هل عبدنا وشكرنا النعم؟ - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
حتى تعرف قدر النعمة: فقط تخيل زوالها، فلا يعرف قدر النعمة إلا من زالت عنه.ماذا لو عشنا في نهارٍ دائم بلا ليل تهدأ فيه العيون والأجسام، ماذا سيكون تأثير ذلك على صحة الإنسان.
والعكس: ماذا لو عشنا في ليلٍ دائم بلا نهار، هل سنتحمل استمرار الإعتام خاصة لو نفدت طاقة الإنارة أو قلت في الكثير من مناطق الأرض؟
ماذا لو عشنا بلا شمس تشرق وتدفئ؟؟؟ هل سنتحمل استمرار البرد؟؟
أهل البوادي والصحراء يعرفون جيداً قيمة القمر في لياليهم، فهل يحتملون كل الليالي بلا إقمار؟؟؟
الله سخر لنا كل هذا دون مقابل، فقط لنعبده ونشكر فضله، فهل عبدنا وشكرنا؟؟
{وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [ النحل: 12].
قال السعدي في تفسيره: أي: سخر لكم هذه الأشياء لمنافعكم وأنواع مصالحكم بحيث لا تستغنون عنها أبدا، فبالليل تسكنون وتنامون وتستريحون، وبالنهار تنتشرون في معايشكم ومنافع دينكم ودنياكم، وبالشمس والقمر من الضياء والنور والإشراق، وإصلاح الأشجار والثمار والنبات، وتجفيف الرطوبات، وإزالة البرودة الضارة للأرض، وللأبدان، وغير ذلك من الضروريات والحاجيات التابعة لوجود الشمس والقمر.
وفيهما وفي النجوم من الزينة للسماء والهداية في ظلمات البر والبحر، ومعرفة الأوقات وحساب الأزمنة ما تتنوع دلالاتها وتتصرف آياتها، ولهذا جمعها في قوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} أي: لمن لهم عقول يستعملونها في التدبر والتفكر فيما هي مهيأة له مستعدة تعقل ما تراه وتسمعه، لا كنظر الغافلين الذين حظهم من النظر حظ البهائم التي لا عقل لها.
#مع_القرآن