حذلقة الشيوعيون - شبهات حول الإسلام - محمد قطب إبراهيم
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
وبهذا وذاك يكون الإسلام قد خطا خطوات فعليه واسعة في سبيل تحرير الرقيق، وسبق بها التطور التاريخي كله بسبعة قرون على الأقل، وزاد على هذا التطور عناصر - كرعاية الدولة - لم يفىء إليها العالم إلا في مطلع تاريخه الحديث. وعناصر أخرى لم يفىء إليها أبداً، سواء في حسن معاملة الرقيق، أو في عتقه تطوعاً، بغير ضغط من التطورات الاقتصادية أو السياسية التي اضطرت الغرب اضطراراً لتحرير الرقيق كما سيجيء.
وبهذا وذاك تسقط حذلقة الشيوعيون ودعاواهم " العلمية " الزائفة، التي تزعم أن الإسلام حلقة من حلقات التطور الاقتصادي جاءت في موعدها الطبيعي حسب سنة المادية الجدلية - فها هي ذي قد سبقت موعدها بسبعة قرون - والتي تزعم أن كل نظام - بما في ذلك الإسلام - إن هو إلا انعكاس للتطور الاقتصادي القائم وقت ظهوره، وأن كل عقائده وأفكاره تلائم هذا التطور وتستجيب له، ولكنها لا تسبقه، ولا تستطيع أن تسبقه، كما قرر العقل الذي لا يخطىء ولا يأتيه الباطل من فوقه ولا من تحته، عقل كارل مارس تقدست ذكراه!
فها هو ذا الإسلام لم يعمل بوحي النظم الاقتصادية القائمة حينئذ في جزيرة العرب وفي العالم كله، لا في شأن الرقيق، ولا في توزيع الثروة، ولا في علاقة الحاكم بالمحكوم، أو المالك بالأجير، وإنما كان ينشئ نظمه الاجتماعية والاقتصادية تطوعاً وإنشاء على نحو غير مسبوق، ولا يزال في كثير من أبوابه متفرداً في التاريخ.