(9) وضحكنا معًا - ذكريات في المشفى - أم هانئ
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
تقول صاحبتنا:أكثر الأطباء من معالجتي بالحقن في الوريد والعضل..
محاولة منهم للحدِّ والتخفيف؛ من كثيرة الدماء المفقودة بسبب النزيف..
فكانت الممرضات يحقنَّنِي بكثرة، ويستسهِلن الحقن في العضلة..
وبسببٍ ما..
في يوم ما أصابني خُرَاجٌ* بتقدير من الإله..
فأصابتني بسببه حُمّة، وكانت تؤلمني في الفراش أدنى حركة..
فكانت ساميتي تواسيني، وتحاول في مُصابي أن تُضحِكني علّها تُسليني..
فقمتُ لحاجةٍ ومررتُ بجوار فراشها، فداعبتني بضربةٍ خفيفةٍ من كفِّها..
فأصابت بلا قصد موضع الألم، فصرختُ وانفجر بركان من القيح كالحِمَم..
فهبتْ إلى نجدتي، وقد أفزعتها دموعي وشِدَّة لوعتي..
فكشفتْ طبيبتي عن المكان، وهالها من شديد القيح ما كان..!
فأسقط في يدينا، وقد بَعُد الباب وأُغلِق كالعادة علينا..
فرفعتْ عن فمها وأنفها كمَّامة التنفس؛ لتصرخ وإيَّاي: الغوث الغوث..
صرخنا وهذا حالنا، حتى انقطعت أنفاسنا، وبُحّ من الصراخ أصواتنا..
والعاملات عن صرخاتنا منشغلاتٍ غافلاتٍ لاهيات..
وفي الأخير: ساق الله إحدى الممرضات؛ لإجابة لصراخنا بالذات..
وتولَّت الأمر، وحضرتْ كبيرة الممرضات على الفور..
فلمَّا عاتبناها، اتسعت من الدهشة عيناها، ثم قالت كلمات مفداها:
أنتما أفضل الحالات ما شاء الله، تبارك الإله..
فكيف ننشغل بالأفضل عن الأسواء ممن سواه!
فتبادلتُ وساميتي النظرات..
ولم نستطع أن نكتم ما غلبنا من الضحكات!
يتبع...
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ("والخُرَاجُ: ورَمٌ يَخْرُجُ بالبدن من ذاته، والجمع أَخْرِجَةٌ وخِرْجَانٌ.
غيره: والخُرَاجُ ورَمُ قَرْحٍ يخرج بداية أَو غيرها من الحيوان.
الصِّحاح: والخُرَاجُ ما يَخْرُجُ في البدن من القُرُوح" انتهى لسان العرب).