أرشيف المقالات

ضُيِّعت الأمة... فذبح إخواننا في ليبيا وسوريا - مهدي بن علي قاضي

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

اللهم أصلح أحوال أمتنا أمة الخير وأعدها بفضلك لتطبيق أوامر شرعك في كل الأمور.

**وبعد فماذا سيسطر القلم وكيف سيسجل التاريخ ما يحصل الآن في أمة الإسلام -وبتكرار واستمرار- من عجزٍ عن إيقاف ذبح إخواننا وهم يذبحون أمام أعيننا ونراهم يوميا وهم في هذه الحال.

ماذا سيكتب التاريخ عن عجزنا الذي لا نُعذَر فيه طالما أننا لم نبذل بحقٍ تعديل كل الأسباب التي أدت إلى هذا العجز عن إيقاف ذبح إخواننا في ليبيا من قبل الطاغية المجرم القذافي وزمرته أو في غيرها من بلاد العالم.
بل إنه من المخجل جدا ومما يجعلنا نضع رؤوسنا في التراب أن يأتي الكفار أعداء الإسلام من الصليبيين وغيرهم -بالطبع وفق أجندتهم الخاصة- ليحموا إخواننا.

سجل أيها التاريخ هذا المشهد المؤلم.
ولا أدري بأي لون قاتم ستكتبه.

سجل أيها التاريخ أن إخواننا في سوريا يذبحون الان بأبشع الصور وأمة الإسلام تبعد عن طريق النصر والعز.

سجل أيها التاريخ أن إخواننا يذبحون أمام أعيننا والعديد منا مستمر بل ومُشجع لأمور تعتبر أساس دائنا وعجزنا عن إنقاذ إخواننا؛ ألا وهو بعدنا عن التمسك الحق الكامل بكل أمور ديننا.

سجل أيها التاريخ أنه في أحد الأيام القريبة الماضية والتي كان المسلمون فيها يذبحون في ليبيا وفي سوريا وفي فلسطين تعلن صحف من صحف الأمة عن قنوات الأفلام الماجنة وبرامج الأغاني المفسدة.

سجل أيها التاريخ أنه وإخواننا يذبحون لا زالت شعوبنا تُلهى بالأفلام المحرمة واللهو القاتل للأمة عن سبيل نصرها وسبيل الجد والعزم.
  سجل أيها التاريخ أن الأمة لا زالت تُشغل وتنشغل بأمور من السفاسف بينما دماؤها أصبحت أودية وانهاراً في شتى بقاع الأرض.

والله لو كنا على الحق تماما مطيعين لله في كل الأمور لما عجزنا عن إنقاذ إخواننا.
ولما استطاعت أي قوة أيا ما كانت من منعنا من أداء ذلك.


إن أهم ما قتلنا وأذلنا وأضعفنا هو عدم تحقيقنا النصر الكامل لربنا الجليل كي يمكننا بفضله من تحقيق العز لأنفسنا وأن نصل بقوة الله إلى القدرة على دحر من يهين ويقتل ويبيد إخواننا.

وها هي دماء إخواننا في لحظاتنا هذه-عدا السابق- تستباح في شتى البقاع في ليبيا وسوريا وفلسطين وبلاد القوقاز وغيرها.

**متى نستيقظ؟...
أأمنا مكر الله وغضبه, ..
نعم هو رحيم كريم ولكنه غيور عظيم يغار من أن يبارز سبحانه بما لا يرضاه وبمجاهرة وإصرار..ألا نستيقظ ونحن نرى الفتن والمخاطر وصلت إلى بلاد الأمة في كل مكان, من داخلها وخارجها.

أعلم أن الخير كبير جدا في المسلمين, ولكن على الرغم من كل الخير الكبير إلا أن الأمة لا زالت تُخدَّر بمعاصٍ ولهو محرم يؤخر نصرها وقد يعرضها لمزيد من الفتن والشرور.

**اليوم وأنا أكتب هذا المقال في ظهر يوم الجمعة اليوم المعظم المبارك, والذبح مشتعل في إخواننا في ليبيا وسوريا وغيرها, في نفس هذا اليوم أرى أمامي إعلاناً كبيراً في أحد الصحف عن برنامج غنائي عنوانه"على شط بحر الهوى"!!! يشترك فيه مطربين ومطربات!!!.

يا كل العقلاء في الأمة؛ حتى لو قلنا أن غناء مطربات!! حلال! فإن المنطق والحق أن الأمة التي تواجه محناً وأخطاراً يكون قاتلا لها ناصرا لأعدائها أن تُوجه وتشجع على مثل هذه الأمور.


إنها والله خيانة للأمة بل خيانة عظمى أن نُضيَّع عن طريق تحقيق العز والنصر والقوة والسؤدد والتمكين بتهاوننا وتشجيعنا هذه المنكرات, وأي منكر يكون سببا في إغضاب العظيم في أي جانب من جوانب الحياة.

ويحدث هذا في الوقت الذي يُجهِّز فيه أعداء الأمة شبابهم وأجيالهم لحرب المسلمين والتنكيل بهم والاستيلاء بشكل أكبر على خيراتهم.

أبدلاً من أن يجهز شبابنا بكل قوة نحو الاستعداد للجهاد وما يحفظ الأمة ويُعزها يقتلون بأغانٍ وأفلام وكليبات ومجون يضيعهم ويقودهم إلى ظلمات الانحلال والفساد والطرق الموصلة إلى الجريمة والمخدرات وعوالم الضياع.
وأرجو ألا يَضْحَكَ على الأمة هذا الإعلام -الذي ضيعها- ببرنامج أو برنامجين دينيه, لأنه في أغلب ما يُعرض فيه يقودنا ويقود شبابنا إلى ما لا يجوز ويفسد, وباستخدام أعظم المؤثرات والوسائل الفنية التي تدك القيم دكا, فتضعف بل وتبطل وتلغي أثر الكثير من وسائل الخير في المجتمعات, وتنشئ التناقض المدمر, وتشغل أبناء الأمة شبابا وشيبه عن أداء دورهم الهام في التنمية القوية لمجتمعاتنا وفي الدعوة ونشر الدين والعقيدة الصحيحة والنهج الحق بين المسلمين وفي سائر بلاد العالم.


والله لو كنا على الحق تماما لاستطعنا حاليا بما نملك من قوة وعتاد أن ننصر وندحر أعداء المسلمين الذين يتموا أطفال إخواننا ورملوا نساءهم واستباحوا دماءهم.

ولننتبه ولنحذر من أن الدور قد يأتينا إن لم نستيقظ ونصحح أوضاعنا. وها هي الفتن والأخطار تقترب من بلاد المسلمين في كل مكان وبشتى الأشكال والألوان.
ولا حفظ حقيقي -أقول حقيقي مستمر- إلا برجوعنا إلى الله في شتى الأمور ومن أهمها الإعلام الذي كيف نرجو نصر أمتنا وان نؤتى الحفظ ونحن نغضب رب الأرض والسماء جهارا نهارا بما يعرض فيه.


ولن تنفعنا نفعا حقيقا كاملا ونحن نغضب الله أي وحدة أو أي وسيلة أخرى, فسنة الله معنا أننا لن ننصر ونحفظ الحفظ الشامل ونحن قد خالفنا أوامره سبحانه في جوانب من الحياة, ونسينا العهد الذي عاهدناه به كمسلمين ننفذ ما يأمر به ونجتنب ما ينهى عنه.

** أمة الإسلام فلنستيقظ فإن الخـطـر الأكبر ليس ممن يعادوننا بل الخوف الأكبر هو من المعاصي خاصة المُجَاهَرُ بها, والتي تكون سبباً في تسليط الأعداء علينا وحدوث الفتن الخطيرة في ديارنا.

ولنرجع لكلام ربنا الجليل وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم وكلام سلفنا الصالح وعلمائنا لنتبصر أن الخطر الأكبر هو من إغضاب الله والمعاصي التي هي أساس الشرور وسبب العقوبات.
وهي أساس التخبط الرهيب الذي تعيشه بلاد الإسلام في شتى أرجائها.

وأُذَكِّر ختاما بقلب مشفق محب للخير بإذن الله كل من يتهاون في أي أمر يُبعد الأمة عن التمسك الحق الكامل بالدين بالآية العظيمة التي تهز أي قلب مؤمن بالله ولقائه والحساب والعقاب في يوم العرض على الجليل: {استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله مالكم من ملجأٍ يومئذٍ وما لكم من نكير} [الشورى:47].

الجمعة 27/4/1432هـ.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣