عبوديات الشدة في نازلة حلب - محمد صالح المنجد
مدة
قراءة المادة :
11 دقائق
.
1. كل شيء بقدر الله، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وطمأنينةُ المؤمنِ الموحدِ قولُهُ: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [ التوبة :51].
2.
والإيمان بالقدر شفاء لما يتسلل للقلب من ظنون، {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:22].
3.
والحكمة من كتابة الأقدار ذَكَرَها تعالى في قوله: {لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد من الآية:23].
4.
ودأبُ المعتزِّ بدينِهِ قولُهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:139].
5.
لأنه يعلم أن المصائب لا تصيبه فقط بل تصيب عدوه أيضاً {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ} [آل عمران من الآية:140]، وقوله: {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [ النساء من الآية:104].
6.
ومن حكمته سبحانه في المصائب: أن يتخذ من المؤمنين شهداء: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران من الآية:140].
7.
ومن حكمته أيضًا: تبيُّنُ الصادقِ من الكاذب والمؤمن من المنافق: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:141]، {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران من الآية:179].
8.
ومن حكمته: دفع الباطل بالحقِّ وأهلِ الحقِّ لمنع فساد الأرض {لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة من الآية:251]، ومعرفة حقيقة أعداء الإسلام {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام من الآية:55].
9.
ومن فوائد المصائب: وقوع عبادات من المؤمنين يحبها الله كالضراعة في الدعاء ؛ قال تعالى: {فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام من الآية:42]، {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال من الآية:9] ، {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل من الآية:53].
10.
ومن العبوديات حال الشدائد: حسن الظن بالله تعالى، فأفعال سبحانه كلها حكمة ومصلحة وعدل ورحمة، «والخير كله في يديك، والشر ليس إليك» ( صحيح مسلم [771]).
11.
وكذلك من العبوديات: انتظار الفرج؛ ففي الحديث «النصر مع الصبر والفرج مع الكرب» (صحيح الجامع [6806])؛ و {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [ الطلاق من الآية:7].
12.
ومن العبوديات: التوبة {وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف من الآية:168] وتتأكد عند المصيبة {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى:30].
13.
يجب جمع الكلمة في هذه الشدائد؛ قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال من الآية:46].
14.
احتساب الأجر: «ما يصيب المسلم...إلا كفّر الله به من خطاياه » (صحيح البخاري [5641]).
15.
ومن أعظم التثبيت القرآني في تخفيف المصاب: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا} [آل عمران من الآية:145]، {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد من الآية:38].
16.
ويستشعر الواثق بربه ونصره معية الله له {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ} [آل عمران:150]، وأعظم دواء الحزن {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة من الآية:40].
17.
ومعية الله للصابرين المتقين المؤمنين المحسنين وهو سبحانه يتولى الصالحين: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف:196].
18.
ومن كان حصنه "حسبنا الله ونعم الوكيل" فأي شيء يضيره من الشيطان وأوليائه: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .
فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} [آل عمران من الآيتين:173-174]
19.
معالجة آثار المصائب النفسية: بالإيمان وتحقيق العبودية، قال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام:82].
20.
تنزيل الآيات على الواقع بحق والاستشفاء بها وتلاوة القرآن وتدبر معانيه: قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82]، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:75]
21.
وأيضا الاستعانة بالصلاة ذات الخشوع والخضوع: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45]، مع الإكثار من ذكره سبحانه: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد من الآية:28].
22.
وكذلك الصبر فهو رداء العبد عند حلول المصائب، «وما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر» ( صحيح البخاري [1469])، وقال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر من الآية:10]
23.
رجاء أجر الصبر وهو ثلاثة أجور مذكورة في قوله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ .
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].
24.
ومما يهون الصبر ويخففه: اليقين بحتمية الابتلاء في الدنيا ، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2]، وقوله: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} [آل عمران من الآية:186]
25.
ومما يجلب للقلب السكنية والطمأنينة تقلبه في تدبر قوله سبحانه: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن من الآية:11].
26.
ويزيدنا أملا وثقة بوعد ربنا: قوله: {فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء من الآية:19]؛ {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [النور من الآية:11].
27.
ومن الأدعية المجابة فيه هذا الهم والغم: دعاء يونس عليه السلام: {لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87-88].
28.
إذا كان شأن العدو {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [الأعراف من الآية:127]، فشأن المؤمن {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128]
29.
التفاؤل بحسن العاقبة : {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف من الآية:137]، وهو سبحانه وتعالى: {مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال من الآية:18].
30.
الثبات أمام فتنة البلاء : {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ ۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖ وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف من الآية:155].
31.
رجاء النجاة من الله : {كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس من الآية:103].
32.
ترقّب إهلاك الله لأعدائه؛ قال تعالى: {فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم من الآية:47].
1438/3/16 - 2016/12/15