ترك فضول النظر
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
ترك فضول النظرقال ابن القيم رحمه الله: "فإن هذه الفضول تستحيل - تتحول - آلامًا وغمومًا وهمومًا في القلب، تحصره وتحبسه وتضيقه، ويتعذب بها، بل غالب عذاب الدنيا والآخرة منها، فلا إله إلا الله، ما أضيق صدر من ضرب في كل آفة من كل آفة من هذه الآفات بسهم! وما أنكر عيشه! وما أسوأ حاله! ولا إله إلا الله، ما أنعم عيش من ضرب في كل خصلة من تلك الخصال المحمودة بسهم! وكانت همته دائرة عليها حائمة حولها، فلهذا أوفر نصيب من قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13]، ولذلك أوفر نصيب من قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 14]، وبينهما مراتب متفاوتة لا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى.
ترك فضول النظر:
قال ابن الجوزي رحمه الله: "إنما بصرك نعمة من نعم الله عليك، فلا تعصه بنعمه، وعامله بغضِّه عن الحرام تربح، واحذر أن تكون العقوبة سلب النعمة...".
النظر إلى امرأة لا تحل سهم مسموم من سهام إبليس، فمن تركه خوف الله عز وجل، أثابه الله تعالى إيمانًا يجد حلاوته في قلبه، ولما كان إطلاق البصر إلى الحرام سببًا لوقوع الهوى في القلب، أمرك الشارع بغض البصر عما يُخاف عواقبُه؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]، وقال: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ [النور: 31].
ثم نبَّه على ما يؤول إليه هذا الشر بقوله عن الرجال: ﴿ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30]، وقوله عن النساء: ﴿ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 31].
وفي صحيح مسلم يقول جرير بن عبدالله: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فقال: اصرف بصرَك".
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي: "يا علي، لا تتبع النظرةَ النظرةَ، فإن لك الأولى وليست لك الثانية"؛ رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وسنده صحيح.
لذلك كان السلف رضي الله عنهم يتحاشون ويحتاطون من فضول النظر، وهو النظر الزائد عما لا يحل لهم.
♦ دخل عبدالله بن مسعود على مريض يعوده ومعه قوم، وفي البيت امرأة، فجعل رجل من القوم ينظر إلى المرأة، فقال عبدالله: لو انفقأت عينك، كان خيرًا لك!
♦ خرج حسان بن سنان إلى العيد، فقيل له لَما رجع: يا أبا عبدالله، ما رأيت عيدًا أكثر نساءً منه، قال: ما تلقتني امرأة حتى رجعت!
ومن فضول النظر: النظر إلى ما عند الناس؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].
ومن فضول النظر: النظر إلى أحوال الناس؛ قال رجل لداود الطائي: لو أمرت بما في سقف البيت من نسج العنكبوت، فَنُظِّفَ؟ فقال له: أما علِمت أنه كان يَكره فضول النظر؟!