أرشيف المقالات

أحكام التعامل في المصارف الإسلامية فضيلة الشيخ محمد علي عبد الله

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
11وبعضهم يعتمدون في صومهم وفطرهم على أي خبر يأتيهم من أي بلد عن طريق الإذاعة فيقبلونه على علاته ويعملون به في صومهم وفطرهم، فإن هذا بلا شك من لوازمه الافتراق وعدم الاتفاق، كما يشهد به الواقع المحسوس. فلو عملوا عملهم في التوثيق في الشهادة فلم يدخلوا في صوم رمضان ولم يخرجوا منه إلا باليقين الثابت من الرؤية الصادقة التي يشهد بها عدد من الثقات العدول، كما نص على ذلك جمهور فقهاء المسلمين، لحصل حينئذ الاتفاق، وزال عن الناس هذا الافتراق، إذ الرؤية المحققة الصحيحة تجمع أهل الإسلام من شتي البلدان فيراه أهل الشام ومصر والعراق والمغرب كما يراه أهل نجد والحجاز واليمن وكما يراه أهل فارس وباكستان والهند. وما ذكره الفقهاء من اختلاف المطالع بين هذه البلدان، فإنما قالوه بمحض الاجتهاد يؤجرون عليه، لكنه بمقتضى المشاهدة والتجربة يترجح عدم صحته وأن التفاوت في مطلعه بين هذه البلدان منتف، فيراه أهل الشام والعراق ومصر كما يراه أهل نجد والحجاز واليمن، لا يتغير عن مطلعه ولا يختلف عن حالته لان الله سبحانه وتعالى نصب الهلال ميقاتا لجميع الناس عربهم وعجمهم، يعرفون به، وقت صومهم وحجهم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} ، وما كان كذلك، فإنه لا يتغير بحال ولو جربوا لعرفوا صحة ذلك. والحكمة في ذلك ظاهرة، وهى أن تكون طريقة إثبات العبادة واحدة وما ثبت من الأحكام على رؤية الهلال، فإنه لا يتغير بحال ولا يختلف في محل دون محل، وإنما يقع الاختلاف بين الناس لاختلاف الرائي، وعدم توثقه في رؤيته لا المرئي فقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون)) هو خطاب لجميع الناس في كل بلد، لكون الهلال إذا ظهر في بلد ورأوه رؤية صحيحة، فإنه غالبا يظهر كذلك في كل بلد، إذا لم يحل دون منظره غميم أو قتر. وإذا لم يظهر الهلال وإنما قيل بانه رؤي في بلد كذا فإن هذا خبر يصدقه اليقين أو يكذبه، وما آفة الأخبار إلا رواتها، والله اعلم.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢