التفاؤل والتشاؤم
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
وهل لهما أسباب تاريخية؟
بعض غرائب الخرافات عند الغربيين والشرقيين
- 4 -
الملح
من الخرافات او بالأحرى من العادات السائدة التي نشترك نحن والمتوحشون فيها عادة أكل الخبز والملح فنتفاءل من الملح لأنه علامة الولاء والصداقة والإخاء.
وفي مصر عادة، وهي انه إذا وقع طفل على الأرض رشوا في المكان الذي وقع فيه شيئاً من الماء مذاباً فيه الملح. وهذه العادة شائعة بعض الشيوع حتى اليوم بين الطبقات المتوسطة والوضيعة ويتوهم الفرنجة أنه إذا حدث لا قدر الله وانقلبت المملحة على مائدة الطعام كان ذلك نذير شؤم، إلا إذا اخذ أحد أصحاب البيت شيئاً من الملح المقلوب على طرف ملعقة وألقاه من فوق كتفه اليسرى وهو ينطق بكلمة (ستستروم). وان أهل العصور الغابرة كانوا إذا أرادوا هدم بناء لتطهيره من دنس أو لعنة رشوا على أرضه الملح قبل أن يشيدوه ثانية. ويقول التاريخ أن امرأة لوط تحولت إلى تمثال من ملح، ويقال أن الأقدمين كانوا يعاقبون أرقاءهم المكلفين بنقل الملح بالإعدام لو سقط منهم شيء منه على الأرض. ويذكر كذلك أيضاً أن بعض حكومات أوربا كانت توزع الملح مجاناً على الأسر التي لا يزيد عدد أفرادها على اثني عشر شخصاً، ويعتقد نساء الفرنجة أن سقوط الملح على الأرض نذير شؤم وسوء. أما أصل الاعتقاد فيرجع إلى تأثير الملح في حياة الإنسان وغذائه ولأن الملح كان من اندر الأشياء وجودا عند المتوحشين وانهم مولعون به، يقفون الخصام أحياناً لكي يقايضوا بأي شيء لأجله.
يذهب أحدهم إلى تخوم القبيلة الأخرى فيضع ما عنده من سلع ثم يتركها ويعود في اليوم التالي فيجد بدلاً منها ملحاً يحمله إلى أهل قبيلته، وقد كان القدماء يحتاجون إلى الملح اكثر منا لان معظم قوتهم كان من النبات لا من الحيوان.
ولذلك كانوا إذا اكرموا ضيفاً قدموا له أشهى ما عندهم للنفس وأغلى ما يمكنهم الحصول عليه وهو الملح، وبقيت هذه العادة إلى وقتنا هذا، وكذلك لأنه يستعمل في كثير من الأحوال الدينية عند المسيحيين، فهم يذيبونه في الماء المقدس وكذلك يضعون قليلاً منه على طرف لسان الطفل في حفلة العماد الخبز المرتد من الخرافات التي شاعت في فرنسا ان الفرنسيين يتشاءمون من أكل الخبز المرتد إلى المخبز، وذلك أن الخبازين كانوا يحجزون للجلادين خبزهم الخاص بهم ويضعونه في مكان منعزل، فإذا أتم العامل صنعه أخذه صاحب المخبز ووضعه في مكانه الخاص ريثما يأتي الجلاد فيأخذه، وكان هذا الخبز يسمى الخبز المرتد. السن من الخرافات الفاشية أن يرمي الفتى سنه في عين الشمس من وراء ظهره. وأن بعض طلبة جامعات أمريكا وأوربا إلى يومنا هذه يحتفظون بضروس العقل المقلوعة في جيوبهم ويحرصون على حملها معهم إلى قاعة الامتحان في نهاية كل عام. أما عادة إلقاء السن في عين الشمس فمعروفة عند العرب، وقد ذكرت في أشعارهم، كما هي معروفة عند فتياننا وفتيان الغربيين، بل وفتيان المتوحشين.
ومن عادات هؤلاء أن يأخذ الوالد سن ولده فيضعها في أصل شجرة كبيرة ويدعو لولده بأن يبلغ في الرفعة والقوة مثلما بلغت هذه الشجرة، ومن عاداتهم أيضاً أن ينزعوا سناً أو سنين للشاب عندما يتناول سر الرجولة أي عند ما يسمح له بأفعال الرجال. وقد تكون عادة إلقاء السن السائدة الآن بقية من بقايا العصور الغابرة حين كان قلع السن بشير الرجولة، فالصبي يتفاءل بقلع سنه كأنه يرى في ذلك دليلاً على انه اقترب من الرجولة، وقد يتساءل القارئ الآن: لماذا يقلع رجال القبيلة سناً أو سنين للشاب الذي يريد الدخول في زمرتهم؟ والجواب أن هذا القلع يجري على سبيل تجربة الشاب من حيث القدرة والجلد على تحمل الآلام يتبع إبراهيم تادرس بشاي