أرشيف المقالات

أرجوزة تنبيه الخلان إلى أسباب نيل المبتغى في العلم من كلام الشيخ علي العمران

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2أرجوزة تنبيه الخِلان إلى أسباب نيل المُبتغى في العلم مِن كلام الشيخ علي العمران   الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد كنت نظمتُ من قبل أرجوزة بعنوان: ((تنبيه ذوي القدر على أحوال طلاب العلم بعد الكبَر من إفادات الشيخ بدر))[1]، نظمتُ فيها كلام الشيخ العلامة بدر العماش المدني، وهذه أرجوزة أخرى وجيزة سميتها: ((تنبيه الخِلان إلى أسباب نيل المبتغى في العلم من كلام الشيخ علي العمران))، نظمتُ فيها كلاما مهما لشيخنا العلامة علي العمران المكي، ذكره في كتابه النفيس ((سلوة الطالب))، رغبة في تيسير حفظه واستحضاره، والله الموفق والمستعان، وهذا نص كلامه حفِظه الله ونفع بعلمه:   "إذا اجتمعت في طالب العلم: ((خمسة أمور)) وصل إن شاء اللهُ لمُبتغاه في الطلبِ: 1- الاستعداد العقلي، (ولا أعتقد وجودَ فروق كبيرة بين عموم الناس في هذا الباب في الجملة)[2]. 2- الإرادة الجازمة، والهمة العالية، وتفاوُتُ الناس فيها كالتفاوت بين السماء والأرض. 3- العمل الدؤوب، والاستمرار على الطلب، والصبر في سبيل التعلم، وغالب فشل الطلاب من هذا الباب. 4- المنهاج القويم في طريقة التعلم، والتهدِّي بطرق أهل العلم الراسخين. 5- المعلم الناصح والمربي المُشفق.   هذه الأمور الخمسة هي غالب ما يؤثر على طالب العلم، فالأول هبةٌ ربانية، والتفاوتُ فيه قليلٌ، والثلاثة التي بعده متعلقة بالطلب نفسه، ومنها يحصل التفاوتُ بين الطلاب أو الانقطاع والتعثر وما إليها، والأخير له أثرٌ واضحٌ، لكن بالإمكان تدارك الخلل فيه، وتعويض النقص بالكتب والشروح والأشرطة والسؤال[3]، وقد تيسَّرت سُبلها بما لم يحصل في عصر من العصور، وأقول تأكيدًا لدور الطالب وخطره: انظروا للمتميزين من طلبة العلم المُعاصرين=[4] ستجدون بينهم قاسمًا مشتركًا هو سرُّ تميزهم، وهو: استغلال القدرات الذاتية، والتفرغ للعلم، والهمة فيه، ولن يبلغ الطالب بدونها شيئًا، فليَعُدْ كلُّ مقصرٍ باللوم على نفسه، فهذا أول سبيل لتدارُك الخلل، فهل أنتم فاعلون؟[5]. ♦   ♦   ♦   وقلتُ -والله الموفق-: خَمْسُ أُمُورٍ إنْ تَوَفَّرَتْ لَدَى طَالبِ عِلْمٍ نَالَ مَا ابْتَغَى غَدَا الأَوَّلُ: اسْتِعْدَادُهُ العَقْليُّ إِرَادةٌ جَازِمَةٌ، جَلِيُّ معْ هِمَّةٍ عاليةٍ، ثُمَّ العَمَلْ أعني: الدَّؤوبَ مُسْتمرًّا كالبطلْ مُصابرًا في سبُلِ التعلُّمِ مُثابرًا على السبيلِ الأقومِ يَمضي على مِنهاجِه القويمِ في سُبُلِ التَّحصيلِ والتعليمِ مُلازمًا معْ كلِّ ذا لِعَالِمِ مُناصِحٍ له مُرَبٍّ رَاحِمِ أفاده العلَّامةُ العِمرانُ في ((سُلْوَة الطالبِ)) يا خِلَّانُ
•  •  •
هذا الذي عليه نورُ العلمِ يظهرُ، معْ سلامةٍ في الفهمِ ومَن عداه فَهْوَ لا يُحَصِّلُ شيئًا، ولا في عِلمِه يُؤَصَّلُ يَضِيْعُ عُمْرُه بغير فائدهْ وجُهْدُه يَذهبُ دُونَ عائدهْ نعوذُ بالله من الحِرمانِ وضَيْعةِ العُمْرِ مع الخِذْلانِ ♦   ♦   ♦   صورة الكتاب


[1] وهي منشورة على الألوكة. [2] ما بين القوسين من تعليق الشيخ نفسه أثبته في المتن هكذا. [3] هذا رأي الشيخ سلَّمه الله، وأرى أن فوات الشيخ والمربي كسرٌ في بناء الطالب العلمي لا يُجبر، وثلمةٌ لا تُسد، وعورةٌ لا تُستر، وأغلب من أتت من قِبَلهم الويلات في الساحة العلمية من تصدروا، ولم يُعلم لهم شيوخ أو لم يتلقوا العلم عن أهله، ولم يلازموا شيخًا يتخرَّجوا به، ويتربوا على يديه، ويعطيهم مفاتح العلم، ويطلعهم على أسراره وخباياه، وسبل المهارة فيه، والتمكن منه، وكيفية حصول الملكة العلمية، ومعالم هذه الصنعة الشريفة، والرتبة المنيفة لا بد من شيخٍ يُريك رسومها *** وإلا فنصُّ العلم عندك ضائعُ وسمعت من بعض مشايخي: من ليس له شيخ، فشيخه الشيطان؛ (أي: إذا لم يتعلم أصول الفهم والاستنباط، وطرائق الاستدلال والتعامل مع النصوص، وأدب الخلاف، وغير ذلك مِن عالم حاذق ماهر رباني تقي، فسيُمليها عليه الشيطان والهوى، ويكون نظره لكل ما سبق نظرًا قاصرًا معوجًا، مختلًّا مرتجًّا، والله المستعان). ومن ذائع القواعد ونُصح أهل التأصيل في بابة التحصيل: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه، ومن مشهور الحكم عند القوم: لولا المربي ما عرَفت ربي، وللمتقي الهندي صاحب ((كنز العمال)) رسالة نفيسة بهذا العنوان، وله توجيه صحيح قوي، وللصوفية فيه مغالاة كما لا يخفى، وخير الأمور أوساطها. [4] علامة يؤتى بها لوصل الكلام وربطه إذا طال الفصل. [5] سلوة الطالب ص64-66، طبعة دار الصميعي.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣