int(1966) array(0) { }

أرشيف المقالات

محاولة لإسقاط الرموز

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
محاولة لإسقاط الرموز
 
أتعجَّبُ كثيرًا عندما أرى العديدَ مِن المقالات المهاجمة للشخصيات الإسلامية الرائدة بخِطاب حادٍّ موجَّه للشخصية نفسها، دون انتقاد للمحور الأصلي محور الخِلاف، وإن لمح لمحة يسيرة في الخِلاف؛ ليتمَّ أضعافُ هذا الإلماح بالطعْن بتلك الشخصية، هادمًا جهودها في خِدمة الأمة بمجرَّد هذا الخِلاف اليسير، سواء في وِجهة النَّظَر في أمرٍ عام، أو في خِلاف فقهي يسير، والمشكلة أنَّ نِسبةً كبيرة مِن كتَّاب هذه المقالات - التي يدمي القلْب مِن فحواها الذي غلَّفها بعضُهم باسمِ بالنصيحة - ممَّن يُحسبون على طلاَّب العلم.
 
وإنَّك لتتساءل: هل هو فقدٌ لأسلوب الردِّ السليم؟ أم أنه مجرَّد تصفية حِسابات؟ أم أنَّه محاولة لإبراز الشخصية مِن خلال قوَّة خِطاب الردِّ على شخصية تحتلُّ مرتبةً عالية في نظر المجتمع؟
 
والسؤال الذي يفرِض نفْسه: ما السببُ وما الدافع؟
وأنا هنا لا أقِف مدافعًا عن فِكرة أحد المشايخ، التي يمكن أن تكونَ وجهة نظر وقَناعة شخصية للشيخ، فهو بشرٌ وفِكرته قد تُصيب وقد تخطئ، ولا عن الشيخ نفسه، بل أحاول أن أصِلَ معهم للطريقة الصحيحة والمُثْلَى للردِّ والنصح والتوجيه.
 
هل يعتقدون أنَّ التهجُّمَ على أي شيخ أو عالِم سينفع؟ ألاَ يعتقدون أنهم سيجدون رِدَّة فعْل من مُناصري هذا الشيخ أو العالِم، كما هي حالة الردود التي توجَد عند تنبيه أيِّ شيخ؛ حيث إنَّ له جمهورًا من العامة لا يَفقه إلا التبجيلَ لشيخه ولو كان مخطئًا، وسيولد هذا مزيدًا مِن الصُّدوع بين بعض طلاَّب العلم والعامَّة، مما قد يوصل مستقبلاً إلى نشوء علماء غير مُقنِعين للناس بسبب التاريخ الحادِّ بيْن الطرفين، وربما يستغل هذا مِن التيار الذي قد سنَّ شوكته في هذا العصر، والذي يستغل أخطاءَ أيِّ عالم ليبدأَ برحلته المعتادة لتشكيكِ الناس فيه، ومحاولة تقليل جمهوره بتكبيرِ هذا الخطأ، وما يترتَّب على هذا مِن تبعات، والمستفيد منها هو ذلك التيَّار.
 
أحبَّتي، لنكُن هيِّنين ليِّنين بيننا كما قال - تعالى -: ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، ونصْنَع الأعذار لبعضِنا كما قال عمر: "احملْ فعل أخيك على سبعين محملاً، فإنْ لم تجد له محملاً، فاصنعْ له محملاً".
 
أحبَّتي، لنستفدْ مِن بعضنا البعض، ولنصحح أفكارَنا بيننا بتناصُح سِرِّي، هيِّن ليِّن دون تجريح؛ لنزيدَ من تقاربنا لبعضنا، ولنشدَّ على أيدي بعضنا، فهناك الآن مَن يسعى للتشتيت بيننا ليشغلَنا بأخطاء بعضِنا، وهناك مَن وَقَف على الأبواب لبثِّ أفكارهم المسمومة، فلنتعاهد معًا على كشْف تلك الأفكار وفضْح مَن وراءَها.

شارك المقال

ساهم - قرآن ٣