أرشيف المقالات

هانوتو والإسلام

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
10الكاتب: محمد رشيد رضا __________ قسم الأحاديث الموضوعة العلم والعلماء من الجلي الظاهر أن وضاع الحديث من صنف العلماء وقد وضعوا أحاديث كثيرة لتعظيم شأن أنفسهم؛ ليعظمهم الناس ويعتقدون تفوقهم واستعلاءهم , ثم استنبطوا فروعًا فقهية في هذا التعظيم لأنفسهم انتهى بهم الغلوّ فيها إلى أن حكموا بالكفر على من يهين أحدًا من العلماء حتى قال بعضهم: من قال لبابوج العالم: بويبيج؛ كفر , أي من صغر الحذاء المضاف إليه في اللفظ؛ يكفر حتى كأنه أشرك بالله واعتقد أن لأحد غيره سلطة غيبية يضرّ بها وينفع ويتصرف في الأكوان فيما وراء الأسباب , بل كثيرًا ما يتساهل المتساهلون في جزئيات من مثل هذا ويروّجونها بالتأويل , ولا يتساهلون فيما يمس أشخاصهم أو منافعهم ولا أعني بهذه المقدمة أن إهانة العلماء جائزة , حاشا لله أن أجيز إهانة من دونهم , ولكنني أنكر على الغالين الذين جعلوا دين الله آلة لمنافعهم حتى كذبوا على رسوله صلى الله عليه وسلم مع علمهم جميعًا بأنه قال: (من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) دون من أظهروا الحق. فمن الأحاديث الموضوعة في العلم والعلماء حديث: (إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من ذهب , عليها قباب من فضة , مفضضة بالدر والياقوت والزمرد مكللة بالديباج والسندس والإستبرق , ثم ينادي منادي الرحمن: أين من حمل إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم علمًا يحمله إليهم يريد به وجه الله؟ اجلسوا عليها ثم ادخلوا الجنة) .
رواه الدارقطني عن ابن عمر مرفوعًا وفي إسناده كذاب. ومنها حديث: (خير الناس المعلمون , كلما خلق (مثلث اللام ومعناه بلي) جدَّدوه , أعطوهم ولا تستأجروهم فتخرجوهم , فإن المعلم إذا قال للصبي: بسم الله الرحمن الرحيم فقال الصبي: بسم الله الرحمن الرحيم؛ كتب الله براءةً للصبي وبراءةً لوالديه وبراءةً للمعلم من النار) .
وهو موضوع. ومنها حديث: (اللهم اغفر للمعلمين , وأطل أعمارهم , وبارك لهم في كسبهم ) رواه الخطيب عن ابن عباس وهو موضوع. ومنها حديث: (اللهم اغفر للمعلمين لا يذهب القرآن وأعز العلماء لا يذهب الدين) .
وهو موضوع. ومنها حديث: (من علم عبدًا آية من الكتاب فهو له عبد) قال الحافظ ابن تيمية: هو موضوع , وقد رواه الطبراني. ومنها حديث: (الأنبياء قادة , والفقهاء سادة , ومجالستهم زيادة) قال الصغاني : موضوع , ونقول: إنه زاد في مدح الفقهاء على مدح الأنبياء , وظاهره أن الواضع يريد المشتغلين بعلم الأحكام الظاهرة , ولم يكن يسمى هذا فقهًا في العصر الأول كما أنه لم يكن يومئذ في المسلمين صنف يلقبون بالفقهاء. ومنها حديث: (سأل النبي صلى الله عليه وسلم سائل عن علم الباطن: ما هو ؟ فقال: سألت جبريل عنه , فقال: يقول الله: هو بيني وبين أحبائي وأوليائي وأصفيائي أودعه في قلوبهم , لا يطلع عليه أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل) .
ذكره في الذيل عن حذيفة مرفوعا.
قال الحافظ ابن حجر: هو موضوع.
ونقول: إن فيه من الضلالة أن الله يهب لهؤلاء الأولياء المعارف التي لا يهبها للأنبياء والملائكة على الإطلاق , والظاهر أن واضعه من مشايخ الطريق الدجالين. ومنها حديث: (من خرج في طلب العلم؛ حفته الملائكة بأجنحتها , وصلت عليه الطير في السماء والحيتان في البحار , ونزل في السماء منازل سبعين من الشهداء) .
قالوا: في إسناده كذاب. ومنها حديث: (من تعلم بابًا من العلم ليعلمه الناس ابتغاء وجه الله؛ أعطاه الله أجر سبعين نبيًّا) .
قالوا: في إسناده متروك.
ونقول: قاتل الله أمثال هذا الواضع , فإنهم لم يزاحموا إلا الأنبياء عليهم السلام. ومنها حديث: (إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء) إلخ ما هو مذكور في الإحياء وغيره , قال الحافظ الذهبي في الميزان: إنه موضوع. ومنها حديث: (طلب العلم ساعة خير من قيام ليلة , وطلب العلم يومًا خير من عبادة ثلاثة أشهر) .
في إسناده كذاب , وكأنه أراد أن يعتذر عن عدم عبادته. ومنها حديث: (إذا جلس المتعلم بين يدي المعلم؛ فتح الله عليه سبعين بابًا من الرحمة) إلخ , وهو موضوع. ومنها حديث: (من زار العلماء فقد زارني، ومن صافح العلماء فقد صافحني، ومن جالس العلماء فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا أجلس إليّ يوم القيامة) في إسناده كذاب. ومنها حديث: (الشيخ في قومه كالنبي في أمته) .
جزم ابن حجر وغيره بأنه موضوع.
ومنها الحديث المشهور الذي يعلقه كثير من العلماء فوق رؤوسهم بالخط العريض تنبيهًا للناس على علو مقامهم وهو: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) .
قال ابن بحر الزركشي: لا أصل له. (لها بقية) ((يتبع بمقال تالٍ)) __________

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣