أرشيف المقالات

تذكروا هادم اللذات

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
تذكروا هادم اللذات


مقدمة
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات، وبعونه يوفق العبد لما يحب ويرضى، وبشكره يزيده من فضله، وبالتوكل عليه يكن حسبه، وبتقواه يعلمه ما لم يكن يعلم.
فالحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويدافع نقمه، ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محّمداً عبده المصطفي، ونبيّه المجتبى، ورسوله إلى خلقه، أمرنا بالمعروف، ونهانا عن المنكر، وأحل لنا الطّيبات، وحرم علينا الخبائث، بشّر من أطاعه بالحنّة، وكريم ثوابها، وأنذر من عصاه بالنّار، وأليم عقابها، فبلّغ الرسالة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله، فأدى عن الله وعده ووعيده، حتى أتاه اليقين، فعلى النبي من الله صلاة ورحمة وسلام..
 
وبعد.
أخي المسلم… أختي المسلمة:
لقد تميز زماننا اليوم بكثرة المظالم، واعتداء الناس بعضهم على بعض، من أكلٍ لأموال غيرهم بدون وجه حق، ونيل من الأعراض، وحسد، وتباغض، وفرقة واختلاف، وغير ذلك الكثير، ولا شك أنه لا شيء مثل تذكر اليوم الآخر وتذكـر الوقـوف بين يدي اللـه عز وجل علاجاً لتلك الأمراض.
 
ولما كان الركون إلى الدنيا، والغفلة عن الآخرة، من أعظم الأسباب في وهن النفوس، وضعفها، كان لا بد من التذكير المستمر بذلك اليوم، وما فيه من نعيم أو جحيم، لأن في هذا التذكير، أكبر الأثر في نشاط الهمم، وعدم الاستسلام للوهـن واليأس، رجـاء ثواب اللـه عز وجل، وما أعده للمجاهدين في سبيله، الداعين إليه.
 
إن في اليقين باليوم الآخر وأنبائه العظيمة لآثاراً واضحة وثماراً طيبة، لابد أن تظهر في قلب العبد، وعلى لسانه وجوارحه، وفي حياته كلها، ولا شك أن ذلك سيمنعه من التهاون في حقوق الخلق، والحذر من ظلمهم في دم أو مال أو عرض، فيا ليتنا نتذكر دائماً يوم الفصل العظيم، يوم يفصل الحكم العدل بين الناس، ويقضي بين الخصماء بحكمه وهو أحكم الحاكمين، ليتنا لا نغفل عن هذا المشهد العظيم، حتى لا يجور بعضنا على بعض، ولا يأكل بعضنا لحوم بعض، ولا نتكلم إلا بعلم وعدل، إنه لا شيء يمنع من ذلك كله إلا الخوف من الله عز وجل وخوف الوقوف بين يديـه، واليقـين الحـق بأن ذلك كـائن في يـوم لا ريب فـيه؛ قال تعالى: ﴿ إنَّكَ مَيِّتٌ وَإنَّهُم مَّيِّتُونَ * ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [1]
إن الموقن بلقاء الله عز وجل يوم الفزع الأكبر، لا تلقاه إلا حريصاً على أعماله، خائفاً من كل ما يحبطها.
 
إن أعظم قضية يجب أن ينشغل بها كل واحد منا هي قضية وجوده، وحياته، والغاية منها، وقضية مستقبله، ومصيره، وشقائه وسعادته، فلا يجوز أن يتقدم ذلك شيء مهما كان، فكل أمر دونه هين، وكل خطب سواه حقير، وهل هناك أعظم وأفدح من أن يخسر الإنسان حياته وأهله، ويخسر مع ذلك سعادته وسعادتهم، فماذا يبقى بعد ذلك؟ ﴿ قُلْ إنَّ الخَاسِرِينَ الَذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ ﴾ [2]
 
وإذا كان الكتاب والسنة قد اهتما غاية الاهتمام بتفاصيل ذلك، لأنها من الغيبيات التي لا مجال للعقل، فيها وقد وردت النصوص صريحة في ذلك؛ فإنه من الحمق والجهل، ألا نهتم به، لذلك فمن الواجب علينا، أن نتعرف على الدار الآخرة، وأن نعرف ما أُعِدَ فيها، من حساب، ومن ثواب وعقاب، وما سيكون فيها، من هول، وكرب، أو نعيم واطمئنان، منذ اللحظة الأولى التي يحط فيها الموت برحاله، إلى أن يستقر أهل الجنّة في الجنّة، وأهل النّار في النّار، لأن ذلك الحق هو اليقين الذي لا ريب فيه.
 
ولذلك عمدت إلى تقديم هذه السلسلة لإظهار وبيان هذا الموضوع بقدر ما أخبر به الكتاب والسنّة لتبيين الحق والصواب وفق أسس علمية صحيحة وموثقة إن شاء الله تعالى، فشمل الكتاب الحديث عن الموت، وحقيقته، والاستعداد له، والاحتضار، وساعته، وما يحدث فيها، والقبر، ووصفه، وكلامه وضمته، وسؤال الملكين، وهل السؤال للكافر والمؤمن؟ وماذا في سؤال غير المكلفين في القبر؟ وعذاب القبر، ونعيمه، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة، والروح وهل تفنى بعد الموت؟ وأين توجد أرواح المؤمنين وعصاة المسلمين والكفار؟ وهل تتلاقى أرواح الأحياء والأموات؟ والساعة وإحداثها، والحساب ومفاجأته، والميزان والحوض وحقيقتهما، والصراط وأهواله، والجنّة ونعيمها، والنّار وعذابها، وانتهينا بالحديث عن الشّفاعة، وأنواعها، وتمنى الكفار لو كانوا مسلمين، وخلودهم في النّار دون غيرهم، وخروج جميع عصاة الموحدين من النّار، ذلك وغيره بشرح وتفصيل يزيد المؤمن قربه وإقبالا على الله، كما يكشف النقاب عن بعض الغيبيات التي لو علمها غير المسلمين لدخلوا في الإسلام دون تردد.
 
والله أسأل أن يتقبل هذا العمل المتواضع، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يجعلنا من أهل الجنّات، وأن يباعدنا عن النّار دار الهلكات، وأن يتوفانا على الإيمان، والتوحيد، ويعيذنا من الكفر، والشرك، والتنديد، إنه سبحانه جواد، كريم، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وبالله التوفيق..
 
الموت
الموت كلمة صامتة، لا يسمعها الإنسان إلا ويخيم عليه الصمت ويشعر ساعتها بالسكون، كلمة حيرت جميع العقول، ودهشت أعاظم العلماء، ومازال غامضا، وأمرا عجيبا، فالعلم قد وصل إلى ما وصل، وصنع من العجائب والغرائب ما صنع، وأكتشف من الأسرار والخفايا ما اكتشف، ورغم هذا كله لو سألته عن الموت، وقف عاجزا، مكتوف اليدين، معقود اللسان.
 
الموت مخلوق من مخلوقات الله، والعدم والفناء يجرى عليه، مصداقا لقوله تعالى ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾[3] فكل شيء سيفنى ويموت، الملائكة تموت، والأنبياء يموتون، الأتقياء يموتون، والعصاة يموتون، الصغير يموت، والكبير يموت، الحقير يموت، والعظيم يموت، الدميم يموت، والجميل يموت، النبي يموت، والشيطان يموت، ملك الموت يموت، والموت نفسه يموت ...
فالكل في عالم الفناء والعدم.
قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾[4].
 
الموت هو انعدام الحياة قبل وجودها، وانعدام الحياة بعد وجودها، فقبل وجودك أنت ميت، وبعد نزع الروح منك أنت ميت أيضا.
 
الموت نهاية الحياة على الأرض، بانهدام بنيان الإنسان، لتبدأ حياة جديدة في عالم جديد، فالموت ليس فناء كما يعتقد الجاهلون، بل هو انتقال من دار إلى دار، وبرزخ يفصل بين حياتين، حياة الاختبار والابتلاء، وحياة الجزاء والبقاء، والحياة الحقيقية هي حياة الآخرة، قال تعالى ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾[5].
 
إن الحياة الدنيا مهما امتدت، ومهما طالت، ومهما صفت، فمصيرها إلى الزوال، وإن هي إلا أعوام وتنقضي، وربما كانت أياما، أو ساعات، وكم هي لبعض الناس بضع لحظات، فيصبح المرء بعدها في حفرة، وحيدا ليس معه الأولاد، ولا الأموال، ولا الزوجات، ولا خليل يناديه، كأنه لم ير الدنيا ولم تره، هذا إذا كانت الدنيا التي عاشها صافية له، ونقية، فكيف وقد ملئت الدنيا بالمشكلات والمنغصات، كم مر بنا من خير ومسرات؟ كم ضحكنا؟ كم بكينا؟ كم صححنا؟ كم سقمنا؟ كم عوفينا؟ تقلبات مرت بنا كأن لم تكن.
 
الموت أكبر من أن تقوله الألسنة وفوق أن تراه العيون أو تسمعه الآذان أو تتصوره العقول، لأن الموت إذا نزل أخرس الألسنة وأسكنها، وأعمى العيون وأذهبها، وأزعج القلوب وأرهبها، فهو مصيبة بكل المقاييس كما وصفه القرآن الكريم في قوله تعالى ﴿ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ ﴾[6] وليت الأمر يقتصر على الموت لهانت المصيبة، ولكن المصيبة فيما بعد الموت، فالويل كل الويل لمن كانت الدنيا أمله والخطايا عمله، الويل كل الويل لمن كان عالما بأمر دنياه، جاهلا بأمر آخرته، الويل كل الويل لمن كان يجزع إذا قل ماله، أو نقص، وما فطن لما من عمره ينتقص.
 
الموت هو انتزاع الحياة من الإنسان، وانتزاع الحياة يتم بواسطة ملك مخصص يسمى ملك الموت، الذي يمسك بالروح ويجذبها إليه، فيقلعها من كل خلية في الجسم دون تمييز، فتتمزق الخلايا، ويختلط الحابل بالنابل، وتسيل الدماء في كل اتجاه، وتنتهي الحواجز التي تفصل أجزاء الجسم بعضها عن بعض، فيصبح مهلهلا ويقاسى من الآلام الحادة والقاسية ما لم يشعر به بشر في مرض من قبل، ومهما حاول الإنسان أن ينجو من الموت فلن يستطيع [7]، قال تعالى ﴿ قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [8].
 
الموت حتم في موعده المقدر، لا مهرب منه، ولا جدوى في الفرار منه، فإنه يطلب الإنسان ويتبعه حيثما كان، وفي أي وقت كان، حتى يدركه فأنت أخي الشاب لا تأمن الموت، ولا تظن أنك في أمان منه، فقد يموت الصغير، ويعمر الشيخ الكبير، ويهلك الصحيح، ويصحُّ المريض؛ فكم من صغير دفنتَ، وشاب وشابة واريتَ؟ وكم من عروس قبرتَ؟ وشيخ عجوز عاصرتَ، كم من نفس في ساعتنا هذه تحتضر، وكم من جسد مسجى للصلاة عليه ينتظر، وكم من جسد في ساعتنا هذه يحثي عليه التراب ليستتر، لكننا مع الأسف الشديد نسيناه أو تناسيناه وكرهنا ذكره ولقياه مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، قال تعالى ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُروجٍ مُّشَيَّدَةٍ َ ﴾ [9].
 
لقد نال الموت عناية فائقة الوصف، في الكتب السماوية، وأحاديث الأنبياء ووعظ الصالحين، ووصف الكتاب، من كل عصر، وجنس، وعقيدة، وأصدق التعبيرات عنه نأخذها من القرآن الكريم:
فعن شدة الموت يقول ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كَنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾.[10]
وعن هوله يقول ﴿ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ ﴾[11]وعن حتمية الموت لكل كائن يقول ﴿ قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ﴾ [12] وعن التحصن منه يقول ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ المَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ﴾ [13] وعن وصف لحظة خروج الروح يقول ﴿ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ ﴾.[14]
 
وقد ذكر الله كلمة الموت ومشتقاتها في القرآن الكريم في حوالي خمس وسبعين ومائة آية، وفي كل مرة تذكر فيها كلمة الموت، تقشعر لها الأبدان، وتخشع لها الصدور، وتذرف لها العيون، وليس في عالمنا عالم الإنس فقط، بل في كل العوالم، من عالم الجن، والملائكة، والحيوانات، والحشرات، كلما ذكر الموت، ارتجفت هذه العوالم خوفا ورهبة، قال تعالى ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [15].
 
تلك لحظة حاسمة في حياة كل إنسان، مهما عظمت مكانته، ومهما علت منزلته، فالكل في تلك اللحظة سواء، وإنما يتفاوت الناس حسب تقواهم، فيا من غره طول الأمل، يا من قصر عن العمل، فاستعد ليوم الرحيل فإنّك عما قريب ستلاقيه، نغفل عنه في الحياة وهو خاتمة الحياة، قد كان بالأمس يَنعى وها هو اليوم يُنعى، فتخيل نفسك وملك الموت واقف ينتظر الأمر بنزع روحك، فما أعظم مصيبتك إن كنت ممن فرط في جنب الله، وكان من الساخرين، وما أسعدك إن كنت ممن قال ربنا الله ثم استقام، وليست المسألة بعيدة، ربما كانت أقرب إليك مما تتصور، فكم من مصلّ للظهر ما أدرك العصر إلا في الدار الآخرة، فخذوا حذركم، ويا إخوان الغفلة تيقظوا، ويا مقيمين على الذنوب انتهوا واتعظوا، فوالله ليس هناك ممن هو أسوأ حالا ممن استعبده هواه، وليس هناك أخسر صفقة ممن باع آخرته بدنياه، ولكنها الغفلة التي شملت قلبه، والجهل الذي ستر عنه عيبه، أما فكرت ولو للحظة واحدة، ماذا لو قبض الله روحك على هذه الحالة، أما فكرت فيما لو بعثك الله على معصيتك هذه يوم القيامة؟
 
أخي يا من تهاون في الصلاة وضيع الجمعة والجماعات، يا من تشاهد الصور الإباحية والمواقع الفاسدة، يا من قضى الساعات في مشاهدة القنوات والأفلام الخليعة، يا من تنهش بعينك أجساد النساء في الأسواق والطرقات، يا من أطلق سمعه للموسيقى والغناء، يا من أطلق لسانه بالغيبة والخوض في أعراض الناس، يا من شرب الدخان ولم يستجب لأوامر الله، يا من أسبل ثيابه وتكبر على العباد، يا من تعامل بالربا وأستحل المحرمات، يا من ظلم وأكل حقوق العباد، يا من منع الزكاة وتهاون بها، يا من عق والديه وعذبهما، يا من قطع أرحامه وهجرهم، يا من غش في البيع والشراء، يا من رشى أو ارتشى، يا من ضيع من يعول من زوجه وأولاد، يا من زنى أو عمل عمل قوم لوط، يا من نام عن صلاة الفجر، يا من ذهب إلى السحرة والمشعوذين، يا من استهزأ بأهل الدين والصالحين، يا من حسد وحقد على إخوانه المسلمين، يا من هجر القران، يا من جالس أهل السوء والشر، يا من هجر الصالحين ومجالس الذكر، يا من لم يحج وهو يستطيع ويملك مقومات الحج، يا من شهد الزور أو أعان عليه، يا من يوالى الكفار، يا من ابتدع في دين الله، يا من يكذب ويتحرى الكذب، يا من نادى بالتبرج والسفور وخروج المرأة المسلمة، يا من غفل عن ذكر الله، أما آن الأوان أن ترجع إلى الله؟ أما آن الأوان أن تنتبه من غفلتك؟ أما آن الأوان أن تستيقظ من رقدتك؟ هل علمت إلى متى سيمهلك الله؟، تذكر أن الله قادر على قبض روحك على هذه الحالة، فتموت على أقبح ميتة وعلى أسوء خاتمة، تذكر أنك سوف تبعث يوم القيامة على حال معصيتك، فمن مات على شيء بعث عليه، فمن مات وهو يزنى بعث يوم القيامة زانيا، ومن مات وهو يشاهد الصور والأفلام المحرمة بعث يوم القيامة على حالته مفضوحاً بين العباد منتظراً لعذاب الله.
 
لقد جعل الله سبحانه وتعالى الموت بلا أسباب، أنه يمكن أن يفاجئنا في أي لحظة، لأنه ليس له سن معلوم، ولا زمن معلوم، ولا مرض معلوم، ولذلك يجب أن نكون على أهبة الاستعداد منه، وعلينا ألا نغتر بالحياة، وأن نتوقع النهاية في كل وقت، وألا ندع الأمل في الحياة والهوى يبعدنا عن مصيرنا، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [16].
 
ألا ترى يا أخي، أنه لا يكاد يمر يوم إلا ونودع فيه أُناسا كانوا بين أظهرنا، وكانت لهم آمال، وطموحات مستقبلية مثلنا، وفجأة جاءهم الموت وحال بينهم، وبين أحلامهم، فاحرص على ألا تغيب هذه الحقيقة عن بالك حتى تتعامل مع الدنيا تعامل المفارق، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي المؤمنين أكيس قال: أكثرهم للموت ذكرا وأشدهم استعدادا له أولئك هم الأكياس.[17]
 
وقال الإمام القرطبي رحمه الله في التذكرة: قال العلماء: تذكر الموت يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي ويذهب الفرح بالدنيا ويهون المصائب [18].



[1] الآية 30، 31 من سورة الزمر


[2] الآية 15 من سورة الزمر


[3] الآية 26 من سورة الرحمن


[4] الآية 57 من سورة العنكبوت


[5] الآية 17، 16 من سورة الأعلى


[6] الآية 106 من سورة المائدة


[7] عالم الروح والمائدة (ص 138)


[8] الآية 168 من سورة آل عمران


[9] الآية 78 من سورة النساء


[10] الآية 19 من سورة ق


[11] الآية 19 من سورة البقرة


[12] الآية 8 من سورة الجمعة


[13] الآية 78 من سورة النساء


[14] الآية 19 من سورة الأحزاب


[15] الآية 88 من سورة القصص


[16] الآية 9 من سورة المنافقون


[17] رواه ابن ماجة والحاكم وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1384)


[18] التذكرة (ص 12)

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير