أرشيف المقالات

الزواج والمسطرة! - حنان لاشين

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
يظن البعض..
أن هناك شخصيات مثالية، رائعة، متدينة، ﻻ يوجد فيها ما يحيد عن خط المسطرة.

هي..
تريده شابًا رائعًا، أشدُّ منها التزامًا.

يأخذ بيدها للجنة، ﻻ يُخطئ أبدًا، يغض بصره ولا يذنب، طوال النهار يُرتِّل القرآن، وطوال الليل قائمٌ يُصلِّي، وفي نفس الوقت يعمل وينجح ويُنفِق عليها بسخاء...!

هو..
يريدها أحسن منه تدينًا، يتقلّب في فراشه ليلًا فيراها قائمةً تُصلِّي، ﻻ تغضب، ﻻ تحزن، وفي نفس الوقت جميلة الجميلات، حافظة للقرآن، دارسة للعلم الشرعي، وتسقية للأبناء بالملعقة...
ﻻ بد أن تكون هكذا لأنها هي التي ستُربي...!

مهلًا...

لماذا تنتظر أن يأخذ بيدك أحد!
لماذا لا تتحمل المسئولية؟
قم بنفسك..

التدين والالتزام والقُرب من الله لا يُقاس بالمسطرة ولا يوجد شخص مثالي 100%!

نحن لسنا إنسانات آلية مبرمجة على الطاعة لتكرّرها بانتظام، الخشوع ليس له زِرٌ تضغط عليه فتشعر به، وحلاوة الإيمان لا تُحفَظ في عُلب.

ﻻ ترفعوا سقف التطلُّعات، وﻻ تُبالِغوا في مواصفات فارس الأحلام، وفتاة الحلم الجميل..!

تقبّلوا من الآن أن من سترتبطون به سيُخطئ ربما أو يُقصِّر أحيانًا، سيستيقظ مرةً بل مرات بعد وقت الفجر فلا تنهاري، وهي ستتعب من خدمتك وخدمة أوﻻدكما وربما تترك قراءة وِردها أحيانًا فلا تُصدم فيها!

هناك أشياء أساسية تمسّكوا بها، حاور من أمامك لتعرفه كإنسانٍ وليس كملاك، إطرح حلمك بين يديه وتأمَّل ردة فعله، واستمع له، تجاوز عن بعض المقاييس البسيطة طالما أن معظمه حسن.

ابحثوا عن الأخلاق وخذوا الطباع في الاعتبار.

أحيانًا يصطدم الطبع السيئ بقواعد الالتزام التي تبحث عنها فتجد زوجة مثقفة علميًا وشرعيًا ربما؛ لكنها عنيدة وصوتها عالٍ وفي كل نقاشٍ تقف نِدًا لزوجها ولا تحترمه! فيكره الحديث معها رغم أنها ذكية جدًا، بيتهما غير ساكن فكيف سيسكن الصغار!

وتجد أخرى ﻻ تحفظ إﻻ الفاتحة وقصار السور لكنها تجيد الإنصات لزوجها وتريحه وتشعره أنه أميرها الوحيد، فتعمّ السكينة ويهدأ البيت ويتهيأ الصغار ﻻستقبال أصول التربية منهما ومن المجتمع والمسجد، لأنهم ببساطة في عُشٍ هادئ.

وأحيانًا يكون الزوج فظًا غليظًا أو يستخف برأي زوجته، أو يضربها رغم أنه أمام الجميع رائع ومُتديِّن ويُصلِّي، وتجد غيره ليس فقيهًا لكنه رحيمٌ يُحسِن لزوجته.

التقييم ليس بالمسطرة..
خذ من أمامك بكل ما فيه، واعلم أنه بشرٌ مثلك وكما أنك لست دائمًا مثاليًا، وتُخطئ، وتُقصِّر، وتُذنِب، ﻻ تُطالِبه بالمثالية..

وﻻ تُطيلوا البحث عن نماذج خيالية لم تُولَد بعد، وﻻ تقعوا في الفخ فتحكموا فقط بالمظاهر، فتصطدمون بالواقع وتتألمون.

نحن ﻻ نعرف من مِنَّا سبق الآخر بهِمَّته ومن مِنَّا أخلص في آيةٍ واحدة..
فسبق الجميع.

أسأل الله أن يرزق كلٌ منكم بنصفٍ آخر تقرّ عينه به في الدارين.

 

شارك الخبر

المرئيات-١