أرشيف المقالات

من هنا ومن هناك

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
8 الضريبة والحية: (للأديب الصيني (لينزوإيو) (773 - 819)) كان في مدينة (بان جون) حية رقطاء، ما لدغت إنساناً إلا قتلته، وما مست نباتاً إلا أيبسته، وما عرف الناس اخبث من سمها ولكنه إذا استخلص وصب في قوارير كان دواء للجمرة وللبرص والجذام والناسور والطاعون. ولما استفحل شرها، وعم ضرها، أعلن الملك أن من قتل حية فقدمها إلى طبيبه أعفاه من الضريبة فتسابق أهل البلد إلى جمعها واختصت بذلك أسرة (شيانج شي) فانقطعت إليه ثلاث بطون.
ولقد لقيت واحداً من هذه الأسرة فسألته عن حاله فقال: - (لقد قتلت هذه اللذة أبي وقتلت جدي من قبله، وأنا أمارسها منذ اثنتا عشر سنة، تعرضت فيها للموت غير مرة). وبدت الكآبة على قسمات وجهه، وشاع الأسى في صوته، فرثيت له وقلت: - لماذا لا تدعها إذا كان فيها الخطر، وتطلب من الحكام ان يأخذوا الضريبة منك؟ فقال - وهو يبكي بكاء موجعاً: - أتريد أن ترحمني وتحييني؟ لا إن عملي هذا ليس شراً من دفع الضريبة - وانه يخيل ألي أني لولاه لم أبق حياً إلى الآن.
ولقد مرت على هذه القرية ستون سنة ينقصون يوماً بعد يوم، إذ قد وجب عليهم أن يقدموا جميع ما تخرجه أرضهم، فكانوا لا يصبرون على هذا فيدعونها ويرتحلون، أو يسقطون جوعاً وإعياء.
وتصيبهم الأمراض والأوباء.
ومنهم من لا يستطيع اصطبارا فيجني الجناية فيأكل من حاصلات أرضه، فتفانوا وذهبوا، فلم يبق من الأسر التي عاصرت جدي واحدة من العشر، ولم يبق ممن عاصر أبي غير اثنين أو ثلاث - ولم يبق ممن عرفت أنا منذ اثنتا عشر سنة إلا أربع أو خمس - وأنا الوحيد الذي بقيت أسرته حية بفضل هذه الحية. ولو أبصرت حين يصل إلى القرية الجباة الجابرون.
فيملئون القرية صياحاً وضوضاء، ويهددون بالقتل أهلها، ولا ينجوا من شرهم الدجاج ولا الكلاب ورأيتني متباطئاً فأنظر إلى قدوري لأطمئن على وجود الحية - وحين أطعمها وأغذيها، وانتظر الموسم لأقدمها إلى الطبيب، ثم ارجع إلى بيتي فأكل من ثمرة ارضي مطمئناً لعرفت فضل هذه الحية علي. على أني لا اقدم على الموت مخاطراً بحياتي إلا مرتين في السنة وأعيش أيامي الباقية عيشاً هنيئاً لا يشوبه هذا القلق الذي يتجرع القرويون غصصه طول السنة. ولا ريب أني سأموت من هذا العمل يوماً من الأيام، ولكن اجلي يكون أطول على كل حال من أجال أهل القرية، فلماذا أتذمر من هذه المهنة واعدل عنها). وحز في قلبي كلامه، وانصرفت وقد فهمت معنى قول كونفوشيوس: (ان الحكومة الظالمة ارهب من النمر واشد افتراساً). نور ناهين مكافحة المسكرات عند قدماء المصريين: بلغت الحياة الاجتماعية عند قدماء المصريين درجة عالية من الرقي، فالمصادر التي تحت ايدينا من النقوش والنصوص تدل على ان المصري كان كثيراً ما يقيم الولائم لاصدقائه وجيرانه في داره وان الزوجة كانت تصحب زوجها في الحفلات الخاصة وفي الاعياد العامة حيث كان القوم يسمعون الموسيقى ويحتسون الخمر.
وقد عثر علماء الدراسات المصرية القديمة على كثير من النقوش التي تصور المصري وقد غرس اشجار العنب والنخيل وغيرها لاكل ثمارها أو تحويل هذه الثمار إلى خمور لعلاج بعض الامراض. وكانوا يضعون العصير في القدور أو جرار تسد سداً محكماً حتى لا يتسرب الهواء إليها ويكتب عليها اسم الملك واسم المكان وتاريخه وكان يذكر نوع الخمر للتمييز بين اصنافه المختلفة. وعلى مرور الزمن اخذوا يستعملون الخمر في غير ما وضعت له فبعد ان كانت دواء اصبحت داء.
ففي احدى المقابر نرى صورة جميلة تمثل حالة سكير قد فقد رشده وخارت قواه وضعفت ساقاه، فحمله بعض الرفاق على رؤوسهم وعلى وجهه علامات التعب.
وفي مقابر مدينة طيبة نرى صورة اخرى تمثل امراة ثملة تتقيا ما احتسته من الخمر.
وفي بعض نصوص مقبرة الموظف (بحرى) نقرأ حديث لامراة تطلب من الساقى أن يناولها نبيذاً لأن جوفها قد جف (حرفيا: (صار كالقش)) ولعل هذه الحوادث وأمثالها مما حدا بالمشرع المصري القديم أن يوقع العقوبة على السكارى إذا ضبطوا في شوارع المدن. فمن ذلك ما ورد في بردية أن أحد السكارى قاده رجل الأمن إلى السجن. وقد عاون الأدباء رجال التشريع والأمن على مكافحة المسكرات فمن أن ذلك أن بعض أوراق البردى تحدثنا أن أديباً نصح ابه قائلا (لا تدخل حانة السكر وتفاخر أنك تستطيع أن تشرب ابريق نبيذ لئلا ينقل عن لسانك ما تقوله وانت لا تدري به.
فاذا وقعت على الأرض انكسرت أعضاؤك ولا يمد أحد من رفاقك إليك يده، ويصيحون قائلين ابتعدوا عن هذا السكير). وجاء في بردية اخرى ما ترجمته (السكير كمعبد بلا اله أو بيت بلا خبز أو سفينة بمجداف مكسور) ومن هذا نرى أن مصر القديمة كافحت المسكرات بوسائل لا تختلف جوهرياً في الواقع عن الوسائل التى نتبعها في عصرنا الحاضر. دكتور باهور لبيب الإنسان الالى معجزة القرن العشرين اخترع العلماء الأمريكيون في اواخر عام 1945 آلة حاسبة تستطيع أن تحل في خلال فترة قصيرة اعقد المسائل الحسابية التى كانت قبل ذلك تحتاج إلى ملايين من عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة، كما عرف العالم الخارجي أن تلك ألآلة الجبارة تضبط كما يضبط (المنبه) عندما يطلب إليها حل احدى المسائل الحسابية، وهذا كل ما يفعله الإنسان، اما الباقي فإن الآلة تتكفل به من تلقاء ذاتها، ولا تلبث أن تقدم النتيجة المطلوبة دون خطأ ما. وقد تنبأ أحد العلماء الأمريكيين - وهو الدكتور فإنفرربوش مدير معهد الفنون والصناعة في ولاية ماساشوسيتس الأمريكية بأن هذه الالات ستتطور في المستقبل بحيث يتمكن الإنسان من أن يحصل منها على (حجج منطقية) خارج نطاق علم الحساب نفسه، ولكنه يعترف مع ذلك بان من المستحيل على كل حال صنع الات تستطيع ان تتمنى، أو تنتقد، أو تخترع. ويبدو ان لمثل هذا البحث اهمية قصوى في عصرنا هذا، فإن المشكلة الكبرى التي تواجه هذا العصر هي مشكلة الجماعات والجماهير، والعمل الجماعي بوجه عام، ولم يعد في هذا العالم مكان لاولئك الفلاسفة الارستقراطيين، من امثال (نيتشة) وغيره من فلاسفة اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين.
ان العصر الجديد هو عصر الذرة، والرادار، والالكترون، وسيطرة الإنسان على الجماد، وعلى الطبيعة. ولا شك ان الاعوام الباقية من القرن العشرين ستشهد انقلاباً عظيماً في عالم الاختراع لم يحلم به المفكرون والعلماء في القرن الماضي، وسيكون الاجزء الأكبر من هذا الانقلاب منصباً على الالات التي تكاد تصل إلى مرتبة الإنسان في القدرة على التصرف وعلى مجابهة الصعاب. مجلة لامرسلييز ادريان نوربيل

شارك الخبر

المرئيات-١