أرشيف المقالات

قبول النصيحة والموعظة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
قبول النصيحة والموعظة


هناك آداب ينبغي أن تتوفر في الموعوظ، ومنها:
أولًا: قبول الموعظة: أن يتقبل الموعظة بصدر رحب، دون ضجر أو تكبر، وإنَّ قبول الموعظة من الواعظ دلالة على محبتة للخير، وإدراكه لحقيقة النقص البشري الذي يتعرض له كل واحد من الخلق سواء أكان عالمًا أم متعلمًا.
فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"[1].
فالرجوع إلى الحق فضيلة، والتمسك بالباطل رذيلة، وليحذر أن يكون ممن قال الله تعالى فيهم ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 206] [2].
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (إنَّ من أكبر الذنب، أن يقول الرجل لأخيه: اتق الله فيقول: عليك نفسك أنت تأمرني؟) [3].
إنَّ قبول الموعظة ليست انتقاصًا من الموعوظ، بل تكسبه التقدير والاحترام في نفس الواعظ.
وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: رحم الله امرأً أهدى إلينا مساوئنا[4].
ويقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: المؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيها عيبًا أصلحه[5].
 
ثانيًا: محبة الواعظ:
إنَّ محبة الموعظة وأهلها طريق كل خير، وعلامة على التوفيق، فإذا كان بعض الناس يحب من يرشده في أمور دنياه، فكيف بأمور آخرته التي فيها فلاحه أو خسارته.
وعدم حب الوعظ وأهله يؤدي إلى خسارة الموعوظ باستمراره على خطئه، وبإعراض الواعظين عنه، ويؤدي إلى وقوع العذاب والهلاك في الدارين.
فإنَّ الموعوظ يستفيد من الواعظ في معرفة عيوب نفسه، بحيث أنه لو انفرد لم يستفد.
ويهدف الواعظ إلى إيصال موعظته الحسنة بشكل مقبول ومؤثر، ليتحقق الإعذار أمام المولى سبحانه، ولعل هؤلاء الموعوظين يتأثرون، ويقبلون هذه الموعظة، وتجد الموعظة مكانًا لها في قلوبهم، ويحبون أهلها.
 

ثالثًا: شكر الواعظ والدعاء له:
ينبغي على الموعوظ أن يقدم الشكر لمن وعظه، لأنه قد أسدى إليه معروفًا يستحق الثناء، امتثالًا لما جاء في الحديث، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سألكم بالله فأعطوه، ومن استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن آتي إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له حتى تعلموا أنكم كافيتموه، ومن استجاركم بالله فأجيروه"[6].
وعن أبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللّهِ - صلى الله عليه وسلم – "من لا يَشكُرُ الناس لا يَشكُرُ الله"[7].
فالشكر على المعروف من أخلاق المسلمين، وصاحب المعروف يستحق الشكر على فعله، وأيضًا يستحق الدعاء له، لأنه أراد لك الخير، والسير على طريق الصالحين.



[1] سبق تخريجه ص: 41.


[2] سورة البقرة، آية: 206.


[3] شعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، 6/ 301، ط1، 1410هـ، دار الكتب العلمية، بيروت.


[4] أدب الدنيا والدين، أبو الحسن علي بن محمد البصري الشهير بالماوردي، تحقيق: محمد كريم راجح، ص: 251، ط4، 1405هـ/ 1985م، دار اقرأ، بيروت.


[5] الأدب المفرد، أبو عبد الله البخاري الجعفي، ص: 93.


[6] المستدرك على الصحيحين، الحاكم، وقال صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه 2/ 73.


[7] الجامع الصحيح سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، 4/ 339، رقم الحديث (1954)، قال أبو عيسَى هذا حَديثٌ حسَنٌ صَحيحٌ، وقال عنه الألباني صحيح، انظر صحيح سنن الترمذي، رقم الحديث ( 1954).

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن