Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/42ee761a668df9c8042ef4c94f7295a31995418d_0.file.quote.tpl.php on line 172

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/42ee761a668df9c8042ef4c94f7295a31995418d_0.file.quote.tpl.php on line 172

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/42ee761a668df9c8042ef4c94f7295a31995418d_0.file.quote.tpl.php on line 172

لسنا عبيدًا للحضارة الغربية، فلنا ديننا وللغرب دينه، ولنا تراثنا وله تراثه ننتفع بما عند الآخرين دون أن نذوب فيهم نأخذ منهم وندع وفقًا لمواريثنا وقيمنا الدينية والحضارية، ولا نقبل أن نتبع سَننهم: شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع!

كيف يقبل الله الحِجة الثانية أو الرابعة - وهي النافلة - ممن يدع قريبه أو جاره يئن من الحاجة، ويشكو الجوع والفاقة ولا يقدم له عونًا، ونبي الإسلام يقول: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائعٌ إلى جنبه وهو يعلم»؟!

كل مسلم يجد في طريقه ما يدفعه إلى الشر أو يصده عن الخير، وعلى قدر المجاهدة تكون المثوبة؛ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}

جعلت أكبر همّي في الحياة: الدعوة إلى أصول الإسلام وكلياته، وجمع الكلمة عليها، مسامحًا في الجزئيات والفرعيات، مُيسِّرًا فيها ما استطعت؛ خشيةً على الأجيال الناشئة أن تَشْرُد عن ساحة هذا الدين، فتتلقفها الأيدي النجسة، فلا تدعها إلا هشيمًا تذروه الرياح!

سأل رجل سلمان الفارسي، فقال: إني لا أملك نفسي إذا غضبت فقال له: فاملِك لسانك ويدك أي إذا كنت لا تسيطر على نفسك، ولا تستطيع أن تكبح هياج غضبك وانفعالاتك، فإنك تملك لسانك وتملك يدك فلا ينطق لسانك بسوء، ولا تمتد يدك بشرٍّ أو بسوءٍ أو بإيذاء

البيت في الإسلام ليس حجرة من فندق جمعت الظروف فيه بين ساكنين، وليست الزوجية شركة مساهمة بين زوجين همّهما تربية الأموال لا تربية الأطفال، إنما هو وطن صغير، والأسرة أمّة مصغّرة والزوجية رابطة روحية وحقيقة مركّبة من شخصين اتَّحدا حتى سُمِّي كل منهما «زوجًا» بعد أن كان فردًا!

القراءة عنوان العلم ومفتاحه ومصباحه، وأول أمر إلهي نزل به القرآن: {اقْرَأْ}؛ وفيه أوضح دليل على مكانة العلم في الإسلام والعمل في الإسلام لابد أن يُبنى على العلم

التبرع بالدم من أفضل ما يُقَدَّم للمريض إذا احتاج إليه عند إجراء جراحة أو لإسعافه وتعويضه عما نزف منه، فهذا من أعظم القُرُبات وأفضل الصدقات؛ لأن إعطاء الدم في هذه الأحوال بمثابة إنقاذ الحياة #اليوم_العالمي_للمتبرعين_بالدم

في آداب الاستئذان يقول تعالى: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} وهو تعبير قرآني يُعَلِّمنا أرقى أنواع الذوق الإنساني؛ لأنه لا يدل على مجرد الإذن، وإنما على الإذن والاستعداد والرغبة في زيارتك!

مع أن التوبة لا تُسقط حقوق العباد، ولكن لو علم الله من عبدٍ من عباده، أنه تاب توبةً نصوحًا، توبةً صادقةً من أعماق قلبه، فهل يرده؟! لا! بل يقبله ويُرضي عنه خصومه يوم القيامة بما شاء!

اللهم اجعل كلمة الإسلام هي العليا، واجعل كلمة أعداء الإسلام هي السفلى، اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، فضلًا منك ونعمة

الله تعالى لا يقبل الناس بشهرتهم ولا بجاههم، وإنما بصدقهم وإخلاصهم؛ فـ «رُبَّ أشعث أغبر ذي طِمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره»، «إن الله يحب الأتقياء الأخفياء، الذين إذا حضروا لم يُعرفوا، وإذا غابوا لم يُفتقدوا»

القرآن كتاب الله، وحبله المتين، ممدود بينكم وبين ربكم، فمَن أمسك بهذا الحبل القوي، وتعلَّق بهذه العروة الوثقى، لا انفصام لها؛ فإنه واصل بهذا الحبل إلى الجنة؛ لأن منتهاه الجنة

تياران كلاهما أشد خطرًا من الآخر: تيار الغلو والتشدد والتنطع، الذي يريد أن يعادي العالم كله وتيار الانفلات والتسيب، الذي اتخذ إلهه هواه، فلا يرجع إلى أصل ولا يتقيد بنص

لابد من اليقظة القلبية الواعية، ولابد من الصحوة الفكرية العاقلة، ولابد من الإرادة الحديدية المجاهدة؛ للوقوف في وجه كلٍّ من الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء؛ وبذلك يحمي المؤمن نفسه في معركة جهاد النفس والشيطان

إن الذنوب التي يُسقطها الحج هي ما كانت بين الله وبين العباد، أما الذنوب التي ما بين العباد بعضهم وبعض فهذه لا تسقط بالحج، إنما تسقط بردها إلى أصحابها، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}

الصدقة لا تُطهِّر المال الحرام فالمال الحرام مهما تصدَّق به الإنسان أو أنفق، أو أسَّس به مشروعات للبرِّ والخير؛ فإن الله لا يقبلها والخبيث مهما حلا في الفم واستساغه الذوق؛ فإنه خبيث عند الله، وعاقبته في النار، وصاحبه إنما يأكل في بطنه نارًا، والعياذ بالله

نحن ندعو الإلهَ في كل كربٍ ** ثم ننساه عند كشفِ الكروبِ كيف نرجو إجابةً لدعاءٍ ** قد سددنا طريقها بالذنــــوبِ؟!

يستطيع المسلم أن يجد في سيرة رسول الله كل ما يُضيء سبيله ويُنير طريقه؛ إذا أحسن الفَهم عنه صلى الله عليه وسلم، وإذا أخذ منه ما ينبغي أن يأخذ المسلم من نبيه، الذي جعله الله له أسوةً في كل شيء: {لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}

لا ينبغي لأحدٍ أبدًا أن يزيد في هذا الإسلام أو ينقص منه، بعد أن أتمَّ الله نعمته بإكماله، وقد قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (المائدة:3)، وقال صلى الله عليه وسلم: «تركتكم على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها؛ لا يزيغ عنها إلا هالك»

لا تغل في الحب إذا أحببت، ولا في الكُرْهِ إذا كرهت، ولا تُضفي على مَن تحب قداسة الملائكة، ولا تُلقي على مَن تكره نجاسة الشياطين، وكأنك لا تعرف للأول سيئة، ولا تذكر للثاني حسنة؛ فهذا ضد العدل الذي أمر به الإسلام مع العدو والقريب

نريد لهذه الأمّة أن تجتمع قلوبها على الهدى، وأن تجتمع أفئدتها على التقى، وأن تجتمع نفوسها على المحبة، وأن تجتمع إراداتها على الخير أن يُغَلِّبوا الأمّة على الفِرقة أو الطائفة، أن يُغَلِّبوا الإسلام على المذهب، وأن يُغَلِّبوا المصلحة العليا على المصالح الدنيا

مِن شروط إجابة الدعاء أن تكون وقَّافًا عند حدود الله، تفعل ما أمر الله، وتجتنب ما نهى الله عز وجل عنه، أن تكون بحيث لا يفتقدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، وأهم ما يتجلَّى فيه ذلك: أن يطيب مطعمك، فلا تأكل إلا ما يحل لك

«العقلية العلمية» ليست من اختراع العصر ولا من مستوردات الغرب؛ بل هي العقلية التي يُنشئها القرآن الكريم بآياته وتعاليمه: فهو يرفض الظن في مقام اليقين، كما يرفض اتباع العواطف والأهواء وقت البحث عن الحقيقة، ويعلن حملته على الجمود والتقليد للآباء أو للسادة والكبراء

كان صلى الله عليه وسلم العابد والزاهد، والمربِّي والمعلم، والمفتي والقاضي، والحاكم وقائد الجيوش، والزوج والأب والجد استوعبت شخصيته جوانب الحياة جميعًا، كما استوعبت رسالته شؤون الدنيا والآخرة

الفتاوى الشاذة والآراء الضالة لا تأتي إلا من قصور في العلم، أو اضطراب في الفكر، أو خبث في القصد، أو كيد للدين

المسلم يُسلِّم لمشيئة الله تعالى الصادرة عن الحكمة المطلقة، مع إدراكه أنه لن يستطيع معارضتها، فهي نافذة لا محالة، ثم إنه لن ينظم الكون أفضل مما نظمه خالقه عز وجل

لست أدعو إلى إغلاق النوافذ الفكرية بيننا وبين العالم، وإنما أريد أن نتخير من الأفكار ما يلائم طبيعتنا، ويتفق ومواريثنا، وينسجم وشخصيتنا، دون أن نفقد أصالتنا وإبداعنا، فأريد أن نقف من كل فكر أجنبي موقف الأحرار لا العبيد، وموقف الأغنياء لا الشحاذين

علينا أن نهزم اليأس بالأمل، ونملأ الفراغ بالعمل، وننتقل من الانفعال إلى الفعل، ومن الارتجال إلى التخطيط، ومن الغوغائية إلى العلمية، ومن التشاحن إلى التعاون، ومن الاستيراد إلى الأصالة

الدين كله هو: فعل المأمورات، والانتهاء عن المحظورات، والورع عن الشبهات وهذه الثلاثة لا تتم إلا بأن يكون العمل موافقًا للسنة أولًا، يوافق ظاهره السنة، وهو ما يعبر عنه بالاتباع ثم أن يكون باطنه مقصودًا به وجه الله عز وجل، وهو ما يعبر عنه بالإخلاص!

علينا أن ننتقل من التعصب والانغلاق إلى التسامح والانطلاق، ومن الغلو والانحلال إلى الوسطية والاعتدال، ومن العنف والنقمة إلى الرفق والرحمة، ومن الاختلاف والتشاحن إلى الائتلاف والتضامن

يرمز الوقوف بعرفة إلى بذل المُهَج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية، وأيدٍ مرفوعة بالرجاء، وألسنة مشغولة بالدعاء، وآمال صادقة في أرحم الراحمين

في الحديث: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»

الأضحية هدية إلى الله سبحانه وتعالى؛ فليتخير العبد ما يُهديه إلى ربه، والله سبحانه لن ينال لحومها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم

الله أكبر هي زينة العيد فكبِّروا الله، وقولوا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

عيد الأضحى يومٌ من أيام الله من أيام الإنسانية من أيام الإيمان هذا يوم بطولة خالدة، خلَّده الله بهذه الشعيرة

العيد ليس فرصة لانطلاق الشهوات من عقالها كما في بعض الملل والنحل، عيدها عيد شهوات وإباحية ولذّات، بل عيدنا قائمٌ أساسه على التكبير حيث معنى الصلة بالله عز وجل!

كان مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العيد؛ إظهار الفرح والسرور، والاجتهاد في إدخال الفرح على نفوس المسلمين، وخاصة الأطفال والنساء

بعض الناس يقاطع بعضهم بعضًا، ولو جاز هذا في أي وقت فلا يجوز في العيد فلتقهر نفسك الأمَّارة بالسوء، ولتذهب لأخيك المسلم لتسلم عليه، فالله سبحانه وتعالى يريد أن تنزل الرحمة على الجميع في هذه المناسبات

شَرَع الإسلام في العيد الترفيه في غير المنكرات، وقال رسول الإسلام: لتعلم يهود أن في ديننا فُسحة، وأني بُعثت بحنيفيةٍ سمحة

كان الرسول الكريم يمزح ولا يقول إلا حقًا، ويرى أصحابه يتمازحون ولا يُنكر عليهم، ويعرف لكل قومٍ طريقتهم وأعرافهم ويتيح لهم أن يمارسوا هواياتهم، كما سمح للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في مسجده في يوم العيد

إنما كان الحج قذى في عين أعداء الإسلام؛ لأنه المؤتمر الإلهي الجامع، الذي يتنادى إليه المسلمون من كل صوب؛ فيربط بين قلوبهم برباط الأخوة الإسلامية العامة، ويُذكِّرهم بوحدة الآمال والآلام، ويوحي إليهم أن يعملوا ويتعاونوا ليعودوا من جديد خير أمة؛ وهذا ما تغصُّ به حلوق أعداء الإسلام!

الحج شحنة روحية كبيرة يتزود بها المسلم؛ فتملأ جوانحه خشية وتقى لله، وعزمًا على طاعته، وندمًا على معصيته! وتغذي فيه عاطفة الحب لله ولرسول الله، ولمن عَزَّرُوه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، كما توقظ فيه مشاعر الأخوة لأبناء دينه في كل مكان، وتوقد في صدره شعلة الحماسة للإسلام

{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس:58)

يحاول الإسلام أن يرقى بذوق الإنسان، فيجعله رقيقًا في طبعه، طيِّبًا في مسلكه، متجاوبًا مع من حوله؛ يُحِسُّ بهم، فيفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، وليس من أولئك الغلاظ القلوب، الذين يعيشون لأنفسهم وحدها ولا يبالون بغيرهم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة»، وقال عبد الله بن الحارث: «ما رأيت أحدًا أكثر تبسّمًا من رسول الله»

عرَّفنا الواقع أن أعداءنا لا يعترفون بقوة المنطق، بل بمنطق القوة، فهم بالقوة أخذوا الأرض من أصحابها، وبالقوة حققوا حلم الوطن القومي، وبالقوة أقاموا فيه دولتهم!

مِن سنة الله أن القوي لا يظل قويًا أبد الدهر، وأن الضعيف لا يظل ضعيفًا أبد الدهر، وكم رأينا من قوي أصابه الضعف، وضعيف أدركته القوة، وكم من عزيز ذل، وذليل عز، وفي التاريخ الحافل وفي الواقع الماثل: نماذج وأمثلة لا تخفى

ليس في يدنا زمام الكون، لسنا الذين نخفض ونرفع، ونعطي ونمنع المُلك في يده سبحانه وحده، هو صاحبه يُدبِّره كيف يشاء، ولا ندري أين يكون الخير، المهم هو الثبات على مبدأ الحق، والمصابرة عليه، فإما أن نعيش من أجله، وإما أن نموت في سبيله!

العمل الصالح في أزمان الفتن والمحن والشدائد التي تُحيق بالأمة؛ دليل القوة في الدين، والصلابة في اليقين، والثبات على الحق

تدبُّر القرآن الكريم والعمل به هو الذي يجمع شتات الأمّة، ويوحد صفوفها، ويجمع كلمتها، ويجعل منها أمّة قوية كسلفها ومِن لوازم هذا التدبُّر: أن يتجاوب القارئ مع القرآن الذي يتلوه، ويتفاعل بعقله وقلبه مع التلاوة بأن يكون في حالة حضور ويقظة واستجابة، لا حالة غيبة وغفلة وإعراض!

فسدت الأديان السابقة قبل الإسلام بالمُحْدَثات والمُبتدعات، حيث أحلُّوا ما حرَّم الله، وحرَّموا ما أحلَّ الله، وزادوا عما شرع الله، ونقصوا مما فرض الله؛ فأصبحت عباداتهم وفرائضهم وشرائعهم شيئًا آخر، مغاير لحقيقة التكليف أو الدين الذي أمر الله به

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَأنْ أقولَ: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ؛ أحَبُّ إليَّ ممَّا طلَعَتْ عليه الشَّمسُ»

قيل لأحد الصوفية القدامى: إن فلانًا الغني يقوم الليل ويصوم النهار! فقال: هذا ترَك حاله ودخل في حال غيره، إنما حاله إطعام الطعام، وإغاثة الملهوف، والبذل في سبيل الله!

الصلح مطلوب بين المسلمين جميعًا، وخاصة بين ذوي القربى وذوي الأرحام بين الأخ وأخيه، بين ابن العم وابن عمه، بين ابن الخال وابن خاله، وبين الأقارب بعضهم وبعض: {وأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الأنفال:75)

مِن الخطأ معاملة الناس باعتبارهم في مرتبة واحدة، دون تمييز بين المبتدئ والمنتهي، ولا تمييز بين الضعيف والقوي، مع أن في الدين متسعًا للجميع، حسب مراتبهم واستعداداتهم؛ ولهذا كان فيه العزيمة والرخصة، والعدل والفضل

أهل السنّة امتداد طبيعي للصحابة والتابعين وتابعيهم، مِن أهل القرون الثلاثة الأولى، وهم يُمثِّلون حقيقة الإسلام الذي حادت عنه كل الفِرق

إذا قال الفرد: «ربي الله»، ثم استقام على هذا، وثبت عليه؛ فهو سعيد وإن شقي الناس، ومُفلح وإن خاب الناس، ومطمئن وإن اضطرب الناس، وآمِن وإن خاف الناس، {فمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} (الجن:13)

صحيحٌ أن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، ولكن لِمَن كتب سبحانه هذه الرحمة؟ يقول سبحانه: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِين يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِين هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ} (الأعراف:156)، ويقول تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الأعراف:56)

يستحيل أن ينصر الله الكسالى على العاملين، والمختلفين على المتحدين، والفوضويين على المنظمين، والمفكرين في مصالحهم على المفكرين في هموم أمتهم

الوعي الديني السليم، المستمد من محكم القرآن وصحيح السنة، بعيدًا عن الشوائب والبدع؛ هذا الوعي هو الذي تصفو به العقيدة، وتصح العبادة، ويستقيم السلوك، ويستنير العقل، ويشرق القلب، وتتجدد الحياة

بعض الفقهاء يبحث في كتب المتأخرين من علماء مذهبه، لا يخرج من إسارها، ولا ينظر إلى الشريعة بمفهومها الرحب، أو بمجموع مدارسها ومذاهبها، كما لا ينظر إلى العصر وتياراته ومشكلاته؛ فهو بنظرته هذه يُحَجِّر ما وسَّع الله، ويُعسِّر ما يسَّر الدين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن لزم الاستغفار؛ جعل الله له من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب» فالاستغفار كما يقول ابن القيم: وطنٌ للخائفين، وضمادٌ للبائسين، وسعادةٌ للتائهين، وفرجٌ للمكروبين، وغفرانٌ للمذنبين

التوبة هي الممحاة التي منحها الله للإنسان ليستطيع أن يغسل بها ذنوبه، وأن يتطهر بها من ماضيه، وأن يتحرر من آثاره، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، و«التائب من الذنب كمن لا ذنب له»

المؤمن لا يعمل لمجرد النجاح والانتصار، وإنما يعمل امتثالًا لأمر الله تعالى، وقيامًا بحق عبوديته له، وابتغاءً لمرضاته فإن تحقق له -مع ذلك- النجاح في مسعاه؛ فهو خير وبركة وفضل من الله ونعمة، وإذا لم يتحقق ذلك؛ فحسبه أنه أدى واجبه وبلَّغ رسالته

الإنسان الحر يشعر تمامًا بمسئوليته عن عمله؛ فيجتهد في إتقانه والارتقاء به، متعاونًا مع غيره في سبيل هذه الغاية أما إذا كان مجرد ترس في جهاز بلا إرادة ولا وعي؛ فإنه يتراخى ويكسل، ويعمل عمل الأُجراء المجبورين، لا عمل الأحرار المختارين

مَن خرج يسعى ليعول أولادًا صغارًا، أو ليعول أبوين كبيرين، أو ليعف نفسه عن سؤال الناس ويكفيها بالحلال؛ فهو في جهاد في سبيل الله

لن يستمر القوي قويًا أبد الدهر، ولن يستمر الضعيف ضعيفًا أبد الدهر، مِن سنة الله تعالى تداول الأيام بين الأمم والأقوام، {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} (آل عمران: 140)

اللهم افتح لنا فتحًا مبينًا، واهدنا صراطًا مستقيمًا، وانصرنا نصرًا عزيزًا، وأتمَّ علينا نعمتك، وأنزل في قلوبنا سكينتك، وانشر علينا فضلك ورحمتك

بعض المسلمين يُقدِّمون الإسلام وكأنه في قفص اتهام أمام مدَّعٍ يطالبه بأن تكون فلسفته وقيمه ومفاهيمه وتشريعاته متماشية مع الغرب! فما خالف الغرب منها فلابد له من عذر، ولا مفر من البحث له عن مسوغ أو «مبرر»!!

مِن أدب الإسلام الذي يفرضه على المسلم: أن يرجع إلى الحق متى تبيَّن له، ولو كان في ذلك تخطئة لرأي أو اعتقاد سابق له قد عُرف بين الناس؛ فإن الحق أحق أن يُتَّبع، ومهما يكن الإنسان كبيرًا فالحق أكبر منه!

الملائكة هم مظهر رحمة الله تعالى ورضاه وبركته، فإذا مُنعت من الدخول في بيت؛ فمعناه أنه محرومٌ من الرحمة والرضا والبركة

العقل نعمةٌ من الله، والوحي نعمةٌ من الله، فكلاهما من آثار الألوهية الرحيمة، وآثار الله تعالى لا تتناقض ولا تتعارض؛ وإنما يحدث التعارض في أفهام الناس!

الميزة الكبرى في رسالة الإسلام أنها تُعلِّم الناس التوسط والاعتدال، والوقوف عند حدود الله؛ حتى لا يَغلوا ولا يُقصِّروا، فإن الغلو والتقصير مفسدان للدين، مفسدان للحياة، مفسدان لكل أمر

العلم في ضوء الإيمان؛ يكون خيرًا وبركة على الناس، وإذا بَعُد عن الإيمان؛ يكون مصدرًا للغرور والتكبر والتسلط على الخلق

كانت مدرسة قيام الليل ومدرسة القرآن؛ هي التي تخرَّج فيها محمد صلى الله عليه وسلم وخرَّج فيها أصحابه فالله أمره بهذا، وأعده هذا الإعداد الروحي ليستطيع حمل هذا العبء الكبير عبء الرسالة الضخمة عبء مواجهة الكفر والباطل على ظهر الأرض

مَن كان على بيِّنةٍ من ربه، وبصيرةٍ من دينه؛ فلا مجال ولا مبرر لأن يتحير عقله، أو يرتاب قلبه، أو يتلعثم لسانه، أو يتردد عزمه، أمام أيِّ حُكمٍ أو مبدأٍ، أو قيمةٍ أو توجيهٍ جاء به القرآن

المنافقون يذكرون الله في بعض الأحيان، كما قال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}، فكيف بمن لا يقوم إلى الصلاة ولا يذكر الله كثيرًا ولا قليلًا؟! إنه لم يصل حتى إلى رتبة المنافقين والعياذ بالله!

اللقاء والحوار وتبادل الأفكار؛ يساعد على أن يفهم بعضنا بعضًا، ويقترب بعضنا من بعض، ويُزيل الجفوة، ويُنشيء المودة، ويجلو الغوامض، ويُزيح الشبهات

كما يقف التاجر كل عام ليراجع سجلاته، ويعرف أرباحه من خسائره، محاولًا أن يتفادى الخسائر، وأن يستكثر من أسباب الأرباح؛ فشأن أبناء الأمّة الواعين أن يقفوا وقفات في حياتهم ليراجعوا أعمالهم ويحاسبوا أنفسهم

الاحتفال برسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرته يكون بأن تعيش معه! أن يكون في ضميرك وفي حياتك مثلًا حيًّا حاضرًا! أن تتخذه أسوة وتتخذ من سنَّته نبراسًا يهدي، {لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمَن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا} (الأحزاب:21)

القول على الله بغير علم من أعظم ما حرّم الله على عباده {قل إنما حرَّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطَن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم يُنزِّل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وروي عن أبي بكر: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم!

كان صلى الله عليه وسلم مصحفًا حيًّا يمشي على الأرض، وقرآنًا يراه الناس بأعينهم أعمالًا وواقعًا معاشًا في حياتهم، لا مجرد ألفاظ تُتلى، ولا أقوال تلوكها الألسن

الحب الفطري للمال أمر لا يملك الإنسان دفعه وهو متصل بغريزة التملك، ولكن الحب المذموم هو «الحب الجمّ» كما وصفه القرآن، وهو الذي يتحول إلى شراهة ونهم؛ بحيث لا يقنع بقليل، ولا يشبع من كثير، ولا يقف عند حد الحلال

ليس النبوغ من صفات الذكور وحدهم، وليس عبثًا أن يقص علينا القرآن قصة امرأةٍ قادت الرجال بحكمةٍ وشجاعةٍ انتهت بقومها إلى أفضل عاقبة وتلك هي ملكة سبأ!

عمل العقل الإسلامي في تفسير القرآن وشرح الحديث واستنباط الأحكام؛ لا عصمة له في مفرداته وجزئياته، ولكنه في مجموعه ضروري لفتح المغاليق، وتبيين الطريق، وترشيد الفهم، وتسديد الاستنباط والاجتهاد؛ حتى لا تزِلَّ الأقدام وتضل الأفهام

مِن معاني الوسطية: التيسير الذي يدفع التعسير، والتبشير الذي يردُّ التنفير، دون إخلال بالإتقان أو الإحسان الذي يوجبه الله على عباده ولا تفريط في حدود الله

الحرية ليست في اتباع الشهوات وانطلاق الغرائز السُفلى؛ فهذه بهيمية لا حرية ولا في اتباع الشبهات، وبلبلة الأفكار، وإثارة الفتن؛ فهذه فوضى! إنما الحرية في خلاص الإنسان من كل سيطرة تتحكم في تفكيره أو وجدانه أو حركته، سواء أكانت من حاكم مستبد، أم كاهن متسلط، أم رأسمالي متجبر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» والنصيحة لكتاب الله تكون بأن نتّبع هداه، وأن نُصدِّق شرائعه، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد سُئلت السيدة عائشة عن خُلُقه؛ فقالت: كان خُلُقه القرآن!

المؤمن لا يتعصب لرأي غيره ولا لرأي نفسه، وهو أسرع الناس فيئًا إلى الصواب متى تبين له، فليس في الحق كبير، والحق أحق أن يُتَّبع

كان بعض السلف يقول: ما أجمل أن يجعل الفلاح فأسه مِسبحته! ويجعل النجار منشاره مسبحته، ويجعل الحداد مطرقته مسبحته وهكذا

الحق الذي لا مراء فيه: أنّ جُل الأحكام التي يدور عليها الفقه في شتى المذاهب المعتبرة قد ثبت بالسُّنة ومَن طالع كتب الفقه تبيَّن له ذلك بكل جلاء! ولو حذفنا السُّنَن، وما تفرَّع عليها واستُنبط منها من تراثنا الفقهي؛ ما بقي عندنا فقهٌ يُذكر!!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ امرأً سمِعَ منَّا شيئًا فبلَّغَهُ كما سمِعَهُ، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى من سامِعٍ»

بعض الناس لا همَّ له إلا المسائل الخلافية والأمور الجدلية، وهي مسائل وأمور لا تُغني من جوع، ولا تُسمن من شبع لا تقوي الإيمان، ولا تُرَشِّد الفكر، ولا تُهذِّب السلوك

العمل بمقتضى العلم من الضرورات الأولى لمن يحمل رسالة الهداية فالناس لا يؤثر فيهم مجرد العلم ومحض القول، وإنما تؤثر فيهم القدوة الحسنة والأعمال الطيبة والانفعالات الصادقة!

قام في كل عصر حُرَّاس أيقاظ، يحملون عَلَم النبوة وميراث الرسالة؛ يُورِّثونه للأجيال مشاعل تُضيء ومعالم تهدي؛ تصديقًا لتلك النبوءة المحمدية والبشارة المصطفوية: «يحمل هذا العِلم مِن كل خَلَفٍ عدوله: ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»

اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وهيِّئْ لنا من أمرنا رشدًا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ ولا أقل من ذلك!

الصحابة رضي الله عنهم، هم تلاميذ المدرسة المحمدية، فإذا صح عنهم تفسير معين؛ أصغينا له أسماعنا؛ لما امتازوا به من مشاهدة أسباب التنزيل وقرائن الأحوال، فرأوا وسمعوا ما لم يرَ غيرهم ولم يسمع، مع عراقة في اللغة بالسليقة والنشأة، وصفاء في الفَهم، وسلامة في الفطرة، وقوة في اليقين

العقيدة الإسلامية لها أثرها في إحسان العبادة والعبادة لها أثرها في تكوين الأخلاق والأخلاق لها أثرها في حراسة التشريع والتشريع له أثره في حماية الدولة ورقيها!

مِن دلائل التحرر من التعصب؛ الثناء على المخالف فيما أحسن فيه، فإنّ التعصب كثيرًا ما يُعمي العين عن رؤية محاسن المخالفين!

الباحث عن الحق في كل زمان ينبغي أن يتصف بثلاث فضائل: الإخلاص، والاستقلال، والتواضع وبالتالي يعني التحرر من ثلاث رذائل: الهوى، والعصبية، والكِبْر

التاريخ لم يُسجِّل لأمّة في حفظ تراث نبيها ما سجَّل لهذه الأمّة الخاتِمة! ووجود أحاديث زائفة قد تصدى لها علماء السنة؛ لا يجعلنا نُلقي الأحاديث كلها في سلة المهملات! هل يقول عاقل بإلغاء النقود السليمة لأن هناك مِن المزوِّرين مَن زيَّفوا بعض العملات وروَّجوها لدى بعض الغافلين؟!

لماذا نُعسِّر ما يَسَّره الله علينا، ونُضَيِّق على أنفسنا، وقد وسَّع الله لنا، وهو يريد بنا اليُسر، ولا يريد بنا العُسر؟!

على المسلم المخلص ألا يضيق صدره بالنقد، بل يرحب به في شجاعة ويفتح له سمعه وقلبه وإن كان الناقدون يريدون التشويش عليه والتشهير به؛ فهو يستفيد منهم مراجعة نفسه وتقويم فكره، ومواجهة عيوبه وأخطائه!

العالَم هو مملكة الله تعالى، والناس فيها عبيده ورعاياه؛ فله وحده أن يحكم ويُشرِّع، ويُحلِّل ويُحرِّم؛ وعلى الرعية السمع والطاعة!

هدمت عقيدة الإسلام الأماني الفارغة التي جعلت صِنفًا من الناس يحسبون الجنة حِكرًا لهم، أو عقارًا سيتوارثونه عن الآباء والأجداد، يستحقونها بمجرد الانتساب إلى دينٍ معينٍ أو الدخول تحت عنوانٍ خاصٍ أبطل الإسلام هذه الدعاوى العريضة، وردَّ الأمر كله إلى صدق الإيمان وحسن العمل

الحياة تتطور والواجب أن نستخدم في دعوتنا أفضل ما انتهى إليه العلم وتقنياته؛ فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب

بدل أن يسترسل المسلم مع أحاديث النفس التي تتطاير هنا وهناك مما تشتهيه نفسه من حرامٍ لا يحل له؛ عليه أن يشغل نفسه بالطيبات والخيرات التي تبعدها عن خطرات السوء ونزغات الشياطين، ومَن شغل نفسه بالحق لم يدع لها مجالًا لأن تشغله بالباطل!

إنّ مهمة الدين أن يقود الحياة بمَثَله الأعلى، لا أن تقوده الحياة بواقعها الهابط! مهمته أن تسير الحياة في اتجاهه، لا أن يسير هو حيثما سار رَكْب الحياة

ردَّ الأحاديث الصحيحة والسُنن الثابتة اتِّكاءً على دعاوى وشبهات داحضة؛ مرض قديم لدى كل المنحرفين والمبتدعين، الذين تحاصرهم السُّنة من كل جانب؛ فلا يجدون لهم منطقًا إلا ردها وإنكارها!

اللهم أكرمنا ولا تُهِّنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارضَ عنا وأرضنا

على التائب أن يستبدل بالأصحاب الأشرار؛ أصحابًا أخيارًا أطهارًا، مجرد رؤيتهم تُذكِّر بالله، وكلامهم يُرشد إلى طاعة الله، وأعمالهم تهدي إلى طريق الله!

{وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، «عزيز»: لا يذل مَن استجار به، ولا يضيع مَن لاذ بجنابه، و«حكيم»: لا يقصر عن تدبير مَن توكل على تدبيره

قبل أن تسمع الدنيا عن الثورة الفرنسية وغيرها من الثورات، وقبل أن يعرف الغرب مبدأ المساواة بأكثر من عشرة قرون؛ جاء الإسلام وقرر المساواة الإنسانية، مناديًا بهذا النداء الرباني: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}

قال حكيم: مَن أمضى يومًا من عمره في غير حقٍ قضاه، أو فرضٍ أدّاه، أو مجدٍ حصّله، أو خيرٍ أسسه، أو علمٍ اقتبسه؛ فقد عق يومه وظلم نفسه

لابد أن يبحث الإنسان في داخل نفسه عن السبب الذي جعله لا يصل إلى هدفه ولا عيب في هذا، فالإنسان مُعرَّض للنجاح والفشل، لكن المهم أن يتدارك أخطاءه أو خطاياه، ويحاول أن يجعل يومه خيرًا من أمسه!

تشريع الإسلام: تشريع إلهٍ حكيم، لا يُحرِّم شيئًا عبثًا، ولا يُحِلُّ شيئًا جزافًا، فكل شيءٍ خلقه بقَدَر، وكل شيءٍ شرعه بميزان

لا ينبغي لمسلمٍ أن يحتج بأحاديث لا يعرف لها خِطامًا ولا زِمامًا، إنما سمعها من خطيبٍ غير عالمٍ بالسنة، أو قرأها في مجلةٍ تنشر ما يعجب الجمهور، لا ما يعجب العلماء! أو قرأها في كتابٍ لا يُعتمد عليه في تصحيحٍ أو تضعيف

حقيقة العبادة لله تبارك وتعالى أن تخضع له كل الخضوع، وأن تحبه كل الحب وكل ما يدخل في هذين المعنيين؛ يرحب به الإسلام ويحبه ويُنمِّيه ويباركه

كثيرٌ من التائهين يغالطون أنفسهم فيزعمون أنهم يتّبعون عقولهم، والواقع أنهم لم يتّبعوا إلا أهواءهم، فقد جعلوا العقل تابعًا للهوى، واتباع الهوى لونٌ من عبادة الذات، وهو لونٌ من الشِّرك، فلا فرق بين أن يعبد المرء شخصه وأن يعبد شخصًا آخر

التقوى خير زاد، وخير وقاية، وخير ستر، وخير لباس يسترك ويقيك من حرِّ نار الآخرة {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ}

الوحي الرباني هو الذي يسدد العقل إذا أخطأ، ويرشده إذا ضل، ويأخذ بيده في مفارق الطرقات وهو منارة الناس في الظلمات، وملاذهم إذا عميت عليهم المسالك والتبست عليهم الغايات واختلفت عليهم الأدلة

أهل الجنَّة هم أُولو الألباب، أي أصحاب العقول، وليس أهل الجنَّة ولا أكثرهم «هم البُلْه»، كما يُذكر ذلك في حديث لا يصح ولا يثبت؛ فهذا الدين دين العقل والعقلاء

ما أجمل هذه الكلمة {وَاسْتَغْفِرُوهُ} كأنها إشارة إلى أن الإنسان لابد أن يبدو منه تقصير في حق الله ولم يطلب الله تعالى منا إلا الصدق في التوبة، والعزم على الإقلاع عن الذنب!

أول ما يحرص عليه المسلم: أن يعرف الحق ويتبعه؛ فلا يضل عن الغاية، ولا يتيه عن الطريق، ولا يتحير أمام المفارق، ولا تختلط عليه الأمور، ولا تتغبَّش الرؤية أو يلتبس الحق بالباطل فالله هو الحق المبين

يؤكد القرآن أن مَن اتبع هواه ضل وتاه، وأمسى إنسانًا سائبًا، لا ينضبط بضابط ولا يعتصم برابط؛ لأنه يركض وراء الهوى، والأهواء لا تتناهى؛ ومِن هنا قال الله تعالى لرسوله: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف:28)

المخلص في طلب الحق يبحث عنه في كل مظنَّة، ويقف على عتبة الله تعالى ضارعًا إليه: يسأله أن يخلص قلبه من إسار الهوى، والجري وراء الشهرة وإرضاء الخَلْق، وأن يرزقه نورًا يمشي به في الظلمات، وفرقانًا يحكم به بين المتشابهات

مِن مخاطر الذنوب أنها سبب من أسباب حرمان الرزق ونزع البركة منه، جاء في الحديث: «إن العبد ليُحرَم الرزق بالذنب يُصيبه»

المُقلِّد المتعصب لمن يُقلِّده أو ينتسب إليه؛ ليس حرًا في فكره إذا فكر، ولا مستقلًا في بحثه إذا بحث؛ إنما هو أسيرٌ لما التزمه من قبل إنه لا يفكر برأسه، بل برأس غيره!

الناس يُعطون الدنيا أكبر من حجمها، وأكثر من قَدْرها، وما هي إلا أيام معدودة وأنفاس محدودة ثم تغادرها وترحل عنها فأنت هنا ضيف، والضيف لابد أن يرتحل!

مَن عرف التاريخ وسُنن الله فيه، وكان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد؛ تعلّم من أخطاء الآخرين، وكان له بهم عظة، فالسعيد من وُعظ بغيره واقتبس مما عندهم من خير

علينا أن نواجه المتاعب والآلام بصبرٍ جميلٍ، ولا نعتقد أن البلاء الذي ينزل بنا لابد أن يكون عقوبةً من الله لنا؛ بل كثيرًا ما يكون هديةً من الله سبحانه لنا من حيث لا نشعر؛ ولولا ذلك ما كان الأنبياء أشد الناس بلاءً في هذه الدنيا

التواضع معناه ألا يستنكف الإنسان من قبول الحق، ولو جاءه ممن هو دونه علمًا أو سنًا أو قدرًا، ومن الرجوع إلى الحق بعد أن يتبيَّن له وقد ذكر لنا القرآن في قصصه الحق أن الإنسان تعلَّم من الغراب كيف يواري سوءة أخيه!

الذين اجتهدوا وجددوا لهذه الأمّة، كانوا أئمةً في العلم والمعرفة، أئمةً في الورع والتقوى، أئمةً في العدل والإنصاف وكان من إنصافهم: ألّا يجاملوا أقرب الناس لهم وأحبهم إليهم؛ حتى قال ابن القيم فيما خالف فيه شيخه الهروي: شيخ الإسلام حبيبٌ إلينا، ولكن الحق أحب إلينا منه!

يُخبرنا التاريخ أن أمّتنا لم تُؤْتَ إلا من عند أنفسها قبل كل شيء؛ حين تتمسك بقشورٍ من الإسلام وتدع لُبابه وجوهره، أو تؤمن ببعض الكتاب وتترك بعضًا؛ اتباعًا لأهوائها أو أهواء آخرين حذَّرها الله منهم

ما أمر الله تعالى به، وما نهى عنه، وما وجَّه إليه؛ يجب أن يُتلقَّى كله بالرضا والقبول؛ فهذا هو موجِب الإيمان بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ نبيًا ورسولًا، وإلا كان على المسلم أن يراجع إيمانه من جديد!

يقول الإمام ابن القيم: «سُئل أحد العلماء عن العشق فقال: قلوبٌ غفلت عن ذكر الله؛ فابتلاها الله بعبودية غيره»

كان النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه بعض أصحابه في الرأي يختاره أو الأمر يصدره؛ فلا يجد غضاضةً في النزول عن رأيه إلى رأيهم، كما حدث في بدر وأُحد والخندق!

كتب الفاروق عمر في رسالته الشهيرة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري: ولا يمنعنك قضاءٌ قضيته بالأمس، هُديت فيه إلى رشدك؛ أن تُراجع نفسك اليوم؛ فإن الحق قديم، وإن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل!

ليحذر المسلم من إعجابه بنفسه وما يقدمه من حسنات وصالحات، واعتقاده أنه وحده المفلح وغيره من الخاسرين، أو أنه وجماعته هم «الفرقة الناجية» وكل المسلمين من الهالكين، أو أنهم وحدهم «الطائفة المنصورة» وغيرهم من المخذولين!

الواقع يقول إن الزيف لابد أن ينكشف، والنفاق لابد أن يفتضح، وقال عليّ رضي الله عنه: «غش القلوب يظهر على صفحات الوجوه وفلتات الألسنة»، وقديمًا قال الشاعر: ثوبُ الرِّياء يشفُّ عما تحته ** فإذا اكتسيت به فإنك عارِ!

كل طبقة في الأمة لها فضلها، فالأولون آمنوا بما رأوا من المعجزات وتلقوا دعوة الرسول بالإجابة، والآخرون آمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات واتبعوا سلفهم بإحسان، وكما أن المتقدمين اجتهدوا في التأسيس والتمهيد فالمتأخرون اجتهدوا في التقرير والتأكيد، فكلٌّ سعيهم مشكور وأجرهم موفور

تضييع وقت العمل معناه أنك تأكل حرامًا وسُحتًا؛ لأنك لم تُعطِ من الجهد والعرق ما يكافئ الأجر الذي تأخذه، فهذا عقد، والعقد شريعة المتعاقدين، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (المائدة:1)

لا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها، ولم يَصلُح أولها إلا بالوقوف عند كتاب الله وعند هدي رسول الله، وبمطاردة كل بدعةٍ وافدة، وكل ضلالةٍ مستوردة، وكل دخيلٍ على هذه الأمة، يُفسد عليها عقائدها، ويُفسد عليها شرعها، ويُفسد عليها حياتها، ويُبدِّل أمنها خوفًا، ووحدتها فُرقة

مِن الناس مَن يرى الحق جليًّا ويأبى أن يُذعن له؛ كِبْرًا وعلوًّا، وهذا ما وصف الله به فرعون وملأه، فقد رأوا آيات موسى عليه السلام مبصرةً بيِّنة، فصدوا عنها بتعِلّاتٍ واهية، كما قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} (النمل:14)

المؤمن يسأل الله العافية ولا يتمنى البلاء، فإذا وقع استقبله بصبر المؤمنين وإيمان الصابرين، تاليًا قوله سبحانه: {واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيقٍ مما يمكرون * إنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} (النحل: 127-128)

الفقير الذي لا مال له يُحصِّل ببصيرته وصدق نيته أجر الغني الذي أنفق وتصدق، كما ذكر نبي الرحمة عن من رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويعلم لله فيه حقا! ثم ذكر عبدا رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان؛ فهو بنيته، فأجرهما سواء

الاجتراء على رد الأحاديث الثابتة، والتطاول على الأئمة الأعلام؛ لا يتأتّى من إنسان شم رائحة العلم، إنما هو شأن «الأدعياء» و«الخطافين» المتطفلين على موائد العلم

إذا كان الإسلام يُحرِّم كل التحريم إثارة الحقد والبغضاء والصراع بين الناس؛ فإنه يوجب آكد الإيجاب التدخل بكل طاقة ممكنة لوقف الخصومة وطرد شيطان العداوة، وزرع الحب بدل البغض، وإحلال الوئام محل الخصام، والسلام محل النزاع

ما اتهم أحدٌ قولًا صحيحًا في الدين؛ إلا وكان المتَّهِم هو الفاسد الذهن، المأفون العقل؛ فالآفة مِن الذهن العليل، لا في نفس الدليل كما قال المتنبي: وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا ** وآفته مِن الفَهم السقيمِ

المستعجل الذي لا صبر له ويريد أن يزرع اليوم ليحصد غدًا؛ يخالف سُنن الله تعالى في الكون والاجتماع البشري؛ فكل شيءٍ له أجله المسمّى وأطواره المعلومة

قال ذو النون المصري: حقيقة التوبة أن تضيق عليك الأرض بما رحبت، ثم تضيق عليك نفسك، كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله: {وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا}، فلابد في التوبة من الندم والأسى والحزن، والحسرة على ما فرَّط العبد في جنب الله

مِن آثار الإيمان «الرضا» الذي يجعل الإنسان مستريح الفؤاد، منشرح الصدر، غير متبرِّمٍ ولا ضَجِر، ولا ساخطٍ على نفسه وعلى الكون والحياة والأحياء

الوحي لا يلغي دور العقل، ولكن يأخذ بيده في المتاهات، ويهديه في مفارق الطرق، ومواضع الالتباس التي يكثر فيها الخلط، أو يحكم فيها الظن، أو يغلب فيها الهوى والتخبط بحكم الضعف البشري

الإسلام هو الذي يُجدد في الأمة ما بلي من شبابها، ويُحيي ما شاخ من عزائمها، ويُحرك ما همد من طاقاتها الخلاقة، وينفخ فيها روح الحياة، ويُجري في عروقها دم البطولة، ويصب في كيانها كله روح القوة وقوة الروح

صاحب الهوى لا يمكن أن يكون موضوعيًا ولا محايدًا إزاء ما يقرؤه وما يسمعه وما يشاهده؛ لأنه يريد إخضاع كل شيءٍ لهواه، فالنصوص عنده تابعة لا متبوعة، والأدلة لديه خادمة لا مخدومة، والنتائج عنده سابقة على المقدمات، والمدلول متقدم على الدليل

التفكير فريضة، والتأمل عبادة، وطلب العلم جهاد، والجمود على القديم لمجرد قِدمه جهل وضلال، والانسياق الأعمى وراء الأفكار الدخيلة والآراء الباطلة؛ فساد وخبال

الرغبة في الجدل والمراء والخصومة مع الآخرين؛ توغر الصدور، وتأكل الأوقات، وتُضيّع الجهود، وتمزق الصفوف، وفي الحديث: «ما ضلَّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه إلَّا أوتوا الجدَل»

الله تعالى أبرُّ بك من نفسك، وأرحم بك من أبويك، وكيف لا، وهو الذي أنشأك من عدم، وأسبغ عليك نعمه ظاهرةً وباطنة، وأحاطك برعايته في كل أطوار حياتك؟!

لا سلطان للشيطان على ضمير الإنسان، إلا سلطان الوسوسة والإغراء والدعوة إلى الشر وتزيينه في الأنفس، وهذا مبلغ كيده وجهده، وهو كيدٌ ضعيفٌ أمام يقين المؤمنين، المعتصمين بالله، المتوكلين عليه قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}

شريعة الله كاملة في كل ما أمرت به، أو نهت عنه، أو أذنت به، أو دعت إليه هذه قضية إيمانية يجب الإيمان بها، وعدم التلجلُج فيها

الناس يتخيلون بينهم وبين الموت مسافات ومسافات، تطول وتقصر بمقدار طول أملهم في الحياة وقِصره وكلما غرق الإنسان في لُجج الحياة الدنيا وزخرفها، أو كلما غرّته الأمانيّ، أو أطغاه المال أو السلطان؛ رأى الموت بعيدًا عنه، ونظر إلى نفسه كأنه مخلَّدٌ في الدنيا، حتى تفاجئه الحقيقة المذهلة!

قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} فإذا كان شأن قوانين الله الكونية: الدقة والتوازن والروعة والإحكام، فكيف تتخلف هذه المعاني في قوانينه الشرعية؟! كيف يُحكِم ويُتقِن في عالم الخلق، ولا يُحكِم ويُتقِن في عالم الأمر؟! تعالى الله عما يقول الجاهلون بمقامه علوًّا كبيرًا!

عابوا على الشريعة الإسلامية تعدد الزوجات، وها هم يُعدِّدون النساء ولكن بغير إذنٍ من الله ولا رضًا من شريعته، فهم يرفضونها حليلة ويعاشرونها خليلة! فالتعدد قائم، ولكنه تعددٌ لا أخلاقي ولا إنساني، لا التزام فيه بحقٍ لزوجةٍ تُعاشَر، ولا بحق طفلٍ يُولَد منها طوعًا أو كرهًا

قال الفاروق عمر رضي الله عنه: «إذا أسأت فأحسِن؛ فإني لم أرَ شيئًا أشد طلبًا ولا أسرع دَرَكًا من حسنةٍ حديثةٍ لذنبٍ قديمٍ»

عابوا على الشريعة الإسلامية تشريع الحجاب ووضع الضوابط لعلاقة الرجل بالمرأة، وأطلقوا هم العِنان للجنسين حتى تنحل عُقَد الكبت ويغدو الجنس أمرًا عاديًا لا حَرَج فيه ولا تأثيم! فهل حَلُّوا العقدة حقًا أم ازداد الأمر سوءًا والطين بِلَّة، وباتوا في سكرتهم يعمهون وفي أوحالهم يتمرغون؟!

مِن العبث كل العبث أن يُراد صب الناس كلهم في قالبٍ واحد، وجعلهم نُسخًا مكررة، ومحو كل اختلافٍ بينهم؛ فهذا غير ممكن لأنه مخالفٌ لفطرة الله تعالى

رأينا مِن العلماء المنصفين مَن يخالفون شيوخهم الذين يعظمونهم وينقدون آراءهم؛ لأنه ليس في الحق كبير لكن الآفة إنما هي في المتعصبين الذين اعتبروا المذهب كأنما هو دين، والإمام كأنما هو مُشرِّع، وأوشكوا أن يكونوا كأهل الكتاب الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله

المسلم حَسَنُ الخُلق دائمًا مع المسلم وغير المسلم؛ إيمانًا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلقٍ حسن»، هكذا قال: «خالق الناس» ولم يقل: خالق المسلمين بخُلقٍ حسن!

عصرنا أحوج ما يكون إلى المزج بين الفقه والدعوة، بحيث يكون الداعية فقيهًا والفقيه داعية؛ فلن يُجَدِّد الدين في عقول الأمة وضمائرها إلا الداعية الذي يحمل عقل الفقيه، والفقيه الذي يحمل روح الداعية

كيف لا ينتصر الإسلام للإنسان إذا ظُلِم أو أُهين أو اضطُهد، أو أُكْره على غير ما يريد بالحديد والنار، وهو ينتصر للحيوان الأعجم إذا ظُلِم أو عُذِّب أو حُمِّل ما لا يُطيق؟!

لن يكون ابنك قرة عينٍ لك؛ إلا إذا كان يخشى الله ويعرف حقه، فمن لم يكن وفيًا مع الله لن يكون وفيًا مع أهله ولا مع أحدٍ من الناس

النية ليست مجرد خاطرة طائرة تمر بالبال، كشرارة لامعة ثم تنطفئ؛ بل هي خط نفسي عميق، يجعل صاحبه يعيش بأمر الخير، حالِمًا به، راغبًا فيه، حريصًا عليه

أعظم ما تتعرض له السُّنة المشرَّفة من سوء الفهم: اعتبار الأحاديث التي وردت في القضايا الخاصة والجزئية بألفاظ خاصة؛ مصادر عامة للتشريع الملزم لكل الناس في كل العصور، مع تقرير الأصوليين والفقهاء: أن قضايا الأعيان لا عموم لها

التنوع في العمل الخيري محمود ومحبوب، فكلٌّ يتبرع مما عنده: هذا يجود بما عنده من مال وممتلكات، وهذا يجود بما عنده من علم وخبرة وجهد؛ وبهذا تتكامل جهود أهل الخير في الأمّة #اليوم_العالمي_للعمل_الخيري

يلزم مِن إيماننا بكمال الشريعة وسموِّها؛ أن نؤمن بأن أحكامها تتكامل ولا تتناقض، وأنها تتعاضد ولا تتعارض؛ لأن مصدرها واحد، وهو الوحي

الأصل في المسلم أن يألَف أخاه المسلم، ويشعر بحاجته إليه، ويسعى في معاونته؛ فالمرء ضعيفٌ بمفرده، قويٌ بإخوانه، ولابد لنا أن نقف في وجه كل ما يدخل على القلوب فيُغيِّرها من الحب إلى البغض، ومن الأخوة إلى العداوة، ومن الصفاء إلى الكدر!

كم رأينا في عصرنا مِن أناس تطاولوا على الشريعة، وتعالموا على شارعها؛ فإذا الواقع المعاصر يُثبت عدل الشريعة وسموِّها، وسبقها بأروع المبادئ، وأكمل القواعد، وأمثل الأحكام، التي لا تصلح الحياة الإنسانية إلا بها!

كلما ازداد إطلاع الإنسان على عجائب الكون ومعرفته بما فيه من جمال وإحكام ولم يقف عند القشور؛ ازداد إيمانًا بوجود الخالق وحكمته وعظمته وكمال صفاته قال العالم الطبيعي إسحاق نيوتن: «لا تشُكُّوا في الخالق فإنه مما لا يُعقل أن تكون المصادفات وحدها هي قاعدة هذا الوجود»!

الإسلام لم يُعادِ الحياة المادية، ولم يُلغِ قيمة الحياة الأرضية كما فعلت أديان أخرى، وكيف يعادي الحياة دينٌ يُبيح المحظورات عند تحقق الضرورات، ويُسقط الفرائض أو يخففها عند وجود الأعذار المادية من المرض والسفر والمشقة ونحوها؟!

بحسْب الإنسان من الشر أن يحقر أخاه المسلم، وأن يُسيء الظن بالآخرين، فتواضعوا لإخوانكم، ولا تُزكّوا أنفسكم! وفي الحديث: «إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر بعضكم على بعض»

القرآن الكريم من أوله إلى آخره قائمٌ على أساس أن هناك خالقًا ومخلوقًا، وربًا ومربوبين، ومعبودًا وعابدين، وأن تذويب الفوارق بين المخلوق والخالق؛ ما هو إلا خبلٌ في العقل وكفرٌ في الدين

الناس عادةً لا تؤثِّر فيهم النظريات، وإن بلغت من السداد والعمق ما بلغت، وإنما يتأثرون إذا رأوا الفضائل والأخلاق تتجسد في شخوصٍ واقعيةٍ تتحرك وتمشي على الأرض!

مِن أعظم أسباب الانحراف في فهم القرآن والسُّنة: هو وضع النصوص في غير موضعها الصحيح، والاستدلال بها على غير ما سيقت له ومنشأ ذلك هو اتِّباع النص المتشابه وترك النص المُحكَم، وكثيرًا ما يدفع إلى ذلك زيغُ القلوب واتباعُ الأهواء!

المؤمن يقابل المصيبة بالاسترجاع والصبر، ولا يقابلها بالجزع أو السخط على قضاء الله وقدره لا يلطم خدًّا، ولا يشق جيبًا، ولا يدعو بدعوى الجاهلية

الذي يتصدق في السر مُخفيًا صدقته أفضل من المجاهِر بها؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد عن مظنة الرياء، وأحفظ لكرامة الفقير؛ ولهذا كان من السبعة الذين يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله

كثرة الثواب في العبادات مبنية على اعتباراتٍ كثيرة، أهمها: الإخلاص لله عز وجل، وإتقان العبادة بأركانها وآدابها على وجهٍ حسن، فكلما كان هناك الإخلاص، وكان هناك الموافقة للسنة وآدابها؛ كانت العبادة أعظم أجرًا

إيمان المسلم بقَدَر الله هو إيمانٌ بأن الكون لا يمشي بغير غاية، ولا يسير بغير تدبير! كيف وكل ذرةٍ من ذراته في الأرض أو في السماء يحيط بها علمه، وتجري عليها مشيئته وقدرته، وفق حكمته البالغة ورحمته الواسعة!

بغير الإسلام يفترق الناس يمينًا ويسارًا، وينقسم أيضًا اليمين واليسار إلى مراتبٍ ودرجات، وهذا ما حذَّر منه الله ورسوله، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}

اللهم إنا ضعفاء فقوّنا، فقراء فأغننا، حيارى فاهدنا، خائفون فأمِّنَّا، قلقون فثبتنا

لا يجوز أن أهضم حقك وأغفل عمدًا ذكر حسناتك والتنويه بفضائلك، لمجرد خلافي معك في قضية أو أكثر، كما يفعل الكثيرون، يجورون على خصومهم، فلا يكادون يعترفون لهم بحسنة، وإن عرفوا لهم سيئة أذاعوها ونشروها، بل ربما ضخموها!

إنّ التدين الحق هو أن يقف الإنسان عند حدود ربه وإن الميزة الكبرى في رسالة الإسلام أنها تُعلِّم الناس التوسط والاعتدال، والوقوف عند حدود الله، حتى لا يَغلوا ولا يقصروا، فإن الغلو والتقصير مفسدان للدين، مفسدان للحياة، مفسدان لكل أمر

الإسلام لا يقف عقبة في سبيل «العلم المادي» ولا يعده مقابلًا للإيمان أو معاديًا له، بل أقول بكل صراحة واعتزاز: إن تعاليم القرآن والسنة قد هيأت المناخين النفسي والعقلي اللذين ينبت فيهما هذا العلم، بحيث ترسخ أصوله، وتمتد فروعه، ويؤتي أُكُله بإذن ربه

اليأس من وجود حل حاسم ومن دواء ناجع، والاكتفاء بالحوقلة والاسترجاع وإبداء الأسف - الشديد - على ما انتهت إليه حال العرب والمسلمين، دون البحث عن الحل والتفتيش عن العلاج؛ إنما هو هروب من الواقع وفرار من الزحف، ومناقضة لطبيعة الإيمان التي لا يعرف اليأس إليها سبيلًا

امتدح القرآن رواد المساجد، المسبِّحين لله بالغدو والآصال بأنهم {رجالٌ لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} فالمؤمنون في نظر القرآن ليسوا أحلاس مساجد ولا دراويش تكايا؛ إنما هم رجال أعمال، وميزتهم أن أعمالهم الدنيوية لا تشغلهم عن واجباتهم الدينية

تبين لي بطول الدراسة والممارسة أن الرجوع المباشر إلى الكتاب والسنة يقترن دائمًا بالتخفيف والتيسير، والبعد عن الحرج والتعسير، على خلاف الرجوع إلى الفقه المذهبي الذي حمل على طول العصور كثيرًا من التشددات؛ نتيجة الاتجاه إلى الأخذ بالأحوط غالبًا

لا يُسمَّى العلم علمًا إذا كان ناشئًا مِن غير دليل، ولقد قال الإمام عليّ رضي الله عنه: «لا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله»

إغاثة الملهوف، وإعانة المضطَّر، وإطعام الجائع، وإيواء المشرَّد، وجبر المكسور، ومداواة الجريح؛ كلُّها فرائض لازمة على الأمّة بالتضامن، ففي الحديث: «ليس منا مَن بات شبعان، وجاره إلى جنبه جائع»

كلما حَيِيَت القلوب أحست بخطر الذنوب، وكلما ضعف حسُّها قل انتباهها لخطرها كما قال أنس رضي الله عنه: إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات!

مما يساعد على الخروج من حالة الكرب والاكتئاب؛ الاجتهاد في مساعدة الناس، وخصوصًا الضعفاء منهم، مثل: الفقراء واليتامى والأرامل والمعوقين وأصحاب الحاجات، والعمل بجد لإغاثة الملهوفين، وتفريج كرب المكروبين، ومسح دمعة المحزونين، ورسم البسمة على شفاههم

المؤمن قد تعرض له وساوس، وقد تهجس في نفسه هواجس، ولكنه إذا كان صاحب إيمان ويقين وكان موفقًا من الله عز وجل؛ سرعان ما تزول تلك الوساوس وتختفي الهواجس، فتغشاه السكينة والطمأنينة، ويعود إليه منطق الإيمان ونور العقيدة القويمة

إنْ صبرت على البلاء فأنت مع الله وفي عنايته ورعايته؛ كما قال تعالى: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وأجر الصابرين غير معدودٍ بعد، ولا محدودٍ بحد، ولا محسوبٍ بمقدار؛ قال سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}

الجنة في الآخرة ليست جزاء لأهل البطالة والكسل والفراغ؛ بل لأهل الجد والعمل والإتقان، قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}

ينبغي على أهل الفتوى أن ييسروا على المسلم في هذا العصر ما استطاعوا، وأن يعرضوا عليه جانب الرخصة أكثر من جانب العزيمة؛ ترغيبًا في الدين، وتثبيتًا لأقدامه على طريقه القويم

مِن السلبية الكلام عن الماضي وما فيه من مآسٍ ومحن، واجترار هذه الذكريات المريرة، دون السعي الإيجابي في تلافيها أو تلافي وقوع أمثالها!

لكل عصر لسان أو لغة تميزه وتُعبِّر عن وجهته، فلابد لمن يريد التحدث إلى الناس في عصرنا أن يفهم لغتهم ويحدثهم بها ولا أعني باللغة مجرد ألفاظ يُعبِّر بها قومٌ عن أغراضهم؛ بل ما هو أعمق من ذلك مما يتصل بخصائص التفكير وطرائق الفهم والإفهام

الحسد كما سمّاه رسول الله: داءٌ نفسي يصنع بالروح ما تصنع الأوبئة بالأجسام: فهو غمٌ على صاحبه، ونكدٌ دائمٌ له، وغيظٌ لقلبه لا ينتهي أمده، بل هو داءٌ جسدي أيضًا: يُنهك القوى، ويؤذي البدن، ويُغيِّر الوجه!

تحررت من العصبية المذهبية والتقليد الأعمى لزيد أو لعمرو مِن المتقدمين أو المتأخرين هذا مع التوقير الكامل لأئمتنا وفقهائنا، فعدم تقليدهم ليس حطًّا من شأنهم؛ بل سيرًا على نهجهم، وتنفيذًا لوصاياهم بألا نقلدهم ولا نقلد غيرهم ونأخذ من حيث أخذوا

قال عمر بن عبد العزيز: سنّ رسول الله وخلفاؤه بعده سُننا؛ الأخذ بها تصديقٌ لكتاب الله، واستعمالٌ لطاعة الله، ليس على أحد تغييرها ولا تبديلها، ولا النظر في رأي مَن خالفها، فمن اقتدى بما سبق هُدي، ومن استبصر بها أبصر، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم

مِن اللازم لمن يريد أن يُحسن الفهم عن الله ورسوله: ألا يكتفي بالوقوف عند حرفية النصوص ويجمُد على ظواهرها! بل عليه أن يتأمل فيما وراء أحكامها من علل، وما تهدف إليه من مقاصد، وما تسعى إلى تحقيقه من مصالح مادية أو معنوية، فردية أو اجتماعية، دنيوية أو أخروية

منهجي في الإفتاء يقوم على التحرر من العصبية والتقليد، وتغليب التخفيف والتيسير على التشديد والتعسير، مع مخاطبة الناس بلغة العصر، والإعراض عما لا ينفعهم، وكذلك الاعتدال بين المتحللين والمتزمتين، وإعطاء الفتوى حقها من الشرح والإيضاح

لا يسوغ لأحد كائنًا ما كان مبلغه من العلم أن يطلع علينا برأي يشذ عن الأمّة كلها، ويُخَطِّئها فيما أجمعت عليه خلال أربعة عشر قرنًا، ويُضلِّل الراسخين والربانيين من علمائها وفقهائها، ويتهم خير أمّة أُخرجت للناس بأنها ضلت عن الحق طوال تاريخها، حتى ظهر هو فأتى بما لم يأتِ به الأوائل!

حسْب العالِم المستقل ألا يلتزم رأيًا في قضية بدون دليل قوي، ولا يكون كبعض الذين ينصرون رأيًا معينًا لأنه قول فلان أو مذهب فلان، دون نظر إلى دليل أو برهان، مع أن الله تعالى يقول: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}

السيرة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن، وفيها يتجلى القرآن مثالًا حيًا في بَشَرٍ «كان خُلُقُه القرآن»، وتتجلى الأسوة الحسنة التي نصبها الله للناس عامة وللمؤمنين خاصة؛ لهذا ينبغي العيش في رحاب السيرة، والاهتداء بهديها والتخلق بأخلاقها، لا مجرد الحديث عنها باللسان أو بالقلم!

المبتدعون في دين الله، يناقضون ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم! فهو يُيسِّر وهم يُعسِّرون، وهو يُقلل التكاليف وهم يُكثرون، وهو يُخفف عن الخلق وهم يُثقلون، وقد قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ (النساء:28)

اعتبار الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة في الدين؛ ليس صحيحًا على إطلاقه، فإذا انتهزنا فرصة المولد النبوي للتذكير بسيرة رسول الله وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين؛ فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟!

ما ترك محمد صلى الله عليه وسلم أمرًا يقربنا من الله تعالى إلا أمرنا به، ولا أمرًا يبعدنا عن الله تعالى إلا نهانا عنه؛ نطقت بذلك سنته، ودلّت على ذلك سيرته، ومضى على ذلك خلفاؤه الراشدون وأصحابه المهتدون

في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم سُنن ومواقف وأحكام وآداب؛ نجد فيها الإسلام حيًّا والقرآن مُفَسَّرًا والقيم الإسلامية تسعى بين الناس على قدمين تملأ الآفاق وتشغل العقول وتنوِّر القلوب وتقود الشعوب إلى الخير والهدى، وتدفع أولي العزم إلى أن يقودوا الأمّة إلى أهدى الطرق وأرشد السبل!

مَن قرأ سيرة النبي عليه الصلاة والسلام؛ وجد أنه كان يعد لكل أمرٍ عدته، ويُهيِّئ له أسبابه وأهميته، آخذًا حذَره، مُقدِّرًا كافة الاحتمالات، واضعًا ما أمكنه من الاحتياطات، مع أنه كان أقوى المتوكلين على الله تعالى

قال الإمام شهاب الدين القرافي: «إن الخلق عباد الله، وأقربهم إليه أنفعهم لعباده، ولا سيما في أمر الدين، وما يرجع إلى العقائد»

مِن القواعد التي التزمتها، أن أخاطب الناس بلغة عصرهم التي يفهمون، متجنبًا وعورة المصطلحات الصعبة، وخشونة الألفاظ الغريبة، متوخيًا السهولة والدقة وقد جاء عن الإمام علي: «حدِّثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله»؟!

لا تُعامِل الناس دقةً بدقةٍ، ونقيرًا بنقيرٍ كن متسامحًا رحم الله عبدًا سمحًا في معاملاته كلها!

لابد أن نعرف طبيعة عصرنا وطبيعة الناس فيه، ونزيل الحرج من صدورهم ببيان حكمة الله فيما شرع؛ وبذلك يتقبلون الحكم راضين منشرحين، فمن كان مرتابًا ذهب ريبه، ومن كان مؤمنًا ازداد إيمانًا

المؤمن لا يكون فارغًا تمام الفراغ بحال؛ لأن فراغه هذا يلاحقه تعدد الواجبات، وكثرة الحقوق، وقِصَر العمر، وقلة الأعوان!

مِن حق الله تعالى أن يُكلِّف عباده ما شاء؛ بحكم ربوبيته لهم وعبوديتهم له، فهو وحده له الأمر كما له الخَلْق؛ ولهذا لابد أن يطيعوه فيما أمر ويُصدِّقوه فيما أخبر وإن لم يدركوا علة أمره أو كُنه خبره، وعليهم أن يقولوا في الأول: {سمعنا وأطعنا}، وفي الثاني: {آمنا به كلٌ مِن عند ربنا}

الأمل قوة دافعة، تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجِد، والمُجِدِّ إلى المداومة على جدِّه

إفهام المستويات المتفاوتة أمرٌ صعب، ولكني حرصت عليه قدر استطاعتي؛ ولهذا كنت بيْنَ بيْنَ، لا أعلو كل العلو إلى مستوى الخواص فأفقد العوام، ولا أنزل كل النزول إلى العوام فأفقد الخواص؛ بل جعلت هدفي أن أُرضي الخاصة وأُفهم العامة معًا

الإسلام قد يُضارَّ أحيانًا من أصدقائه الطيبين، أكثر مما يُضارَّ من أعدائه الخبيثين الكائدين!

الفتوى لا معنى لها إذا لم يُذكر معها دليلها، بل جمال الفتوى وروحها الدليل، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وقد يحتاج الأمر إلى مناقشة أدلة المخالفين عند اللزوم في المسائل الهامة؛ ليسلم ذهن السائل من تشويش المعارضات

الذي يتصدق في حال صحته وقوته، وثوب حياته قشيب، وغصن شبابه رطيب، والأمل في غده فسيح؛ هو أفضل ممن يتصدق عندما ييأس من الحياة، ويقترب من حافة القبر، ويغدو المال عنده نافلة!

يجب ألا يستسلم الإنسان لظروف حاضره، بل يتطلع دائمًا إلى آفاق مستقبله، ومهما يضغط عليه الواقع بهمومه الآنية ومشكلاته اليومية؛ فإنه يرنو إلى الغد ويستشرف المستقبل، يعد له العدة ويأخذ له الحيطة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت»

‌مما أجده نافعًا في أحوال كثيرة: المقارنة أو الموازنة بين موقف الإسلام في القضية المسؤول عنها، وموقف غيره من الأديان أو المذاهب والفلسفات، فقديمًا قال الشاعر: والضدُّ يُظهر حُسنَه الضدُّ وقال آخر: وبضدها تتميز الأشياء

يجب ألا يكون هم المعلم تدريس المعلومات فحسب؛ بل تزكية الأنفس بالفضائل والصالحات، وأن يُربّي بالقدوة والحال أكثر من التربية بالمقال؛ وبذا يكون من معلمي الناس الخير! #اليوم_العالمي_للمعلمين

إذا كان هناك رأيان متكافئان: أحدهما أحوط والثاني أيسر؛ فإني أوثر الإفتاء بالأيسر؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما أما الأحوط فيمكن أن يأخذ به المفتي في خاصة نفسه أو يُفتي به أهل العزائم ما لم يخش عليهم الجنوح إلى الغلو

على الداعية الواعي أن يعتمد على مخاطبة العقول بالمنطق، لا على إثارة العواطف بالمبالغات! فمعجزة الإسلام الكبرى معجزة عقلية هي القرآن، الذي تحدى الله به! ولم يتحدَّ بالخوارق، مع وقوعها للنبي صلى الله عليه وسلم

مهمة الراسخين في العلم أن يبحثوا عن مقاصد الشريعة من خلال النصوص، بعد أن يتجوَّلوا في آفاقها، ويغوصوا في أعماقها، ويربطوا جزئياتها بكلياتها، ويردُّوا فروعها إلى أصولها، ويشدُّوا أحكامها بعضها ببعض؛ بحيث تتسق وتنتظم انتظام الحبَّات في عقدها

الهوى المتحكِّم هو الذي يجعل الإنسان يستمع إلى الحق فلا يعي منه شيئًا؛ لأنه حاضر بجسمه لا بقلبه، ويستمع بأذنه لا بعقله؛ ولهذا يخرج من الدرس الذي سمعه أو الكتاب الذي قرأه ولم يستفد شيئًا!

فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، وستظل حية فلا تموت، وقوية فلا تضعف، ومشتعلة فلا تنطفئ وفرض على أمة الإسلام أن تترك قضاياها الصغرى وتهتم بما يتعرض له المسجد الأقصى الأسير #طوفان_الأقصى

دعوة عامة حفل تدشين موسوعة الأعمال الكاملة لسماحة الامام يوسف القرضاوي ندعوكم لحضور حفل تدشين موسوعة الإمام القرضاوي الأحد 15 أكتوبر 2023م الساعة 5 30 مساء مبنى شؤون الطلاب (11-i) يشارك في الحفل اصحاب الفضيلة العلماء: الشيخ الددو، د عصام البشير، د أحمد الريسوني، د علي القرداغي، د علي الصلابي، وغيرهم برعاية جامعة قطر وكلية الشريعة (تقام صلاة المغرب بقاعة الاحتفالية)

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

اللهم إن إخواننا في غزة قد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ولا حول ولا قوة إلا بك اللهم كن لهم ناصرًا يوم قل الناصر، وكن لهم مغيثًا يوم قل المغيث #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

النصر للمؤمنين؛ وإن كانوا أقل عددًا وعُدّة فالمؤمنون يضربون بسيف الله، ويقاتلون بقوة الله؛ قال تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

هؤلاء القتلة السفاحون سيأخذهم الله أخذًا أليمًا شديدًا أخْذ عزيزٍ مقتدر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفْلِته»، ثم قرأ: {وكذلك أخْذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليمٌ شديدٌ} #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ } #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي على الدِّين ظاهرين لعدوِّهم قاهرين لا يضرُّهم مَن خالفَهم إلا ما أصابهم من لأواءٍ حتى يأتيَهم أمرُ اللهِ وهم كذلك» قالوا وأين هم؟ قال: «ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المَقدسِ» #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

الأمل جزء من دين المسلم؛ لأنه ثمرة حُسْن الظن بالله سبحانه، والثقة بوعده، واليقين بما عنده والعدل يقتضيك إذا ذكرت جوانب الضعف ألّا تنسى مصادر القوة، وإذا ذكرت عوامل اليأس ألّا تغفل بواعث الأمل

عدَّد القرآن فضائح اليهود وجرائمهم؛ وكأن الله سبحانه وتعالى أراد بذلك أن يُعْلِمنا بأنه ستكون لنا معهم معارك فهم أكذب الناس إذا تحدثوا، وأفجر الناس إذا خاصموا، وأخون الناس إذا عاهدوا ورغم ذلك كأننا لا نعرفهم! #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

مِن الأسباب الأساسية للانحراف والزيغ عن الفهم الصحيح للقرآن والسنة: ترْك الأصول الواضحة، والأدلة المحكمة، واتباع المتشابهات من النصوص المحتملات للتأويل، مع أن الواجب رد المحتملات إلى القواطع، أو المتشابهات إلى المحكمات

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

التربية شأنها تزكية النفوس وتهذيبها، والتعليم شأنه تنوير الرؤوس وصقلها، وهما أمران لابد منهما؛ قال تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (الجمعة:2)

هناك مَن يريد أن يختزل الإسلام في بعض القضايا التي اختلف فيها السلف والخلف، فيؤْثر أن يُقيم معركة في غير ما ضرورة، وأن يقاتل في غير ميدان، مع أن أولويات العمل الإسلامي تقتضي بذل الجهد وإفراغ الطاقات فيما هو أولى من هذا

ما أحسن القول يُزيّنه العمل، وما أجمل النظرية يؤكدها التطبيق، وما أروع التشريع يسنده التنفيذ، وما أنفع التربية تقوم على الخُلُق العملي والأسوة الطيبة!!

مِن ثمرات التوكل: الأمل في الفوز بالمطلوب، والنجاة من المكروه، وانقشاع الغمة، وانفراج الكربة، وانتصار الحق على الباطل، والهدى على الضلال

هذه الأمّة أمّة مؤمنة بفطرتها وبتجاربها وبتاريخها، والإيمان هو أول ملامحها وأبرز المعالم في حضارتها، وهو صانع أمجادها وصاحب الفضل الأول في تاريخها، وقائدها في معاركها الكبرى إلى النصر

في ساعة العسرة واشتداد الكربة، والتباس السُبُل، وغَلَبة اليأس؛ لا يجد المسلمون إلا دينهم، يهرعون إليه، ويلوذون به؛ يستمدون منه روح القوة، وقوة الروح، وحياة الأمل، وأمل الحياة، ونور الطريق، وطريق النور

انطفاء جذوة الأمل في الصدر، وانقطاع خيط الرجاء في القلب؛ هو العقبة الكؤود والمعوِّق القاهر الذي يحطم في النفس بواعث العمل، ويوهي في الجسد دواعي القوة

التبشير بالدعوة أعني به: أن نُحبِّب الله إلى خلقه، أي: نقودهم بزمام الحب، لا بسوط الخوف وحده، وأن نزرع في قلوب الناس الأمل لا القنوط، وأن نشيع الرجاء في صلاح الحال، لا المثبطات عن العمل، ونُغَلِّب المبشرات بالنصر على الموحيات بالهزيمة

إذا لم تُرَبَّ في الأمّة معاني الخشونة والتضحية، والصبر على المكاره، والانتصار على الشهوات، والعفة عن الحرام، والبعد عن الميوعة؛ فهيهات أن تصمد في وجه عدو أو تصبر على معركة

السكينة ثمرة من ثمار دوحة الإيمان وشجرة التوحيد الطيبة، يُنزلها الله على قلوب المؤمنين من أهل الأرض؛ ليثبتوا إذا اضطرب الناس، ويرضوا إذا سخط الناس، ويوقنوا إذا شك الناس، ويصبروا إذا جزع الناس

#غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

اصطفى الله رسله ليُبلِّغوا رسالته للناس، ومع هذا لم يعصمهم من الابتلاء بالمحن والشدائد؛ ليصقل معادنهم، ويبتلي ما في صدورهم، ويُمحِّص ما في قلوبهم، قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}

العائدون إلى الله يمرون بتغيير نفسي عميق؛ يجعل الفرد كأنه إنسان جديد، حين تتغير مفاهيمه وأهدافه وآماله، ونظرته إلى نفسه وإلى الحياة من حوله، وإلى رب العالمين

القوة ليست في حد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي، والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ما هي في روح المعلم، والعدل ليس في نص القانون بقدر ما هو في ضمير القاضي

قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشِقِّ تمرة، فمَن لم يجد شِقَّ تمرة فبكلمةٍ طيبة»

فرْق كبير بين من يقول: ماذا لي؟ ومن يقول: ماذا عليَّ؟ فالأول يدور حول حاجته، والآخر يدور حول القيم الأخلاقية

مهما بلغ عدونا من قوة، ومهما تجبَّر علينا وطغى؛ نثق بأن الله تعالى معنا، وأن المستقبل لنا؛ لأننا أصحاب الحق، والله لا ينصر الباطل على الحق {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} #غزة_تستغيث #غزة_تُباد #غزة_تحت_القصف #غزه_تقاوم #غزة_تحت_الركام #طوفان_الأقصى

الأمل والأمن، والرضا والحب، والسكينة والاطمئنان؛ ثمار لغراس العقيدة في نفس المؤمن، وذخائر لا تنفد لإمداده في معركة الحياة، وإنها لمعركة طويلة الأمد، كثيرة التكاليف، محفوفة بالأخطار والمشقات

الحياة الهنية لا تصنع نفوسًا كبيرة، إنما تتخرج النفوس الكبيرة في مدرسة الآلام، وتُصنع القلوب العظيمة في مصهر الأحزان

لا يساوِم المسلم على دينه ولا يُفرِّط فيه بحال، وإن نزلت به المحن، وأحاطت به الكُرَب، ولا يبيعه بملك المشرق والمغرب

اللهم اجبر برحمتك كَسْرَنا، وتولَّ بعنايتك أمرنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا

دمغ القرآن الكريم بالطغيان والفساد حضارات أقامت من البناء المادي آيات، ومع هذا استحقت عذاب الله ونقمته؛ ذلك لأنهم عمروا الأرض وخرَّبوا الإنسان، أقاموا المباني وهدموا المعاني، عملوا للدنيا ونسوا الآخرة، حابوا الأقوياء وطغوا على الضعفاء، أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات

مِن سُنن الله، تداول الأيام بين الناس، فالدهر يومان: يوم لك، ويوم عليك وكم من مهزوم انتصر! وكم من مغلوب غلب! وإن مع اليوم غدًا، وإن غدًا لناظره قريب

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه؛ إلا الجنة»

لا يمكن أن تسقط راية الإسلام! قد تصيبنا المحن، وقد تنزل بنا الفتن، وقد تحيط بنا الشدائد ولكن لن يُهزم الأمل في صدورنا فاللحظات التي تسبق طلوع الفجر، هي أشد لحظات الليل سوادًا ونحن ننتظر فجر الإسلام من جديد!

ما بُني على باطل لا يُثمر إلا باطلًا، فالحق لا ينبثق عن باطل، والخير لا يصدر عن شرٍّ أبدًا

ينبغي أن ننظر إلى القول لا إلى قائله، وأن تكون لدينا الشجاعة لنقد الذات والاعتراف بالخطأ، والترحيب بالنقد من الآخرين، والاستفادة مما عندهم من علم وحكمة

مِن لوازم الإخاء في الإسلام: التعاون والتراحم والتناصر؛ إذ ما قيمة الأخوة إذا لم تعاون أخاك عند الحاجة، وتنصره عند الشدة، وترحمه عند الضعف؟!

للمصابين بالكوارث العامة حقوق في المال غير الزكاة، فإن إغاثة الملهوف، وإعانة المضطر، وإطعام الجائع، وإيواء المشرَّد، وجبر المكسور، ومداواة الجريح؛ كلها فرائض لازمة على الأمة بالتضامن

{إِنْ يَنْصُرُكُمْ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الذِي يَنْصُرْكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلْ المُؤْمِنُونَ} (آل عمران: 160)

لا شك أن ما يدور بأمتنا الآن يصيب القلب بالحزن والهم! ولكننا نريد الهم الذي يتبعه همة وحركة وعمل دؤوب؛ لتحقيق عزة أمتنا وكرامتها والمسلم الصادق لا يعرف اليأس أبدًا، بل هو دومًا في حركة دائمة

على أمتنا أن تُحصّن نفسها بالإسلام، وتجدد شبابها بالإيمان، وتعرض عمّا تشكو منه حضارة اليوم من أمراض، وتنصر الله لينصرها، ويُمكِّن لها في الأرض، ويحقق لها وعده

الحياة ليست لهوًا ولا عبثًا؛ إنما هي رسالةٌ يجب أن تُؤدَّى، ونعمةٌ يجب أن تُشكر

حال المؤمنين أمام البلاء ليس كحال غيرهم، فإيمانهم بالقدر يُهوِّن عليهم البلاء، فهم يعلمون أن ما ينزل بهم من مصائب ليس ضربات عجماء ولا خبط عشواء، ولكنه وفق قدر معلوم، وقضاء مرسوم، وحكمة أزلية، وكتابة إلهية؛ فآمَنوا بأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم

الحق أحق أن يُتَّبع والعدل أولى أن يُلتزم، بغض النظر عن عواطف الحب ومشاعر البغض، وهذا ما تفتقر إليه مجتمعاتنا فهي تفتقر إلى الرجال الذين يقيمون العدل ولو على أنفسهم، ويعترفون بالخطأ إذا أخطأوا، لا يمنعهم من إعلان ذلك كبر ولا هوى ولا خجل، وهذه هي الشجاعة الأدبية وهي الأمانة حقا

كان السلف يُسَمُّون الصلاة ميزان اليوم، ويسمون صلاة الجمعة ميزان الأسبوع، ويسمون صيام رمضان ميزان السنة، ويسمون الحج ميزان العمر!

نحن في حاجة إلى أن نستقبل رمضان بعزائم صادقة ونيات صالحة على أن نستبق الخيرات، وأن نفطم النفوس عن الشهوات، وأن نتسابق في عمل الصالحات، وأن نصوم فنحسن الصيام، ونقوم فنحسن القيام

صيام رمضان مدرسة متميزة، يفتحها الإسلام كل عام للتربية العملية على أعظم القيم وأرفع المعاني، فمن اغتنمها وتعرض لنفحات ربه فيها؛ نجح في الامتحان وخرج رابحًا الغفران

لنتخذ من رمضان «معسكرًا» إيمانيًا لتجنيد الطاقات، وتعبئة الإرادات، وتقوية العزائم، وشحذ الهمم، وإذكاء البواعث للسعي الدؤوب لتحقيق الآمال الكبار، وتحويل الأحلام إلى حقائق، والمثاليات المرتجاة إلى واقع معاش

رمضان موسم من مواسم الخير؛ تُضاعَف فيه الحسنات، وتُرجى فيه المغفرة، وتزداد فيه الرغبة في الخير، والمحروم حقًا من حُرم في هذا الشهر رحمة الله عز وجل، وإنما تُنال رحمة الله تعالى بالإقبال عليه، والاجتهاد في ذكره وشكره وحسن عبادته

لشهر رمضان هيبة وحرمة عظيمة في أنفس المسلمين، توارثوها خلفًا عن سلف، فلا يجرؤ على انتهاكها إلا فاجر، ضعيف الحظ من الإسلام

صيام رمضان يُفرض الجوع إجباريًا على كل الناس، وإن كانوا قادرين واجدين، ويزرع في أنفس الموسرين والواجدين الإحساس بآلام الفقراء والمحرومين

ينبغي للصائم أن يزداد حرصًا على التنزه عن اللغو والرفث والصخب والجهل، والسب والشتم، وهذا شأن المؤمنين في كل وقتٍ وحالٍ، ولكن هذا آكد في حال الصيام

مِن بركة السحور أنه -بجوار الوجبة المادية- يُهيئ وجبةً روحيةً؛ بما يكسبه المسلم من ذكرٍ واستغفارٍ ودعاءٍ في هذا الوقت المبارك، الذي تنزل فيه الرحمات

مِن أفضل ما يُثاب عليه المسلم؛ تفطير الصائم، وفي الحديث: «مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقُص من أجر الصائم شيئًا»

يُستحب للصائم أن يُرطِّب لسانه بذكر الله ودعائه طوال يوم صومه، فإن الصوم يجعله في حالة روحية تُقَرِّبه من الله تعالى، وتجعله في مظنة الاستجابة لدعائه

يجب أن تكون إرادة التوبة قوية صُلبة، لا متراخية واهنة، تُقدم رجلًا وتؤخر أخرى، تعزم اليوم وتُفسخ في الغد، أو تتوب في الصباح وتتراجع في المساء!

لم تقف عناية القرآن الكريم عند الدعوة إلى الرحمة بالمسكين، والترغيب في إطعامه ورعايته، والترهيب من إهماله والقسوة عليه؛ بل تجاوز ذلك، فجعل في عنق كل مؤمن حقًا للمسكين، أن يحضَّ غيره على العناية به ورعايته

الزكاة الإسلامية ليست مجرد عمل طيب من أعمال البر، بل هي ركن أساسي من أركان الإسلام، يُوصم بالفسق مَن منعها، ويُحكم بالكفر على مَن أنكر وجوبها، فليست إحسانًا اختياريًا، وإنما هي فريضة محكمة!

الاعتكاف: عزلة مؤقتة عن شواغل الحياة، وإقبال بالكلية على الله تبارك وتعالى والأنس بعبادته؛ لترتوي القلوب الظامئة إلى المزيد من التعبد والتجرد لله رب العالمين

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} (الإسراء:79)

لله حكمة بالغة في إخفاء ليلة القدر، فلو تيقَّنا أي ليلة هي لتراخت العزائم واكتفت بإحياء تلك الليلة؛ فكان إخفاؤها حافزًا للعمل في الشهر كله ومضاعفته في العشر الأواخر منه؛ وفي هذا خير كثير

يُحذِّر النبي صلى الله عليه وسلم مِن الغفلة عن ليلة القدر وإهمال إحيائها، فيُحرَم المسلم من خيرها وثوابها فيقول لأصحابه وقد أظلهم شهر رمضان: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِمها فقد حُرِم الخير كله، ولا يُحرَم خيرها إلا محروم»

يا ربِّ عبدك عند بابك واقفٌ ** يدعوك دعوة مَن يخاف ويطمعُ فإذا خشيتُ فقد عصيتُك جاهلًا ** وإذا رجوتُ فإنَّ عفوك أوسعُ #شعر_القرضاوي

دائرة الإنفاق تتسع بعد الزكاة لما تهفو إليه القلوب المؤمنة من التطوع بالخير والتوسع في إسداء المعروف وقد رغَّب الإسلام في ذلك ترغيبًا يشرح صدر الكريم، ويدفع البخيل إلى العطاء، فالله تعالى يتقبل الصدقة بيمينه وينمّيها لصاحبها حتى تصير التمرة مثل جبل أُحد!

الإسلام يحترم العمل الصالح، بل يقدسه، سواء كانت صيغته دينية كالصلاة والصيام والحج والعمرة، والذكر والتلاوة والدعاء، أم دنيوية كالسعي في طلب الرزق وعمارة الأرض بالزراعة والصناعة والاحتراف، وكل ما فيه منفعة الناس والإحسان إليهم

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين الذي تردُّه التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان؛ إنما المسكين الذي يتعفف، اقرؤوا إن شئتم: {لَا يَسْ‍ئَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}»

الله أكبر هي زينة العيد فكبِّروا الله، وقولوا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

لا تدع المسكين يطوف بك ويطلب حاجته منك! اذهب إليه أنت، وأعطه مما آتاك الله؛ ليشعر بفرحة العيد؛ كي لا يكون العيد مقصورًا على القادرين، ونكبة على الفقراء والمحرومين!

يحاول الإسلام أن يرقى بذوق الإنسان، فيجعله رقيقًا في طبعه، طيِّبًا في مسلكه، متجاوبًا مع من حوله، يُحِسُّ بهم فيفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، وليس من أولئك الغلاظ القلوب، الذين يعيشون لأنفسهم وحدها ولا يبالون بغيرهم

المسلم هو المسلم، مسافرًا أو مقيمًا، في بلده أو خارجها، حيثما كان فهو يراقب الله عز وجل، يعلم أن الله مطَّلعٌ عليه، يراه بعينه التي لا تنام، {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} (إبراهيم:38)

المجتمع المسلم لا يُهمل فيه الآباء الأبناء، ولا يعُق فيه الأبناء الآباء، ولا يتجافى فيه الإخوان، ولا تتقطع فيه الأرحام، ولا يتناكر فيه الجيران، ولا تنفُق فيه سوق الغيبة والنميمة وفساد ذات البَيْن، ولا ينهزم فيه البذل والإيثار أمام الشح والأنانية وحب الذات

المسلم الحق ينبوع يفيض بالخير لكل مَن حوله وما حوله، يتدفَّق بالبركة، ويألف الناس ويألفونه، ويحبهم ويحبونه، ويشعَّ على مَن حوله بالنور الذي هداه الله إليه

أولو الألباب المحمودون في القرآن هم الذين لا يخدعهم المظهر عن الجوهر، ولا الكم عن الكيف، ولا القشور عن اللباب، ولا المادة عن الروح

قال الإمام ابن القيم: إن العامل بغير إخلاص ولا اقتداء؛ كالمسافر يملأ جرابه رملًا يُثقله ولا ينفعه

العدو الماكر يعلم أنه يتصدى لمقاومة أمة أساسها الدين، وإذا تحركت يومًا باسم الدين وتحت رايته فلن تصدها قوة في الأرض؛ فكان عليه أن يوجه عملاءه وقواه المستورة والظاهرة لتُعمل معاول الهدم في ذلك الأساس المكين، وتَحُول بين المسلمين وبين عودتهم إليه

جاء القرآن حَكَمًا عدلًا، وقولًا فصلًا، وضعه رب الأغنياء والفقراء، ورب الرجال والنساء، ورب البيض والسود، ورب العرب والعجم، ورب الحكام والمحكومين {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (الأعراف: 158)

قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فلا يتحقق الإيمان بغير الأخوة، ولا معنى للأخوة إذا لم يشعر الأخ بآلام أخيه وهمومه فالمسلم في أمته عضو في جسد حي، يأخذ منه ويعطيه، ويحيا بحياته، ويصح بصحته، ويسلم بسلمه

شر أنواع الظلم هو ما ينشب فيه القوي المستكبر في الأرض أظافره في العاجز المستضعف الذي لا سند له ولا ناصر من الناس؛ فهذا ما يُعَجِّل بنِقمة السماء على أهل الأرض من الظلمة والجبارين: {الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصبَّ عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد}

الهوى المتَّبع أعظم ما يُضل عن معرفة الحقيقة، وعن الإذعان لها، قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (ص:26)

الدين في مجتمعاتنا لا يزال له دور الصدارة في التوجيه والتأثير، وكلمته لا تعدلها كلمة في قوتها، وأنه ليس شيئًا ثانويًا أو على هامش حياة الناس؛ بل هو المحور الأساسي والمقوِّم الأول لحياتهم

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرضى الله لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيِّه من أهل الأرض واحتسبه بثواب دون الجنة»

اليأس من أعظم عوائق الصبر، فاليائس لا صبر له، والذي يدفع الزارع إلى معاناة مشقة الزرع وسقيه وتعهده أولًا؛ هو الأمل في موسم الحصاد آخرًا

القناعة أن ترضى بما وهب الله لك، مما لا تستطيع تغييره! فلا تعش متمنيًّا ومتطلعًا إلى ما لا يتيسر لك

الأمل قوة دافعة تشرح الصدر للعمل وتخلق دواعي الكفاح، فالأمل إكسير الحياة، ودافع نشاطها، ومخفف ويلاتها، وباعث البهجة والسرور فيها، ومع الأمل فإن الصعب سيهون والبعيد سيدنو!

إنما تُقبل هذه الكلمة: «حيث توجد المصلحة فثَمَّ شرعُ الله» فيما لا نص فيه، أو فيما فيه نص يحتمل تفسيرات عدة، تُرجِّح أحدها المصلحة وفيما عدا ذلك فالواجب أن يقال: «حيث يوجد شرع الله؛ فثَمَّ المصلحة»

مِن أخطر أسباب الانحراف والضلالة: تقديس العقل البشري، واعتباره الدليل الذي لا يخطئ والهادي الذي لا يضل، وإعطاؤه حق الحكم في كل قضية وفي كل مجال، وإن لم يكن من اختصاصه ولا في حدود سلطانه

علَّمنا الإسلام الشجاعة في نقد الذات، ومراجعة الأفكار والمواقف، حتى اشتهرت في تراثنا الحكمة القائلة: "الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل"

وزَّع الله تعالى المواهب والقدرات على عباده، فمنهم من فُتح له في مجال العلم، ومنهم من فتح له في مجال السياسة، ومنهم من فتح له في مجال الإدارة، ومنهم من جمع له أكثر من موهبة، فمَن بُورك له في شيء فليلزمه، وذلك ليكون أقدر على إتقانه والتفوق فيه

صوت الفرد قد لا يُسمع لكن صوت المجموع أقوى من أن يُتجاهل!

أسوأ ما يصيب المجتمعات أن يخفت فيها صوت الحق وتتعالى صيحات الباطل داعية إلى الفساد آمرة بالمنكر ناهية عن المعروف

ليس في يدنا زمام الكون، لسنا الذين نخفض ونرفع، ونُعْطِي ونمنع، المُلك في يده سبحانه وحده، هو صاحبه يُدبِّره كيف يشاء، ولا ندري أين يكون الخير، المهم هو الثبات على مبدأ الحق، والمصابرة عليه، فإمَّا أن نعيش من أجله، وإمَّا أن نموت في سبيله!

كل عمل يُغيِّب العقل بثقافة مسمومة -باسم الدين أو الدنيا- يعد من كبائر الإثم وفواحش الجرائم؛ لهذا كان من أعظم ما جاء به الإسلام: تكوين العقلية العلمية، التي تؤمن بالنظر والتفكر، وتتبنى الحق والبرهان، وترفض اتباع الظن والهوى، وتعتبر طلب العلم فريضة والجهل منكرًا!

الفتوى عندي لون من الدعوة، فهي تتضمن بجانب بيان الحكم الشرعي، ما لا بد منه من تصحيح المفاهيم، وبيان الحقائق، ورد الأباطيل، ودفع الشبهات، وتوضيح الحِكَم والأسرار؛ حرصًا على إضاءة العقول، وإحياء القلوب، وترشيد المسيرة

المسلم الحق هو الذي يملك إرادةً قوية، يقاوم بها الشهوات، ويستعلي بها على نداء الغرائز، وبمقدار انتصاره على هواه تثبت حقيقة إيمانه

«أرضية» هذه الشعوب هي الإسلام، و«خامة» أفرادها هي الإيمان ومهما تراكم على هذه الخامة الأصيلة من صدأ الغفلة أو غبار التقليد، فنحن نستطيع بحكّها وصقلها أن نجلوها ونردها إلى أصالتها صافية مشرقة ولا شك أن ذلك يحتاج إلى جهد وجهاد

نود أن نوجه سؤالًا صريحًا إلى الذين يهاجمون التراث الإسلامي: أي شيء يريده المجتمع الحديث المتقدم حقًا، ولا يدعو إليه الإسلام؟ العلم؟ أم الحرية؟ أم المال؟ أم القوة؟ أم الصحة؟ أم الحياة الطيبة؟ أم الزراعة؟ أم الصناعة؟ أم التجارة؟ إن الإسلام يدعو إلى هذا كله، ويُقيم عليه مجتمعه

لا ندعو إلى إسلام مقيَّد ببلد أو بشخص، أو بمذهب أو بعصر، نحن ندعو إلى إسلام القرآن والسنة، موصولًا بالواقع، مربوطًا بالزمان والمكان والإنسان، مشروحًا بلغة العصر، مفتوحًا للتجديد والاجتهاد من أهله في محله، مستلهمًا للماضي، معايشًا للحاضر، مستشرفًا للمستقبل

مِن أعظم الجرائم في الإسلام: جريمة الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، فيحلون الحرام، أو يحرمون الحلال، بغير إذن من الله جل جلاله؛ كما قال تعالى منذرًا ومحذرًا: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزقٍ فجعلتم منه حرامًا وحلالًا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} (يونس: 59)

مِن الخطأ معاملة الناس باعتبارهم في مرتبة واحدة، دون تمييز بين المبتدئ والمنتهي، ولا تمييز بين الضعيف والقوي، مع أن في الدين متسعًا للجميع، حسب مراتبهم واستعداداتهم؛ ولهذا كان فيه العزيمة والرخصة، والعدل والفضل

الشرع الإلهي هو كهف الأمان للناس، يلوذون به إذا اضطربت بهم المسالك، وتفرقت بهم السبل، والتبست عليهم الغايات، واختلفت عليهم الأدلة هناك يجدون الهدى من حيرتهم والأمن من خوفهم والسكينة من قلقهم ويستبينون الرشد من الغي، ويخرجون من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد

مِن ثمرات الإخلاص أن الله تعالى يمدك بعونه، ويحرسك بعينه، ولا يتخلى عنك إذا أحاطت بك الشدائد والكروب، فهو سبحانه يستجيب دعاءك، ويلبي نداءك، ويكشف عنك كل مكروه

المستقبل المنشود يتحقق وَفْق سُنن الله في رعاية الأسباب، وإعداد المستطاع من العُدة، وترك ما عدا ذلك للإرادة الإلهية، فما يعجز عنه البشر لا تعجز عنه القدرة المطلقة

أي مراقب لأوضاع الأمة الإسلامية اليوم؛ يوقن تمام اليقين أن مشكلتها ليست في ترجيح أحد الرأيين أو الآراء في القضايا المختلَف فيها، ولكن مشكلة الأمة حقًا في تضييع الأمور المتفق عليها، من أركان الإسلام، ودعائم الإيمان، وقواعد الإحسان!

الروح الإيجابية البناءة هي التي يجب أن تسيطر على عقل المسلم وشعوره، وتوجه تفكيره وسلوكه، وتتمثل في الاهتمام بالعمل لا الكلام، وبالبناء لا الهدم، وبإضاءة الشموع لا لعن الظلام

قوة المؤمنين من قوة الحق الذي يدعون إليه، وعزتهم من عزة الله الذي يؤمنون به {مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًا}

الإسلام لا يمكن أن تنطفئ جذوته، ولا أن يخبو نوره أبدًا {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، هو بطبيعته يبعث على الصحوة واليقظة، وإذا نام المسلمون يومًا فلا بد أن يوقظهم الإسلام

الله تعالى لم يُنزل شريعته لتخضع لواقع الحياة، بل ليخضع لها واقع الحياة، فالشريعة هي الميزان، وهي الحكم العدل!

الجزع والهلع، والضيق والتبرم: لا ترد ما فات، ولا تُحيي مَن مات، ولا تُغير من قوانين الله سبحانه في كونه وسُننه في خلقه شيئًا فاستقبل يومك بنفس طيبة تحمد الله على ما أعطى وترضى بما وهب

الواقع المنحرف ليس قدرًا محتومًا يجب على المسلمين أن يقبلوه مسَلِّمين وأن ينحنوا إليه صاغرين كلا، إنه أثر من آثار الضعف والانحراف؛ جرَّهم إلى أكثره الاستعمار بأساليبه المتنوعة، وبخطواته المتدرجة، وبأعوانه المدرَّبين

قال فيلسوف الإسلام وشاعره محمد إقبال: المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره، والمؤمن القوي يعتقد أنه هو قضاء الله الذي لا يُرَدّ، وقدره الذي لا يُغلَب!

اجتهد في رعاية الأسباب المشروعة، كما أمرك الله، ودع النتائج إلى مسبِّب الأسباب وربِّ الأرباب، فالكون كله بيده والمرجع إليه وحده!

لا نريد أن نبتكر لأبناء العصر دينًا سهلًا خالصًا سائغًا للشاربين، فدين الله نفسه يُسرٌ لا عُسر فيه؛ فهو سبحانه الذي قال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، فأي حرج «حقيقي» صادفناه؛ فلنعلم أنه من صُنع الناس، لا من شرْع الله!

قوة أمة الإسلام ونصرها مرتبط بمقدار اقتراب أبنائها من تعاليم الإسلام وحُسن فَهمه وتطبيقه، كما أن الهزيمة والانحطاط مرتبط بمدى البعد عن تعاليم هذا الدين

دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمل دائمًا في نصر الله وفي فرجه، وإنْ أطبقت الظلمات على الإنسان، فإنّ الله سيُخرج من الظلام فجرًا، ومن العسر يسرًا، كما قال سبحانه: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}

لحظة المحاسبة للنفس تعد من لحظات الارتقاء الإنساني، حيث يجعل الإنسان من عقله حاكمًا على شهوته، ومن ضميره حاكمًا على هواه، ويجعل إيمانه شُرطيًا يراقب، ومفتشًا يحاسب، وقاضيًا يحكم

الأمَّة -بجميع طوائفها ومدارسها ومذاهبها وعروقها وأقاليمها- مدعوة لأن تستيقظ لما يُراد بها، وأن تقف مع نفسها وقفة طويلة للحساب والمراجعة، وأن تعرف مَن لها ومن عليها، ومن صديقها ومن عدوها

يزداد ثقل العمل في ميزان الحق، وتتضاعف قيمته ومثوبته عند الله؛ كلما كثرت المعوقات في سبيله، وعظمت الصوارف عنه، وقلَّ المعين عليه، وكثرت الحاجة إليه

على المسلم أن يكون مع الله بالعبادة، ومع نفسه بالتزكية، ومع أسرته بحسن الرعاية والنفقة، ومع المجتمع بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، ومع أمته بالتضامن معها، والحرص على وحدتها، والدفاع عنها

في الحديث الشريف: «مَن سُئل عن علمٍ فكتمه؛ أُلجم بلجامٍ من نارٍ يوم القيامة»

على المفتي أو العالم الديني أن يحسن فهم الإسلام، ويحسن عرضه وإفهامه للجمهور، ويعامل الناس بروح الأبوة والأخوة والمحبة، لا بروح الاستعلاء والاتهام

كيف يُتوقع من المرء ألا يكون له مخالف، وأن يُرضي جميع الناس؟! فرضى الناس غاية لا تُدرك وقد قال الشاعر: ومَن في الناس يُرضي كل نفسٍ ** وبين هوى النفوس مدىً بعيدُ؟!

يجب على الدعاة والمفكرين الإسلاميين أن يشغلوا جماهير المسلمين بهموم أمتهم الكبرى وقضاياهم المصيرية، وألا يشغلوا الناس بالمسائل الفرعية، ويقيموا الدنيا ويقعدوها من أجل قضايا جزئية أو خلافية

قد يتفوق المغتصب فترة من الزمن، يفرض نفسه بالحديد والنار، ولكن دوام الحال من المحال، {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}، سينتصر الحق لا محالة على الباطل: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}

أوثق ما تكون الأخوة وأشد ما تكون قوة؛ في أيام المحن وساعات الشدائد والفتن، التي تُمتحن فيها العلاقات، ويُعرف فيها المحب المخلص من المداهن الكاذب

إنَّ أحلك ساعات الليل سوادًا هي التي تسبق الفجر، وإن أشد الأيام قسوة هي التي تسبق تباشير النصر!

مِن ثمرة الإيمان بالقضاء والقدر أن يهبك الله الصبر والرضا، وأن يمنحك المضاء في موقف اليأس، والعزيمة في مجال الكفاح، والشجاعة ساعة الخطر

كل عمل يمسح به الإنسان دمعة محزون، أو يخفِّف به كُربة مكروب، أو يُضمِّد به جراح منكوب، أو يسد به رمق محروم، أو يشد به أزر مظلوم، أو يُقيل به عثرة مغلوب، أو يقضي به دين غارم مثقل، أو يهدي حائرًا، أو يُعلِّم جاهلًا، أو يؤوي غريبًا؛ فهو عبادة وقُربة إلى الله إذا صحَّت فيه النية

الله جل وعلا يداول الأيام بين الناس، فيبدلهم من بعد الخوف أمنًا، ومن بعد الضعف قوة، ويجعل من كل ضيقٍ فرجًا، ومن كل همٍّ مخرجًا، ومع كل عسرٍ يسرًا

أثبت التاريخ بوقائعه وشواهده أن هذه الأمة أصلب ما تكون عودًا، وأشد ما تكون قوة، وأعلى ما تكون همَّة؛ عندما تحيط بها الشدائد، وتحل بساحتها الأزمات، وتتلبد في سمائها الغيوم؛ فهي حينئذ تستجمع قواها، وتستثير كوامنها، وتظهر ذخائرها

الأضحية هدية إلى الله سبحانه وتعالى، فليتخير العبد ما يُهديه إلى ربه، والله سبحانه لن ينال لحومها ولا دماؤها، ولكن يناله التقوى منكم!

في الحديث: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير»

يرمز الوقوف بعرفة إلى بذل المُهَج في الضراعة بقلوب مملوءة بالخشية، وأيدٍ مرفوعة بالرجاء، وألسنة مشغولة بالدعاء، وآمال صادقة في أرحم الراحمين

الله أكبر هي زينة العيد فكبِّروا الله، وقولوا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

عيد الأضحى يومٌ من أيام الله من أيام الإنسانية من أيام الإيمان هذا يوم بطولة خالدة، خلَّده الله بهذه الشعيرة

ليس من الضروري أن يذبح كل الناس أضحياتهم في أول أيام العيد؛ تجنبًا للزحام، فيمكن أن يؤخِّر بعض الناس الذبح إلى اليوم الثاني أو الثالث

بعض الناس يقاطع بعضهم بعضًا، ولو جاز هذا في أي وقت فلا يجوز في العيد فلتقهر نفسك الأمَّارة بالسوء، ولتذهب لأخيك المسلم لتسلم عليه، فالله سبحانه وتعالى يريد أن تنزل الرحمة على الجميع في هذه المناسبات

وقف النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجاج بيت الله في أواسط أيام التشريق، ويُعلمهم بمبدأ الإسلام العالمي: «يا أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر؛ إلا بالتقوى»

إنما كان الحج قذى في عين أعداء الإسلام؛ لأنه المؤتمر الإلهي الجامع، الذي يتنادى إليه المسلمون من كل صوب؛ فيربط بين قلوبهم برباط الأخوة الإسلامية العامة، ويُذكِّرهم بوحدة الآمال والآلام، ويوحي إليهم أن يعملوا ويتعاونوا ليعودوا من جديد خير أمة؛ وهذا ما تغصُّ به حلوق أعداء الإسلام!

في الحج نرى وحدة في المشاعر، ووحدة في الشعائر، ووحدة في الهدف، ووحدة في العمل، ووحدة في القول لا إقليمية ولا عنصرية ولا عصبية، إنما هم جميعًا مسلمون، يؤمنون برب واحد، ويطوفون ببيت واحد، ويتبعون رسولًا واحدًا، ويؤدون أعمالًا واحدة؛ فأي وحدة أعمق من هذه وأبعد غورًا؟!

الحج شحنة روحية كبيرة يتزود بها المسلم؛ فتملأ جوانحه خشية وتقى لله، وعزمًا على طاعته، وندمًا على معصيته! وتغذي فيه عاطفة الحب لله ولرسول الله، ولمن عَزَّرُوه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، كما توقظ فيه مشاعر الأخوة لأبناء دينه في كل مكان، وتوقد في صدره شعلة الحماسة للإسلام

المنهج الأمثل في خطابنا الدعوي يتمثل في الجمع بين روحانية المتصوف، وتمسّك الأثري، وعقلانية المتكلم، وعِلمية الفقيه نأخذ من كل صنف خير ما عنده

مضي القرون وتطاول الأزمان لا يُغيّر الحقائق، ولا يهدم القيم العليا، ولا يجعل الباطل حقًا ولا الحق باطلًا، ولا الخير شرًا ولا الشر خيرًا

التوبة تهدم ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين؛ وأولى بنا أن نتخلق بأخلاق الله تعالى ونعفو ونسامح، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون

شرُّ ما يصيب الناس هو الفردية والأنانية، أن يقول كل امرئٍ فيهم: نفسي نفسي أنا ولتخرب الدنيا بعدي أنا وليفنى العالم مصلحتي فوق الجميع؛ هذا هو الخطر الذي يُنذر بخراب المجتمعات

قد تجيء المنحة في طي المحنة؛ فسلِّم أمرك للعليم الخبير إنَّ ربًا كفاك بالأمس ما كان؛ سيكفيك في غدٍ ما يكون

السكينة روح من الله ونور؛ يسكن إليها الخائف، ويطمئن عندها القلِق، ويتسلى بها الحزين، ويستروح بها المتعب، ويقوى بها الضعيف، ويهتدي بها الحيران

ذكر الله عدة روحية وحصن حصين؛ فيه الأمن عند الخوف، والثبات عند البأس، واليقين عند الحيرة، والأمل عند اليأس

مَن كانت سيئته ظلم الناس والعدوان على الضعفاء؛ فلتكن حسنته إنصاف المظلومين والوقوف بجانب المستضعفين، فأفضل ما تكون الحسنة بعد السيئة إذا كانت من جنسها

قال شيخنا الغزالي رحمه الله: إن ميدان العمل لله ورسوله أرحب من أن يحتكَّ فيه متنافسون، وأسمى من أن يشتبك فيه متشاكسون!

لا يجوز أن تُحمل تصرفات بعض المسلمين -ممن ضاق أفقهم أو ساءت تربيتهم- على الإسلام؛ فمن المقطوع به أن الإسلام حُجة على المسلمين، وليس المسلمون حُجة على الإسلام

اعتبَر الإسلام سعي المسلم على معاشه نوعًا من الجهاد؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنْ كان خرج يسعى على ولدِه صغارًا؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين؛ فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعُفُّها؛ فهو في سبيل الله»

في كل قدرٍ لطف، وفي كل بلاءٍ نعمة وفي ذلك يقول ابن عطاء الله السكندري في حِكَمه: مَن ظنَّ انفكاك لطفه عن قدره؛ فذلك لقصور نظره {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}

{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان:18)

نريد ألا تكون الفتوى مجرد جواب عابر عن سؤال طارئ؛ بل رسائل تثقيف وتوعية وتوجيه إلى هداية القرآن وعدالة الإسلام، وتحذير من دسائس الكائدين له وتضليل الحاقدين عليه

اللهم اجعل لنا في كل غاشيةٍ من الفتنة رداءً من السكينة، وفي كل داهمةٍ من البلاء درعًا من الصبر، وفي كل داجيةٍ من الشك عِلمًا من اليقين، وفي كل نازلةٍ من الفزع واقيةً من الثبات، وفي كل ناجمةٍ من الضلال نورًا من الهداية

مَن يوالي الأعداء وينضم إليهم، ويلقي إليهم بالمودة على حساب أمته؛ لا يشك أحد في أن عمله أمر مُجرّم ومُحرّم وطنيًا ودينيًا، ولا سيما في أوقات الصراع والحروب، فهو في نظر الوطنية: خيانة، وهو في نظر الدين: ردة، وهي معنى قوله تعالى: ﴿ومَن يتولَّهم منكم فإنه منهم﴾ (المائدة:51)

يجب أن يكون العالِم أبًا للصغير، وأخًا للكبير، وصديقًا للجميع، وألّا يكون شرطيًا يريد أن يضبطهم متلبسين، ولا ممثل اتهام يطلب لهم أقصى العقوبة! وإنْ كان في بعض الأحيان قاضيًا يحكم بالعدل: لهم أو عليهم

الإسلام لا يكتفي من الإنسان أن يؤمن بالله وحده فقط؛ ولكن يضم إلى هذا الإيمان البراءة من الكفر والشرك، ومِن هنا جاء قول الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} (البقرة: 256)

الاستقامة والتقوى سبيل سعة الرزق ورغد العيش، وسبيل الخير كله في الدنيا وفي الآخرة قال تعالى: {ومَن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}، {ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}

لابد على المجتهدين من أهل العلم أن يُبيِّنوا للناس أمور دينهم وأن يصححوا المفاهيم ويدفعوا الشبهات ويوضحوا الحِكَم والأسرار، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛ امتثالا للميثاق الذي أخذه الله تعالى على العلماء، قال سبحانه: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}

يجب أن يكون الفقيه المفتي مع سائليه كالطبيب النفسي مع مرضاه لا بد أن يثقوا به، ويستريحوا إليه، ويُفضوا إليه بذات أنفسهم ومكنون ما في صدورهم

كم أصاب أمتنا من آفات وأمراض في أدوار من التاريخ، حسب أعداؤها أن لن تبرأ منها، ولكنها خرجت منها كما يخرج الذهب من النار، أشد صفاءً وأكثر لمعانًا!

الدراسة السطحية آفة من آفات المتعلمين عندنا، والتعجل في إصدار الحكم قبل الرسوخ في العلم ودون الرجوع إلى أهل الذكر؛ ثمرة سيئة لهذه السطحية

الإخلاص لله تعالى يجمع ويوحِّد، واتباع الهوى يُفرِّق ويمزق؛ لأن الحق واحد والأهواء بعدد رؤوس الناس

مَن استعان بالله فلن يُغلب، ومن توكل عليه فلن يخيب، ومن جعل الله ملاذه فلن يضيع، ومن اعتصم بالله فقد هُدي إلى صراطٍ مستقيم

الرسالة الحضارية للإسلام هي رسالة الحقوق المتوازنة مع الواجبات، ورسالة الحرية الخادمة للفضيلة، ورسالة الأخلاق المرتقية بالإنسان، ورسالة القوة المدافعة عن الحق، ورسالة المال الصالح للمرء الصالح

يجب علينا نشر الأمل بانتصار الحق، وإحياء الرجاء في المستقبل، وشحن نفوس الجيل الصاعد بهذا الشعاع الذي يُبدِّد ظلمات اليأس وغيوم الإحباط الكثيفة

مما أُثر من أدب السلف رضي الله عنهم أن يُحيل أحدهم المستفتي إلى من يعلم أنه يُيسِّر عليه في فتواه، ولا يجد في ذلك حرجًا؛ ما دام العالم الآخر ثقة، غير متلاعب بالدين

مِن المهم أن يدرك الجميع ضرورة وحدة الصف وجمع الكلمة بين العاملين لنصرة الإسلام، وإن اختلفت رؤاهم أو آراؤهم الجزئية في بعض الأمور، فليس من اللازم إذا اختلفت آراؤهم أن تختلف قلوبهم

مِن حق الإنسان أن يقف في رأس العام وقفتين: وقفة يحاسب فيها نفسه على عام مضى: ماذا سجَّل من خير؟ وماذا اكتسب من شر؟ ووقفة للتأمل في هذا الحدث العظيم الهجرة النبوية

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أول مَن يُفتح له باب الجنة، إلا أني أرى امرأة تبادرني، فأقول لها: ما لك؟ ومَن أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدتُ على أيتام لي»

البغيُ في الدنيا قصيرٌ عمْرُه ** وإن احتمى بالجند والأموال ستدور دائرةُ الزمان عليكم ** حتمًا، ويُؤذِن ظِلُّكم بزوال #شعر_القرضاوي

يقول شيخنا الغزالي رحمه الله: إن الله تبارك وتعالى لا يقبل الدعاء من متواكل كسول، وما يستمع لشيء استماعه لهتاف مجتهد أن يبارك له سعيه، أو دعاء صابر أن يُجَمِّل له العاقبة

إني على يقين أن إسرائيل لن تزول وفلسطين لن تتحرر؛ إلا على أيدي المؤمنين الصادقين، الراكعين الساجدين، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والحافظين لحدود الله الذين يخوضون المعارك أطهارًا متوضئين، قد توضأت قلوبهم قبل أن تتوضأ أعضاؤهم

العقل أثر من آثار رحمة الله بالإنسان وفضله عليه، والنقل هو وحي الله للإنسان؛ وآثار الله سبحانه لا يتعارض بعضها مع بعض!

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} (الحج: 58-59)

لا يسوغ في منطقٍ أن تجادل في الفروع مَن لا يؤمن بالأصول، أو تُقنع بالشريعة مَن يُنكر العقيدة!

السيرة النبوية العاطرة تُجسِّد حياة النبي صلى الله عليه وسلم في وقائع وأحداث ناطقة معبِّرة؛ نجد فيها الإسلام حيًّا، والقرآن مُفَسَّرًا، والقيم الإسلامية تسعى بين الناس على قدمين

مِن التكلف، محاولة أحدنا أن يكون نسخة من غيره، وقد خلقه الله مستقلًا، فلكلٍ طريقته وأسلوبه، الذي يتأثر بمكانه وزمانه وثقافته، وتيارات الحياة من حوله

الصراع العربي الصهيوني: مستمر، وستظل جمرته مشتعلة، ورحاه دائمة الدوران؛ ما دام هناك مغتصب ظالم، وصاحب دار مظلوم

قال ابن عباس رضي الله عنه: إن للحسنة نورًا في القلب، وضياءً في الوجه، وقوةً في البدن، وزيادةً في الرزق، ومحبةً في قلوب الخلق، وإن للسيئة ظُلمةً في القلب، وسوادًا في الوجه، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبُغْضَةً في قلوب الخلق

نظرية المؤامرة تقيم الحجة علينا أكثر، أن أعداءنا خططوا ورتبوا، واجتمعوا ودبروا، ثم صمموا ونفذوا، ونحن نكتفي بالتشنيع عليهم، ولم نجتهد أن نجتمع كما اجتمعوا، ونخطط كما خططوا، وندبر كما دبروا

مِن أسباب قوة الإسلام أنه منهج نابع من أعماق الأمة، وليس دخيلًا ولا طارئًا عليها، بحيث تحتاج إلى ضغط مادي أو معنوي حتى تسيغه وترضى بتجرع كأسه

لا بد لمن يعيش في القرن الخامس عشر الهجري؛ أن يخاطب الناس بلسان هذا القرن، لا بلسان قرون مضت قال تعالى: ﴿وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليُبيِّن لهم فيُضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم﴾ (إبراهيم: 4)

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا، وجلاء همومنا وأحزاننا، اللهم ذكِّرنا منه ما نسينا، وعلِّمنا منه ما جهلنا

نصْر الله ليس حديث خرافة ولا وهمًا من الأوهام، إنه حقيقة توقن بها هذه الأمة إن عادت إلى ربها حقيقة عرفتها من كتاب ربها، وجربتها في تاريخها، فحين يتنزل نصر الله يستحيل كل شيء حول المسلمين إلى جُندٍ يقاتل معهم ويُعينهم على عدوهم

قال صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله» وهذا أعطى كل مريض أملًا في أن يجد لدائه علاجًا، وأعطى الأطباء أنفسهم أملًا في أن يجدوا لكل داء دواء

دعوة النبي لم تكن دعوة نظرية بيانية فقط؛ وإنما كانت دعوة نظرية وعملية في آن واحد، فالحرص على هداية الضال، وتعليم الجاهل، والأخذ بيد المتعثر، مع الرفق واللين؛ كانت هذه الأخلاق يراها الصحابة في مواقف النبي صلى الله عليه وسلم اليومية قبل توجيهاته اللفظية

عِلم الدين لا يُتعلَّم ليُدفَن في الصدور، أو ليتلذذ به العقل، أو تُنال به الشهادة، أو تُكتسب به الوظيفة؛ ولكنه يُتعلَّم ليكون نبراسًا يهتدي به صاحبه ثم يهدي به غيره

كل المؤمنين مدعوون إلى التوبة، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور:31)، وجاء في الحديث: «يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة»

على القوي أن يبذل من قوَّته لأخيه الضعيف، وعلى الغني أن يبذل من ماله لأخيه الفقير؛ فهي نعمة منَّ الله تعالى بها عليه وللآخرين فيها حق، وشكرها بذلها في مرضاة خالقها

مِن لطائف الأدب في نداء أيوب لربه أنه لم يسأله شيئًا معينًا كالشفاء أو العافية أو إعادة الأهل إليه؛ إنما اكتفى بأن ذكر نفسه بالحاجة والضعف، وذكر ربه بما هو أهله، ولم يزد على ذلك شيئًا: {وأيوب إذ نادى ربه أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأنت أرحم الراحمين} (الأنبياء: 83)

كل إنسان قادر على أن يعطي شيئًا، مهما تكن قدراته محدودة وإمكاناته ضئيلة؛ فلم يخلق الله إنسانًا محرومًا من كل قدرة وكل نعمة

أمة الإسلام خالدة بخلود رسالتها وكتابها، باقية ما بقي الليل والنهار، وإذا كان القرآن محفوظًا بحفظ الله؛ فأمة القرآن باقية ببقاء القرآن

مَن لا يملك مالًا ولا علمًا ولا خبرة للمساهمة في خيرٍ يُفيد المسلمين؛ فعليه أن يساند العاملين للإسلام بدعائه لهم بالتوفيق؛ فهذا مدد روحي لا غنى عنه

على قدر شدة البلاء واستمراره؛ يكون التطهير والتكفير للخطايا، قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: «لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة: في نفسه وماله وولده؛ حتى يلقى الله تعالى وما عليه من خطيئة»

تشجيع مَن أصاب وأحسن، والإشادة بإحسانه والثناء عليه؛ يجعله يزداد نشاطًا في الخير، وإقبالًا على العلم والعمل، ويضيف إحسانًا إلى إحسان، وهكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم

إنّ مدرسة الليل -بما فيها من صلاة ودعاء وقرآن وترتيل، وبما تُهيئ للأرواح من زاد، وللقلوب من عتاد- هي التي تُخَرِّج المسلم الذي يحتمل أعباء الرسالة وميراث النبوة بقوة وأمانة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم»

قال شيخنا الغزالي رحمه الله: «إنّ انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغَّضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم»

قيل: إنّ علامة الرجل الصالح أن يترك في كل مكانٍ يحل فيه أثرًا صالحًا!

لن ينتصر المسلمون دينيًّا إذا لم ينتصروا دنيويًّا لا بد لهم من أن يعمروا الأرض ويكتشفوا قوانين الكون، ويُسخِّروا المادة لتكون في خدمتهم وخدمة دعوتهم الربانية وأهدافهم الأخلاقية ورسالتهم الحضارية

كان مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب»

مِن تبديد الحياة: أن ننفقها في الأخذ والرد، والجذب والشد، والاعتراض والجواب، دون الحصول في النهاية على طائل، هذا مع قِصَر الأعمار والشعور الدائم بأن الواجبات أكثر من الأوقات

خُلُق التواضع من شيم العلماء الأصلاء، لا الدخلاء، فهو -وإن ارتقى في العلم ما ارتقى- يعتقد أنه ينقصه الكثير، ويسأل الله المزيد، كما قال تعالى لرسوله: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه: 114)

مظالم العباد تظل دينًا على من ظَلَم، لا بد أن يُعيدها لأصحابها؛ وإلا وفَّاهم إياها يوم القيامة، وليس هناك ثَمَّ درهم ولا دينار، وإنما هي الحسنات والسيئات!

عندما تضعف قدرتك، أو تهن إرادتك، أو تعجز وسائلك؛ فليس أمامك إلا باب الله الكريم، اطرقه بالدعاء واسأله المعونة فهو أهل الإجابة

أكره المراء والجدل، ولا أراه يأتي بخير، وإنما يوغر الصدور ويباعد بين القلوب، فلم أجد أحدًا يدع ما اعتنقه من فكر وما تبنَّاه من رأي إلى غيره، إلا مَن رحم ربك، وقليلٌ ما هم

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (الحج:11)

الإسلام توجيه وتربية وتكوين للفرد الصالح وللمجتمع الصالح قبل أن يكون قانونًا وعقابًا؛ فالعقاب للمنحرفين وهؤلاء ليسوا الأكثرين في الناس

أقل ما يُجزِئ عن المسلم من الصدقة، إذا عجز عن تقديم أي نفع لغيره؛ أن يكفّ شره عن الخلق، ويُمسك أذاه عن الناس؛ فيسلموا من لسانه ويده، ولا يصيبهم من جهته سوء، ويكفي أنهم أمنوا بوائقه وسلموا منه

نعم للشريعة في ضوء الاجتهاد ولا للجمود باسم الشريعة، نعم للتحديث في رحاب الأصالة ولا للتغريب في ركاب التبعية، نعم للاعتزاز بالدين ولا للتعصب الأعمى، نعم للحوار البنّاء ولا للتشكيك الهدام

روح المسجد هو إمامه وخطيبه، الذي يمكن أن يوقظ الناس وأن ينوِّمهم، يمكن أن ينهض بهم وأن يُخدِّرهم، وذلك بحسب ما يُقدِّم لهم في خطبه ودروسه

التاريخ أصدق شاهد على ما يدعو إليه الدين؛ حيث تتجلى فيه عاقبة الإيمان والتقوى، ونهاية الكفر والفجور، وجزاء الشاكرين لنعمة الله، وعقوبة الكافرين بها، وكيف يجني من يغرس الخير، ويحصد من يزرع الشوك!

مِن أسمائه تعالى: الغفّار والعفوّ والتواب، فلمن يغفر؟ وعمن يعفو؟ وعلى من يتوب إذا لم يكن هناك مذنبون يطلبون التوبة والعفو والمغفرة؟!

الدعوة إلى الله ليست بالكلام وحده -شفهيًّا كان أم مكتوبًا- فالدعوة بالعمل وخدمة الناس وحل مشكلاتهم وتقديم الخير لهم؛ تفتح قلوبهم ربما بأكثر مما تفتحها المحاضرات والكتب

لا بد مع العلم من عمل، ولا بد مع العمل من خشية، والعلم الذي لا يُثمر خشية الله وتقواه؛ لا قيمة له في ميزان الحق، يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}

ما تعانيه أمتنا اليوم لن يدوم، لا بُدّ أن يتغير الحال، لا بُدّ أن يكون الصبر ممزوجًا بالأمل ولكن علينا أن نغير ما بأنفسنا ليغير الله ما بنا

قال شيخنا الغزالي رحمه الله: «إنّ حاجة الإسلام إلى الذكاء لا تقل عن حاجته إلى الإخلاص، أو بتعبير القدامى: لا بد من الفقه الواسع إلى جوار النية الخالصة»

مهمة العلماء الربانيين في الأرض كمهمة النجوم في السماء، فهم مصابيح في الدجى لهداية السائرين، وشُهُب مُحرقة تنقض على الشياطين

مَن يعمل ويخطئ خيرٌ من القاعد الذي لا يعمل شيئًا إلا نقد العاملين، ولله درّ أبي الطيب حين قال: وكلُّ اغتِيابٍ جُهدُ مَن ما لَه جُهدُ!

المسلم لا يوالي الكافر، والبرّ لا يوالي الفاجر، فإذا والاه كان دليلًا على نقص إيمانه أو زوال إسلامه، وهذا نوع من الردة نسأل الله العافية!

{ولا تَحْسَبَنَّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يُرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألّا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون} (آل عمران: 170،169)

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} (الأحزاب: 23)

كل ما هو آتٍ قريب مهما ظن المرء أنه بعيد أو متراخ؛ ولهذا قيل: «إنّ مع اليوم غدًا، وإنّ غدًا لناظره قريب»

اللهم ذلِّل لنا العقبات، وسهِّل لنا الصِعاب، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحَزَنَ إذا شئت سهلا

البعض يكاد يحصر الألوان كلها في لون واحد، هو «السواد»؛ تبعًا للمنظار الذي يرى فيه الناس والأشياء؛ وبهذه النظرة السوداء المتشائمة حدد أجوبة جاهزة لكل شيء، يطلقها كالقنبلة، ولا يبالي ما أصابت من الحياة والأحياء

مما يعين على الصبر: التأمل في سير الصابرين وما لاقوه من صنوف البلاء، وبخاصة أصحاب الدعوات وحَمَلة الرسالات، مِن أنبياء الله ورسله، المصطفين الأخيار، الذين جعل الله من حياتهم وجهادهم دروسًا بليغة لمن بعدهم؛ ليتخذوا منها أسوة ويتعزوا بها عما يصيبهم من متاعب الحياة وأذى الناس

قال الصالحون: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل! وهذا ما صدَّقه الواقع، وما رأيناه ولمسناه، ولا زلنا نراه ونلمسه في كل زمان ومكان

ليس بعابد لله مَن ظن أن عبوديته لله لا تعدو جدران المسجد، فإن انطلق في ميادين الحياة المتشعبة فهو عبد نفسه فقط، يتبع هواها، أو يتبع أهواء غيره من المخلوقين!

إذا كان الإنسان مُعَرَّضًا للبلاء طوال حياته؛ فإنَّ المؤمن أشد تعرضًا للبلاء من غيره؛ لأنه صاحب رسالة لا بد أن تجد من يقاومها، من أعداء الحق والعدل والخير

القرآن أمر بالصفح الجميل، والصبر الجميل، والهجر الجميل والصفح الجميل: الذي لا تشديد في العتاب معه، والصبر الجميل: الذي لا شكوى معه، والهجر الجميل: الذي لا إيذاء معه

مِن عدل الله تعالى وحكمته في خلقه أنه لم يدع قوة واحدة تتحكم في خلقه، وتفرض عليهم سلطانًا رغبًا ورهبًا؛ بل جعل من سنته تعالى التدافع بين الناس حيث يدفع ظلم بعضهم ببعض وشر بعضهم ببعض!

أمر الله المؤمنين أن يقوموا بالقسط شهداء لله، لا يمنعهم من ذلك عاطفة حب لقريب أو بغض لبعيد، فالعدل فوق عواطف المحبة والكره، ويجب أن يكون لله يقول تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كونوا قَوَّامِينَ بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين} (النساء: 135)

لا يتحسَّر المؤمن على الماضي باكيًا حزينًا، ولا يلقى الحاضر جزوعًا ساخطًا، ولا يواجه المستقبل خائفًا وجلًا، بل يعيش آمن النفس مطمئن البال؛ طالما كان متصلًا بالله تعالى

الأعمال والعبادات صِور، وروحها وجود سر الإخلاص فيها، والدنيا كلها ظلام إلا موضع العلم، والعلم كله ضياع إلا موضع العمل، والعمل كله هباء إلا موضع الإخلاص: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}

الإصرار على ارتكاب الصغائر خطر على دين المسلم، فإن القليل على القليل كثير؛ ولهذا قالوا: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار

مهمتك كصاحب فكرة أن تنظر إلى الغد البعيد، ولا يخطف بصرك الحاضر القريب استفد من درس الأمس وآلام اليوم لآمال الغد

آفة الحياة ليست من فساد العقول، بقدر ما هي من فساد الضمائر، وإنَّ أزمة الناس ليست أزمة معرفة بقدر ما هي أزمة أخلاق

محاسبة النفس تدفعك إلى الاجتهاد في تصويب الخطأ، واستكمال النقص، والتطلع إلى الكمال، وتبعدك عن الإعجاب والغرور

قال ابن القيم: في القلب نيران وحسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمر الله تعالى ونهيه وقضائه، ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه

جاء في الحديث: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم»

اللهم نبِّهنا من سكرتنا، وأيقظنا من غفلتنا، وتب علينا توبةً نصوحًا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم ارع أوطاننا وديارنا

كل من جعل المال والدنيا أكبر همِّه، ومبلغ علمه، ومنتهى أمله؛ هو دائمًا مُعذَّب النفس، مُتعَب القلب، مُثقَل الروح، لا يُغنيه قليل ولا يُشبعه كثير!

مَن أراد أن يستثير البطولة في أعماق أمتنا، وأن يستخرج منها أقصى مكنوناتها وذخائرها؛ فليخاطبها باسم الله، وليقدها بزمام الإيمان، وتحت راية التوحيد؛ هنالك تصنع العجائب، وتأتي بالمعجزات، وتعيد تاريخها الأول من جديد!

القوم إذا حُرموا التوفيق؛ تركوا العمل وغرقوا في الجدل، وبخاصة أن هذا موافق لطبيعة الإنسان التي لم يهذبها الإيمان، {وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (الكهف: 54)

حرَّم الإسلام كل مظهر من مظاهر التعاون على الإثم والعدوان، وجعل كل مُعين على معصية شريكًا في الإثم لفاعلها، سواء أكانت إعانة بجهد مادي أم أدبي، عملي أم قولي!

يجب أن يرتبط العلم بالحياة، ويتصل الدرس بالواقع، ولا يعيش المعلم مع الكتب وحدها، بعيدًا عما تمر به الحياة من أحداث

قال الفاروق عمر رضي الله عنه: إذا رأيتم أخاكم قد زلَّ زَلَّةً فسدِّدوه، ووقّفوه، وادعوا الله له أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشياطين عليه!

قال قتادة: إنَّ هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار

التنوع في عمل الخير محمود ومحبوب، فكلٌّ يتبرع مما عنده، فهذا يجود بما عنده من مال، وهذا يجود بما عنده من علم وخبرة وجهد؛ وبهذا تتكامل جهود أهل الخير في الأمة

المؤمن الحق هو الذي يهزم الأمل فيه اليأس، ويغلب الرجاء فيه عوامل الخوف والقلق، واضعًا نُصب عينيه: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}

لا تقبل أن تعيش في نور والناس من حولك في ظلمات يتخبطون؛ فالمسلم لا يعيش لنفسه، بل كما اهتدى يحاول أن يهدي، وكما استنار يريد أن يُنير

على المسلم أن يجتهد ويبذل وسعه فيما يريد، فإن تحقق ما يرجو فالحمد لله، وإن تعثر فلا حول ولا قوة إلا بالله

يُحرِّم الإسلام كل ما يُفسد الدين، أو يُضلل العقل، أو يلوث السلوك، أو يضر بالأخلاق والقيم العليا

الشكر يكون بالقلب خضوعًا واستكانةً، وباللسان ثناءً واعترافًا، وبالجوارح طاعةً وانقيادًا

عندما كان للإسلام مكانته في تاريخنا؛ وجدت فيه أمتنا الشفاء لكل داء، والحل لكل عقدة، والعلاج لكل معضلة، ولا عجب في ذلك فهو دستور الخالق لإصلاح الخلق

خشية الله هي لُباب التقوى، ينبغي أن تكون في السر كما في العلن، وفي الخلوة كما في الجلوة أن تكون مراقبًا لله، عارفًا بالله، خائفًا من الله عز وجل!

ليس أغيظ لأعداء الأمة من اجتماع شملها ووحدة كلمتها، وليس أسرّ لقلوبهم وأسعد لنفوسهم من اختلاف الأمة على نفسها وتفرقها من داخلها!

حينما لا يكون أمامك سبب؛ تعلَّق بمسبب الأسباب ورب الأرباب، لكن إذا كان لك مُكْنة واستطاعة فافعل ما تستطيع، ودبِّر ما تستطيع، ودعِ النتيجة لله تعالى

الإيمان قوة: تسند الضعيف أن يسقط، وتمسك القوي أن يجمح، وتعصم الغالب أن يطغى، وتمنع المغلوب أن ييأس وينهار!

الواجب أن يخضع الواقع للشرع، لا أن يخضع الشرع للواقع؛ لأن الشرع يمثل كلمة الله، وكلمة الله هي العليا أبدًا

قال بعض الحكماء: مَن علم أن كل نائبةٍ إلى انقضاء؛ حسُن عزاؤه عند نزول البلاء

إذا أراد الله سبحانه وتعالى بعبدٍ خيرًا؛ أقام في قلبه شاهدًا، يعاين به حقيقة الدنيا والآخرة، ويؤثر منهما ما هو أحق بالإيثار!

شر ما يعيب المجتمع هو التفكك وضعف الروابط بين أبنائه؛ وذلك بغلبة الأنانية على أنفسهم، فيذكر المرء نفسه وينسى أخاه، ويقول كل واحد: نفسي نفسي، ولا يبالي أن يجعل من الناس قرابين تُقدَّم لإله أطماعه

خير ما يُخرجك من دائرة الضيق والاكتئاب والحزن؛ أن تجتهد في مساعدة الضعفاء وأصحاب الحاجات، بأن تغيث الملهوف، وتُفرِّج عن المكروب، وتواسي المحزون!

الرِشوة حرامٌ في أي صورةٍ كانت، وبأي اسمٍ سُمِّيت، فتسميتها «هدية» لا يُخرجها من دائرة الحرام، وقد «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي والرائش»

تغيير عادات الناس وسلوكياتهم ليس بالمستحيل؛ إذا دخل على الناس إيمانٌ جديد، يقودهم من داخلهم، ويخاطبهم من أعماقهم، ويعينهم على تغيير أنفسهم بأنفسهم

لا نجاة لنا إلا بالإسلام، ولا مخرج لنا مما نحن فيه إلا بالإسلام الإسلام الصحيح، الإسلام المتكامل المتوازن، إسلام القرآن والسنة، إسلام الصحابة ومن تبعهم بإحسان، الإسلام بلا زيادة ولا انتقاص منه، ولا تشويه لتعاليمه، ولا إخلال بالنِّسب بينها

يستطيع العلم بمكتشفاته ومقرراته أن يؤيد كثيرًا من الأحكام الشرعية ببيان ما اشتملت عليه من جلب المصالح للناس ودرء المفاسد عنهم؛ وبذلك يزداد الذين آمنوا إيمانًا، ويضعف جانب المرتابين والمشككين في كمال الشريعة الإسلامية وصلاحيتها لكل زمان ومكان

«العلم الديني» الذي يُنمِّي الإيمان ويُحيي الضمائر؛ هو الذي يعصم «العلم المادي» من الانحراف، ويحول دون استخدامه في التدمير والعدوان بغير الحق فلا بد من دين الله لدنيا الناس!

العمل في صمت بعيدًا عن الأضواء أحب إلى المخلص من العمل الذي يحفّه ضجيج الإعلان وطنين الشهرة، إنه يُفضّل أن يكون أبدًا «الجندي المجهول»

أشد ما نجح فيه الاستعمار خطرًا؛ أنه ربَّى وراءه من أبناء المسلمين جمهرة صنعهم على عينه، وملأ عقولهم وقلوبهم إعجابًا بحضارته، ولم يعرفوا عن دينهم وحضارتهم إلا القليل في كميته، الضعيف في كيفيته، التافه في قيمته، المتناقض في مضمونه، الممسوخ في شكله

للمصابين بالكوارث العامة حقوق في المال غير الزكاة، فإنَّ إغاثة الملهوف، وإعانة المضطر، وإطعام الجائع، وإيواء المشرَّد، وجبر المكسور، ومداواة الجريح؛ كلها فرائض لازمة على الأمة بالتضامن

حقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد، تلك نظرة يؤيدها الواقع ويعززها الدليل، بل هي محور تقدم الإنسانية وتدرجها في مدارج الكمال

وفي كلِّ شيءٍ إن ضيَّعته عِوضٌ ** وليس للهِ إن ضيَّعتَ من عِوضِ

الإسلام شرع لنا أن نذهب في كل أمر إلى خبرائه نسألهم عنه ونستفتيهم فيه، سواء أكان في أمور الدين أم أمور الدنيا، كما قال تعالى: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ (فاطر: 14)، وقال عز وجل: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل: 43)

العلم الكوني الحديث بيَّن لنا من عجائب تقدير الله تبارك وتعالى في الكون ودقائقه؛ ما يبهر العقول، وينير القلوب، ويجلي أمام أبصارنا وبصائرنا: واسع علم الله تعالى، وبالغ حكمته، وعظيم قدرته، ورائع تدبيره

أثر المصيبة والصبر عليها ليس في الآخرة وحدها، بل في الدنيا قبل الآخرة إنَّ المؤمن يعرف من لطف الله أن هذه الشدائد دروس قيِّمة له، وتجارب نافعة لدينه ودنياه؛ تُطّهر نفسه، وتُصقل إيمانه، وتُذهب صدأ قلبه