يحبهم ويحبونه
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
يحبهم ويحبونهشاعت مؤخرًا ظاهرةُ الاحتفال بما يسمى بـ(عيد الحب)، أو ما بات يطلق عليه (فالانتاين) - بين أوساط البعض من الشباب في بعض بلدان الشرق، تقليدًا زائفًا لما يجري في الغرب في مثل هذا اليوم من كل عام، ومحاكاةً لهم؛ حيث يتم تبادل الورود الحمراء، وتبادل التهاني والهدايا، والرسومات على الوجوه، وغيرها من الطقوس البائسة احتفاءً بهذا العيد.
وإذا كان ليس للحب في الإسلام عيد يُحتفل فيه، فذلك لأن الإسلام في روح رسالته السمحاء هو رسالة حبٍّ نقية، أرسلها الله، وأنزلها لعباده، يحيون بها، ويتراحمون في ظلها، في كل وقت وحين، وليس في يوم محدَّد بذاته، على قاعدة (يحبهم ويحبونه)، ولذلك فالمسلم يتعلم الحبَّ للآخرين مِن محبة الله عز وجل لعباده، ومخلوقاته، في أرضه وسمائه؛ ليعتمده المسلم في سلوكه العملي منهجَ حياةٍ يوميًّا دائمًا، ولذلك يبقى الحب في الإسلام بما هو تراحم ومحبة وعفو، وتسامح بين الناس والأصحاب - روحًا نقيَّة يعيشها الإنسان المسلم سجيَّةً دائمة، تعلَّمها من رسوله الكريم الذي وصفه الله تعالى بالقول: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
فما قيمة أن يظل الإنسان طول أيام العام مُعربدًا، عاقًّا للآخرين، أو مروِّعًا لهم، ليأتي ويخدعهم بحب كاذب يومًا واحدًا في العام، فيما ابتُدِع مما بات يُعرف اليوم بعيد الحب.
وبالطبع فإن ذلك ليس معناه أن الإسلام يتنكر للحب، أو أنه يرفضه، ولا يوقِّره، بل العكس تمامًا؛ حيث إن جوهر السلوك المسلم في الإسلام، هو حب الآخر محبةَ نفسه، على قاعدة (لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحب لنفسه).
فالمسلم بسلوكه المحب للآخر، إنما يحتفي بالحب باستمرار في كل كلمة وعمل، وصلة دائمة في كل لحظة في حياة الإنسان، في حين أن العالم الغربي يحتفل بالحب المصطنع في يوم عابر من أيام السنة، مع ما في جوهر السلوك الدائم عندهم من سلبيات، وشتان بين الحالين!