أرشيف المقالات

رحلة أحمد ديدات إلى أستراليا - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
رحلة أحمد ديدات إلى استراليا




في شهر أبريل 1996، قرر الشيخ أحمد ديدات -رحمه الله- تلبية دعوة مركز الدعوة و التربية الاسلامية بسيدني لزيارة دعوية إلى أستراليا، يقدم لكم موقع أحمد ديدات تقريرا حول الرحلة وما تابعها من ردود أفعال في الأوساط المسيحية في أستراليا.

رحلة دعوة ومهمة التحدي

لم يكن الشيخ أحمد ديدات يعرف الكلل والملل للسفر في تبليغ خطابه الذي عاهد نفسه على تقديم حياته له، بل كان حريصاً أن يصل كلامه و حجته إلى أكبر عدد من الناس يدعوهم إلى التوحيد ، إلى دين الله الخالص، فقد تكلم في أكبر مدن العالم كنيويورك وشيكاغو ولندن وكوبنهاجن، وصل صوته إلى أقاصي الأرض من أدغال إفريقيا في غينيا وزامبيا إلى أوساط آسيا في هونغ كونغ..
إلى شمال القارة الأمريكية في كندا، وتجمع الآلاف من النصارى لسماع كلامه، ووزع الملايين من النسخ من كتبه مجانا.
ولعل آخر حدث لامع في هذه المسيرة الديداتية الدعوية قبل أن يقع طريح الفراش، هي رحلته الدعوية إلى أستراليا سنة 1996، والتي كانت حدثا بارزا في أستراليا، ليس فقط لأن الشيخ أحمد ديدات تحدى كبار علماء اللاهوت وقساوسة أستراليا للمناظرة، ولكن للزمن الذي وافق زيارة ديدات لأستراليا، وهو يوم عيد المسيحيين، يوم الجمعة العظيمة ( The Good Friday )، اليوم الذي يزعم فيه النصارى أن المسيح قام فيه من الموت بعد حادثة الصلب المزعومة.

الضجة الإعلامية الكثيفة

كيف يستطيع المسيحيون أن يسكتوا على داعية إسلامية شهير قادم من جنوب إفريقيا يختار أعظم يوم عند النصارى ليستأجر أكبر قاعة في سيدني، و يتحداهم في عقيدتهم ليثبت لهم أن هذا العيد، وهذا اليوم، ماهو إلا خرافة وأسطورة ابتدعها لهم أسلافهم، فهم لها تابعون ..
أم كيف يتستطيع القساوسة وأرباب الكنائس أن يكبحوا جمام غضبهم وهذا التحدي في أقدس يوم عندهم ليأتي من يتحداهم في المناظرة والحوار من كتابهم المقدس ؟ بل كيف تستطيع وسائل الإعلام والجرائد أن تسكت على هذا الحدث الهام وهذا التحدي الذي منيت به المسيحية في أستراليا في يوم الإقامة من سنة 1996 ؟

إنّه حقا حدث اهتزت له أستراليا، وقامت ثورة الكنائس ضد أحمد ديدات و لم تقعد، وراحت وسائل الإعلام تلاحق أحمد ديدات حتى في غرفة نومه بالفندق، لتثيره بالأسئلة وتغدق الجرائد صفحاتها بالتقارير لمهاجمة هذه الحملة الدعوية التي قام بها الداعية أحمد ديدات.

" إنّي سعيد جدا بهذه الحملة وهذه الضجة الإعلامية المثارة ضدي، لو لم تكن هذه الأخبار والحملة، ما سمع أحد بوجودي في أستراليا ولا جاء أحد إلى محاضراتي ولقاءاتي ..
إنّها دعاية مجانية من وسائل الإعلام يشكرون عليها " يقول الشيخ أحمد ديدات معلقا على الحرب الاعلامية ضده، ثم يضيف قائلاً: "هذا أمر مشجع بالنسبة لي، الجميع ينتقدني، في القنوات التلفزيونية، في الجرائد والإذاعات، لو كانوا أهملوني ولم يلقوا لي بالاً لما كان أحد سمع أحد بمجيئي إلى أستراليا ".

تقول إحدى مقدمة أخبار التلفزيون الأسترالي ( Today ): " إن زيارة أحمد ديدات إلى أستراليا تعتبر إهانة للمسيحيين.
- ثم تستطرد قائلة- : في بلد ديمقراطي معروف بحرية التعبير كأستراليا ليست الإهانة في محاضراته، لكن الإهانة في التوقيت الذي اختاره".

ديدات على تلفزيون أستراليا

س: ماهو الهدف من زيارتكم لأستراليا ؟

ديدات: الهدف من زيارتي لأستراليا هو أن أعلم النّاس، قومي والمسيحيين في هذا البلد على حد سواء عن العلاقة بين الإسلام والمسيحية، لأنّ الإسلام هو العقيدة اللامسيحية الوحيدة التي تجعل الإيمان بالمسيح عيسى عليه السلام من أسس هذه العقيدة، وتلزم أتباعها بذلك.
لا يكون المسلم مسلما إن لم يؤمن بالمسيح عيسى، إنّ الكثير من النّاس لا يعرفون أنّ القرآن الكريم يعظم من شأن عيسى عليه السلام، هذا القرآن الذي يدعي البعض أنه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم، ذكر المسيح عليه السلام في القرآن أكثر من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم نفسه! المسيح عليه السلام عدد المرات التي ذكر فيها اسمه أكثر بنسبة خمسمائة بالمائة (500%) من عدد المرات التي ذكر فيها اسم محمد صلى الله عليه وسلم!

س: تعتقدون أنّ ما حدث في هذا اليوم- يوم الإقامة- وما يعتقده المسيحيون حول إقامة المسيح من الموت ليس صحيحا ؟

ديدات: نعم، ليس صحيحا.

س: إذن، ما هو اعتقادكم ؟

ديدات: نحن نؤمن أنّ المسيح عليه السلام نبي عظيم من أنبياء الإسلام، نؤمن بمولده المعجز الذي لا يؤمن به الكثير من الطوائف ومفكري المسيحية في هذا الزمان، نحن نؤمن بأنّه ولد من غير أب، وأنّه أحيا الموتى بإذن الله، وأنّه أبرأ الأكمه والأبرص باذن الله، الكثير من المسيحيين لا يعرفون أنّنا نؤمن بكل هذا، الشيء الوحيد الذي يعرفونه هو أنّنا نختلف معهم، لكن .. لماذا يختلف المسلمون مع المسيحيين ؟ هل من أجل أن نتميز عنهم ؟ هل من أجل المرح والفكاهة ؟ مالذي يجعل المسلمين والمسيحيين مختلفون ؟

س: لكنّكم لا تؤمنون أنّ المسيح صلب، ولا أنّه مات على الصليب، ولا أنّه عاد إلى الحياة في هذا اليوم ؟

ديدات: نعم صحيح، لا نؤمن بكل هذا.
إنّ المسيحيين يؤمنون بأنّه في هذه الأيام الثلاثة التي هي يوم الصلب، يوم السبت، ويوم الأحد الذي هو يوم الإقامة، في هذه الأيام الثلاثة، هناك ثلاثمائة نبوة من نبوات العهد القديم قد تحققت!، لكني أسأل: والنبوة الكبرى التي لم تتحقق، ماذا نقول عنها ؟ فأنا هنا من أجل هذه النبوة الكبرى التي انفلتت !.

س: لكن المسيحيين في أستراليا مستاؤون جدا، هل لي أن أسألكم: ألا تعتبرونه أمرا حساسا لمشاعر المسيحيين أن تختاروا يوم إقامة الرّب يسوع المسيح من أجل تتكلموا و تفندوا مزايا هذا اليوم ؟

ج: لا، لا، ليس لي أي نوايا من هذا القبيل، لقد دعيت إلى أستراليا منذ شهور، ولم أستطع تلبية الدعوة إلاّ في هذا الوقت نظرا لامتلاء برنامجي، لكنها صدفة عجيبة أن يكون موضوعي حول يوم إقامة المسيح في يوم الإقامة عندكم !

س: مصادفة عجيبة جدا !!

ج: نعم عجيبة، لكن، لم لا ؟ إنّها مصادفة واقعية، لنفرض أنّه في يوم عيد الميلاد، وفي بهجة المسيحيين بمولد المسيح، نأتي ونتكلم عن صلب المسيح، وأنّه ضُرب، وسُمر وعُلق و أُُهين، وبصق على وجهه! إنّ هذا الأمر غير لائق بالنسبة إلى المسيحييين، أمر لا يفيد، لكن الواقعية تقتضي أن نتكلم عن ميلاد المسيح في يوم ميلاد المسيح، ونتكلم عن مسألة صلب المسيح في يوم صلب المسيح، إنّ هذه المصادفة أكثر واقعية!!

س: لكن ألا تعتبرون أنتم الدعوة التي دعاها سماحة القديس البابا يوحنا وهو في إيران إلى الحوار مع المسلمين، وكان ذلك في شهر ومضان، إلا تعتبرون ذلك مسيئا ؟

ج: أبدًا، أبداً، له أن يطلب ما يشاء، في رمضان أو غير رمضان.

س: هل لي أن أسألكم، أنّنا جميعا نؤمن بإله واحد، لكنّنا نتكلم لغات مختلفة، ونسكن بلدانا مختلفة، و لنا ثقافات مختلفة، لماذا علينا أن نجبر بعضنا البعض على عقيدة واحدة أو منهج واحد ؟ أليس لنا أن نتفق مع اختلاف عقيدتنا وأدياننا ؟

ج: لا، ليس هناك إجبار أبداً، الإجبار شيء والتبليغ شيء آخر، لكن كل صاحب عقيدة يريد النّاس كلهم أن يتبعوا عقيدته، فهو يبلغ ويبشر بعقيدته للنّاس، المسيحيون يريدون العالم كلّه أن يكون مسيحيا، هناك حوالي 35 ألفا جمعية تبشيرية صليبية في صحارى إفريقيا، متحملين الشقاء والتعب، هؤلاء مدعمون من الكنائس و المنظمات المسيحية الأمريكية، إنّهم يريدون جعل إفريقيا كلها مسيحية، في سنة 1977 كان هناك في أندونيسيا حوالي 6 آلاف جمعية صليبية تبشيرية من أجل تحويل 15 مليون إندونيسياً إلى المسيحية، ولقد نجحوا إلى حد ما في ذلك، وهو يطمحون إلى جعل إندونيسيا بلدا مسيحيا، وهذه مهمة وغاية مقدسة عند المسيحيين، كذلك الإسلام !، كما أنّ المسيحية دينا تبشيريا، الإسلام كذلك دين تبشيري، فكما أن المسيحيين يريدون مشاركة غيرهم في عقيدتهم، كذلك نحن المسلمون نريد مشاركة غيرنا في عقيدتنا، والإسلام - ولا أدري إذا كنت تعرفين- هو الدين الأسرع انتشارًا في العالم، في أمريكا، وبريطانيا، وفي كل مكان في الغرب.

س: شكراً لك السيد ديدات على هذا اللقاء معنا في نشرة الأخبار.

أحمد ديدات : الذي أريد أن أخبر المسيحيين هو أنّ ما يعتقدونه في هذا اليوم لم يحدث أبداً، وأدلتي من الكتاب المقدس نفسه !

التحدي الأكبر الشجاع، والرفض الجبان !

مع ضوضاء التحدي والضجة الواسعة للقساوسة ضد رحلة ديدات الدعوية في أستراليا، كان رد الشيخ أحمد ديدات طلب إلى جميع قساوسة أستراليا إلى الانضمام لهذه الرحلة وقبول المناظرة في مسألة صلب المسيح، لكنّهم رفضوا جميعهم، وقد طلب الشيخ أحمد ديدات من جميع طوائف المسيحية في أستراليا المناظرة والحوار وهو يتحمل جميع تكاليف إيجار القاعات، لكن لم يجد أحمد ديدات قسيسا شجاعا يمكن أن يفند ما جاء به ديدات، رغم أنّ الشيخ أحمد ديدات وجه هذه الدعوة إلى أكابر القساوسة وأعالي درجاتهم في الكنيسة الذين يفترض أن يكونوا أعلم النّاس بالعقيدة المسيحة وقد أمضوا عقودا من الزمان في البحث والدارسة.

راهب الكنيسة الأنجليكانية القديس بيتر هولينجورث

ماذا لو أحد المسيحيين استأجر قاعة سيدني من أجل الهجوم على محمد و على نقد القرآن في وسط رمضان، والهجوم على العقيدة الإسلامية، ماذا سيحدث ؟ أقول لكم..
لا أمانع من أن انضم إلى سلمان رشدي !

الأرشبشوب القديس الأعظم الدكتور هاري غودهيو

أرفض المناظرة ليس جبناً ولا ضعفاً، لكن السيد ديدات لم يحترم مشاعر المسيحيين أن أعلن دورته التبشيرية هذه في أعظم يوم عند مشاعر المسيحيين.

الكاردينال الأعظم إدوارد كلانسي -الرئيس العام للكنيسة الكاثولكية بأستراليا

أرفض المناظرة ليس جبناً ولا ضعفاً، لكن السيد ديدات لم يحترم مشاعر المسيحيين أن أعلن دورته التبشيرية هذه في أعظم يوم عند مشاعر المسيحيين.

الأرشبشوب القديس الأعظم الدكتور هاري غودهيو

ماذا لو أحد المسيحيين استأجر قاعة سيدني من أجل الهجوم على محمد و على نقد القرآن في وسط رمضان، والهجوم على العقيدة الاسلامية، ماذا سيحدث ؟ أقول لكم..
لا أمانع من أن انضم إلى سلمان رشدي !

و يغادر الشيخ أحمد ديدات أستراليا بعد أيام دعوية ألقى فيها محاضرات في سيدني وبريزبان ليعود بعدها إلى جنوب إفريقيا، ولم يلبث طويلا أن سقط طريح الفراش، نسأل الله أن يرحمه وأن يجزيه خير الجزاء.



موقع أحمد ديدات

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢