أرشيف المقالات

هل وصلتم من المريخ توًا؟!

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .

مؤامرة إعلامية استخدمت فيها كل مهارات السحر الإعلامي على الشعب المصري؛ لكي يغير رأيه في قضايا مُسَّلَم بها في الأعراف السياسية والأخلاقية والدينية، ومع ذلك استطاعت بسياسة (الزن على الودان أمّر من السحر) أن تقلب الموازين وتخرب المعايير السليمة في أذهان بعض الناس، الذين لا يتمتعون بثقافة سياسية كافية، كانوا محرومين منها عمداً أيام الدكتاتورية العسكرية التي امتدت إلى ستين سنة تحت حكم العسكر.

أول هذه الزنّات: فِرْيَتهم أن الإخوان يريدون السيطرة على كل شيء..
من أين لهم العلم بالنيات، اطلعوا على قلوبهم؟! هل رأوا منهم رغبة في جمع المال، أو التنازع والحرص على حكم، أو شدة خصومة في طلب سلطة؟ وإن كان هذا متوافر في أعضاء الفلول وبانت خصومتهم الشديدة في الانتخابات، وفي الطمع في أن يكون لهم الأغلبية في اللجنة التأسيسية بالرغم من أقليتهم، وعوقوا وحرموا الشعب من أن يروا دستور ثورتهم الذي حلموا به، فيُترك هؤلاء الطامعون وتصب النار والزيت على الإخوان..
لماذا؟ لأنهم يملكون الإعلام..

ولو كان الإخوان يطمعون في السيطرة، فالعدل أن يمثل كل تيار في اللجنة بنفس نسبته في مجلس الشعب، ولكن الإخوان تنازلوا عن نسبتهم التي تصل إلى 48% إلى 30%، ولكن لم يعجب هذا العلمانيين الملاك السابقين للشعب المصري، ولم يخجلوا من حقيقة تمثيلهم في الشعب المصري، ولم يعترفوا بعد بهزيمتهم، وأن الشعب لفظهم إلا قليلاً، ألا يدل حرص الإخوان على التحالف مع عشرة أحزاب تحت ما يسمى: (التحالف الديمقراطي) وإشراكهم في الانتخابات بالرغم من عدم حاجة الإخوان لذلك التحالف، ولكن الإخوان يريدون أن يُثبتوا مشاركتهم لكل القوى الشعبية، وعندما أعطوا رئاسة بعض لجان مجلس الشعب لبعض الأحزاب الممثلة بنسبة معقولة، لم يستأثروا بكل لجنة.

ولو ترك الأمر للتصويت ما كان لأحد من الأحزاب أن يحصل على رئاسة لجنة واحدة أو وكالتها، ولكن الإخوان أعطوهم رئاسة ووكالة بعض اللجان بنسبة تفوق تمثيلهم في مجلس الشعب، رغبة في مشاركة الجميع، هل جزاء الإخوان على العطاء والمشاركة أن يتهموا بالرغبة في السيطرة؟ أين هذا من أحزاب الفلول والأحزاب الورقية في سعيها الدءوب خلف المجلس العسكري لتنال وزارة أو منصب ولو لعدة أيام؟ بينما الإخوان ليس منهم محافظ واحد ولا وزير واحد، ولا حتى رئيس مجلس مدينة أو حي أو حتى عمدة واحد، وعلى حد علمي لا يوجد فيهم رئيس جامعة واحد..!

وعلى الرغم أنهم يملكون الأغلبية التي تمكنهم من تشكيل حكومة وحدهم كما تقضي بذلك كل النظم الديمقراطية، ومع ذلك فهم ينادون دائما بحكومة ائتلافية تمثل فيها كافة الأحزاب والقوى الوطنية، فأين نزعة السيطرة؟! ولكنها المؤامرة على الشعب المصري بعدم تمكينه من اختيار حكومته التي تحكمه.

ثم هل من تحمل السجن والاعتقال سنوات عديدة، وصودرت أرزاقهم ومُنِعوا من وظائف كثيرة في الشرطة، وفي التدريس سواء في الجامعة أو المدارس، ومنعوا من النيابة والقضاء، إن طلاب الدنيا لا يتحملون مثل هذا إلا إذا كان ما يضحون من أجله هو أكبر من المناصب والأرزاق والأموال إنه (الإسلام وعز الإسلام والمسلمين) في أوطان المسلمين، لو كانوا طلاب دنيا كان يمكنهم التخلي عن فكرتهم ومشروعهم والاستمتاع بالمناصب والأرزاق والأمن والسلامة ولكنهم كانوا جميعًا فضلوا الجهاد على السلامة، والاعتقال في سبيل الله على الأمن ورضا الله على رضا الحكومة وعطاياها.

ثاني هذه الزنات المُرة: فريتهم أن الإخوان لا يجوز لهم الجمع بين الأغلبية التشريعية في مجلس الشعب والرئاسة والحكم! طبعًا يسوقون هذا بألفاظ السيطرة والجشع مثل: "انتوا عايزين تكوشوا على كل حاجة" أي نظام هذا الذي يدعوننا إليه، الأغلبية تُشرع والأقلية تحكم، يعني لو حصل العلمانيون على الأغلبية..
الإخوان يحكموا؟! أي منطق هذا، هل حدث هذا في أي ديمقراطية في العالم، أم يريدون أن يطبقوا علينا سابقة العراق المحتلة عندما أصرت أمريكا أن تحكم الأقلية العميلة، وتزيح الأغلبية التي انتخبها الشعب ليحكمها.

أنني لأتعجب من هذا الخلل الذي يثيره الإعلاميون العلمانيون، والله لو حدث هذا في دولة ديمقراطية في برنامج مثلا من برامج التوك شو، لكانت إجابة المذيع هو اتهام من يطرح هذا أو سيقول له: "هل وصلت من المريخ توًا؟" أو هل أعجبك كوكب الأرض؟ دائما الأغلبية هي التي تحكم لسبب بسيط : (المركب أم ريسين بتغرق) إن كانت الأقلية ترفض هذا فعليها أن تحترم الأغلبية التي انتخبتهم..

لو حدث جدلاً في دولة نظامها رئاسي، أن انتخب الشعب رئيسًا من غير حزب الأغلبية في مجلس الشعب كان القرار إجراء انتخابات مبكرة فورا، ولكن إعلام الفلول استغل غياب الممارسة الديمقراطية عن بلادنا 60 سنة ليدلس عليهم ما استقرت عليه أعراف الدول الديمقراطية، لماذا تفعل هذا الدول المتحضرة؟ لأنه لو كانت الأغلبية التشريعية غير متوافقة مع الحكومة التنفيذية لحدثت نزاعات شديدة تعوق عمل كل من السلطتين، وبالتالي تتعطل مصالح الناس.



مصطفى الكومي

 

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣