميات وألقاب اشتَهرت بها لسبب من الأسباب، فجمع علماء الفرائض هذه المسائل، وأطلقوا عليها مسميات كثيرة في كتبهم؛ منها: الملقبات، المشاكل المشهورة، المسائل الشاذة والشواذ، المسميات من المسائل، المسائل المستغربة والمسائل الخاصة، وغير ذلك، فانبرى لهذه المسائل علماء أجلَّاء اهتمُّوا بها، فجمعوها وشرَحوها ونظموها؛ ليقربوها إلى ذهن الطلبة بعبارة سلسلة، ومن هؤلاء العلماء: الشيخ عثمان بن سند، فقد جمع هذه المسائل بمنظومة اسمها: (الفقرات المذهبة وزينة المسائل الملقبة)، التي تضمَّنت إحدى وخمسين مسألة فرضية بعبارة سلسلة قرنت بين جمال النظم وكمال المعنى؛ مُبتدئًا بالمسائل المشهورة التي وردت في منظومة ابن الوردي: (الوسائل المهذبة في المسائل الملقبة)، ثم تبعها بالمسائل غير المشهورة وبعض المسائل الغريبة التي تُشبه الألغاز، فجاء نظمُه شاملًا عامًّا لكل المسائل، فزاد لمسة جديدة في هذا الميدان الذي تشعَّب، وصعب على طالبيه، وإن ممَّا دعاني إلى تحقيق هذا النظم أمران: الأول: ارتباط فقه الفرائض بالحساب وفنونه؛ ممَّا أدَّى ذلك إلى أن يزهد فيه الكثير من العلماء، ولا يتصدَّى للتخصُّص فيه إلا القليل.   الثاني: رغم تطرُّق العلماء قديمًا وحديثًا لهذه المسائل الفرضية، وعمل النظم الشعرية فيها، فإني وجدت في هذا النظم ما يحوي جميع الملقبات، المشهورة منها وغير المشهورة، مما يُساعد على سهولة دراستها وإتقانها.   وقد اقتضت طبيعة العمل تقسيمه إلى قسمين: القسم الأول: القسم الدراسي، وكان في مبحثين: المبحث الأول: التعريف بالشيخ عثمان بن سند، وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: اسمه، نسبه، ولادته، نشأته. المطلب الثاني: أسرته، شيوخه، تلاميذه، مؤلفاته. المطلب الثالث: توليته المناصب، شعره، ثناء العلماء عليه، وفاته.   المبحث الثاني: التعريف بالمنظومة، والمنهج المتَّبع في التحقيق، ووصف النُّسَخ الخطيَّة، وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأَول: تحقيق اسم المنظومة، وتوثيق نسبتها إِلى ابن سند. المطلب الثاني: المنهج المتَّبع في التحقيق. المطلب الثالث: وصف النُّسَخ الخطية.   أما القسم الثاني: النص المحقَّق. وأختم بما ختم به الإمام ابن القيم مقدمة كتابه "طريق الهجرتين"، فقال: ((وما كان فيه من حق وصواب فمن الله، هو الله المان به، فإن التوفيق بيده، وما كان فيه من زلل فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، فيا أيها القارئ له والناظر فيه، هذه بضاعة صاحبها المزجاة مسوقة إليك، وهذا فهمه وعقله معروض عليك، لك غُنمه، وعلى مؤلِّفه غُرمه، ولك ثمرته وعليه عائدته، فإن عدم منك حمدًا وشكرًا، فلا يعدم منك عذرًا، وإن أبيت إلَّا الملام، فبابه مفتوح، وقد: استأثر الله بالثناء وبالحمـ *** ـد وولى الملامة الرجلا   والله المسؤول أن يجعله لوجهه خالصًا، وينفع به مؤلِّفه وقارئه وكاتبه في الدنيا والآخرة، إنه سميع الدعاء، وأهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل)) [1].   اللهم اجعل هذا العمل خالصًا لوجه الكريم، واجزني به، وأخوتي ومشايخي أعظم الجزاء، إنك أنت الكريم الجواد.  

[1]طريق الهجرتين 1 /21.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢