بعد أن تولى علي بن الإخشيد حكم مصر بعد موت أخيه أنوجور، فسد ما بينه وبين مدبر مملكته كافور الإخشيدي، فمنع كافور الناس من الاجتماع بعلي بن الإخشيد حتى اعتل بعلة أخيه أنوجور ومات لإحدى عشرة خلت من المحرم وحمل إلى المقدس ودفن عند أبيه الإخشيد وأخيه أنوجور، وبقيت مصر من بعده أياما بغير أمير، وكافور يدبر أمرها على عادته في أيام أولاد الإخشيد ومعه أبو الفضل جعفر بن الفرات.

ثم ولي كافور إمرة مصر باتفاق أعيان الديار المصرية وجندها، وكانت مدة سلطنة علي بن الإخشيد المذكور على مصر خمس سنين وشهرين ويومين.


وقع الفداء بين سيف الدولة وبين الروم، فاستنقذ منهم أسارى كثيرة، منهم ابن عمه أبو فراس بن سعيد بن حمدان، وأبو الهيثم بن حصن القاضي، وذلك في رجب منها، ولما لم يبق مع سيف الدولة من أسرى الروم أحد اشترى الباقين من أسارى المسلمين كل نفس باثنين وسبعين دينارا، حتى نفد ما معه من المال, فاشترى الباقين ورهن عليهم بدنته الجوهر المعدومة المثل، فقد أنفق في سنة وثلاثة أشهر نيفا وعشرين ألف ألف درهم ومائتين وستين ألف دينار, فخلص من الأسر ما بين أمير إلى راجل ثلاثة آلاف ومئتان وسبعون نفسا.


خرجت الروم قاصدة مدينة آمد، فنزلوا عليها وحصروها وقاتلوا أهلها، فقتل منهم ثلاثمائة رجل، وأسر نحو أربعمائة أسير، ولم يمكنهم فتحها، فانصرفوا إلى دارا، وقربوا من نصيبين، ولقيهم قافلة واردة من ميافارقين، فأخذوها، وهرب الناس من نصيبين خوفا منهم، حتى بلغت أجرة الدابة مائة درهم، وراسل سيف الدولة الأعراب ليهرب معهم، وكان في نصيبين، فاتفق أن الروم عادوا قبل هربه، فأقام بمكانه، وسار الروم من ديار الجزيرة إلى الشام، فنازلوا أنطاكية، فأقاموا عليها مدة طويلة يقاتلون أهلها، فلم يمكنهم فتحها، فخربوا بلدها ونهبوه وعادوا إلى طرسوس.