أرشيف المقالات

الصبر

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
  يقول ابن الجوزي: "إذا صُبَّ في الإناء زيتٌ، ثم صُبَّ فوق الزيت ماءٌ، فإن الزيت يطفو فوق الماء.
يقول الماء للزيت: "كيف ترتفع عليّ وأنا أنبتُ شجرتك؟"
فيقول الزيت للماء: "أنت تجري في رضراض الأنهار على طلب السلامة، أما أنا فإني صبرت على الطحن والعصر، وبالصبر يرتفع القدر ".


هل رأيت ما نتيجة الصبر ؟ لقد جعل الزيت يصعد فوق أصله، يعلو ويرتفع فوق سببه ومنبعه.
اصبر وبالصبر يرتفع القدر!
 
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى *** ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
يا هذا: عاند الدنيا وابتسم.
فالفجر لا محالة طالع بعد شدة الظلام.
والله ما ضاقت إلا لتفرج،فلا تقل حظي قليل، إنما قل: قدر الله وما شاء فعل.
فإن اختنقت فاسكب أحزانك في سجدة، واشك همومك لمن لا يغفل عن أحد، وادعه ليرضى ولا تدعه ليعطي؛ لأنه إذا رضي أذهلك بعطائه.

فبالرضا تحلو الحياة، وبالابتسامة تهون المشكلات، وبالاستغفار تنقضي الحاجات،وبالدعاء تتحقق المستحيلات.
فلا تفقد صبرك فالأشياء الجميلة تأتي بعد الصبر الجميل.
والصبر الجميل هو الصبر مع الرضا .
أنسيت أنه بالصبر يعلو القدر؟!
فكن على يقين: {إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153].

لا يعرف طعم السعادة إلا من وكل أمره لله، وتيقن بأنه خير مدبر له.
أو ليست أقدارنا مكتوبة؟!فلم نقترض الهم ، ونقضيه رباً في يوم لم تطلع شمه بعد؟!
فلا تدم الشكوى، فلو كان الإنسان يستغفر أكثر من أن يشتكي؛ لوجد راحته قبل أن يشتكي.

قال الحسن رحمه الله: "جرَّبْنا وجرَّب المجرِّبون، فلم نر شيئًا أنفع من الصبر، به تداوى الأمور، وهو لا يُداوى بغيره".
وقد قال بعض الحكماء: "من حاذر لم يهلع، ومن راقب لم يجزع، ومن كان متوقِّعًا لم يكن متوجِّعًا".
ومن أحبَّ البقاء فليُعِدَّ للمصائب قلبًا صبورًا.

كم تستمتع بالحياة حين تدرك أن الله لا يبتليك ليعذبك وإنما يبتليك ليهذبك.
ابتسم فرزقك مقسوم، وقدرك محسوم، ولا شيء يستحق الهموم، فكل هم لا محالة زائل، وإن تأخر الحلم؛ فمحقق بإذن الله.
فلا تنزعج لتقلبات الحياة، وخاطب أحلامك المتأخرة، وقل لها:"زيني أكثر، فإن لكِ فأل يوسف"

إلى كل الرائعين الذين تتأخر أمانيهم عن كل من يحيط بهم بضع سنين، لا بأس..
دائماً ما يبقى إعلان المركز الأول..
لآخر الحفل!!
إذا سبقك من هم معك، فأعرف أن ما ستحصل عليه..
أكبر مما تتصور!!
تأكد أن الله لا ينسى..
و{إِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [ التوبة :120]، فكن منهم.

فاصبر يا هذا على المأمور، واصبر على المحذور، واصبر على المقدور؛ تدخل جنة لن تبور.
وليكن صبرك بالله ولله ومع الله، واحبس نفسك ولسانك وقلبك عن الشكوى لغير الله، وتعز بأهل البلاء يبعدك الله عن الشقاء.

حين يعيش الإنسان مع الله ويدرك قيمة الحياة الدنيا؛ سيعرف أنه لا شيء يستحق البكاء عليه مثل ذنبه، يا ابن ادم أليس يكفيك قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10].     عمار بن ثابت  

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١